ساعات قليلة مضت على رحيل رمز المقاومة ومغنية فلسطين الأولى ريم بنا، ربما كان يعتقد الكثير أنها ستقاوم هذه المرة أيضا لتعود إلى أبنائها وعائلتها وجمهورها بوجهها المبتسم، الذى يشعل بريق من الأمل والحيوية، إلا أن هذه المرة هزمها المرض لتعلن عائلتها عن رحيلها فى بيان قائلين «والدتها زهيرة وأخوها فراس وأبناؤها بيلسانوأورسالم وقمران وأصدقاؤها وأحباؤها والشعب الفلسطينى فى كل أماكن تواجده، ينعون إليكم ببالغ الحزن والأسى رحيل ابنتهم البارة ومغنية فلسطين الأولى ريم بنا، متممةً واجباتها الوطنية والإنسانية تجاه شعبها وكل مظلومى العالم..».
كانت تعلم جيدا أنه سيحين موعد رحيلها، الذى وصفته بـ«الفصل المُزيف»، فكانت من أكثر كلماتها التى تذكرها جمهورها وتداولها على نطاق واسع فى حديثها عن الموت ووصيتها لأبنائها:
بالأمس.. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادى..
فكان على أن أخترع سيناريو..
فقلت...
لا تخافوا.. هذا الجسد كقميص رثّ.. لا يدوم..
حين أخلعه..
سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى فى الصندوق..
وأترك الجنازة "وخراريف العزاء" عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام مراقبة الأخريات الداخلات.. والروائح المحتقنة...
وسأجرى كغزالة إلى بيتى...
سأطهو وجبة عشاء طيبة..
سأرتب البيت وأشعل الشموع...
وانتظر عودتكم فى الشرفة كالعادة..
أجلس مع فنجان الميرمية..
أرقب مرج ابن عامر..
وأقول.. هذه الحياة جميلة..
والموت كالتاريخ..
فصل مزيّف..
فطالما كانت ترى الحياة جميلة كما وصفتها فى كلماتها هذه، كانت تصارع من أجل البقاء بها، وتحارب مرض لعين تمكن منها، إلا أنه لم يتمكن يوما من أن يضعفها أو يكسر عزيمتها أو حتى يفقدها ابتسامتها التى طالما بعثت الأمل فى نفوسنا.