لا أعلم من أين أبدأ، هل أتحدث كما يروق لى، هل أقول ما يهمس لى به عقلى وقلبى وتذوقى للفن والموسيقى، وهل ستتركونى أقول ما شئت، أم ستنهالون على بالاتهامات وتقذفوننى بالبواطل؟.. وماذا إذا فكرت أن أعلنها على الملأ وأعبر عن سعادتى بعودة فضل شاكر للغناء؟ هل سأكون مشاركة فى الجرم والإرهاب الذى تتهمونه به ليلا ونهارا هنا وهناك، لا أعلم!، لكنى الآن سأتحدث وليحدث ما يحدث فيما بعد...
نعم! عاد فضل شاكر إلى الغناء، عاد بأغنية "شبعنا من التمثيل" التى أنتجها المنتج جمال العدل، واعتمدها كتتر لمسلسل لدينا أقوال أخرى، الذى تنافس به يسرا فى رمضان المقبل، لكن من قال أنه كان قد ترك الغناء أصلا؟، لقد ظل فضل شاكر يغنى، كان يغنى بما يتناسب مع طبيعة المرحلة الهشة الكاذبة، هذه المرحلة التى كانت وقد تظل لكثير من الوقت سبة على جبينه لن ينساها له أحد، بينما كلى أمل أن يسامحه عليها كثيرون.. كان يغنى ما يسمونه بالأناشيد الدينية، الأناشيد التى كانت محل تعجب، وأحيانا سخرية من الشيخ فضل، لكنى لا أخفى عليكم سرا، كنت أراها بعين المتيقنة المترقبة لقرار عودته، فهذا الفنان الذى يجرى الفن فى عروقه مجرى الدم، هذا المدمن للغناء، الذى لم تتمكن الجماعة المتشددة التى ضللته وغسلت له مخه أن تجعله يقلع عن تعاطيه للغناء، سيعود، هو فقط يحاول الآن أن يرضى غرور قراره الضال المضلل ليعطى لنفسه فرصة التنفس خارج هذا السجن الذى حبس به روحه وفنه وإحساسه تحت مسمى جديد هو الأناشيد.
لا أدافع عن فعلة فضل شاكر، فقد أخطأ، وحقا أجرم كما تقولون فى حق نفسه وفنه وإحساسه، لكن القضية الآن فى التساؤل الذى يهاجمنا به أصحاب وجهات النظر المختلفة.. هل نسامح كل من عاد عن جرمه واعترف بخطئه، واعتذر عليه؟ ولم لا، ففضل لم يكتفى بالندم والتنصل والتبرؤ والاعتذار فقط بل عاد للفن، فى رسالة واضحة المعانى، لقد اكتشف أن الفن هو طريق الحياة والهواء والإنسانية، وليس ذاك الطريق الأسود الأغبر الذى زينه بعض المجرمين حقا إلى نفسه الضعيفة.
لا أريد أن أخوض كثيرا فى تفاصيل سياسية لا أقبل أنا قبل الإخوة اللبنانيين أن أتدخل فيها لأنها أمور تخصهم فقط وتخص وطنهم، وبلا شك فكل التقدير والدعم والمساندة والفخر والحب للجيش اللبنانى الذى يقف شامخا رامزا للوطنية، لكن ماذا عما أكده فضل شاكر مرارا وتكرارا بأنه لم يتورط أبدا فى قتل أى من أفراد الجيش اللبنانى، وماذا عن هذا المجرم الإرهابى أحمد الأسيل الذى كان يترأس جماعة إرهابية مع سبق الإصرار والترصد، وماذا عن تبرئته الواضحة لفضل شاكر فى التحقيقات؟ لماذا نركز على أمور ونتغافل أخرى، لم كل هذا الهجوم والترصد، لم كل هذه الصفعات على وجه فنان افتقدناه ولم يمنعنا انسياقه وراء جماعة كاذبة من سماع أغنياته، وأين نجد من يغنينا عنه وعن إحساسه، لماذا لا نتابع المشهد من زاوية أخرى، زاوية تحتم علينا الاعتزاز بأننا الحق وبأن أفكارنا هى الحقيقة، وأن إيماننا بالفن والحياة لا يتعارض مع أى دين من الأديان، ما ذا لو أخذنا ما فعله فضل من عودة وندم واعتذار فى صالحنا وصالح قناعاتنا؟ ألم يصبح الأمر أكثر بساطة وتسامحا وأقل كراهية وعنف وسب وتحامل وعصبية؟
فى حالة فضل شاكر انتصر الفن على التشدد، انتصر الفن على الكذب، انتصر الفن على الإدعاء والإفك انتصر على الإساءة للدين، إننى أحترم القانون، وأنحنى تبجيلا للقضاء اللبنانى، لكن عفوا أيها القانون وعذرا أيها القضاء الجليل، أنتما لستما القضية الآن، ليأخذ القانون مجراه، ولتعاد التحقيقات لتثبت براءة فضل شاكر أو حتى تورطه، فضل الذى أكاد أوقن أن من يمتلك إحساسه لا يقدر على التلفظ بلفظ خارج، فكيف يقتل؟، ليتغير العالم ويذهب ويأتى، وحتى تنتهى الكرة الأرضية من لفتها وتعود، اتركوا فضل شاكر وشأنه، دعوه يغنى ويغنى ويغنى، دعوه يعبر عن مشاعرنا وأحاسيسنا بصوته العذب الدافئ، ودعونا نغذى أذاننا وأرواحنا بألحان وكلمات ودندنات لا تليق إلا بصوت فضل شاكر، أرجوكم، دعوا من يحبوه ويلتمسون له الأعذار يستمتعوا ولو حتى إشعار آخر.. فقط دعونا وشأننا!