عبدة الشيطان والـ"إيموز" يرسمون تعاويذ شيطانية ويكلمون كائنات وهمية
"أوس أوس": أنا أول واحد رسم لأحمد الفيشاوى وعندى صاحب كشك مدمن وشم
فتاة تعترف: أوثق كل ذكرى فى عيد ميلادى بوشم جديد على جسدى
هانى الناظر: مرفوض تماما صحيا وعلميا ويسبب أمراضا جلدية
طبيب نفسى: صاحب الوشم شخصية فارغة تبحث عن التميز
أزهرى يكشف الحلال والحرام فى رسم الوشم
بألم جسدى شديد جلس "حسن" أمام أحد العجائز ليزيل له بمادة كيميائية حارقة صورة حبيبته "تمر حنة" التى هجرته بعد أن رسم صورتها "وشما" على صدره"، ذلك المشهد أحد العلامات المحفورة فى ذاكرة أجيال كثيرة من فيلم "تمر حنة" مصحوبا بنغمات الصوت العذبة للفنانة "فايزة أحمد" التى غنت لشقيقها فى الفيلم "رشدى أباظة" ليتحمل ألم إزالة الوشم الذى يذكره بحبيبته "هند عاكف"، وظل ذلك المشهد أيضا منذ إنتاج الفيلم عام 1957 ولسنوات طويلة هو كل مايعرفه كثيرون عن فكرة "الوشم"، إلا أن السنوات العشر الأخيرة شهدت انتشارا واسعا لثقافة "الوشم" أو "التاتو".
لاتوجد إحصائيات محددة تكشف حجم انتشار الظاهرة، إلا أن مشاهدات غالبية المتخصصين تؤكد تضاعف أعداد المقبلين على رسم الوشم بأكثر من 10 أضعاف، وهى نسبة تستند إلى تضاعف عدد المراكز التى تقدم خدمة رسم الوشم بنفس النسبة تقريبا، إضافة إلى بعض الهواة الذين يعملون بنفس المجال بشكل شخصى خارج المراكز المتخصصة.
ولعل ما يؤكد ذلك أيضا هو الفارق الذى يمكن أن تلمحه بين مشهد فيلم "تمر حنة" وطريقة تناول الفيلم لفكرة الوشم وهدفه، وبين ما رصده بعد بـ57 عام فيلم "الفيل الأزرق" المأخوذ من راوية الكاتب أحمد مراد، والتى كشفت عالم أكثر غرابة وتطرف وهوس بفكرة الوشم والهدف منه، من خلال الدور الذى قام به الفنان "خالد الصاوى" وتتابعات الأحداث المريبة التى خلقتها "تعويذة" و"وشم" رسمه على جسده.
من قرأ رواية "الفيل الأزرق" أو شاهد الفيلم، قد يعتقد أن هناك مبالغة فى تناول عالم رسم الوشم، وهو ما قد تعتقده أيضا قبل أن تستمع إلى "أوس أوس"، أحد أشهر رسامى الوشم فى مصر، والذى يفضله كثير من النجوم أصحاب تلك العادة، فسيفاجئك "أوس أوس" بأن ما يواجهه هو شخصيا مع بعض الحالات التى تعامل معها من محبى "الوشم" تتخطى فى "هوسها" وإيمانها بتأثير الوشم على حياة الإنسان ما رصدته رواية الفيل الأزرق.
متى بدأ الوشم فى الانتشار؟
يقول "أوس أوس" إنه ترك شرم الشيخ منذ 10 سنوات وجاء إلى القاهرة ليفتح مركزا متخصصا فى رسم الوشم ولم يكن يوجد وقتها أى مركز أخر تقريبا، والأن وبعد هذه السنوات انتشرت مراكز رسم الوشم فى كل المناطق بما فيها الشعبية، لدرجة أن هناك 3 مراكز بحى شبرا، موضحا أن الأمر أصبح "موضة" كأى "موضة"، وأصبح الشباب يقبلون عليها من الجنسين بنفس النسبة تقريبا وليس من الأولاد فقط.
أين يرسم أحمد الفيشاوى وشمه؟
ويوضح "أوس أوس" أن اهتمام بعض النجوم برسم الوشم زاد من إقبال الشباب عليه، وضرب مثلا بالنجم أحمد الفيشاوى كاشفا أنه أول من رسم للفيشاوى وأنه يرسم أيضا لكثير من المطربين والرياضيين، موضحا أن ما يحدد شكل الرسمة هو الرغبة الشخصية وليس اختلاف المجال.
ماهى أسعار الوشم؟
وعن الأسعار قال أوس أوس أن الرسم الاحترافى مرتفع التكلفة إلا أنه لم يرفع أسعاره منذ أن بدأ من 10 سنوات، بسبب زيادة المنافسة مع مراكز أخرى، موضحا أن ذلك سبب اقتصار رسم الوشم على طبقات اجتماعية واقتصادية معينة قادرة على تحمل تكلفة الرسم والإزالة إذا احتاجت للإزالة.
حكاية صاحب الكشك مدمن الوشم
وعن أغرب المواقف التى تعرض لها فى عمله والشخصيات والرسومات الطريفة التى قابلها، قال أوس أوس أن هناك كثير من المهووسين بالوشم حد الإدمان وأن أحد تلك النماذج هو صاحب كشك من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة إلا أنه يدمن الرسم لدرجة أنه أحيانا لا ينفق على أسرته فى سبيل رسم وشم جديد.
وكشف أنه التقى خلال عمله بنماذج كثيرة من عبدة الشيطان والـ"إيموز" يأتون إليه لرسم تعاويذ وطلاسم ورموز شيطانية ولها علاقة بالعوالم الأخرى، مؤكدا أنه لا يفهمها لكنه يرسمها فقط على حسب رغبة العميل، وأن بعضهم يقرأ تعويذات وطلاسم أثناء عملية الرسم ويتحدث إلى كائنات غير مرئية.
هل يرسم الرجال الوشم للبنات؟
وعن الرسم للفتيات قال أوس أوس إنه لا يوجد فى مصر فتيات متخصصات فى رسم الوشم بسبب صعوبة العملية وثقل الآلة المستخدمة، وأنه يتعامل مع الأمر كأنه طبيب يقوم بدوره ولا يختلف معه مكان الرسم مهما كان، وأن بعض الفتيات بالفعل يأتون لرسم التاتو والوشم فى اماكن حساسة بالجسد، لكن ذلك يقتصر على طبقات اجتماعية معينة متأثرة بالثقافات الغربية.
"نهاد" تكشف حكاياتها مع الوشم
"نهاد" –اسم مستعار- هى إحدى الفتيات اللائى رسمن وشما بعدد من المناطق بجسدها، وتؤكد "نهاد" أنها لاترى عيبا أو تجاوزا فى ذلك على الإطلاق، وأن الأزمة ليست فى كونها فتاة، وإذا كان الوشم حرام أو عيبا فيتساوى فى ذلك الذكر والأنثى.
وكشفت نهاد أن أول رسمة لها كانت على كتفها بأول حرف من اسم حبيبها، وكانت وقتها فى سن 18 سنة، ولم تبلغ أسرتها وقتها، إلا أنها بعد أن استقلت بحياتها وتركت حبيبها ذهبت لإزالة الحرف واكتشفت أن ذلك صعب وتكلفته عالية، فرسمت شكلا أخر أكبر حجما على الحرف وهو رأس ثعبان، ثم تحول الأمر معها إلى هواية وأصبحت ترسم شكلا جديدا كل عام فى عيد ميلادها، وتختار كل عام مكانا مختلفا بجسدها، ولا يهمها إذا كان من يرسم لها ولدا أو بنتا، وأن الأمر يشبه العمليات الجراحية التى يجريها أطباء رجال للنساء.
وقالت نهاد إنها سمعت أكثر من فتوى تقول أن الوشم ليس حراما، وأنها لم تسأل قبل أول رسمة إذا كان حلالا أو حراما، وأنها مقتنعة بما تفعله لأنه لا يضر أحدا، بل إنه يزيد من جمالها وثقتها بنفسها، ويشعرها بالاختلاف والتميز، ويمكنها من توثيق كل ذكرى جميلة فى حياتها برسمة جديدة على جسدها.
هل هناك أضرار طبية من رسم الوشم؟
عن الموقف الطبى والعلمى من رسم الوشم يقول الدكتور هانى الناظر أستاذ الجلدية الشهير ورئيس المركز القومى للبحوث سابقا، أن الطب والعلم يرفض تماما فكرة رسم الوشم لأنه يعتمد على أحبار ومواد كيمائية مضرة داخل الجلد والمسام وذلك يتسبب فى أمراض جلدية كثيرة، قد تسببها حساسية الجلد من تلك المواد أو تجمع الميكروبات داخل الجلد، إضافة إلى أن المعدات نفسها التى تستخدم فى الرسم قد تكون ملوثة وغير معقمة، مشددا على أن من يرسمون ولا يحدث لهم تلك المضاعفات قد يتعرضون لها مستقبلا وأن عدم إصابة البعض بها لا يعنى أنها أمنة والدليل عدد الحالات التى تأتى له بتلك الإصابات والمضاعفات بسبب الوشم.
وأشار الناظر إلى أن الحالات التى تأتى للإزالة تتنوع أسبابها ما بين العاطفية والاجتماعية، فالبعض يطلب إزالة لسبب عاطفى مثل أن يكون ترك حبيبه الذى رسم الوشم من أجله، أو أن يكون اكتشف بعد عدد من السنوات أن شكل الوشم غير مناسب لمكانته الاجتماعية خاصة لو التحق بعمل جديد وأصبح من غير اللائق ظهور الوشم على ذراعه أو رقبته مثلا.
هل المقبلون على الوشم "مرضى نفسيون"؟
وعن فكرة التأثيرات النفسية للوشم أو إدمانه يقول الدكتور محمد غانم أستاذ الطب النفسى أن أغلب المقبلين على رسم الوشم ينتمون إلى نوع من الشخصيات يسمى فى طب النفس "البين بين" وهو نوع من الشخصيات التى تعانى من فقدان تقدير الذات والفراغ والإحساس بالنقص، وأن هذه الشخصيات تبحث دائما عن شىء مختلف لمقاومة حالة الملل ويمنحها تميزا واختلافا بين الأخرين.
مشيرا إلى أن الوصول إلى مرحلة الإدمان قليل لكنه موجود، لكنه رفض اعتبار الأمر ظاهرة فى المجتمع المصرى، وأنه مهما زاد انتشاره إلا أنه لم يصبح ثقافة أو ظاهرة حتى الآن لأن أغلب الناس ترفضه دينيا وثقافيا.
هل كل أنواع الوشم حرام؟
وعن موقف الدين من رسم الوشم قال الشيخ أحمد المالكى عضو المكتب الفتى بالأزهر الشريف أن هناك ثلاث مستويات لرسم الوشم، الأول هو الرسم الذى يزول ولا يستمر، ويكون على سطح الجلد، وهو نوع أجمع العلماء على أنه حلال وغير محرم، وأضاف أن النوع الثانى هو الوشم الذى يتم رسمه داخل طبقات الجلد، وهناك رأى يقول أنه غير محرم طالما لم ينتج عنه دما أثناء عملية الرسم، وهو رأى الدكتور على جمعة المفتى السابق، أما النوع الثالث وهو الذى ينتج عنه دم أثناء الرسم فهناك إجماع على تحريمه وعدم جوازه.
وقال المالكى إنه ينصح الشباب بشكل عام بالبعد عن تلك العادة والالتفات إلى ماهو أفيد لهم، وألا ينصرفوا عن الأمور المهمة بتلك العادات غير المفيدة، نافيا أن يكون هناك أى دليل على ارتباط بعض الرسوم والطلاسم بعوالم الجن والعفاريت، وأن تلك الأمور نفسية، وأن الشباب يقنعون أنفسهم بها لضعف إيمانهم بالله.
