"المزيكا غذاء الروح".. حكمة قديمة أعربت عن معانى كثيرة مازالة تلتصق بوجدان الصغير والكبير، تعلب دورا كبيرا فى نمو الشخصية، له الدور الفعال فى تحويل طاقتنا السلبية إلى ضاقة إجابية، ومهما اختلفت الشعوب، واختلفت لغتهم وثقافتهم ودينهم، فهم فى نهاية المطاف يجتمعون حول طاولة الفن والذى تمثله المزيكا بنسبة كبيرة، تشرق من نافذتها شمس الحرية والأمل والحياة.
ولكل آلة من الآلات الموسيقية حكايتها، كيف بدأت، ولماذا، وإلى متى استمرت، وما الدور الذى لعبته فى حياة الآخرين، واليوم نسلط الضوء على أول الآلات الموسيقية نشأة كما ذكر.
"الناى".. هى أولى الآلات الموسيقية التى تعتبر الأساس الأوحد فى الموسيقى الشرقية العربية، يرجع نشأتها الأولى منذ 67 ألف عام، والتى تم اكتشافها عن طريق عظم الجناح الخاص بالصقر فى سلوفينيا، حيث تم اكتشافها وبها أربع ثقوب، كما وجد علماء الألمان بعض أنياب الفيلة العملاقة "الماموس" والتى وصل طولها إلى 18.7 سم وبها عدة فتحات، وأقر العلماء بعد الأبحاث أن هذه الألات المماثلة للناى تعود للعصر الجليدى.
وكانت تستخدم آلة الناى فى مختلف المجالات سواء بالأعياد والاحتفالات وأيضا فى الطقوس الدينية، حيث كان يستخدمها القدماء المصريون فى طقوسهم الدينية للتقرب إلى آلة الآخرة "أوزيريس" وذلك بحسب رسومات عثر عليها فى آثار مصر القديمة.
وآلة الناى فى الدولة الآشورية، هى مثل ما عرف فى الحضارات الفرعونية من حيث الاستعمال وعدد الثقوب وطول القصبة وجلسة العازف ومشاركته فى الحفلات، وكان الناى أحب آلات النفخ عند الآشوريين، عرفوه على النحو الذى عرفه قدماء المصريين، ثم اليونان فالرومان، واستعملوا منه أنواعاً مختلفة، منها المزمار ذو البوق، ومنها ذو البوقين المتلاصقين تلاصقاً يمكن النافخ قيه من وضعهما معاً فى فمه، واستعماله بسهولة، وتتكون تلك الآلة دائماً من مزمارين يتلاقيان عند الفم، ويفترقان كلما ابتعدا عنه، كما كانت تلك المزامير الآشورية تتركب من عدة قطع يوصل بعضها ببعض يمكن فصلها عن بعض وفق الاستعمال.
آلة الناى مصنوعة من البوص المجوف أو الخيزران ذات صوت شجى لها ستة ثقوب من الأمام كل ثلاثة ثقوب مبتعدة قليلاً عن الثلاثة الأخرى وله ثقب رابع من الوراء فى منتصف الناى وهذه الثقوب مفتوحة بموجب نسب حسابية مقررة حسب نسب السلم الموسيقى العربى.
وتندرج العديد من الآلات الموسيقية تحت فصيلة الناى وهى "الشباية" وهى آلة مصنوعة من قطعتين منفردتين على شكل قصبة جوفاء مفتوحة الجانبين ومثقوبة الجوانب الأخرى، "المزمار" و"المسبع" و"التكبر" و"الفم" و"مزمار الحب".
يعود أصلُ التسمية إلى اللّغة الفارسية، وهى تعنى القصب، وتغيرت إمكانيات هذه الآلة وأشكالها كما تنوعت أصواتها ونغماتها حتى أصبح الناى يصنع من المعدن أيضا وأصبح له العديد من الأشكال المتطورة، وأصبح يستخدم فى التوزيعات الحديثة فى الموسيقى الشرقية والهاوس وغيرها.
ومن أشهر عازفى الناى فى الوطن العربى سيد سالم والذى كان يبرع فى عزفه خلف كوكب الشرق أم كلثوم، ومحمود عفت، و جوزف أيوب، و رضا بدير، و جوزيف فيليب كرم، وغيرهم ممن برعوا فى معزوفاتهم الموسيقية على آلة "الناى".
جوزيف كرم