أيادي المغتالين تختار بعناية الحوادث والفعاليات التي يمكن خلالها قنص المستهدفين، وأبرز هذه الحوادث هو ما يحدث أثناء العروض الفنية والمسرحية، هذا ما حدث مع الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، إبراهام لينكولن، الذي يحل اليوم ذكرى اغتياله عام 1865، أثناء حضوره لأحد العروض المسرحية.
لينكولن وزوجته ماريتود لينكولن كانا يحضران عرض مسرحية "قريبنا الأمريكي" في مسرح فورد بالعاصمة واشنطن وكانت الحرب الأهلية الأمريكية على وشك الانتهاء، وحدثت عملية الاغتيال بعد خمسة أيام من استسلام روبرت إدوارد لي قائد الجيش الكونفدرالي لفيرجينيا الشمالية للفريق يوليسيس جرانت للجيش الاتحاد لبوتوماك منهياً بذلك الحرب الأهلية.
والمسرحية التي كانت سببا في اغتيال لينكولن هي "قريبنا الأمريكي" مسرحية إنجليزية من ثلاثة أجزاء كتبها توم تايلور سنة 1858، المسرحية عبارة عن مهزلة قصتها مبنية على "آسا ترنشارد" وهو أمريكي أخرق وفظ لكنه صريح، ذهب إلى أقربائه الإنجليز والأغنياء لطالبتهم بحقه من الإرث، عرضت المسرحية لأول مرة في مسرح لورا كين بنيويورك بتاريخ 15 أكتوبر 1858، ولعب دور البطل الممثل جوزيف جيفرسون، كانت ذات صيت واسع وظلت مشهورة جدًا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
ولم يكن المسرح ذو فأل شوم على لينكولن في مكان الاغتيال فقط بل إن عملية اغتيال لينكولن خطط لها الممثل المسرحي المعروف جون ويلكس بوث في محاولة منه لإحياء قضية الولايات الكونفدرالية.
أثناء فترة الإستراحة بالمسرحية ذهب حارس لينكولن إلى حانة برفقة خادم لينكون وسائق عربته، دخل "بوث" إلى المقصورة وبحسب أحد شهود العيان وهو طبيب جراح حضر الواقعة وكتبها في كتابه "شاهد عيان" قال إنه في قرابة الساعة 10:25 مساءً، جاء رجل وتحرك ببطء من جانب جدار المقصورة الرئاسية وسمعت رجلا يقول، "انظروا بوث موجود" وأدرت رأسي لأراه، كان ما زال يمشي ببطء شديد وكان قرب باب المقصورة ووقف هناك، ثم أخرج ورقة من جيبه وكتب عليها شيئاً وأعطاها للحاجب الذي أدخلها للمقصورة، في غضون دقيقة فُتح الباب ثم دخل بوث. عند دخوله من الباب الأول لمدخل المقصورة الرئاسية، أغلق بوث الباب خلفه بعصا خشبيّة حيث وضعها بين الباب والجدار، ثم استدار ثم استرق النظر من خلال الثقب الذي حفره في الباب الثاني الذي يمكّن من الدخول إلى المقصورة الرئاسية.
انحنى لينكولن إلى الأمام ونظر إلى الأسفل حيث بدا أنه تعرّف على شخص ما كان بوث حافظاً للمسرحية عن ظهر قلب بالرغم من أنه لم يمثل فيها أبداً لذلك انتظر حتى تحين لحظة الممثل هاري هوك (الذي كان له الدور الرئيسي في المسرحية) ويعتلي المسرح في مشهد يعد الأطرف في المسرحية كلها، كان بوث يأمل أن يغطي صوت الجمهور على صوت الطّلق الناري، وهذا ما حدث فبعد أن أطلق الجمهور ضحكات عالية على نكت الممثل هاري هوك، دخل بوث المقصورة ثم أطلق النار على أبراهام لينكون على رأسه من مسافة قريبة، انخفض لينكولن في كرسيه حتى أمسكته زوجته ثم صرخت بعد أن أدركت ما حدث.