"بيناتنا موج البحر يجمع لنا حكاياتنا وبيناتنا مواعيد ضاعت لإنه ضعنا، وفجر كل يوم جديد على الأرض يرجعنا"..اختارت أن تكون هذه الكلمات هي البديل للتحية المعتادة بينها وبين عشاقها المصريين، لتكسر برومانسيتها الهادئة، وإحساسها الخاطف للقلوب في أدائها حالة الاشتياق التي دخل فيها الجمهور قبل إطلالاتها، لتضاء خشبة المسرح فجأة، وتدخل هي بـ"دخلة ملائكية" آسرة، راسمة ابتسامة بريئة على محياها، وقبل أن ترمى حتى السلام، لخصت كل الكلام في أشهر أغانيها "بيناتنا في بحر"، لتعلن بها رسميًا انطلاق رحلتها الغنائية إلى ملكوت آخر في أجدد حفلاتها بالقاهرة بعد طول اشتياق.
"خطفة البداية"
اختارت أن تكون أغنيتها الأشهر والأغنية الرئيسية في ألبومها الأول هي افتتاحية الحفلة التي أعادتها إلى الساحة الجماهيرية في أم الدنيا بعد فراق دام فقط أربعة أشهر عن آخر حفلاتها في نفس المكان، في حفلة اعتبرت مفاجئة، إذ كان من المفترض أن تكون في الإسكندرية نظرًا لغيابها عن محبيها السكندريين لأكثر من سنة، لكن تشاء الأقدار أن تقذف إلى جمهور القاهرة فرصة جديدة لملاقاة الفاتنة السورية لايف، لتقرر فايا إلقاء كلمات المحبة على الحضور قائلة: "مش عارفة أقول إيه، لكن مبسوطة كتير برجوعي للقاهرة"، وأبت إلا أن تضيف جوَا من البهجة بتلقائيتها في المزاح قائلة: "دايما المصريين لما حدا يجي عندكو تقولو نورتي مصر، لكن فعلًا انتوا اللي منورين بحبكو واستقبالكو، ومصر منورة بأهلها".
"شادية الحب"
ونظرًا لعشقها الواضح للجمهور المصري الذي وصفته في حوار "عين" عقب الحفلة بجملة "بحس إني وسط أهلي"، أصرت أن تضع بصمتها الغنائية باللهجة المصرية خلال "بلاي ليست" الحفلة، منها مفاجئة غير متوقعة بتقديمها أغنية "إن راح منك يا عين" رائعة الفنانة الراحلة شادية، والتي فاجأت بها الجمهور دون مقدمة، ليتفاعل معها الجميع تلقائيًا بالرقص والتصفيق على وقع كلماتها المبهجة، لتختمها بجملة أبسط "حبيت أغنيها بدون ما أقدمها، لإن شادية عايشة في قلوبنا ولا تحتاج لمقدمات".
ويبدو أن حب الجمهور وصل صداه لأقصاه خلال الحفلة، شهدت الحفلة توقف مفاجئ لثلاثة مرات متتالية، وسط وصلات حديثها مع الجمهور بين كل أغنية واخرى، حيث ارتفعت في الأفق صرخات "بنحبك يا فايا"، لترد بكل خجل و"أنا برضه" وتكرر المشهد عدة مرات، حتى كانت المفاجئة بصراخ من الخلق قائلًا "يا فايا عايز اديكي هدية"، لتتفاجأ باقتراب أحد الحضور من المسرح مهديًا إياها هدية على شكل "برواز"، مما شجع أشخاص آخرين، لتقديم هداياهما منها "وردة حمراء" والأخرى صورة، والهدية اللافتة فيهم كانت بمثابة "شال فلسطيني"، أصرت فايا على ربطه على الميكروفون مع مسكها للوردة وأكملت الغناء، وسط صيحات الجمهور بـ"بنحبك".
"القدس في القلب"
وسط انغماسها بروائع ألبومها الأول، بين "يا ليته يعلم" و"وجهك يا حلو"، فاجأة الجميلة السورية الحضور من جديد، بلحظة صمت تلقائية، تلتها بكلمتي "القدس عاصمة .." ليكمل الحضور "فلسطيييين"، لتقرر مشاركة الجمهور رأيها في الحدث المأساوي الذي تعرض له الوطن العربي بإعلان الرئيسي الامريكي "القدس" عاصمة للكيان المحتل، لتقرر إعادة إحياء أشهر أغاني المقاومة على طريقتها قائلة: قولو معي.. الغضب الساطع آت وأنا كلي إيمان، الغضب الساطع آت وسأمر على الأحزان"، مؤكدة أن القدس في القلب وستبقى دومًا عاصمة لفلسطين مهما تم تزييف الواقع والتاريخ.
وأتبعت تلك اللحظة المؤثرة بأخرى شخصية، بإهدائها أغنيتها الشهيرة "تزنر بعطري" إلى روح خالها "ثائر" الذي وافته المنية منذ أسبوعين، قائلة: "الأغنية دي من أقرب الأغاني لخالي، وكان دايمًا يخليني أغنيها مع إني ما كنت أفهم معانيها كتير، وأحب أهديها لروحه وأغنيها معكم"، لتخطفهم بكلماتها "أنا الترب خصري وكفك يغوي خيوط الحرير، تعال لنغزل وجه المدينة فستان عرس ونرقص".
"المزيكا بتدفي"
نظرًا لكون الحفلة في الهواء الطلق وسط بداية الشتاء القوية، كان من الواضح "تكتكة" الحضور من البرد وهو ما أصرت فايا على التعقيب عليه بمزحة، قائلة: "المزيكا بتدفي يا جماعة، وأنا حقيقي ما بقيت أحس بالبرد من ساعة ما شفتكوا وحسيت بالطاقة والحماسة في الحفلة"، ويبدو أن تلك الطاقة خرجت عن السيطرة قليلًا في ختام الحفلة، فبعد أن أسرت قلوب مئات الحضور بواحدة من أكثر أغنياتها شهرة، "زنوبيا" التي تقول آخر كوبليهاتها "زنوبيا كتابا انكتب بغداد ما بتنام، جهازا مطرز بحلب والعرس بالشام"، لتتبعها بجملة "هوريكو العرس بطريقة الشام"، لتقرر إسدال الستار على الحفلة بوصلة رقص إجبارية أدخلت بها الجمهور على طريقة مزيكا الدبكة في أغنيتها قبل الأخيرة، والتي تفاعل معها الجميع بالقيام من الكراسي والدخول في وصلات رقص على الطريقة الشامية، لتضع من معدها مسك الختام على الحفلة، بأكثر أغنياتها طلبًا منذ بدايتها "موطني".
فايا ومدير أعمالها حسام مع مراسل عين