ربما يعتقد البعض أن تجارب السينما المصرية فى مجال أفلام الرعب بدأ فى العصر الحديث خاصة وأن أفلام عادل إمام ويسرا هم الأكثر حظاً ونصيبا من الشهرة، لكن الحقيقة هى أن تجارب أفلام الرعب بدأت فى مصر فى وقت مبكر وربما التجارب القديمة أفضل حالا من تلك التجارب التى لحقتها بعد ذلك.
من أبرز هذه التجارب السينمائية هو فيلم "سفير جهنم" عام 1945، وهى التجربة التى تحمل مسئوليتها يوسف وهبى الذى قام بالتأليف والإخراج وتجسيد دور سفير جهنم باهر عرفان، التجربة ورغم أنها جاءت فى توقيت ربما لم تكن السينما المصرية فى أزهى عصورها من حيث تقنيات التصوير أو المؤثرات السمعية والبصرية لكنها تعتبر التجربة الأكثر نضجا فيما قدم من بعدها فهو العمل الذى يدور حول رمضان وهو رجل فقير معدم طاعن فى السن، وزوجته، حيث يختار الشيطان هذه الأسرة ليثبت مدى سيطرته على البشر، فيعرض عليهما الشباب والمال.
يستسلم رمضان وزوجته لغوايته فيعودان إلى سن وحيوية الشباب وينصرف الزوج إلى كل أشكال العربدة التى تطولها يداه كما تصادق الزوجة الشبان وتحيا حياة الرذيلة وينصرف الابن إلى عالم الشر إلى أن يتورط بغواية الشيطان له فى جريمة قتل، تعلم الابنة أن المال هو كل شىء فتتزوج من رجل ثري، لينتصر الشيطان فى استقطاب سكان جدد إلى جهنم، وهو من بطولة فؤاد شفيق وفردوس محمد وفاخر فاخر وامينة شريف وليلى فوزى.
الفنان إسماعيل ياسين ورغم أنه فنان كوميدى إلا انه قدم تجربة أخرى تحسب للفن المصرى بمفرداته وأدواته وقتها وهو العمل الذى قام بإخراجه مصطفى جمال الدين وتدور أحداثه حول ثلاث أشخاص، هم ضابط الشرطة ورجل العصابة والحانوتي، كل منهم له حكاية، أولاً ضابط الشرطة هو الذى اكتشف العصابة ولكن لم يلحق القبض عليهم لأنهم عرفوا باكتشافه لهم وتم قتله، أما العصابة فهى عصابة تقوم على سرق التحف والتماثيل من المتاحف، أما الحانوتى فهو يعمل على دفن التماثيل، وشارك سمعة عبد الفتاح القصرى وبرلنتى عبد الحميد.
التجارب الأحدث من تجربة يوسف بك وهبى وسمعة هى الأكثر حظا من الشهرة سواء فيلم التعويدة بطولة محمود ياسين ويسرا وعبلة كامل وتحية كاريوكا للمخرج محمد شبل وهو العمل الذى تناول قصة عائلة مكونة من رجل وزوجته وابنهما ووالدة الزوج وأختيه، وجميعهم مقيمين بمنزل العائلة القديم، يعرض أحد رجال الأعمال عليهم شراء البيت فيرفض الابناء، لتبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة فى الحدوث بالبيت، فالأثاث يحترق من تلقاء نفسه والحمام يقطر بالدماء، كذلك تجربة الإنس والجن للمخرج محمد راضى بطولة الزعيم عادل إمام ويسرا وهو العمل الذى يتناول قصة فاطمة التى تعود من الولايات المتحدة الأمريكية للعمل فى إحدى مراكز البحوث بعد حصولها على الدكتوراه من هناك، تقابل جلال الذى يخبرها بأنه خبير سياحي، ولكن تراه فى حجرتها، وبعد فترة يخبرها أنه من الجن، وأنه يحبها بشدة، ويحذرها من أن تتزوج من أسامة، تحاول أن تجد حلا للمشكلة التى وقعت فيها، وأن تجنب خطيبها أى أذى قد يقوم به (جلال).
توقفت الأعمال السينمائية الرعب فى مصر لتعود مرة أخرى مع مطلع الـ 2000 ولكن جاءت التجارب أكثر ضعفا ومنها تجارب مثل فيلم كامب فى 2008 وهو العمل الذى دارت أحداثه حول مجموعة من الأصدقاء من طبقة أجتماعية ثرية وبينهم صديق فقير يُدعى جمال مرتبط بقصة حب مع إحدى الفتيات ولكن أحد هؤلاء الأصدقاء يتعدى عليها فيقرر جمال الإنتقام منهم وهو من إخراج عبد العزيز حشاد وشارك فى بطولته أيمن الرفاعى ومحمد الخلعى وأميرة هانى وريم هلال وياسمين جمال ولطفى لبيب التجربة منحوتة من العديد من الأفلام العالمية التى تدور حول مجموعة من الشباب يقضون إجازة معا ويحتجزون فى مكان معين لا يستطيعون مغادرته.
فيلم "عزازيل" تدور أحداثه حول شيخ محمد ريحان وتلامذته حسان صاحب ورشة سيارات، وعمر الطالب فى الجامعة، وسالم الذى يعمل فى شركة أوراق مالية، والدكتور إبراهيم الذى يصاب بمرض ويشارف الشيخ على الموت، فيوصيهم بأن يعيشوا فى منزله 30 يوما بعد وفاته فيحاول الشيطان عزازيل ويجسده كمال أبو رية أن يوقع بهم فى المعصية وهى تجربة متواضعة مثلها مثل ما تلتها من تجارب مثل وردة عام 2014 من إخراج هادى الباجورى وهو العمل الذى دارت أحداثه فى العالم الغامض والمخيف للجن والشياطين واستخراج الأرواح، من خلال قصة حقيقية لفتاة تتعرض لمس شيطانى يحيل حياتها وحياة من حولها إلى جحيم ورغم أن الفيلم كان مبشرا بشىء جديد ومختلف فى مجال أفلام الرعب المصرية إلا أن المبالغة فى استخدام اكليشهات الرعب أفسدت العمل ولم يحقق الهدف منه.
آخر التجارب التى شهدتها السينما المصرية من أفلام الرعب هو فيلم نجمة داوود، وهو العمل الذى دارت أحداثه حول فتاة تدعى سارة تقرر السفر خارج البلاد بعد حادث أودى بحياة والديها وحينما تقرر العودة لمصر تجد الكثير من المفاجآت حينما يظهر لها رمز نجمة داوود وقد رسم بالدماء على الحوائط لتجد نفسها عالقة فى عالم الاحلام المفزع وهو من تأليف وإخراج أحمد صديق وبطولة مجموعة من الشباب من علا عادل واحمد عفيفى ومحمد عثمان.
بعد كل تلك التجارب التى فشل بعضها ونجح بعضها ولو بقدر قليل تأتى تجربة جديدة ربما هى الأكثر نضجا وهو فيلم 122 بطولة طارق لطفى وأحمد الفيشاوى وأحمد داوود وأمينة خليل، وهو العمل الذى نال التريللر الخاص به الكثير من الاهتمام ليس فقط من الجمهور ولكن من صناع السينما فى مصر أيضا، خاصة أن التريللر جاء مقنعا ومشوقا ويدل على بذل مجهود كبير ليخرج العمل ليضاهى السينما العالمية.
من المؤكد أن الحكم على الفيلم أمر سابق لأوانه إلا أنه وكما يقال "الجواب بيبان من عنوانه" الأمر مبشر بشكل كبير وتبقى تلك التجربة أملا لفتح باب جديد لخوض السينما المصرية مزيدا من التجارب فى مجال أفلام الرعب، بعد سنوات من التجارب المتواضعة جدا فى المجال.
"122" من بطولة طارق لطفى وأحمد الفيشاوى وأحمد داوود وأمينة خليل ومحمد لطفى وجيهان خليل وأسماء جلال ومحمود حجازى، وهو من تأليف صلاح الجهينى وإخراج ياسر الياسرى، وظهر أبطال الفيلم وهم مصابون بجروح متفرقة بالوجه والجسد، داخل أحد المستشفيات، حيث ينتمى العمل لنوعية أفلام الإثارة والتشويق والغموض.
تعتمد أحداث الفيلم على وجود 3 أبطال رئيسيين يدور حولهم الموضوع ومستمرون طوال الأحداث وهم طارق لطفى، أمينة خلى وأحمد داوود مع ظهر عدد آخر من الفنانين كضيوف شرف خلال الأحداث وهم أحمد الفيشاوى، محمد ممدوح، محمد لطفى، جيهان خليل، محمود حجازى، أسماء جلال وهؤلاء يظهرون تباعًا حسب مجرى الأحداث التى تعتمد على الغموض والتشويق.
فيلم "122" إخراج ياسر الياسرى وتأليف صلاح الجهينى وتدور خلال ليلة دموية فى أكثر مكان من المفترض أن نشعر فيه بالأمان، حيث يكافح شاب وحبيبته، ليس للوصول إلى المستشفى، ولكن للهروب والنجاة منها.