- الاسم: فاطمة سيد المروانى، اسم الشهرة: فاطمة سرّى
- المهنة: مطربة، ومغنية مسرحية فى مسارح وصالات شارع عماد الدين
ما علاقة امرأة "أرتيست" تغنِّى فى صالات ومسارح عماد الدين بسيدة رصينة مثل هدى شعراوي، زعيمة الحركة النسائية فى القرن الماضى؟! بمعنى آخــر: إيه اللى جاب القلعة جنب البحر؟!
وُلدت "فاطمة سرّى" فى العام 1904، واحترفت فى شبابها الغناء والعزف على العُــود، وشقّت طريقها فى شارع عماد الدين، تغنّى وتنشد وتعزف فى الفِرَق التمثيلية هنالك؛ كالكسّار والريحانى والجزايلي، حتى ذاعت شهرتها فكانت أول مغنية تغنى "أوبرا" كاملة.
كانت الأسَر الأرستقراطية - آنذاك - تحرص على دعوة "فاطمة سرى" لإحياء الحفلات الساهرة التى تستضيفها قصورهم العامرة، وفى إحدى تلك الحفلات التى استضافها قصر على بك شعراوى، كان القدر بالمرصاد لفاطمة سرى؛ فقد وقع محمد بك نجل المرحوم على بك شعراوي، وابن السيدة هدى شعراوى، فى حُبّ فاطمة سرى، وفى الحقيقة لم يكن حُبًّا من أول نظرة، بل كان ميلا جنسيًّا لم يستطع الشاب الأرستقراطى، ابن زعيمة الحركة النسائية إخفاءه، فطفق يطارد فاطمة سرى فى صالات عماد الدين، فيما هى ترفض إقامة أى علاقة بينهما خارج الإطار الشرعى، حتى أذعن الشاب الأرستقراطى فى النهاية إلى الأمر الواقع فوافق على الارتباط بفاطمة سرى ارتباطا عُرفيًّا؛ لثقته فى رفض أمه وجود ارتباط كهذا.
وبعد فترة كانت الطفلة "ليلى"؛ ثمرة العلاقة العُرفية بين فاطمة سرى ومحمد بك شعراوى، فما كان منه سوى إنكار نسب تلك الطفلة إليه، خصوصا مع انكشاف الأمر كله لوالدته، زعيمة المرأة المصرية!!، التى شجّعت ابنها على إنكار نسب ابنته إليه، بل ساومت فاطمة سرى على التنازُل عن قضيتها فى مقابل حصولها على ما يقرب من 25 ألف جنيه، الأمر الذى رفضته فاطمة سرّى تماما، على الرغم من تهديد السيدة هدى شعراوى لها بتلفيق قضية دعارة تعصف بسمعتها!!
الغريب أن أكثر الجرايد والمجلات فى ذلك الوقت لم تتناول تلك القضية من قريب أو من بعيد؛ فالسيدة هدى شعراوى كانت من السطوة والنفوذ والقيمة ما يجعل كثيرين يغضّون الطرف عن مثالبها وفٌصامها؛ إذ كيف وهى تنادى بحقوق المرأة وتدافع عن المرأة، تشجّع ابنها على إنكار زواجه من فاطمة سرى ونسب ابنته إليه، بل تهدّد تلك المرأة - لمجرّد أنها أرتيست - بتلفيق قضايا دعارة وآداب لها؟!
وفى نهاية الأمر، لم تجد هدى شعراوى بُدًّا من إجبار ابنها المدلّل على الاعتراف بزواجه من فاطمة سرى وصحة نسب ابنته "ليلى" إليه؛ ولم يكن ذلك بسبب صحوة ضمير كما يدّعى البعض، بل بسبب شطارة فاطمة سرى فى الاحتفاظ لآخر لحظة بورقة إقرار ابنها المدلّل بخط يده بزواجه، وهو الإقرار الذى قدّمته فاطمة سرى إلى المحكمة، ليصدر - فى النهاية - عام 1930 حُكم محكمة الاستئناف العليا بشرعية زواج فاطمة سرى ومحمد بك شعراوى وصحة نسب الطفلة "ليلى" إلى أبيها، وهو الأمر الذى دفع هدى شعراوى إلى الرضوخ للأمر الواقع، فكان عقابها لفاطمة ألا تتمكن من رؤية ابنتها، وبالفعل لم تــرَ المسكينة ابنتها بعد ذلك حتى تُوفيت فى الثمانينيات!!
ولم تُقصّر فاطمة سرى طوال فترة صراعها مع بيت على بك شعراوى، بين العامين 1924 و1930، فى صناعة البهجة والونس فى برّ مصر، وإن لم يعرف كثيرون قصتها الممزوجة بالعذاب والجحود.