وجوه بشوشة وسط زحام شديد، أناس ترتجل الشوارع ذهابا وإيابا، سيارات لا حصر لها، ضحكات طلاب المدارس تملأ الشوارع، باختصار هذه هى المشاهد التى ستلفت انتباهك فى اللحظة الأولى التى تصل خلالها لمدينة طنطا، وإن كنت غريبا، فلا تخف، لأن العشرات على أهبة الاستعداد لتسخير أنفسهم لمساعدتك، خاصة أن سؤالك الأول مألوف لآذانهم، «أروح السيد البدوى منين»؟.
هؤلاء هم أهالى مدينة طنطا التى كانت حديث العالم أجمع خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما ضحت بأكثر من 27 شهيدا جراء الحادث الإرهابى الغادر الذى استهدف المصلين بكنيسة مارجرجس الكائنة بشارع على مبارك، ضحى أقباط طنطا بأبنائهم فداءً لمصر، ودفعوا ثمن قرارهم بالصمود والوقوف فى وجه الإرهاب الغاشم الذى يحاول النيل من مصرنا الحبيبة.
الوضع فى طنطا بعد هذا الحادث الأليم، لم يختلف كثيرا عن قبله، فالمسلمون والأقباط فى مدينة طنطا يعيشون معا، ومن الصعب أن تفرق بينهما، فجميعهم جيران وأصدقاء، يسعدون بأسباب فرح واحدة، ويحزنون لأسباب حزن واحدة أيضا، ومن النادر أن تجد فرحا لمسلمين ليس به مسيحيون، ومستحيل أن تجد عزاء لمسيحيين دون مسلمين، بالطبع يخيم الحزن على شوارع مدينة طنطا، ويؤازر الجميع بعضهم البعض فى مصابهم الواحد، لكن تظل المدينة محتفظة بروحها وبراءتها وخصوصيتها.
خصوصية مدينة طنطا تظهر فى كثير من الأمور، فأهلها يعلمون جيدا أن مدينتهم مميزة على عكس أى مدينة أخرى وبها من المعالم ما يجذب إليها الملايين كل عام، ويكفى أن تذكر اسم طنطا أمام أحدهم ليرد قائلا «شى الله يابدوى»، المسجد الأحمدى، أو مسجد السيد البدوى، هو أبرز معالم هذه المدينة الهادئة، ويعد مولد السيد البدوى واحدا من أهم الموالد التى تشهدها مصر كل عام، وتشد إليه الرحال من كل حدب وصوب من شتى أنحاء مصر، بل إن كثيرين من خارج مصر يحرصون على القدوم لزيارة ضريح السيد أحمد البدوى، والتواجد فى أيام الاحتفالات بمولده.
الشارع المؤدى للمسجد الأحمدى يسمى شارع السكة الجديدة، وعلى جانبيه تتركز محلات الحمص والحلاوة اللذين تشتهر طنطا بصناعتهما، بالإضافة إلى المشبك الذى تبرعت مصانع الحلوى فى طنطا بصناعته، أما خلف مسجد السيد البدوى، فيوجد شارع يسمى سوق الفسيخ، وشهد هذا الشارع كثيرا من الصناعات التاريخية، مثل صناعة «المكاييل» التى كانت تستخدم قديما فى وزن الأشياء قبل اختراع الموازين، وبرعت عائلة «السرسناوى» فى صناعة «المكاييل» أبا عن جد، ابتداءً من محمد أحمد السرسناوى، ووصولا إلى هانم إسماعيل التى توفيت فى هذا المحل، وحزن أهالى الشارع والسوق بأكمله لرحيلها، نظرا لارتباط هذه السوق بها، فقد اشتهر هذا الشارع باسم هذه العائلة، كما يوجد شارع سوق النحاسين، والمخصص فى صناعة كل ما يتعلق بالنحاس، وتتميز هذه الشوارع بتصميمها القديم، فطوال سيرك فى هذه الشوارع تشعر بعبق التاريخ، ورائحة الجدود.
ومن منطقة المحطة والسكة الجديدة والسيد البدوى، إلى شارع البحر، وهو الشارع الرئيسى فى مدينة طنطا، اسمه الآن شارع الجيش، لكن كل أهالى مدينة طنطا والوافدين من القرى المجاورة مازالوا يسمونه باسمه القديم شارع البحر، وسمى بهذا الاسم لأنه كما يتردد كان به فرع من فروع النيل لكن تم ردمه ليصبح الشارع الرئسيى لمدينة طنطا، وفى شارع البحر تتركز كل المصالح والمؤسسات الحكومية، والبنوك والشركات، ويؤدى لشارع البحر عدد من الشوارع التى يشتهر كل منها بشىء معين، فمثلا شارع البورصة معروف بانتشار محلات الملابس والأحذية به، وشارع القنطرة، معروف بشارع «الكبابجية»، وشارع عبد الحليم تتمركز به محال بيع الدش والريسيفرات، وشارع طه الحكيم متخصص فى بيع الموبيليا، وبالطبع شارع المديرية المشهور بمنطقة «البواكى» وهى عمارات قديمة جدا تقبع بداخلها المكتبات ومحلات بيع الأدوات المكتبية.
ويتفرع من شارع البحر عدد من الشوارع الرئيسية مثل شارع الجلاء، شارع قطينى، شارع محب، شارع النادى، شارع النحاس، وشارع النحاس هو الذى سيأخذنا لشارع على مبارك الذى يوجد به مقر كنيسة مارجرجس التى تعد من أحد المبانى الأثرية فى مدينة طنطا، والتى شهدت الحادث الإرهابى الأليم.
وبموازاة شارع النحاس فهناك شارع النادى، الذى يوجد به المقر الرسمى والوحيد لنادى طنطا الرياضى، الذى ذاع صيته بعد تأهل فريقه للدورى العام فى كرة القدم هذا الموسم، وتعتبر منطقة سور النادى منطقة تجارية وحيوية، فهى ملتقى للمحال التجارية، ومحال الماركات العالمية سواء فى الملابس أو الأحذية.
إذا أردت أن تأكل خلال رحلتك بمدينة طنطا، فالخيارات لن تنتهى، فلدى مدينة طنطا العشرات من المطاعم وأفرع المطاعم المتواجدة فى القاهرة والإسكندرية، لكن المقر الرسمى لهذه المطاعم، هو شارع سعيد وتفريعاته سواء بشارع بطرس، أو شارع حسان بن ثابت الذى يعد هو الآخر مركزا تجاريا ضخما، كما أن لديك خيارا آخر، فى مول العروبة، وهو مول تجارى ضخم أقيم مؤخرا بطريق طنطا- المحلة، وبه كافة محال العلامات التجارية والمطاعم العالمية.
بطنطا أيضا بعد المقاصد السياحية التى قد تكون فى حاجة لزيارتها عند تواجدك بهذه المدينة المختلفة، فمع زيارتك لمسجد السيد البدوى، يمكنك زيارة سبيل على بك الكبير بطنطا، وهو من أهم معالم مدينة طنطا الأثرية، أنشأه على بك الكبير أحد ملوك مصر فى عصور المماليك، ومتحف طنطا الذى أنشئ عام 1913، المنتزه، وهى حديقة حيوانات صغيرة بها بعض الحيوانات النادرة والقرود.