الطبيعة دائمًا ما تترك بصماتها بصمت محكم، ولكن له ضجيج قد يهز أرجاء العالم أجمع، يصل إلى ألاف الاميال والأزمنة، بضع من الحجارة قادرة أن تعطيك درسًا بسكون أفضل من ألف كلمة تعلمها لك الكتب أو المواقف أو الأشخاص، تنظر لك نظرة تترك بك ما لا يستطع أحد تعليمك إياه، بمجرد أن تقرر هى ذلك.
دخلتان إلى الكهوف على مر العصور كانت كفيلة بترك أعظم الدروس البشرية، وبالرغم من أن الحجارة وحدها من تشهد على ماذا حدث هناك، إلا أن الأكيد أنه عند دخول هذا المكان لا يمكنك الخروج منه مثلما كنت، ولا كونك معايش للتجربة أو مستمع لها.
أطفال الكهف
فى صباح السبت الموافق 23 يونيو 2018، قررت الطبيعة إعطاء مجموعة من الطلاب التى تتراوح أعمارهم من بين 11 إلى 16 عاما، ربما درس فى البقاء، أو ربما فى المثابرة والقتال، وذلك عن طريق احدى الرحلات لاكتشاف الكهوف، بالاتفاق مع مدرب فريق الكرة الخاص بهم، فى منطقة «تشيانج راى» التايلاندية.
بعد توغل الفريق إلى مسافات كبيرة داخل إحدى الكهوف، بدأت الأمطار الكثيفة و حوصر الفريق بالمياه من كل جانب، وتم حبسهم بداخله وفقدانهم حتى تم العثور عليهم عن طريق أحذيتهم، لكن حتى الآن، الدرس هنا من أعظم دروس الإنسانية، حيث سارع فى المشاركة لإنقاذ هؤلاء الأطفال غواصين من أنحاء أوروبا وأستراليا وأمريكا.
كما شارك فى محاولات إنقاذ الأطفال من داخل الكهف، أكثر من 1000 شخص من مختلف الجنسيات، بالإضافة إلى دعوة الفيفا إلى الأطفال فور خروجهم إلى حضور كأس العالم لمشاركتهم ما يحبون، وقام مدرب نادى ليفربول «يورجن كلوب» بتسجيل فيديو لطمأنتهم كون العالم ينتظر خروجهم ويتابع تفاصيل رحلتهم يوميًا.
أصحاب الكهف
منذ آلاف السنوات كان هناك دخلة شهيرة إلى كهف ايضًا، لكن لمدة 309 أعوام، قصة أصحاب الكهف بدأت مع مجموعة من الشباب المؤمن وسط قرية ظالمة، خافوا أن يخالفوا ما عاهدوا الله عليه، فاتجهوا إلى الكهف ملتجئين به من العالم الخارجى، لا يخرجون منه سوى لقضاء حوائجهم، وذلك خوفًا من الحكام الطاغيين المشركين فى عصرهم، أن يرغموهم على الشرك.
لتبدأ قصتهم التى مازال صداها حتى الآن، «أهل الكهف» والتى كثرت الأقاويل حول بعض تفاصيلها، ولكن كان الشىء المؤكد بها أنهم ذهبوا في غفوة لمئات السنين، واستفاقوا في زمن غير الزمن، وبعد أن أدركوا ما حدث، جاء المعاد فتوفاهم الله، الشىء المؤكد فى هذه القصة والدرس أن لكل أجل معاد، وإدراك الجميع معجزة إحياء الموتي في وقتها، حتى يؤمنوا.