بطل مسرحيات الجامعة والبرنامج الأوروبى والتليفزيون.. و"كوميديان" فى "شنبو فى المصيدة"
قابل الممثلة الناشئة سعاد حسنى فى بيت "توتو" فى المعمورية
قدم مع يحيى العلمى "قصة مدينين".. وكاد يخنق نهاد صليحة فى "عطيل"
فى مذكراته التى جاءت بعنوان "يوما أو بعض يوم" الصادرة عن دار الكرمة، والتى أحدثت صدى واسعا، اهتم الكاتب الكبير محمد سلماوى بالتفاصيل، فهو يعرف جيدا أن الشعوب العربية، منذ ألف ليلة وليلة، تهوى قراءة النمنمات، ومن ذلك حكايات عمله "ممثلا" فى المسرح والسينما والتليفزيون.
القارئ لسيرة محمد سلماوى يرى أنه كان شعلة من النشاط، خاصة أن ظروفه الاجتماعية كانت تساعده كثيرا، حيث كان فى مرحلة دراسته الجامعية، منطلقا لا يحده شيء، كما ساعده على ذلك أيضا عدد من الأساتذة المهمين على رأسهم الدكتور رشاد رشدى.
يقول محمد سلماوى، الذى درس الأدب الإنجليزى فى جامعة القاهرة، بدءا من عام 1962 "كانت تجمعنى علاقات وثيقة بالدكتور عزيز سليمان وزوجته الألمانية "إيزولده" حيث كان يشرف على فريق التمثيل بالقسم وكان يختارنى للقيام ببطولة مسرحيات "شكسبير" التى كنا ندرسها".
وقد أخطرنى ذات يوم الدكتور عزيز أن البرنامج الأوروبى بالإذاعة يبحث عن ممثلين إذاعيين يجيدون الإنجليزية لتقديم الأعمال الأدبية العالمية فى سهرات درامية، فتقدمت مع زميلتى نيفين فتحى، التى صارت بعد ذلك دبلوماسية فى الخارجية المصرية، ونجحنا فى الامتحان.
كنا نقدم مسرحيات "شكسبير" وبعض الروايات الإنجليزية الواردة ضمن المناهج الدراسية. وفى أحد الأيام جاء المخرج التليفزيونى الراحل يحيى العلمى إلى البرنامج الأوروبى وطلبنى بالاسم قائلا إنه استمع إلى فى إحدى المسرحيات الإنجليزية وأراد أن يتعرف على شكلي، فقد كان بصدد إخراج حلقات تمثيلية للتليفزيون باللغة الإنجليزية يقدم من خلالها للطلبة الأعمال الأدبية المقررة عليهم. وقد شاركت معه بالفعل فى هذه التمثيليات، وكان من بين الأعمال التى قدمناها "قصة مدينتين" لـ تشارلز ديكنز و"أنطونيو وكليوباترا" لـ شكسبير، وقد استمر عملى بالإذاعة طوال دراستى بالجامعة، وحتى بعد أن عينت بها مدرسا للغة الإنجليزية وآدابها ولم أتوقف عن عملى بالإذاعة إلا بعد أن دخلت "الأهرام" واستحوذت الصحافة والسياسة على وقتى بالكامل.
أما بالنسبة إلى فريق الجامعة فقد كنا نقدم عروضنا على مسرح الحكيم بشارع عماد الدين، الذى كان الدكتور رشاد رشدى رئيسا له، وقمت ذات مرة بدور البطولة فى مسرحية عطيل، ما استلزم ان أصبغ وجهى كل ليلة بصبغة سوداء كنت اجد صعوبة فى مسحها بعد انتهاء العرض لعدم وجود المستحضرات الخاصة بمسح "المكياج" الموجودة بالمسرح، فكنت فى كثير من الأحيان اعود فى الليل إلى المنزل دون أن يلحظنى احد، وأستعين بمساحيق والدتى التى كانت تنزع تلك الصبغة بسهولة وترطب الجلد. وذات مرة صحت أختى الصغرى "هداية" من نومها وسط الليل لتجد أمامها عفريتا أسود يبتسم لها بأسنانه البيضاء، فأصيبت بصدمة وأخذت تصرخ إلى أن صحا كل من فى البيت.
وفى مرة أخرى يبدو أننى انفعلت فى المشهد الذى يخنق فيه "عطيل" "ديدمومة" فإذا بـ"ديدمونة" التى كانت تؤدى دورها الزميلة العزيزة التى أصبحت فيما بعد الناقدة المسرحية الكبيرة الدكتورة نهاد صليحة - تصيح بكلمات استغاثة خارجة عن النص الشكسبيرى.
وفى السنة النهائية بالجامعة جاء المخرج السينمائى حسام الدين مصطفى إلى كلية الآداب ليختار من أعضاء فريق التمثيل بقسم اللغة الإنجليزية من يصلحون للتمثيل فى فيلم كوميدى كان يستعد لإخراجه لفؤاد المهندس وشويكار كان اسمه "شنبو فى المصيدة" من تأليف االكاتب الصحفى الراحل أحمد رجب. وقد اختارنى أنا وطالبة أخرى كانت ممثلة مسرحية جيدة، فوافقت على الفور وذهبت إلى اختبار الكاميرا، فنجحت ورسبت زميلتى. وحين جاء وقت التنفيذ بعد ذلك بعدة شهور وتلقيت "أوردر" التصوير، طلبت نسخة من سيناريو الفيلم لأقرأه، لكن مساعد المخرج – وكان اسمه أحمد السبعاوى – أخبرنى أنه لم يعد هناك نسخ من السيناريو، فاستفسرت منه:
- كيف سأودى دورى إذن؟
فضحك وقال لى:
- حأ قولك الكلام وانت تقوله ورايا للكاميرا.
فقد كان الفيلم هزليا، وكان دورى أكثر هزلا، ولم تعجبنى التجربة فلم أكررها.
وفى إحدى المرات زارنا بالمعمورة أحمد يحيى، الذى أصبح مخرجا سينمائيا كبيرا بعد ذلك، فقد كانت تربطنا علاقة مصاهرة مع والدته، التى كنت متزوجة من المخرج حلمى حليم. كان "توتو"، كما كنا نسميه، ما زال فى السادسة عشرة من عمره، لكنه كان قد بدأ مشواره السينمائى بالفعل بالقيام بدور الطفل أمام عدد من أشهر النجوم مثل عبد الحليم حافظ وهند رستم وتحية كاريوكا وإسماعيل ياسين، فى تلك السنوات كنت قد اعتدت، كلما حلت الإجازة السنوية التى كنا نقضيها بالكامل فى الإسكندرية، أن آخذ معى مجموعة من الكتب التى سأقرأها خلال الصيف. فى تلك الزيارة صحب معه ممثلة ناشئة لم نكن نعرفها، لكنها كانت خفيفة الظل وخلبت قلوبنا جميعا، هى سعاد حسنى.