فى عام 1984 قدمت النجمة الكبيرة شادية فيلم بعنوان "لا تسألنى من أنا"، جسدت من خلاله شخصية "عائشة"، المرأة الفقيرة التى تعانى من الفقر الشديد، الأمر الذى يجعلها تبيع ابنتها "زينب"، جسدتها النجمة يسرا، للثرية العاقر "شريفة"، (جسدتها الفنانة الكبيرة مديحة يسرى)، بشرط أن تقوم هى برعايتها بصفتها مربيتها، كما تتكفل شريفة هانم بمصاريف أسرة عائشة لكى تتمكن من القيام بشئون وطلبات أفراد أسرتها، أحداث هذا الفيلم تنطبق تماما الآن على ما تواجه شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، حيث تحولت الشركة إلى مؤسسة تخسر باستمرار لا يجد موظفيها ما يقبضونه، خاصة وأن الشركة أصبحت غير منتجة وليس لها موارد على الإطلاق، وبالطبع لا يجد الموظفون ما يقبضونه آخر الشهر، فخلال العامين الماضيين كان يحصل موظفى الشركة على راتب شهر كل شهرين، لتكتشف الدولة أنهم أصبحوا يمثلون عبئا عليها، وبما أن الشركة هى إحدى مؤسسات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فتم نقل موظفيها إلى قطاعات ماسبيرو المختلفة كى يقبضون من هذه القطاعات، فتم بالفعل اعتماد 1060 موظف من إجمالى 1500، وتم نقلهم رسميا إلى قطاعات الأخبار والقنوات المتخصصة والإقليمية، وجارى التفكير فى قطاع أخر من قطاع ماسبيرو كى يتم نقل الـ 440 موظفا المتبقين.
كانت شركة صوت القاهرة أحد أهم وأقوى وأبرز شركات الإنتاج على مستوى الوطن العربى فى عالم الدراما التليفزيونية والكاسيت، حيث قدمت عشرات المسلسلات الهامة، وأيضا المئات من الألبومات الغنائية لكبار رموز زمن الفن الجميل، فمنذ أن أسسها الفنان الراحل محمد فوزى عام 1959، مرورا بتأميمها عام 1961 بقرار من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وهى تهتم بمجال الإنتاج المرئى والمسموع، بإنتاج أعمال درامية من مسلسلات جعلت الدراما المصرية فى المقدمة، حيث قدمت أعمالا هامة للغاية مثل "جمهورية زفتى، الشارع الجديد، الوتد، الضوء الشارد"، فضلا عن السهرات التى كان يعرضها التليفزيون المصرى، فقد كانت من إنتاج الشركة، وتنوعت أعمالها ما بين الدراما الاجتماعية والكوميدية والتاريخية والبوليسية.
ومنذ قيام ثورة 25 يناير واجهت الشركة مشاكل مالية كبيرة، بعدما أنخفض إنتاجها بشكل تدريجى، حيث أنه فى عام 2011 قام رئيس الشركة آنذاك وهو اللواء سعد عباس بإنتاج 6 مسلسلات منها "ويأتى النهار" لعزت العلايلى وفردوس عبد الحميد، و"ورد وشوك"، من بطولة صابرين - داليا مصطفى- روجينا - طارق لطفى، و"بالأمر المباشر"، وغيرها، ولكن واجهت هذه المسلسلات صعوبات كبرى فى تسويقها لتعرض على التليفزيون المصرى بمفرده، دون أن تكسب الشركة من بيعها للفضائيات الخاصة، ليأتى عام 2012 ويكون بداية انهيار الشركة بعدما توقف إنتاجها تماما وإحاطتها بالديون، وتوقف أعمال أخرى أنفقت عليها الشركة بعضا من الأموال ولكن لم تستطع استكمالها حتى الآن مثل "جداول"، للفنانة الكبيرة سهير رمزى.
وفى السياق ذاته يبذل المخرج محمد العمرى رئيس شركة صوت القاهرة الحالى كل المحاولات من أجل استعادة الشركة ولو جزء من قوتها، مع الموظفين المتبقين فيها، بالسعى وراء إنتاج مادة مرئية وسمعية ويتم تسويقها بشكل جيد من خلال وكالة صوت القاهرة.