يشن الجيش المصرى العظيم مع الشرطة حربا على الإرهاب فى سيناء ويسجل ملحمة عظيمة تجعلنا نصفق لكل جندى مصرى استطاع أن يسجل بدمه ملحمة عظيمة ويثبت عظمة مصر والمصريين فى الماضى والحاضر.
منذ خمسة آلاف ومائتى عام عاشت مصر بحدودها الحالية كبلد موحدة يتحدث بلغة واحدة وله ديانة واحدة وعادات وتقاليد لا تختلف فى جنوب البلاد عن شمالها. هذه حالة نادرة فى التاريخ القديم والحديث، فلا توجد على وجه الأرض حضارة كُتب لها الاستمرارية فى مثل هذا النسيج الواحد والكيان المتجانس مثل الحضارة الفرعونية.
لم تكن مصر لتنعم بأمنها دون جيش يحميها من عدو يتربص بأمنها وحدودها ويهدف إلى زعزعة أركان الحضارة المصرية للفوز بخيراتها وكانت بوابات الإرهاب على مصر تأتى من الشمال الشرقي، وهى البوابة الرئيسية التى هددت أمن مصر وحضارتها عبر التاريخ، وكانت الغارات الإرهابية تأتى من خلال جماعات متنقلة من هجرات هندوأرية تقوم بالإغارة على الحدود المصرية وقطع طريق القوافل والبعثات التجارية ومحاولة الوصول لوادى النيل. بالطبع كانت الدولة المصرية تتصدى إلى مخاطر الإرهاب ومستعدة بطاقتها لحماية أمنها واستقرارها. وكان خط الدفاع الأول هو الجيش المصرى والذى كان مكلف بالخروج على فترات متقاربة للظهور فى شبه جزيرة سيناء والعبور لبلاد الشرق القديم، خاصة منطقة الساحل الفنيقى ودخول الأراضى الفلسطينية واللبنانية.
و كان مجرد ظهور الجيش الكصرى بفرقه وعتاده وسلاحه كفيل برد مجموعات الإرهاب المتنقلة والتى أستطاعت تدمير الممالك الحضارية بمنطقة الشرق الأدنى القديم. أما فى حالة ما تجرأت مجموعات الإرهاب على الإغارة على سيناء فكان الجيش المصرى يقوم بردعها، بل أن أيدى الإرهابيين اليمنى كانت تُقطع ليتم إحصاء عدد القتلى فى صفوف الإرهابيين والغريب أن العالم كله يتحدث عن قطع يد الإرهاب وهو لا يعرف أن الجيش المصرى هو أول من جاء وحقق هذا المصطلح على أرض الواقع.
المثير فى الموضوع أن الجيش المصرى كان له مجموعة من المبادئ التى لم يحيد عنها منذ فجر نشأته. يقول القائد العظيم، الجنرال الحربى "وني" المُكلف من الملك لردع الأعداء وتأمين التجارة وطريق البعثات: "وقد أعطيت أوامرى أن لا تقتلع شجرة ولا يتعرض جندى لطفل أو إمرأة أو شيخ عجوز، ونجح الجيش ودمر الأعداء وعاد سالما.
وإذا ذهبنا إلى منطقة مير فى صعيد مصر، نجد مقبرة لأحد قادة الجيش المصرى منذ أربعة آلاف وخمسمائة سنة، وعلى أحد جدرانها منظر مصور يؤرخ مظاهر فض أول إعتصام غير سلمى فى تاريخ الإنسانية وهو أمر مثير يجب توضيحه وشرحه لكى نعرف عن الجيش المصري، وعن أى بلد عظيم نتحدث.
المنظر يصور مجموعة من الإرهابيين يهددون الدولة المصرية ويعتدون على طرق التجارة وبعثات التعدين المتجهة إلى سيناء. وهؤلاء الإرهابيون اعتصموا داخل قلعتهم عندما علموا بخروج الجيش المصرى لردعهم عن الأعمال العدائية ضد الدولة المصرية. لم يعتصم الإرهابيون وحدهم داخل القلعة، بل استخدموا النساء والأطفال كدروع بشرية، لأنهم يعلمون أن الجيش المصرى لا يقتلع زرعا من أرض ولا يعتدى على شيخ أو طفل أو إمرأة، وهذا كله مسجل ومعروف منذ أيام القائد العظيم "وني" منذ عصر الأسرة السادسة، وسنحكى قصته لاحقا. المهم أن الإرهابيين رفضوا التسليم للجيش المصرى وفض اعتصامهم والامتناع عن أعمالهم العدائية. لم يكن الجيش المصرى يحمل قنابل غاز أو اى من الأدوات المستعملة فى فض الإعتصامات غير السلمية منذ خمسة آلاف سنة، بل كان كل ما يحمله هو السهام والسيوف. فى حين نصب الإرهابيون مجموعة من القناصة بسهامهم فى المواقع الاستراتيجية بأسوار القلعة، وذلك للقيام بقنص كل من يحاول الإقتراب من القلعة. فى هذا الموقف، كان أسهل شئ يمكن تصوره هو قيام الجيش المصرى بإحراق القلعة بمن فيها، فيجبر المعتصمين بها على الخروج والنجاة بأرواحهم، ولكن ما نراه مصورا هو تكتيك مثير يعبر عن عقيدة جيش هو الأول فى تاريخ البشرية. جنود مصريون يستهدفون قناصة الأعداء بالسهام متحصنين خلف دروعهم، وبينما القناصة يتساقطون يأتى جنود آخرون بأقدم معدة عسكرية هجومية وهى عبارة عن برج خشبى يسير على عجل يستعمله الجنود فى الصعود من خلاله واقتحام القلعة تحت غطاء من وابل من سهام الجنود المصريين البواسل، وباقتحام القلعة يتم السيطرة على الأعداء، وترى زعيمهم يقوم من شدة الغضب بكسر قوسه وسهامه بقدمه، وآخر ينزع شعر رأسه من الغيظ. ووسط المعركة، لا تجد إمرأة أو طفلا مصابا، بل نجد جنديا مصريا يحمل طفلا على كتفه لإنقاذه.
خرج جيش مصر لينفذ مهمته ويعود لثكناته، وكان على قائده "وني" الذى تحدثنا عنه من قبل أن يقدم تقريره للملك، قماذا قال؟ كتب "وني" يقول :" أدى الجيش مهمته ولم يحرق زرعا أو يقتل طفلا أو امرأة أو شيخا، ولأن كل شئ كان منظما لم يسلب جندى حذاء ليس له؟!" الجيش المصرى له جذور وأصول، ولمن لا يعرف فليقرأ التاريخ.
استخدم المصرى القديم الفن ايضا لمواجهة الإرهاب، فنرى على صخور جبل وادى مغارة بسيناء، الملوك المصريين مصورين بهيئات ضخمة وهم واقفين فى همة ونشاط ويقومون بضرب الأعداء على رؤوسهم بالمقامع الحجرية. وكانت هذه المناظر كفيلة ببث الذعر فى نفوس كل من تسول له نفسه الأعتداء على حدود مصر.