صراعات رجال الدين والأزهر مع الأعمال الفنية تظهر مع عمل يتناول عبارات ليست دقيقة لها علاقة بالدين أو استخدام آيات قرانية بشكل غير صحيح، ودائما ما يكون هناك جدل كبير حول هذه الأعمال.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعى فى الساعات الماضية، مقطع فيديو، لأحد المبتهلين مرتديا الزى الأزهرى وهو يتلو سورة الفاتحة على أنغام الموسيقى خلال احتفالية شعبية فى مصر، ويظهر من الفيديو المتداول المبتهل، وهو يتغنى بقراءة آيات من سورة الفاتحة، وبجواره العازفون على الآلات الموسيقية المتنوعة، ومن أمامه يتراقص مرتادو الحفل على الأنغام الموسيقية.
وبدأت بوادر أزمة وجدل؛ بسبب هذا الفيديو خاصة أنه فور انتشار هذا الفيديو، أعرب عدد من المدونين والمغردين عبر مواقع التواصل المحتلفة عن غضبهم مما حدث، متسائلين عن دور الأزهر الشريف فى منع هؤلاء المسيئين للدين الإسلامى والاستهانة بتعاليمه، ويعيد هذا الفيديو الذاكرة حول بعض الأعمال الفنية سواء الغنائية أو السينمائية والتى أثارت جدلاً؛ بسبب استخدامها آيات من القرآن الكريم أو عبارات لها علاقة بالدين، واعتبرها الجمهور إهانة بالأديان، ويرصد "عين" أشهر هذه الحالات.
وفى عام 1995، أثار الفنان اللبنانى مارسيل خليفة حالة من الغضب الشديد فى الشارع اللبنانى والإسلامى بشكل عام، بعدما قام بغناء أغنية "أنا يوسف يا أبى" ضمن ألبومه "ركوة عرب" وهى من كلمات الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش، وألحان مارسيل خليفة نفسه، واحتوت الأغنية إسقاطاً لمأساة يوسف الذى نبذه إخوته، كما وردت فى التوراة والقرآن على مأساة الشعب العربى الفلسطينى، وأثارت غضب رجال الدين المسلمين، ولا سيما مفتى الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قبانى.
وأقيمت ضد مارسيل العديد من القضايا تتهمه بتحقير الشعائر الدينية وتلحينه وغنائه لقصيدة تحتوى على جزء من آية قرآنية، ويقول أول مقطع من الأغنية "أيا يوسف يا أبى.. إخوتي لا يحبوننى لا يريدوننى بينهم.. يريدوننى أن أموت كى يمدحونى فماذا صنعت يا أبتى.. هم أوقعونى فى الجب، واتهموا الذئب، الذئب أرحم من إخوتى يا أبتى"، وفى عام 1999 صدر قرار من المحكمة بتبرئة مارسيل خليفة من التهم الموجهة إليه.
العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ هو الآخر أثير حوله جدل كبير فى أغنية "لست قلبى" التى غناها فى فيلم "معبودة الجماهير" عام 1967، هى من كلمات الشاعر كامل الشناوى وألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وقد أثارت الأغنية سخط رجال الأزهر؛ بسبب جملة "قدر أحمق الخطى سحقت هامتى خطاه"، والتى اتُّهم عبد الحليم بسببها بالاعتراض على المشيئة الإلهية! وبعد رحيل العندليب اتخذت دار الأوبرا المصرية إجراء اعتباطيا بتعديل هذه الجملة أثناء أداء بعض المطربين للأغنية لتصبح "قدر أحكم الخطى" عوضًا عن "أحمق الخطى".
وفى نفس العام قدم عبد الحليم أيضًا أغنية وطنية بعنوان "المسيح"، بعد نكسة يونيو، من كلمات الشاعر عبد الرحمن الأبنودى، وألحان بليغ حمدى، واعترض عليها الأزهر؛ بسبب كلماتها وتبنيها لرواية الكتاب المقدس حول حادثة صلب السيد المسيح، فى حين ترى الرواية القرآنية أن المسيح لم يُصلب، وبسبب معارضة الأزهر هذه تم منع عبد الحليم من أداء الأغنية فى مصر، فكان أن قدمها لأول مرة خلال حفلته فى قاعة ألبرت هول فى لندن، خلال الحفلة الشهيرة التى حضرها نحو 8 آلاف متفرج، وعاد ريعها لدعم المجهود الحربى والجيش المصرى، الذى كان يخوض آنذاك حرب الاستنزاف، بعد نجاح الأغنية و الانتشار الواسع الذي حققته أعادت الرقابة النظر في قرار المنع و سمحت بأداء الأغنية و توزيعها في مصر رغم معارضة الأزهر.
وفى السينما خلال عام 2012 أثار فيلم "عبده موتة" للنجم محمد رمضان جدلاً واسعًا قبل طرحه فى دور العرض، وذلك بسبب الأغنية الدعائية التى تحمل اسم "يا طاهرة يا أم الحسن والحسين" والتى غناها محمود الليثى على رقصات دينا، وبدأت موجة من الغضب تنتاب السلفيين والعديد من المنظمات الحقوقية، فضلا عن اتهامات لصناع الفيلم باهانة أهل البيت، وجاءت المطالبات بحذف الأغنية تمامًا من الفيلم.
تطور الأمر ووصل إلى مفتى الجمهورية، حيث تم رهن عرض الفيلم بمشاهدة الدكتور على جمعة النسخة الكاملة من الفيلم، وإبداء رأيه فى هذه الأغنية، ليوصى جمعة بحذفها من الفيلم السينمائى، إظهاراً لمزيد من التوقير لأهل البيت النبوى الكريم، وبيانًا لتمسك المصريين بقداسة أهل البيت الكرام، وعلى رأسهم سيدة نساء العالمين الزهراء فاطمة بنت محمد عليها السلام.
أيضاً واجه فيلم "بالوالدين احسانا" بطولة فريد شوقى وسهير رمزى، والذى أخرجه حسين الإمام عام 1976 لاقى اسمه عدم ترحيب من البعض؛ بسبب استخدامه آية قرانية كاسم للفيلم، وذلك رغم أنه فيلم يحمل قيمة مهمة ورسالة بدور الوالدين وأهمية البر بهما، إلا أن الأمر وصل وقتها إلى رفع محام دعوة قضائية ضد صناع الفيلم ولكن لم يحدث شىء.