يتزامن اليوم الـ 24 من نوفمبر مع ذكرى رحيل الشيخ الحصرى، الذى يدين له العالم الإسلامى بالكثير، نظرًا لما قدمه طوال سنوات عمره، فهو الذى رتل القرآن بصوته وحده طيلة 10 سنوات من افتتاح إذاعة القرآن الكريم، كما أنه هو من طالب بضرورة تسجيل القرآن ردًا على محاولات تحريفه التى بدأت فى الانطلاق بعدة مصاحف اكتشفها الشيخ الجليل أثناء زيارته للكويت.
ولأجل معرفة أكثر بخصوص الشيخ الحصرى نتعرض فى السطور التالية إلى عدة معلومات عنه نابعة من حكايات روتها لنا الحاجة ياسمين ابنته، التى لا زالت تحيى اسمه من خلال العمل الخيرى التى أكدت لنا فى بداية حديثها على أنها تعلمته من والدها، الذى حرص على غرس بذور الخير فى جميع أفراد العائلة التى تتكون من 7 إخوة، أكبرهم على الذى كان يعمل رجل أعمال، ثم الحاجة ياسمين ومحمد طبيب الأسنان، وأخيها سيد وكيل أول وزارة فى مجلس الشورى، إلى جانب أخت توفيت، وأخت تسمى إيمان تعمل بالمصرف العربى الدولى وأخيرًا الشقيق الأصغر حسين.
الشيخ محمود خليل الحصرى
1/ الحاجة ياسمين بدأت حديثها حول قصة رؤيا الجد والد الشيخ الحصرى، الذى كان يرى سلسلة ظهره عبارة عن عنقود عنب ذى مذاق جميل، مما كان يجعل الناس تأتى للقطف منه من كل فج عميق دون أن ينقص العنقود، ثم يأكلون ويقولون «الله»، ولأن الرؤيا عاودته مرارًا ذهب لأحد المفسرين، الذى قال له لن يثنى بالله إلا على كلام الله، ثم سأله عن أولاده فأخبره الجد بأن عنده طفل وحيد مما جعل المفسر ينصحه بضرورة تحفيظه القرآن، وبالفعل أتم الوالد –على حد قول الحاجة ياسمين- حفظ القرآن فى سن 8 سنوات تقريبًا.
2/ بعد ذلك تحدثت الحاجة ياسمين عن قصة إقدام العالم الجليل على توثيق القرآن كاملًا بصوته حينما وجده محرفًا بإحدى الدول وقالت بخصوص الأمر: "الوالد سافر إلى الكويت ووجد التحريف فى بعض الآيات، وأبرزها «غلت أيديهم» التى تحولت إلى علت أيديهم فى إشارة إلى اليهود ولذا جاء إلى مصر مسرعًا، ولم يهدأ له بال حتى طرح فكرة توثيق القرآن بالصوت كاملًا على وزير الأوقاف خوفًا من تحريفه، وما أن وصل الأمر للرئيس عبدالناصر حتى قرر فتح إذاعة مخصصة للقرآن الكريم، واستمرت بصوت الوالد فقط طيلة 10 سنوات أبهر به المستمعين بمدرسة جديدة فى الترتيل، ليصير على نهجه فيما بعد الشيوخ مصطفى إسماعيل والمنشاوى والبنا، الذين بدأوا تسجيل المصحف مرتلًا.
3/ بعد ذلك حاولنا معرفة أهم عادات الشيخ الحصرى فأكدت لنا الحاجة ياسمين على أنه دومًا ما كان حريص على إهداء ضيوفه مصحف وقلمًا أثناء خروجهم من عنده، ولما سألتها عن السبب أجابها: «لعله يا بنتى يفتح المصحف يلاقى آية يعمل بيها»، وبالإضافة لذلك كان بيت الشيخ الحصرى مفتوحًا للجميع، ولم يكن يرد سائل حتى إذا سأله عن عبايته لم يكن ينتظر لدخول المنزل وفتح الدولاب لإخراج واحدة وإنما كان يعطيه الذى يرتديها على الفور.
أيضًا كان حريص على أداء فريضة الحج عن كافة أفراد العائلة بتيسير الأمر لهم جميعًا سواء بقضاء الحج عن من مات أو بمساعدة من لم يستطع فى سفره.
4/ أما بخصوص أبرز ضيوف الوالد فى فيلته بالمهندسين والتى كانت تشاهدهم فى صغرها هم كل العلماء الأفاضل، مثل الشيخ الغزالى والشعراوى وشلتوت وغيرهم، ولم يحدث يومًا أن صنفهم أحد بالمنزل على أن هذا إخوانى أو صوفى وما إلى ذلك من تصنيفات صارت تميز هذا العصر الذى نعيشه حاليًا –مثلما قالت نجلة العالم الكبير-، فيكفى أن كلًا منهم كان يطلق عليه العالم الجليل فقط، حينما كانوا يجتمعون على مائدة الطعام عندهم دائمًا.
ياسمين الخيام ومحرر عين
5/ بعد ذلك تحدثت عن موقفه السياسى، وأى الرئيسين كان أقرب لقلبه عبد الناصر أم السادات، حين كشفت عن ذلك بقولها: طوال عمره لم يحرص على الاقتراب من ذى سلطان، وإنما كان يرزقه الله بمحبة الجميع له، خاصة أن الرئيس عبدالناصر كان حريصا على اصطحابه فى رحلاته لشرق آسيا، بينما اصطحبه السادات إلى سيناء بعد تحريرها، فكل الرؤساء كانوا يجلوه كثيراً، حتى أن الملك سعود ملك السعودية حينما أدخلوا مكبرات الصوت إلى الحرمين الشريفين أصر على أن يكون أول من يقرأ القرآن عبرها هو الوالد بعدما طلب منه ذلك وأرسل له فى القاهرة، وبالفعل كان له الشرف بأن يكون أول من يقرأ القرآن عبرها.
فى سيناء يصلى الشيخ الحصرى مع الرئيس السادات بعد تحريرها
6/ أخيراً تحدثت الحاجة ياسمين عن واقعة مهمة تمثلت فى أن الشيخ الجليل هو الوحيد الذى قرأ القرآن فى البيت الأبيض والكونجرس الأمريكى، كما أنه الوحيد أيضاً الذى رفع الآذان داخل الأمم المتحدة حينما أتى موعد الصلاة، فسأل الحضور بتلقائية طالما وجد مسلمون وجب وجود مصلى ووجب رفع الآذان، ثم رفع الآذان هناك.
وخلال زيارته لأمريكا طلب الرئيس الأمريكى جيمى كارتر نسخة قرآن من الوالد وبالفعل أعطاه واحدة.
الشيخ الجليل محمود خليل الحصرى مع جيمى كارتر رئيس أمريكا الاسبق