أحمد إسماعيل يكتب: قصة حب نزار قبانى لجميلة بوحريد

جميلة بو حريد جميلة بو حريد
 

 الإسم: جميلةُ بوحَيرَدْ

رقمُ الزنزانةِ: تِسعُونا

في السجن الحربيَّ بوَهران

والعمرُ اثنانِ وعشرُونا

عينانِ كقنديلي معبَدْ

والشعرُ العربيُّ الأسوَدْ

كالصيفِ .. كشلاَّلِ الأحزان

إبريقٌ للماءِ .. وسجَّان

ويدٌ تنضمُّ على القُرآن

وامرأةٌ في ضوء الصبحِ

تسترجع في مثل البوحِ

آياتٍ مُحزنة الإرنان

من سُورةِ (مَريمَ) و(الفتَحِ)

الاسمُ: جميلةُ بوحيَردْ

اسمٌ مكتوبٌ باللهَبِ ..

مغموسٌ في جُرح السُحُبِ

في أدَب بلادي. في أدَبي ..

العُمرُ اثنانِ وعشروُنا

في الصدر استوطن زوجُ حَمام

والثغرُ الراقدُ غصنُ سَلام

إمراةٌ من قُسطنطينه

لم تعرف شفتاها الزينه

لم تدخُل حجرتَها الأحلام

لم تلعبْ أبداً كالأطفالْ

لم تُغرم في عقدٍ أو شال

لم تعرف كنساءِ فرنسا

أقبيةَ اللذَّةِ في (بيغال)

بتلك الكلمات استهل الشاعر العربى الراحل الكبير نزار قبانى قصيدته التى قالها فى أيقونة النضال العربى المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد التى استقبلتها مصر" قلب الأمة العربية النابض" ليتم تكريمها فى عامها الثمانين فى الدورة الدورة الثانية من "مهرجان أسوان الدولى لسينما المرأة" الذى يتشرف بأن تحمل هذه الدورة اسم المناضلة الجزائرية التى تحدت وهى شابة غطرسة المحتل الفرنسى لبلدها، وانضمت إلى جبهة التحرير الوطنى الجزائرية، وهى فى العشرين من عمرها، فصارت على قائمة مطاردات الاحتلال الفرنسي، لمجرد أنها حلمت مثل كل جزائرى حر بزوال الاحتلال.

 كانت جميلة من أول المنضمين لصفوف الثورة الجزائرية عام 1954، وفى إحدى المواجهات مع قوى المحتل الغاشم أصيبت جميلة برصاصة وتم أسرها وسجنها عام 1957، لتتحول محاكمتها إلى محاكمة للاحتلال الفرنسى، وطوال المحاكمة ورغم كل صنوف التعذيب، كانت صامدة تتحدى من يحاكمونها، وكانت تحاكمهم هى وقالت لهم بثبات وقوة وإيمان: "أعرف أنكم ستحكمون على بالإعدام، لكن لا تنسوا أنكم بقتلى تغتالون تقاليد الحرية فى بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة".

وعندما حكموا عليها بالإعدام استقبلت ذلك بالضحكات العالية، فانفجر رئيس المحكمة صارخًا "لا تضحكي.. فالأمر خطير"، ولكنها بضحكتها كانت تهزأ بالمحتل وبالموت وبالسجن، وفى الـ7 من مارس حكم عليها بالسجن مدى الحياة 1958، حيث قضت عامين ونصف فى سجن سركاجى بالجزائر، قبل أن ترحّلها السلطات إلى فرنسا، وظلت فى سجون المحتل على أمل أن تحقق الثورة غاية بلدها، حتى انتزعت الجزائر استقلالها عام 1962، وأطلق سراح سيدة النضال، التى قالت فى الاحتفالية التى أقيمت لها بالمجلس القومى للمرأة: "أهلا وسهلا بيكم، فرحتونى وبحب مصر وشعبها من أيام الرئيس جمال عبد الناصر فهذا الشعب كريم وعظيم".

وردة المناضلة الجزائرية فى فيلم جميلة من إنتاج عام 1958، من إخراج يوسف شاهين وتأليف عبد الرحمن الشرقاوى، على الزرقانى ونجيب محفوظ، وجسدت شخصيتها الفنانة ماجدة الصباحى، وباسم كل المصريين وكل المناضلين تحية حب للمناضلة جميلة بوحيرد صاحبة التاريخ الحافل بالتضحية والإيثار وحب الوطن، المناضلة التى تنتمى إلى بلد المليون شهيد، والتى تربطها بمصر علاقات قوية وثابتة وتاريخ نضالى مشترك.

27971830_10155190604541434_5154911753523693032_n
 
 
27973636_10155190604676434_3634989075989298417_n
 

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر