"شغلتك ع المدفع بورورم" و"اعدل دماغك ياعسكرى"، "بتضحك يا ابن العبيطة" وغيرها من الإفيهات ما إن تخطر ببالنا نتذكر فورا الشاويش عطية صاحب الملامح الخشنة والضحكة البشوشة التى لا تتفق مع ملامحه أبدا وضحكة كانت تجعل الفنان أحمد رمزى يعيد مشاهده بصحبته عدة مرات.
رغم كونه أضحك الجميع إلا أن حياة قاسية وصعبة عاشها، القصبجى، والذى يوافق اليوم 23 إبريل ذكرى رحيله، عمل القصبجى فى بداية حياته كمسرى بالسكة الحديد، ونظراً لحبه واهتمامه المبكر بالتمثيل انضم إلى فرقة التمثيل الخاصة بالسكة الحديد، وأصبح عضوا بارزا بهذه الفرقة، ثم انضم لفرق مسرحية عديدة منها فرقة الهواة وفرقة أحمد الشامى وفرقة على الكسار وفرقة جورج ودولت أبيض وأخيرا فرقة إسماعيل يس المسرحية.
عاش القصبجى حياة قاسية ظل طوال حياته يعانى من اختياره فى أدوار ثانوية دون أن تفرد له مساحة كاملة للبطولة، كما أصابه مرض الشلل النصفى فى الجانب الأيسر وهو الذى اكتشفه الأطباء مصادفة بعد وعكة صحية ألمت به نتيجة ارتفاع ضغط الدم.
تجلت مأساة أخرى للقصبجى حينما لم يستطع سداد مصروفات العلاج حينما سقط مغشيا عليه أثناء تصوير أحد مشاهد فيلم "الخطايا"، ففى أبريل عام 1962 أرسل حسن الإمام إلى الممثل رياض القصبجى للقيام بدور فى الفيلم، حينما سمع الإمام أن القصبجى تماثل للشفاء بعد الشلل الذى أصابه وأنه بدأ يمشى ويتحرك، فأراد أن يرفع من روحه المعنوية وكان الدور مناسبا جدا له.
فور دخول القصبجى للاستوديو مستندا على ذراع شقيقته مصمما على العمل وتحت ضغط وإلحاح منه وافق حسن الإمام على قيامه بالدور حتى لا يكسر بخاطره، وفى لحظة سقط فى مكانه وانهمرت الدموع من عينيه وهم يساعدونه على النهوض ويحملونه بعيدا عن البلاتوه، وعاد إلى بيته حزينا وكانت تلك آخر مرة يدخل فيها البلاتوه وآخر مرة يواجه فيها الكاميرا.
بعد هذه الواقعة بدأ ابنه فتحى رحلة توفير نفقات العلاج وسمع بذلك الأمر محمود المليجى فسارع بالذهاب إلى بيت القصبجى مع المنتج جمال الليثى الذى لم يكد يرى رياض القصبجى طريح الفراش حتى خرج ثائرا على نقابة الممثلين، وقام بجمع التبرعات لعلاج القصبجى، وشاركه المخرج فطين عبدالوهاب والسيناريست على الزرقانى.
رغم زمالته للعديد من الفنانين أثناء عمله وعلى رأسهم الفنان إسماعيل يس، إلا أنه لم يزره مرة واحدة أثناء مرضه وبحسب نجله فتحى، جاء له أغلب نجوم جيله والأجيال الأخرى، والمخرج نور الدمرداش وكل أبناء الليثى وتوفيق الدقن، أما فريد شوقى فكان يأتى إلينا فى المنزل بكل ما لذ وطاب من الطعام، لدرجة أن والدتى كانت "توزع" هذا الطعام على الجيران، إلا إسماعيل يس لم يزره مرة واحدة كما أنه لم يأت لعزائه.
وفى الـ23 أبريل من عام 1963 لفظ رياض القصبجى أنفاسه الأخيرة عن عمر 60 عاما بعد أن قضى سهرة الوداع مع عائلته، استمع فيها إلى صوت أم كلثوم الذى يعشقه عبر الإذاعة.
وتجلت آخر أحزان ومآسى القصبج حينما لم تجد أسرته ما يغطى تكاليف جنازته وظل جسده فى فراشه ينتظر تكاليف جنازته ودفنه حتى تبرع بكل هذه التكاليف المنتج جمال الليثى.
الفنان رياض القصبجي
رياض القصبجي وإسماعيل يس فيلم الآنسة حنفي
القصبجي مع نجله فتحى