صرخة حسن أرابيسك وصيحة فضة المعداوى وفجيعة ماما نونو ومأساة أبلة حكمت فى مواجهة كلبش وأيوب ورحيم وطايع
كيف أثرت الحلقات الأخيرة في المسلسلات في تشكيل الوجدان المصري وكيف تحولت إلى كابوس يخشاه الجميع؟
أقسم لي صديقي المقيم بحي الخانكة أن عمال أحد المصانع اتفقوا فيما بينهم لو مات "حربي" اليوم فلن يأتي أحد في اليوم التالي، وبالفعل مات حربي، وبالفعل توفقت ماكينات المصنع في ذات اليوم، ولم يدخله "صريِّخ ابن يومين" وربما يكون هذا الأمر مقبولا إذا ما كان حربي هذا صديقهم أو زميلهم في المصنع، وربما يكون مقبولا أيضا لو كان حربي هذا جارهم في المصنع أو أحد موردي خاماته، لكن ما لا يمكن تصوره أن يكون حربي هذا هو بطل مسلسل خالتي صفيه والدير الذي أذيع لأول مرة منذ حوالي 22 عاما متسببا في حالة خاصة جدا من الشجن المزمن.
تستطيع من خلال هذا الموقف أن تكتشف مدى تأثير المسلسلات في حياة الناس في مصر، وقت أن كان التليفزيون المصري هو المنصة الوحيدة لمتابعة المسلسلات والنافذة الوحيدة لها، فكان الشعب كله على قلب رجل واحد يتابعون نفس المسلسلات وينفعلون بها نفس الانفعال، متدرجين في الصراع حتى يصلوا إلى "الحلقة الأخيرة" التتي كان الجميع في انتظارها، وكانت الدموع أيضا في انتظارها، لا تعرف هل يبكي الناس من مأساوية النهاية؟ أم يبكون لأنهم سيفارقون أبطال المسلسل الذي عانقوه على مدار شهر أو نصف شهر؟
الحلقة الأخيرة، 45 دقيقة منتظرة، الشوارع خالية، البيوت على أهبة الاستعداد، الجميع في الانتظار، أكواب الشاي مرصوصة مصفوفة، وربما السندوتشات جاهزة أيضا، كل شيء معد، كل شيء في مكانه، وكل صاحب حاجة قضاها قبل تتر البداية والغائب سيفقد شغف المتابعة، الغائب سيضطر إلى الاكتفاء بحكاية القصة دون مشاهدتها وسيصبح كمن كجائع يصف له الشابعون مذاق الطعام، والغائب سيحرم من إلقاء نظرة الوداع على أبطال عاش معهم وأحبهم وانفعل بهم، والعائب سيفقد تلك الـ"ياااااااااااه" التي سيقولها كلما حكى لأحد عن نهاية مصائر أبطال المسلسل الذي عاش معه أياما وليال.
في هذا الملف نحاول أن نتأمل كل شكلت الحلقة الأخيرة من مسلسلات تراث الدراما المصرية وجدان المصريين على مدار عشرات السنين؟ فقد مرت الحلقات الأخيرة لمسلسلات رمضان الماضي سريعة مفاجأة، وهو ما استدعى نهايات مسلسلات تراث الدراما المصرية وما تركته في نفوس المشاهدين من آثار باقية حتى الآن، ولسنا هنا في سبيل المقارنة بين الحالتين، فالوقت مازال مبكرا على الحكم على المصير، وأية مقارنة ستكون ظالمة بين الحالتين، لكن من حقنا أن نتساءل: هل سيكسب الزمن حلقات مسلسلات 2018 بريقا إضافيا أم ستتوارى مع الأيام؟ سؤال سوف يجيب عليه الزمن.
ضمير أبلة حكمت.. طريق الحق فى عالم بلا ضمي
فاتن حمامة "ست مصر" القوية.. والصح يكسب فى الآخر
"وسيظل السؤال؟ ما الذى تفتقده العملية التعليمة فى بلد نامى مثل مصر هل الاستثمار أم البشر؟ بصيغة أبسط، هل الأدوات والتجهيزات أم إعدادا أفضل للمدرس أم كلاهما معا؟".. هكذا اختتمت سيدة الشاشة الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، آخر جملة لها فى أولى أعمالها التليفزيونية وأنجحها وأشهرها وضمير أبلة حكمت.
يمكن القول بأن مسلسل "ضمير أبلة حكمت" والذى قدمت فيه الفنانة الراحلة فاتن حمامة مثالا، للمرأة المحملة بكل القيم والمبادئ الإنسانية الصحيحة، والمؤمنة بها رغم مساوئ وشرور العالم، وكأنها تجسد الضمير فى عالم بلا ضمير.
فى المسلسل وقفت فاتن حمامة أمام كوكبة من ألمع النجوم كالنجم الكبير أحمد مظهر، والفنان الكبير جميل راتب، والفنان القدير صلاح قابيل، بجانب أنها ضمت إلى عملها مجموعة كبيرة من النجوم الشباب، كان المسلسل بمثابة نقطة انطلاق لنجوميتهم ومشوارهم الفنى كمحمود الجندى وسوسن بدر وعبلة كامل.
ولعل ما ميز المسلسل بجانب أداء النجوم المتقن والجاد، كان النص المتماسك والحوار المتناسق الذى أبدعه الراحل أسامة أنور عكاشة وجعلك تشاهد الحوار بين أبطال العمل، وكأنك أمام نص روائى يغلب عليه الطابع الشعرى، والرؤية الفنية المتميز من المخرجة أنعام محمد على، والتى قامت بتصوير المسلسل بطريقة الأفلام السينمائية استجابة للبطلة فاتن حمامة، وفى الحلقة الأخيرة، عندما عاد جميل راتب (صلاح أبو رحاب)، بعدما غاب بحجة إجرائه عملية جراحية خطيرة، وقيامه بالتنازل عن كافة ممتلكاته لصالح فاتن حمامة (أبلة حكمت)، جاء المشهد وكأنه يجسد انتصار المبادئ وبقاء الضمير فوق أى شر، وبنبرة مميزة يعترف (صلاح أبو رحاب) بحقيقة غيابه ومحاولته استغلال اسم (حكمت) ناصع البياض كـ"كبش فداء" من أجل هروبه من قضايا تهرب ضريبى فى عدد من البلاد، قبل أن يعود نادما وقرر بـ"صحوة ضمير" أن يمنع جريمته بحق (حكمت) ويتحمل نتائج طريقه الذى اختاره من سنوات طويلة.
وبالطبع فإن (حكمت) رفضت الإغراءات واختارت الإجابة بـ لا للإغراء، وذلك كى تحافظ على مبادئها وضميرها الذى لا يحيد عن الحق عنه، وقد دفعت ثمن ذلك بعدم ترقيتها إلى درجة وكيلة وزارة، إلا أن الحق أراد تكريمها على مواقفها بتولى مدير المكتب الإقليمى لليونسكو، وتحويل اسم مدرستها (العلم الرفيع) كى تحمل اسمها.
رحلة أبو العلا البشرى.. دون كيشوت المصرى يحارب طواحين الهواء
ملحمة مصرية لإنقاذ القيم المهددة.. وتمنعوش الصادقين من صدقهم
"ماتمنعوش الصادقين من صدقهم.. ولا تحرموش العاشقين من عشقهم.. وإذا كنا مش قادرين نكون زيهم.. نتأمل الأحوال، وندرس الأفعال.. يمكن إذا صدقنا نمشى فى صفهم".. فى الحلقة الأخيرة من مسلسل "رحلة أبو العلا البشرى" الذى ملأ الدنيا وشغل الناس فى عام 1986، يقول أبو العلا بعدما خاض الكثير من الإخفاقات واصفا نفسه "ساعتى قديمة وخربانة وعايزة الكسر" فيرد عليه مجدى البشرى "لا يا عمى دى ساعات أصيلة، ماركات قديمة يديوية معادوش بيصلحوها".
يمكن القول على "رحلة أبو العلا البشرى" خاصة جزأه الأول، إنه مسلسل يصلح لكل الأزمنة، لأنه مثل الروايات العظيمة الخالدة، فالشخصية الأساسية التى قدمها الكبير محمود مرسى تحكى عن أبو العلا البشرى رجل يحمل الكثير من قيم المدينة الفاضلة، خرج على المعاش بعد حياة قضاها فى عمله ولم يغادر فيها مدينته "سخا" لكن قرر أن يقضى بقية حياته فى خدمة أقاربه فى القاهرة، فرحل ومعه ابنة أحد أصدقائه، وهناك وجد كل المفاهيم قد تغيرت وتبدلت وصار الانفتاح أسلوب حياة واكتشف أن الإنسان قد قهرته الحياة بمتطلباته الغريبة.
وفى المسلسل يلتقى مجموعة من الكبار الذين ارتقوا بالعمل الدرامى فى ثمانينيات وتسعيينات القرن الماضى، وهم أسامة أنور عكاشة، ومحمد فاضل، ومحمود مرسى، وعبد الرحمن الأبنودى، وعمار الشريعى وكريمة مختار" وقدموا واحدا من الأعمال الخالدة، وفيه أعلن الجمهور تعاطفه المطلق مع "أبو العلا" الذى يتصدى لفساد الإنسان وضياعه.
بالطبع هناك خيط قوى يربط بين شخصية أبو العلا البشرى والشخصية الروائية الشهيرة دون كيشوت، والتى أبدعها الأديب الأسبانى ثيرفانتس، وتحكى عن رجل قرأ كتب الفروسية واكتشف أن العالم الآن يحتاج إلى فارس لينقذه مما هو فيه، لكن الواقع يصدمه لدرجة أنه يحارب طواحين الهواء.
ويتميز مسلسل "رحلة أبو العلا البشرى" بحوار رشيق محمل بالكثير من الدلالات، كأنه نص روائى، كل كلمة لها معناها، ومن المشاهد التى لا ينساها المصريون، فى الحلقة الأخيرة، عندما سافرت "نجوى" والتى قامت بدورها "الفنانة الجميلة نسرين" طليقة مجدى البشرى/ محمد العربى، الوريث الفعلى لأخلاق أبو العلا البشرى، إلى باريس، ويسافر مجدى خلفها، وهناك تعلن له أن حياتهما انتهت، ورد فعل منه يذهب مجدى للعمل فى "كباريه" ويسعى للزواج بإحدى راقصاته، حينها ينفجر كل شىء فى القاهرة، وفى تصوير رائع رأينا أبو العلا البشرى يعد حقيبته، رغم عودته إلى "سخا" معلنا الذهاب إلى باريس، متراجعا عن موقفه القديم بأنه لن يتدخل مرة أخرى فى حياة الآخرين، كما أن جميع العائلة بدأوا فى "الجرى تقريبا" خارجين من بيوتهم فى إيحاء بالذهاب لإنقاذ "مجدى البشرى من الضياع"، و"لو مش هتحلم معايا.. مضطر أحلم بنفسى.. لكنى فى الحلم نفسه.. عمرى ما هحلم لنفسى".
مسلسل "البخيل.. وأنا".. مال الكنزى للنزهى
فريد شوقى فى أروع أدواره يموت على فراش المال.. والمصريون يفرحون فى "عوض" ويتعاطفون مع أبنائه فى تسعينيات القرن الماضى، عندما كنا نشاهد مسلسل "البخيل وأنا"، كنا نحفظ إيفهات "لطفى" الذى كان يجسده الفنان وائل نور، و"عطا" الذى يعتبر نقطة انطلاق لفنان الكوميديا محمد هنيدى، بينما نظل نتأمل فى أداء الفنان الكبير فريد شوقى الذى قدم واحدا من أشهر أدواره مقدما صورة خاصة لـ "البخيل" متميزة فى الدراما المصرية وربما فى الدراما العالمية.
ويشهد المسلسل أحداثا درامية وكوميدية حول شخصية عوض "فريد شوقى" والذى كان يعمل "كومسيونجى" أو تاجر شنطة، ويعرض منتجاته على الموظفين بالمصالح الحكومية، والذى يكنز المال فى غرفة خاصة بشقته دون علم أسرته، والتى كان يحرمهم من أبسط حقوقهم كى يعشوا حياة كريمة، لكن عوض فى كل ذلك لم يحسب حساب الموت.
قصة البخيل وأنا تحمل الكثير من المعانى والرسائل، المقدمة بفنية عالية، وذلك ما تراه عند متابعتك لأحداث المسلسل الذى لا تمل منه مهما تم عرضه، حيث إنك تشعر فى كل مرة كأنك تراه للمرة الأولى، وتنجذب بكل حواسك لمتابعته وتتشوق لمعرفة ما الذى سيحدث فى الحلقة الأخيرة.
ويستمر عوض فى بخله، ولا يستمع إلى نصائح شقيقه التوأم "عبد الرحمن" وهى الشخصية التى يجسدها أيضا الفنان الراحل فريد شوقى، وطبعا شقيقه على النقيض تمامًا لشخصية عوض، لذا لم يكن أمام أبنائه إلا مواجهة الحياة القاسية كى يهربوا من حرمان أبيهم وبخله، فتتزوج "فردوس" حنان شوقى" من رجل فى سن أبيها لمجرد أنه غنى وتفشل فى حياتها الزوجية وتنتهى بالطلاق، ويلجأ ابنه الأصغر "لطفى" لخدمة أصدقائه مقابل قروش قليلة، بينما يكرس الابن الأكبر "جلال" كل طاقته كى يصبح وكيل نيابة، وبالفعل نجح فى تحقيق حلمه، لكن نتيجة قسوة أبيه يقوم ببيع البيت الذى كانوا ييسكنونه مقابل المال.
وهكذا تتوالى الأحداث والصراعات حول بيع البيت دون علم الأب الذى يعلم الحقيقة فى الحلقة الأخيرة، ويطلب الدخول إلى غرفته المعبأة بالمال، ليموت على فراش المال، وتنتهى مأساة أولاده الذين تركوا عزاء والدهم ليكونوا فى رحاب التركة، وتتلخص أحداث المسلسل فى رسالة مهمة هى "مال الكنزى للنزهى".
في الحلقة الأخيرة من "أرابيسك" تحولت قضية حسن إلى قضية قومية وغاب السؤال عن مصير قضية هدم فيلا برهان وحضرت قضية الهوية المصرية
ربما لا يتذكره الكثيرون، وربما يكون لا يعرف الأجيال الجديدة هذه الحالة الراقية من الشجن التي كانت تصاحب نقرات القانون المعلنة عن بداية المسلسل، لكن ما لا شك فيه هو أن مسلسل حسن أرابيسك يعد من عيون الدراما المصرية التي أسهمت بشكل كبير في تربية الوجدان المصري والعربي وزرعت في القلوب انتماء إلى هذه البلد وهذا التراب وهذه السماء.
بالنسبة لى صارت شخصية حسن أرابيسك التي صاغها أسامه أنور عكاشة من أهم علامات الشخصية المصرية، فقد تجسدت شخصية ابن البلد فيه، هو ابن البلد، بالألف واللام، شهامته، جدعنته، شجاعته، تصعلكه، أحلامه، خفة دمه، تهوره أحيانا، ميله للصدق حتى ولو على حساب راحته أو حريته، استهزاؤه بالصعاب والمصائب، سخريته من التدنى والتكالب، حتى مشيته العابثة المترنحة، صورته وهو يمشى آخر الليل صارت بالنسبة لى معادلة أيقونية له، يخطو فى الشوارع وكأنه ملكها، يضرب أحجار التعثر فى الأرض وكأنه يؤدبها يربت على البيوت القديمة الدافئة بنظرة من عينه الحانية، يشق الهواء بصدره المفتوح كفارس لا يتهيب من غبار المعارك، يبتسم حتى تكاد تسمع صوت ابتسامته، ثم يتجهم فتكاد تسمع أصوات قبيلة من نحيب، أصله الشارع أو قل هو أصل الشارع.
منذ بداية المسلسل والجميع كان منتظرا، ما الذي ستؤول إليه أحوال هذا الرجل الأسطوري؟ وعلى أي شط سيرسوا هذا القارب المترنح بين أخلاق ابن البلد ومجتمع آثر التشويه؟ ففجر "أربيسك" في الحلفة الأخيره سؤاله المهم؟ إحنا مين؟ وقد ظهر هذا حينما اتفق معه الدكتور برهان على أن يتولى بناء فيلا "تحفة" تجمع تاريخ مصر الطويل، فسخر "أرابيسك" من هذا الاتفاق بينه وبين نفسه، وترك الفيلا التى يعرف أن أساسها متهاو لتسقط فى الزلزال، ولما حبسته السلطة بتهمة هدم بناء دون ترخيص، دافع عن نفسه بخطبة عصماء ألقاها فى السجن أمام المساجين، وكأنه يخاطب مصر كلها التى أصبحت بفعل فاعل داخل الزنزانة، لتتحول القصة كلها إلى رمز لحال مصر، بعد أن أتعبها المخربون وضاق أبناؤها الأوفياء بالزيف والمغالطة، ويضع من حب مصر شرطا أساسيا لاقتراح صيغة النهضة التى تنقذ مصر مما أتعبها وخربها وأذلها.
في الحلقة الأخيرة من "أرابيسك" تحولت قضية حسن إلى قضية قومية وغاب السؤال عن مصير قضية هدم فيلا وحضرت قضية الهوية المصرية، يقول حسن أرابيسك أمام المساجين الذين يعتبرهم قاضيه الحقيقى "سواء كان أنا.. أو الزلزال.. أو التوابع.. فاللى حصل ده كان لازم يحصل، لأنه الترقيع مينفعش، السَلَطة متنفعش، البزرميط مينفعش، وبعدين الفن مهوواش طبيخ، الدكتور برهان جه وقال عايزين نعمل تحفة، ترمز لتاريخ مصر كله، بس تاريخ مصر كبير أوى وطويل، فرعونى على قبطى على رومانى على يونانى على عربى، ومن ناحية تانية بتبص ع البحر لكن الذوق غير الذوق، الطعم غير الطعم واللون غير اللون، ومفيش حاجة جت وعجنت ده كله فى بعضه وطلعت فن مصرى نقدر نقول عليه الفن المصراوى اللى بجد، يبقى نعمل اللى أحنا عارفينه، وأنا لعبيتى إيه "الأرابيسك" يبقى نتكل على الله ويلا، واحد تانى يقول مصرى مصر دى طول عمرها ع البحر وزى ما الأوربيون عملوا إحنا نعمل، الجريك والفرنساويين واليونان أخدو مننا وهضموا واتطوروا، نعمل زيهم ونطلع لقدام، ماشى مبقولش لأ مادام فاهم وبيحب مصر، والحمد لله إن الفيلا وقعت عشان نرجع ونبتدى مع مصر من أول وجديد على ميه بيضا، لكن المهم نعرف إحنا مين وأصلنا إيه وساعه ماننعرف أحنا مين هنعرف أحنا عايزين إيه، وساعتها نتكل على الله".
ولا يا حمو التمساحة يلااااا. .
بعد 22 سنة من عرض المسلسل. . الراية البيضاء تنبأت بتراجع دور المثقف أمام سطوة الجنية
بلدوزر فضة المعداوى يسحق فيلا أبو الغار.. وكله بالقانون
"ولا يا حمو التمساحة يلاااا".. كلمات رددتها القديرة الراحلة "سناء جميل" فى دور الحاجة "فضة المعداوى" على مدار 16 حلقة من المسلسل الأكثر مشاهدة وقتها "الراية البيضاء" الذى تم إنتاجه عام 1987 وكان أول بث له فى عام 1988، لينقل للشاشة قصة حقيقة كانت تدور حول الخلاف على فيلا أثرية بين تاجرة وأحد المسئولين السابقين، وتتنبأ أحداثه بالمستقبل الذى يواجه ذلك المسئول فى عصر الانفتاح وسيطرة المال على القيم والمبادىء وحتى التراث، مما يجعل هذا البطل الواقعى إلى رفع رايته البيضاء أمام سيطرة السلطة المتمثلة وقتها فى رأس المال.
فأحداث المسلسل حقيقية وتمت للواقع بصلة، كما يقولون، واستطاع كاتبها العظيم "أسامة أنور عكاشة" أن يتوقع من خلالها سيناريو هدم فيلا "عثمان باشا محرم" الموجودة على كورنيش الثغر أمام ملهى "كوت دازور"، بعد 22 عاما من عرض المسلسل، حيث جاء الهدم تنفيذاً للقرار رقم 47 لسنة 2010، نتيجة لثغرة فى القانون وإصدار قرار الإزالة قبل قرار تصنيف الفيلا كونها أثرية.
فاستطاع صناع العمل أن ينقلوا الواقع بصراعه كما هو وتمكن المخرج "محمد فاضل" فى أن يبث الروح فى شخصياته ليحولها من مجرد تيمات مكتوبة على ورق إلى شخصيات حقيقية لحم ودم، ليمتزج خيال القصة بالواقع وتنقل شخصية مثل "فضة المعداوى" جبروت تاجرة خردة حقيقية فى الإسكندرية مع بعض التعديلات البسيطة فى أبعادها الشكلية والاجتماعية، حيث قدمتها الدراما كتاجرة سمك متحكمة فى سوق السمك بالأسكندرية وطامعة فى الحصول على فيلا أثرية ربما للصعود بأبراج سحابية تزيد من اموالها أموالاً لتزيد من طغيانها وظلمها وتجبرها.
ويقال إن الفنانة "سناء جميل" اندمجت فى هذه الشخصية إلى الحد الذى جعلها تعيشها فى واقعها خلف الكاميرات، ففى أثناء التصوير كانت شخصية حادة جدا قاسية فى التعامل مع زملائها على غير عادتها الودودة مع الأخرين، وظلت على هذا الشكل حتى بعد الانتهاء من التصوير، حتى تعافت مع الوقت من عدوى فضة المعدوى، الشخصية التى تركت بصمتها على الدراما التلفزيونية، وعلى الرغم من مرور 30 عام على عرض المسلسل، مازالت جملتها " ولا يا حمو التمساحة يلا" التى رددتها طوال الحلقات وخاصة فى الحلقة الاخيرة و"الإكو" أو التأثير الصوتى الذى ادخل عليها فى أخر مشاهد الحلقة يتردد فى أذننا ونتذكره جيدا.
والممثلين جميعا كانوا أداة ناجحة جداً من أدوات المخرج ولا نستطيع أن نغفل أهمية كل من القدير " جميل راتب" الذى عرف بأدوار الشر، وكانت المرة الأولى له التى يتخلى فيها عن شخصية الفيلن، ويجسد دور السفير مفيد أبو الغار صدق فنى، أيضاً سمية الألفى بدور الصحفيه أمل صبور، هشام سليم بدور الفنان هشام أنيس، هادى الجيار بدور أستاذ الفلسفة العربى حنفي، فجميعهم قدموا ملحمة درامية سابقت الوقع وتنبأت بالمستقبل وجسدت تحكم رأس المال فى فترة زمنية تراجع بها دور المثقف أمام " الجنية".
فاطمة تعلبة.. الوتد الذى انتصر على الحياة وهزمه النفس الأخير للابن
قصة خيرى شلبى قدمت العائلة كأنها دولة.. والموت وحده يدمر كل شيء
لن ننسى ما حيينا تلك الصرخة التى أطلقتها المبدعة فادية عبد الغنى فى الحلقة الأخيرة من مسلسل الوتد، عندما مات زوجها كبير العائلة "الحاج درويش"، صرخة صمت الجميع أمامها، واقشعرت الأبدان وانحسبت الأنفاس وسالت الدموع، حزن عام فى الشوارع على موت الحاج درويش الذى جسده ببراعة شديدة الفنان الكبير يوسف شعبان لدرجة جعلتنا نصدق أنه فى الحقيقة الحاج درويش وليس فنانا كبيرا يمكنه تجسيد هذه الشخصية أو غيرها، وحتى يومنا هذا هو بالنسبة إلينا "أبا الحاج درويش" الأخ الأكبر والأب لعائلة كبيرة استطاع أن يحتوى كل فرد منها وأن يكون لهم السند والحماية على اختلاف توجهاتهم وميولهم وشخصياتهم، وكأن هذه العائلة هى الحياة التى تضم أنواع البشر وأصنافهم وكأن درويش هو الراعى الذى يعلم كيف ينجو بهذه العائلة وأفرادها ويصل بهم للأمان.
لم يكن الموت مفاجئا لنا فى الحلقة الأخيرة من مسلسل الوتد، فالمصريون جميعا كانوا يتوقعون زيارة "ملك الموت" لبيت الحاجة فاطمة، السيدة التى جسدت دورها القديرة هدى سلطان بمنتهى القوة، فقدمت نموذجا للأم وكبيرة العائلة التى تدير شئون بيتها ولا تتوقف إدرتها عند حدود البيت، بل كانت تدير حتى النفس الذى يتنفسه أبناءها، فهى تباشر تجارتهم وأراضيهم وبيوتهم وزوجاتهم وعلاقاتهم الأسرية وعلاقتهم كأخوة ببعضهم، قسمت بينهم الأدوار فشكلوا دولة فى بيت صغير، هذا يباشر الزراعة، وهذا يهتم بشئون التجارة وغيرهما يشغله العلاقات الخارجية وآخر مسئول عن غذاء العائلة، فكونت بهم فريقا يعتمد كل منهم على الآخر ويكمل كل منهم الآخر فصاروا وتدا أمام العالم لا يمكن هزيمته، حتى انهزمت هذه السيدة متناهية القوة هزيمتها الأولى أمام عصيان أحد أبنائها لها ومحاولته الفرار من مسئوليته تجاه البيت، فلم تقاوم ومرضت، وظلت طريحة الفراش تتمنى جموع المصريين لها السلامة وكان المتوقع فى الحلقة الأخيرة موتها وأن يمسك زمام الأمور مكانها أبا الحاج درويش الذى لم يكن مجرد الابن الأكبر لفاطمة تعلبة، بل كان لها أبا وابنا وأخا وصديقا، فقد ربته ليكون كبيرا على مملكتها، فارتبطا ببعضهما ارتباطا لم ندرك حجمه حتى سمعنا صراخ فادية عبد الغنى معلنة موته، وقت أن دخلت عليه غرفته تبشره أن الحاجة فاطمة أفاقت من غيوبيتها، فوجدته ميتا حزنا على الأم، التى لم يتخيل يوما واحدا أنها بشر عادى يهزمه المرض، فمات حزنا عليها وكانت صدمتنا صدمتين، لأن موت الحاج درويش لم يكن هو المنتظر، وعلى الرغم من نهاية المسلسل على هذا المشهد إلا أن موت الأم فاطمة تعلبة عقب موت درويش هو الأمر الحتمى، فقد هزمها من قبل عصيان ابن صغير فحتما سيقضى عليها موت الابن الأكبر والسند والحبيب.
خالتى صفية والدير.. حربى ملحمة مأساوية ماتت فمات كل جميل
3 أيقونات للحزن.. والشارع المصرى يهتف: رحت فين يا حربى
أربعة وثلاثون دقيقة من البكاء المتواصل، والذى لا ينفصل بفاصل إعلانى ولا ينتهى إلا بانتهاء الحلقة الأخيرة من مسلسل خالتى صفية والدير، الذى مات بطله الفنان الراحل ممدوح عبد العليم فى الدقائق الأولى من بداية الحلقة، ثم تركنا الكاتب الكبير بهاء طاهر مع الأحزان ما تبقى من دقائق، فظل البكاء مرافقا لنا فى كل مشهد وكل كلمة وكل تعبير عن الحزن فى قلوب وعيون أبطال المسلسل الذى قدم لنا ملحمة مأساوية لحياة فارس شاب يدعى حربى.
وحربى هو "كريزة البلدة"، الرجل الشهم المحبوب من الجميع صديق الكل والقلب الطيب الحنون والجدع متحمل المسئولية الشريف، والذى لم يرتكب أى خطأ سوى أنه أحب امرأة وأحبته أخرى، هى الفنانة القديرة بوسى، والتى تزوجها خال حربى "القنصل" فقررت الانتقام منه، وادعت عليه كذبا فربطه الخال "الذى جسد دوره الفنان عمر الحريرى"، فى شجره وأخذ يجلده حتى ذاب جلده وحربى يتوسل إليه "أنا حربى يا خال، متعملش فيا كده يا خال"، فلم يستمع الخال الذى أعماه الحب والكبرياء، لذا لم يجد حربى مفرا من الجلد سوى قتل الخال برصاصة وانتهى به الأمر فى السجن.
وفى حلقته الأخيرة برزت ثلاثة أيقونات للحزن، تنهمر دموعك تلقائيا كلما رأيتهم، أولهم الفنان سيد عبد الكريم، الذى جسد دور المقدس بيشوى، وهو الرجل الذى أحب حربى مثل ولده بصدق وكان يخدمه وقت مرضه بعد خروجه من السجن، فحزن عليه حزنا شديدا لدرجة أنه فقد عقله وانطلق فى الشوارع يصرخ باسمه ويبحث عنه فى كل وجه يراه، لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، فقط ينادى من قلبه بصدق "رحت فين ياحربى.. رحت فين ياولدى".
أما الثانى فكان الفنان القدير حمدى غيث، الذى قام بدور الشيخ إبراهيم، والد صفية والحقيقة أنه كان والدا لحربى أيضا، فهو صوت العقل والضمير الذى حاول طوال المسلسل حماية حربى من الحقد الذى يغلى كالنار فى قلب ابنته.
والأيقونة الثالثة بالطبع كانت صفية وجسدت دورها الفنانة بوسى، والتى ظهرت فى بداية الحلقة الأخيرة مقهورة من قيام حربى بقتل أحد مطاريد الجبل، والذى حاول قتله بأمر منها، فبدت كالمجنونة، لا تصدق كيف ينجو حربى من كل هذه المحاولات التى تقوم بها لقتله ثم فى نهاية الحلقة وهى مريضة طريحة الفراش، بعد أن قضى عليها خبر موت حربى، فانهزمت من جديد أمام حبه ونسيت تلك السنوات التى تزوجت فيها وكل الأحداث والصراعات حتى نسيت ابنها، ولم تتذكر سوى حربى وظلت تتحدث عن زيارته لطلب يدها من والدها، فمحى الحزن كل هذه الذكريات وترك حربى حيا بداخلها ثم ماتت وانتهت الملحمة.
يتربى فى عزو ..ماما نونا "رمز الأمومة" التى أبكت مصر
رغم الحس الكوميدى.. حمادة عزو يفقد نفسه ويستعيدها بوفاة والدته
عندما سأل الشاعر الكبير محمود درويش، الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودى، عن الطقوس التى دعته لكتابة قصيدته الشهيرة "يامنة" قال إنه تذكر إحدى الأكلات التى كانت تعدها عمته يامنة عندما كان صغيرا، فقام بتحضيرها وهو يكتب كلمات تلك القصيدة، هذا هو نفس ما فعله الفنان القدير يحيى الفخرانى، لتذكره محبوبته الأولى أمه (ماما نونا) كريمة مختار، بعد رحيلها أثناء أحداث مسلسل "يتربى فى عزو".
يمكننا القول إن مسلسل "يتربى فى عزو" للفنان الكبير يحيى الفخرانى والفنانة الكبيرة الراحلة كريمة مختار، هو التجسيد الحقيقى للأمومة وحنانها وحقيقة أن غياب الأم لا يعوضه أحد، وفقدنها هو فقدان لأهم ما يملك الإنسان فى الدنيا.
فى الحلقة الأخيرة فى مسلسل الذى بثه التليفزيون المصرى خلال موسم مسلسلات رمضان عام 2007، والذى ارتبط به الكبار قبل الصغار، وبـ تتره الذى قدمه المطرب الشهير هشام عباس، بدى "حمادة عزو" وكأنه غير مستوعب لرحيل أمه ومصدر قوته وسعادته وأكثر إنسان أحبه فى هذا العالم، ذلك المشهد الذى أسال دموع من شاهدوه، لصدق ما قدمه الفخرانى فى رثاء مفقودته، لذا كان لابد من بقائها بأى صورة كانت وتخليدها، فكانت فكرة تصميم عروسة صغيرة للأطفال على شكلها تحمل تسجيلا صوتيا لها، لتبقى أمامه وليملأ رغبة الإنسان لديه فى بقاء كل شىء جميل لا يتقبل فكرة رحيله.
تلك العروسة التى أصبحت فيما بعد أيقونة لعب الأطفال، بعدما اتفق معه إحدى رجال الأعمال (فاروق فلوكس) من أجل تحويل الفكرة إلى حقيقة، وتكون أكبر ذكرى تخلد تلك الأم العيظمة.
"نونا" والتى جسدتها باقتدار وعبقرية الأم المصرية الفنانة الكبيرة الراحلة كريمة مختار، كانت لها مفعول السحر فى حياتها وفى رحيلها، فكلما كانت تتمنى أن يجمع "حمادة" أبناءه من حوله وتجمع العائلة من جديد، كانت أحداث وفاتها بمثابة ميلادا جديدا لتلك الأسرة التى تفككت بسبب عناد وأفعال طفلها المدلل "حمادة".
يعود حمادة إلى استكمال عمله وتنفيذ ما كانت توصيه به أمه، فيعيد الحياة إلى مصنعه كما يعيد عماله القدامى، ويعطى لـ"بلوتو" فاروق نجيب، 10% من نسب المصنع كما أوصته نونا قبل رحيلها، كما يعود بابنه إبراهيم (أحمد عزمى) ويساعده ليقبل فى "الخارجية"، ويتنازل عنه شكوته ضد ابنه الأكبر حسام (ياسر جلال) مع ابنته المقربة "داليا" التى تنجب له حمادة الصغير تلك الطفل الذى يختم به معه أحداث المسلسل وكأنه يدلل على ميلاد حمادة جديد وسط حب جده حماده الكبير ليعطى له جزء من أعطته "نونا"، ولينهى كما تقول كلمات الشاعر أيمن بهجت قمر "يتربى فى عزو حمادة عزو".
الحلقة الـ 18 اتردت فيها المظالم
وردة فى حضن أخيها "البدرى بدار" بعد سنوات الهروب من ذئاب الجبل
"ولابد عن يوم محتوم تترد فيه المظالم أبيض على كل مظلوم وأسود على كل ظالم".. لم تكن هذه الكلمات مجرد أبيات منظومة ومرتبة ضمن مجموعة من الجمل الغنائية لتتر المسلسل الصعيديى الأشهر "ذئاب الجبل" إنما كانت بمثابة مهدئ ومسكن للجمهور المتابع لحلقاته والمنتظر لهذا اليوم المحتوم الذى تترد به المظالم، وينتصر الحق المتمثل فى شخصية "بدرى بدار" التى لعبها الفنان "أحمد عبد العزيز" وتثبت براءته فى قضية قتل شقيقته "وردة بدار" التى اتهم بقتلها ظلماً.
وعلى مدار 18 حلقة مدة كل منها 45 دقيقة، كانت هذه الكلمات تتردد فى أذهان الجمهور المتلهف لذلك اليوم الأسود على كل ظالم، وهنا تجسد الشر والظلم فى هيئة "علوان أبو البكرى" الدور الذى أتقنه الفنان الكبير "عبدالله غيث" الذى كان يطمح فى الحصول على مكانة خاصة بين عائلته هوارة، لكن بطرق غير مشروعة فاستسلم لأهوائه وغرق فى بحر ملذاته وتزوج من خادمة، وبعدما علم بحملها قتلها وتخلص من السبب الذى من الممكن أن يعيق طمعه فى أن يصير كبير عائلته، حيث طعنها عدة طعنات وشوه الجثة تماما كى يخفى معالمها ويصعب التعرف عليها.
وتزامن هذا الفعل الدرامى/ الدموى مع هروب "وردة بدار" رغماً عن أخيها "البدرى" وتحدياً لعادات وتقاليد المجتمع القبلى الرافضة الزواج من أغراب، مما وجه أصابع الاتهام " لـ "البدرى" فتم اتهامه بقتل شقيقته واعتقدت المباحث المتمثلة فى شخصية الضابط "عاصم بيه" الذى قدم الدور الفنان الراحل عبد الله محمود، أن جثة الخادمة المشوهة هى جثة وردة، وهنا لم يكن أمام "البدرى" سوى الهروب.
اشتدت العقدة الدرامية، وظل الجمهور فى انتظار تغيير الأحداث، وظهور خطوط جديدة تغيير واقع هذا البطل المظلوم وتنصر الخير على الشر، وطالت مدة هروب "البدرى" دون أن تطول معها الحلقات، مما سرع الإيقاع وتوالت الأحداث فى شكل منطقى لاعبة على عنصر التشويق وبعيدة كل البعد عن الملل فى تلهف وانتظار وتشوق للحلقة رقم " 18 " أو الحلقة الأخيرة.
وبالفعل بعد رحلة الهروب والمراحل التى مر بها "البدرى" بداية من تخفيه بين المطاريد فى الجبل، وحتى زواجه من ابنة رجل ثرى وتحوله إلى صاحب إحدى شركات المقاولات الكبرى فى مصر باسم مستعار "فاروق القناوى"، واقترابه من الوصول لشقيقته والتعرف على حقيقة أنها لا تزال حية ترزق، جاءت اللحظة الحاسمة ووصلت الدراما إلى ذروتها، فى الحلقة الأخيرة التى طال انتظارها على الرغم من قصر عدد الحلقات، وتم القبض على "البدرى" وازداد الأمر تعقيداً، لكن فى اللحظة الأخيرة دفعت الغيرة زوجته البدرى للذهاب إلى منزل "وردة" التى لا تعلم أنها شقيقته لتكتشف وقتها قصة زوجها وتتعرف على اسمه الحقيقى، وتصطحبها إلى قسم الشرطة ليتلاقى الأخوين بعد طول غياب، وتتنهى الحلقة وهما فى حضن واحد طويل مثير لبكاء المتفرجين، بينما نستمع التتر للمرة الأخيرة لكنه متحقق تماما " ولا بد من يوم محتوم تترد فيه المظالم.
الليل وآخره.. يا شمس يا منورة غيبى
روميو وجوليت شكل تانى فى 2003.. رحيم المنشاوى وحسنات وصراع التقاليد الذى لا يموت
"وعاشت حسنات 17 سنة فى بيت المنشاوى، جنب رحيم لحد ما ماتت وادفنت جنبه، وبدل البكا عليه كانت تغنيله غنوته اللى كان يحبها، يا شمس يا منورة غيبى وكفاية ضيك يا حبيبى، وودى يا ليالى وجيبى، وانا ألاقى زيك يا حبيبى".. كلمات اختتم بها مسلسل "الليل وآخره" الحلقة الأخيرة، معلنا نهاية قصة حب رحيم المنشاوى "يحيى الفخرانى" وحسنات "نرمين الفقى"، التى أوجعت أخذت بقلوب قلوب المشاهدين على مدار 30 حلقة، لكن تظل "الماستر سين" فى المسلسل عندما ذهبت والدته، والتى كانت تؤدى الدور القديرة "هدى سلطان" لإيقاظه من النوم فوجدته ميتا على فراشه، قبل ساعات قليلة من تحقيق حلمه بالزواج من حبيبته الراقصة "حسنات" بعدما حالت العادات والتقاليد دون ارتباطهما سنوات طويلة.
بالطبع فإن الحلقة الأخيرة من "الليل وآخره" لا تعيد إلى الأذهان فور تذكرها، سوى البكاء والحزن على قصة الحب التى لم يأذن القدر باكتمالها، قصة حب رحيم الرجل الأربعينى والأخ الأكبر لـ5 أشقاء لعائلة "عمران المنشاوى" والراقصة حسنات، التى عارضها أهله وأخوته وكافة من حوله، لتلقى الضوء على الكثير من المشاكل التى كان ومازال يعانى منها المجتمع الصعيدى، إذ كان "الليل وأخره" واحدا من أبرز المسلسلات التى تتناول مجموعة من القضايا المجتمعية المهمة.
وعلى مدار 30 حلقة، ناقش المسلسل قضية الطبقية والميراث واستبداد الأخ الأكبر الذى يتحكم بكافة أمور العائلة، إذ حارب رحيم عائلته واستولى على أموال أخوته انتقاما منهم لرفض زواجه من الراقصة حسنات، التى وقع فى حبها منذ اللحظة الأولى التى رآها فيها بأحد الحفلات الصغيرة، وقرر الزواج منها، متناسيا زوجته وأولاده وأسرته واسم العائلة الذى ضحى لسنوات طويلة لرفعه عاليا بالسماء.
وضع المسلسل المشاهد فى صراع كبير بين التعاطف مع حق رحيم فى الزواج من حب حياته الذى التقاه دون حسابات بعد أن كبر سنه بعدما مر العمر به مقدما مصحلة العائلة على رضاه النفسى، إذ تولى مساعدة والده "عمران" منذ طفولته، وضحى بتعليمه وطموحاته لتربية أشقائه، ليصبح الأول طبيبا مشهورا، والثانى مستشارا فى القضاء، والثالث ضابطا، والرابع صحفيا، هذا التعاطف لا يحسمه سوى الموت، الذى يجعلنا نعيد حساباتنا بشكل مختلف، عندما عرفنا بأن كل شيء سينتهى.
لماذا لا يحب المصريون النهايات المفتوحة؟
المشاهدون يرفضونها دينيا "لأن ربنا مابيرضاش بالظلم" ويرون الحلقة الأخيرة "يوم الحساب".. واجتماعيا "لأن الحياة متلخبطة خلقة"
"الحلقة الأخيرة النهاردة" هذه الجملة شكلت إحدى أهم المقولات الثقافية فى التاريخ المصرى الشعبى، ومنذ أن بدأت الدراما التليفزيونية تعرف طريقها إلى البيوت وحتى اليوم، لكنها بلغت قمة مجدها فى ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، فى زمن الملاحم الدرامية.
بالطبع نتذكر فى البدايات، كان المسلسل المصرى لا يتجاوز الثلاث عشرة حلقة، زادت بعد ذلك لخمسة عشر حلقة وصلت إلى ثلاثين، بل تجاوزتها لفكرة المواسم، ومع ذلك فإن كل شىء لا قيمة له ما لم تكن الحلقة الأخيرة مجيبة عن الأسئلة المحيرة التى تشغل المشاهد طوال الحلقات، حيث يظل المشاهد متحملا كل الظلم والإجحاف والتفسيرات غير المفهومة من أجل الحلقة الأخيرة التى حتما سيجد فيها تحقيق العدالة والنجاح ونصرة المظلوم وهلاك الظالم والزواج السعيد.
المهم أن أى مسلسل يؤمن بفكرة التجريب ويحب أن يقدم نهاية مفتوحة فلن يحقق نجاجا يذكر مع الناس، حتى لو أعجب الناس بالحلقات نفسها، ليس هذا فقط بل إنهم حتى لا يحبون النهايات التى لا تتفق مع توقعاتهم، مثل أن يعيش "الظالم" ولا يخضع للعدالة الإنسانية، ومن المسلسلات التى لم تكن نهايتها متوافقة مع الحالة النفسية للمشاهد المصرى مسلسل "سامحونى ما كنش قصدى" للنجم ممدوح عبد العليم والفنانة إلهام شاهين، كذلك مسلسل قديم بطولة نور الشريف وصلاح السعدنى وصفاء أبو السعود وسميحة أيوب اسمه "ولسه بحلم بيوم" إنتاج 1981 فعندما وضع المخرج يوسف مرزوق "نور الشريف" الشرير فى مواجهة مع المغلوب على أمره "صلاح السعدنى" فى الحلقة الأخيرة وترك النهاية مفتوحة ولم ينصر المظلوم بشكل واضح، شعر المشاهد باختلال العدل.
والسؤال لماذا لا يحب المصريون النهايات المفتوحة؟ فى ظنى أن جزءا كبير من ذلك يرجع إلى "عقيدتهم الدينية" ولأنهم "متدينون بطبيعتهم" فالدين سوائ إسلامى أو مسيحى يحتوى على فكرة أن "النهايات" أفضل دائما للمظلومين والمقهورين والحالمين، والحلقة الأخيرة بالنسبة للمشاهدين هى "يوم الحساب" الذى يأخذ كل شخص جزاءه، لذلك هم لا يقبلون سوى بـ "العدل والرزق الواسع".
الأمر الثانى لرفض النهايات المفتوحة، هو أن المصريين، ومنذ الحلقة الأولى يبحثون عن التشابهات بينهم وبين شخصيات المسلسل، فيرون أن الأحلام التى يعجزون عن تحقيقها فى الواقع يمكن لأبطالهم الخياليين أن يحققوها، لذا لا يقبلون بهزائم هذه الشخصيات ولا عدم اتضاح نهاياتها لأن ذلك سوف يربكهم بشدة.
ثالث الذى يدفع المصريين لعدم قبول النهايات المفتوحة، أنهم رغم إدراكهم الفعلى بأن الحياة، حمالة أوجه، لكنهم لا يحبون ذلك، خاصة الموظفين والعمال، الذين يرون أن رزق الله يرتبط بالعمل والاجتهاد، لا بالاحتمالات غير المتوقعة للحياة، لذا يسعون لرؤيتها فى المسلسلات لأن هذه الاحتمالات تفاجئهم بشكل يومى.
لكن الخطورة الكبرى فى عدم حب المصريين للنهايات المفتوحة، أن ذلك يتفق وطبيعة الكسل، وعدم الرغبة فى التفكير وطرح القضايا ذات "الصبغة الفلسفية" والإصرار على الكلمة الأسهل "وخلص على إيه؟".
نهايات مسلسلات رمضان 2018 غير متوقعة ومفاجأة للجمهور بمقتل غالبية الأبطال
شهدت الحلقات الاخيرة من مسلسلات رمضان هذا العام العديد من الاحداث المثيرة والمشوقه، خاصة وأن معظم احداث هذه الأعمال كانت تحتاج للرد على تساؤلات كثيرة من الحلقات الماضية، وأيضاً وجود حاله ترقب لمعرفة نهاية بعض الأبطال سواء كانت جيدة أم سيئة، وجاءت النهايات فى معظم المسلسلات غير متوقعه وبها مفاجأة للقارىء الذى ظل يخمن شكل النهاية والأمر اللافت للظر هى وفاة اكثر من بطل خلال الحلقات الأخيرة ونرصد نهايات عدد من المسلسلات
مسلسل "كلبش" شهدت الحلقة الأخيرة احداث مثيرة وغير متوقعة بعدما استطاع أمير كرارة انقاذ روجينا من يد هيثم أحمد زكى والقبض عليه بعد معركة قوية بينهما ليقدمه على العدالة ويتم اعدامه، ولكن المفاجاة الغير متوقعة هو اطلاق بعض الارهابيين الرصاص على أمير كرارة والتى افتدى ابنه بالسيارة، ويعد اقام عزاء له يظهر كرارة فى الصورة مرة أخرى لرغبته أن يكون استشهد أمام الجميع فى حين أنه يستعد لعملية جديدة فى الجزء الثالث المنتظر تقدمه لاحقاً.
"أيوب" والذى انتهت احداث المسلسل باعتراف هنا الزاهد لمصطفى شعبان بحبها لها ويساعدها فى الطلاق من زوجها، وتظهر آيتن عامر وهي داخل مستشفى الأمراض النفسية بعدما أصيبت بالجنون والهوس، وتحمل أوراق تتخيلها أموالا وتتحدث مع شخصيات غير موجودة، وتطلب هنا الزاهد من مصطفى شعبان أن يكشف لها عن مصدر الأموال التي جعلت منه شخصا ثريا، ليتراجع مصطفى شعبان عن الاحتفاظ بالأموال المسروقة من البنك، ويعيدها إليهم بعدما يقنعهم أنه وسيط حتى لا يتعرض للمسألة القانوينة، كما يبيع كل أملاكه ولا يتبقى معه سوى المطبعة الصغيرة ويعود فقيراً مرة أخرى.
فوق السحاب انتهت أحداثه باتفاق ستيفاني صليبا مع أحمد كرارة" على قتل زعيم المافيا الروسي يوسي وتم بالفعل بعدما أمر سلطان بقتلها اولاً ولكنه لم ينصع لأوامره وقتله هو، وعاد هانى سلامة من روسيا الى مصر وألقت الداخلية القبض على زعيم الجماعات التكفيرية محمود جمعة، كما قررت مني عبد الغني وابنتهاالسفر للمجر، وانتهت أحداث بتوبة هاني سلامة عن المشاركة في الأعمال المشبوهة وأصبح لديه ولدين من ستيفان صليبا التي تعيش معه في منزل والدة إبراهيم نصر الذي تاب هو الآخر.
"ضد مجهول"، فى الحلقة الأخيرة التى تفاعل معها الجمهور كثيراً خاصة وأن الكل كان يريد معرفة كيف سنتقمغادة عبد الرازق من قاتل ابنتها، حيث تيقنت أن دياب هو من قتل ابنتها وتستطيع خطفه وتجعل رجالها يلبسونه بدلة الإعدام الحمراء، وتضعه داخل قفص حديد بالصحراء، وعلى طريقة داعش تنتقم منه وتحرقه داخل القفص الحديدي وسط الصحراء، وبعدها تبلغ الشرطة عن جريمة قتل شخص في الصحراء وتطلب ساخرة سرعة التحقيق حتي لا تقيض ضد مجهول مثل قضية اغتصاب وقتل ابنتها
"رسايل" واستكمالا لوفيات الابطال فى الحلقات الاخيرة لمسلسلات رمضان، توفى أحمد حاتم ايضا فى نهاية أحداث مسلسل "رسايل"بعد فترة طويلة من الغيبوبة، وعادت مي عز الدين إلى حياتها بصورة طبيعية، ورجعت إلى منزلها بعد سفر زوجها خالد سليم ستة أشهر في رحلة عمل بأستراليا قرر استغلالها لتقييم حياته وليمنح زوجته فرصة للتفكير في أمر عودتهما معا.
"أبو عمر المصري"، حزن الجمهور كثيراً بسبب نهاية أحداث المسلسل، حيث تم انقاذ احمد عز من يد فتحى عبد الوهاب ويتم الكشف عن أن عمليه خطفه كانت مدبره منه كي يستطيع أن يأتي به في مكان بعيد عن حاشيته ونفوذه، ويقتل فتحى عبد الوهاب وأيضاً منذر رياحنه، ولكن أحد اتباع الجماعة قتل وهو ينازع الموت، ليتوفي أحمد عز بين يدي ولده عمر وأمامه صورة حبيبته أروى.
"رحيم" تفاجأ المتابعين للمسلسل بالنهاية التى وصلت اليه المسلسل وهو مقتل البطل ياسر جلال عن طريق صبرى فواز الذى كان يقصد قتل نور ولكن رحيم افتداها، وكشفت الحلقة عن بعض الاسرار الا وهى تورط صبرى فواز فى محاولة الاستيلاء على المبلغ المفقود وهو 700 مليون دولار، كما يتم القبض على محمد رياض بعد قتله لابن شقيقه رحيم.
"طايع" جاءت الحلقة الأخيرة من المسلسل وسط ترقب جماهيرى كبير لاسيما بسبب الأحداث التى شهدتها الحلقات الماضية والتى راح ضحيتها معظم الابطال، ليأتى الدور على عمرو عبد الجليل الذى ذهب الى منزل العمدة من أجل افتداء حفيدته بولده او بنفسه وتصمم سلوى محمد على على افتدائها بابنه الذى يرفض ليقتله عمرو عبد الجليل، قدم العمدةطفلة ملفوفة بالأبيض وميتة ليصاب حربي بالجنون، ويطلق النار على رأسه وينتحر بعد أن قُتل كل أولاده وقتل ابنه الأخير بيديه ثم اكتشف مقتل حفيدته، ويتم الكشف ان حفيدته لم تقتل وتحصل عليها والدتها مى الغيطى فيما يدخل عمرو يوسف السجن ويجد ابن عمرو عبد الجليل الاخير ينتظره.