« إذا أردت أن تصعد وتكبر عليك أولاً أن تتغير، أن تقدم جديدًا للناس، أن تضيف إلى الحياة شيئا لم يقدمه الآخرون، وأن تكون أنت مختلف عن الآخرين، وبغير ذلك لن تصعد وتكبر وتصبح إنسانا عظيما»، هذا ما قالته الراحلة الباقية فى قلوب المصريين سلوى حجازى نقلا عن تلميذها الكاتب عزت السعدنى، فى مقال تم نشره بجريدة «نصف الدنيا».
45 عاما مضوا على رحيل ذات الوجه الملائكى، الذى طالما عاشت فى قلوب الكثير من المصريين الذين لم ينسوا يوما ما قدمت "سلوى حجازى" المذيعة الشهيرة لوطنها وكان نتيجته هو اغتيالها فى ريعان شبابها، ولازال حتى الآن سر وفاتها غامضًا ليبقى السؤال من قتل المذيعة الجميلة؟.
تزوجت حجازى من القاضى محمود شريف، رئيس المحكمة بمكتب المدعى العام الاشتراكى، وكان رياضيا معروفا بالنادى الأهلى، وأنجبت بنت و3 أولاد، بدأت عملها بإذاعة (الرياض)، ثم انتقلت للعمل كمذيعة تتحدث بالفرنسية مع بداية إرسال التليفزيون المصرى عام 1960.
لم تر "سلوى حجازى" الحياة بعد الأربعين إذ ماتت فوق تراب أرضها المحتلة بنيران العدو الإسرائيلى، لتتصدر قائمة البطلات الشهيدات بعد دورها الوطنى فى ابلاغ المخابرات المصرية معلومات عن الدفاع الجوى الإسرائيلى، ففى عام 1973 سافرت "حجازى" بصحبة المخرج عواد مصطفى لتصوير حلقات للتليفزيون من ليبيا، وأثناء عودتها لم تشأ لها الأقدار أن تصل إلى القاهرة، إذ اعترضت طائرتها التابعة للخطوط الليبية طائرتان حربيتان إسرائيليتان من طراز فانتوم، ورغم أن قائد الطائرة المدنية الليبية عدل مساره وبدأ فى الدخول إلى المجال الجوى المصرى، إلا أن الطائرتين الإسرائيليتين لاحقتاه، ورغم أنه لم يشكل تهديدا أمنيا بحسب ما ذكره موقع الأهرام حينذاك.
وأطلقت الطائرتان النيران على خزان الوقود ما أدى إلى تحطم الطائرة ومقتل 106 من ركابها المدنيين، منهم المذيعة سلوى حجازى، ووزير الخارجية الليبى الأسبق، صالح بوصير، إضافة إلى ركاب ليبيين ومصريين، ومواطن أمريكى.
وبعد وفاتها اختلفت ردود الفعل من جانب مصر وإسرائيل، حيث علقت إسرائيل على الأمر بشىء من التلاعب، وفقًا لما ورد بإحدى الصحف: "الموضوع كله كان محدودًا، وقد يسىء إلى علاقتنا الحساسة بمصر، ويتلخص فى أنه فى 21 فبراير 1973 هبت على سيناء عاصفة رملية تسببت فى حجب الرؤية، وفى الساعة 12:40 أقلعت طائرة بوينج تابعة للخطوط الجوية الليبية من بنى غازى فى ليبيا بعد هبوط ترانزيت فى رحلتها من طرابلس للقاهرة".
ولم يمر الأمر مرور الكرام فى مصر، حيث أحدث وفاة "حجازى" صدى واسعا، حيث منحها الرئيس الراحل محمد أنور السادات وسام العمل من الدرجة الثانية باعتبارها شهيدة العمل الوطنى، وكان الصندوق الأسود للطائرة كشف أن المهندس سأل الطيار عما يحدث معهم، فأجاب أن (الطائرات الإسرائيلية اقتربت منهم وأصابتهم)، ثم انقطع الاتصال.
حاول أبناء وورثة "سلوى حجازى" فتح ملف قتلها أكثر من مرة والتحقيق فى مقتلها بالرغم من مرور سنوات عديدة على اغتيالها، ففى عام 2003 تقدمت ابنتها لفتح القضية من أجل محاكمة المسئولين الإسرائيليين الذين تورطوا فى إسقاط الطائرة، على رأسهم وزير الدفاع الإسرائيلى "موشى ديان"، وتجددت القضية مرة اخرى عام 2015 حيث تقدم ورثة المذيعة بتاريخ 19 مايو 2015 بدعوى قضائية للمطالبة بحقوقهم المادية والمعنوية نتيجة ما تعرضوا له، وأمام محكمة جنوب القاهرة حيث تداولت القضية، إلا أن المحكمة رفضت قبول الدعوى فى 25 نوفمبر من ذات العام، فقرروا رفع الاستئناف على ذلك الحكم الصادر.