عن عمد أو دون، خلق صناع مسلسل «كلبش» حالة كانت مفقودة فى سوق الدراما على مدار سنوات طويلة، تحول «سليم الأنصارى» ضابط الشرطة إلى باشا مصر أيقونة بطولة تواجه فساد المال والسلطة وتحارب مشاكل الروتين والإجراءات لتحقيق العدل المفقود، كما حدث فى الجزء الأول، وبطل مصرى يواجه تحالف قوى الشر من أهل الإرهاب والتهريب وفساد الذمم كما هو الحال فى الجزء الثانى الذى يعرض حاليًا، ويحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا مرتبطًا بتحول سليم الأنصارى إلى أيقونة جديدة فى الدراما المصرية.
على مدار السنوات الماضية فشلت الدراما المصرية فى الاشتباك مع قضايا الرأى العام المصرى وخصوصًا الإرهاب والأفكار المتطرفة، كان التناول الدرامى يظهر على الشاشة إما ساذجًا أو مجرد ديكور وضعه صناع المسلسل للتحلية، فى «كلبش» اختلف كل شىء لذا جاء النجاح كبيرًا.
بحوار جيد وسيناريو تبدو عليه علامات الجدية والبحث والدراسة ظهرت دائرة الشر مكتملة خلال الأحداث الدرامية فى المسلسل، تجار الدم من عصابات وخلايا إرهابية وجواسيس يجتمعون فى محيط درامى واحد تجمعهم المصالح ويطاردهم سليم الأنصارى متحديًا ظروفًا قاسية وصعبة تبدأ بدعم أجهزة دولية لهذه الجماعات، وتنتهى بفساد ذمم بعض الضباط مثلما كان الحال مع مدير السجن الذى جسد شخصيته الفنان القدير «أحمد حلاوة».
الحوارات الدائرة بين حمزة أمير الجماعة ومصطفى الشاب الملحد المتهم فى قضية تجسس، حينما تضاف إلى مشاهد المصارحة بين عاكف وحمزة تكشف قدرا كبيرا من عوار وتشوه وكذب الأفكار التى يعتمد عليها الإرهابيون لتجنيد الشباب، وشجاعة صناع المسلسل فى تقديم النماذج المختلفة لضباط الشرطة دون تجميل للواقع أو تزييف شجاعة تحسب لهم، لم يكن يتصور هؤلاء الذين هاجموا «كلبش» منذ البداية واعتبروه مسلسلا لتلميع الشرطة أن صناع المسلسل سيقدمون له نموذج الضابط الفاسد «أحمد حلاوة» بجانب الضابط الشريف «صلاح الطوخى» وكأنها رسالة تأكيد على صدق وجدية العمل فى تقديم وجبة درامية هدفها الأول خدمة قضية الدولة فى مواجهة الإرهاب.
كلبش حقق المعادلة الصعبة، نجح جماهيريًا، قدم معالجة درامية محترمة لقضية الإرهاب، وخلق بطلًا دراميًا جديدًا فى وطن يعشق الأبطال الأسطورية القادرة على تحقيق العدل، وأخشى أن يكتفى صناعه بهذا القدر بعد نجاح الجزء الأول والثانى من «كلبش»، لا يستحق سليم الأنصارى الموت، ولا يجوز أن تقتل بطلًا أسطوريًا بهذه السهولة بعد أن تحول إلى ماركة مسجلة بعنوان «باشا مصر»، سليم الأنصارى يستحق أن يكمل رحلته.
مصر تستحق أن عملًا متصلًا بطله معروف، بعد أن تحول إلى رمز يطل على جمهوره كل فترة ليؤدى مهمة جديدة لحماية هذا الوطن، «كلبش» يستحق جزءًا ثالثًا ورابعًا وخامسًا وسادسًا، وسليم الأنصارى يستحق العيش كرمز وبطل شعبى، ورشة كتابة محترفة وإنتاج مستمر فى المغامرة قادر على أن يمد فى عمر سليم الأنصارى عبر أجزاء جديدة من «كلبش» ليس ضروريًا أن يعرض المسلسل فى رمضان، وليس ضروريًا أن يكون «كلبش» 30 حلقة فى الجزء الثالث أو الأجزاء اللاحقة، جزء من 7 حلقات أو 12 أو 15 كما أصبحت العادة فى المسلسلات الأمريكية الكبرى يكفى كى يؤدى سليم الأنصارى مهمة واحدة ذات رسالة وطنية صادقة.