كعادتها الحياة، لا تعطيك كل شىء، فإن أعطتك ما يسعدك، فكن على يقين أنك ستدفع الثمن إن كان على الفور أو لاحقا، ويبدو أن الحياة قررت أن تأخذ حسابها من شيرين عبد الوهاب بفاتورة فورية الدفع، وبعد أيام من فرحتها التى انتظرتها طويلا بعد كثير من العثرات والضغوط والأزمات، وبعد أن أهدتها الحياة أخيرا نصفها الثانى حسام حبيب وزفتها إليه فى ليلة من ليالى العمر، قررت أن تأخذ منها عزيز آخر أمام هذا العزيز الذى جد على حياتها، لنستيقظ شيرين عبد الوهاب اليوم على خبر وفاة والدها سيد عبد الوهاب.
طوال حياة شيرين عبد الوهاب الفنية منذ اللحظة الأولى التى وطأت قدمها هذا الوسط الغنائى، طاردتها الأخبار والشائعات عن حياتها الخاصة، وكان لوالدها الراحل باع من هذه الشائعات، قيل إنه سودانى الجنسية، وقيل إنه من الفلبين، وقبل كثير وكثير، ولم ترد شيرين على أى من هذه الشائعات وظلت متمسكة بالصمت، ولم تذكر والدها فى لقاءاتها على الإطلاق، المرة الوحيدة التى تحدثت فيها عنه عندما قالت إنه كان دائما ما يضحك مع والدتها ويؤكد لها أنه يتمنى أن يتزوج من بيونسيه، لتقول له والدتها "يا راجل اسكت".
ما لا يعرفه أحد عن سيد عبد الوهاب والد النجمة شيرين عبد الوهاب التى نعزيها الآن فى رحيله، أنه مصرى الجنسية، كان رجلا بسيطا يسكن حى الدرب الأحمر طوال عمره، وكان ميسور الحال ومن رجال المنطقة الأغنياء مقارنة بجيرانه، فقد عمل طوال حياته فى مجال السيارات النقل، وكان يعلم كيف يكسب الأموال ومن أين يأتى بها، وكانت شيرين وشقيقها محمد وشقيقتها إيمان مع والدتهم يسكنون فى بيت والدها الذى يمتلكه ولا يستأجره كباقى جيرانهم.
سيد عبد الوهاب، هذا الرجل البسيط الكسيب، لم تكن له كثيرا من العلاقات مع جيرانه، فلديه أصدقاء مقربون فقط، ومعروف عنه عصبيته التى ورثتها عنه شيرين كما يبدو، بعد زلزال 92 قرر سيد عبد الوهاب أن ينتقل من الدرب الأحمر إلى منشية ناصر، بعد أن أثر الزلزال على منزلهم فى الدرب الأحمر، وهناك اشترى بيتا كبيرا أيضا واستكمل حياته فى عمله كما هى.
بعد أن دخلت شيرين معهد الموسيقى وقررت احتراف الفن، عاشت فى منزل جدتها حتى تكون قريبة للمعهد، لذلك لم يكن لوالدها دور كبير فى مشوارها الفنى، فكانت هى من تشق طريقها بنفسها، ليس بحثا عن المال كما أشاع البعض فقد عاشت شيرين مع والدها حياة كريمة وميسورة، لكن لأن الغناء كان يجرى فى دمها منذ الطفولة.
وبعدما أصبحت نجمة ولها اسمها، حاولت شيرين عبد الوهاب مرارا وتكرارا أن تقنع والدها بالراحة وأن يتوقف عن العمل وهى ستتولى كل شىء، لكنه كان يرفض طوال الوقت لأنه يعرف كيف يعتمد على نفسه ومن أين يكسب قوته، لذلك ظلت علاقة شيرين بوالدها بعيدة بعض الشىء، بفضل عملها وارتباطاتها الفنية المستمرة، وتواجدها فى مكان وهو فى مكان آخر، لكنها من الحين للآخر كانت تزوره وتطمئن عليه، خاصة أن شيرين مازالت تحرص على زيارة منطقتها وإذا لجأ إليها أحد من جيرانها القدامى وأصدقاء طفولتها لا تتردد فى الوقوف بجانبه، وعمل كل ما بوسعها لتساعدهم.