لم يكن النجم الكبير الراحل نور الشريف كهؤلاء الذين يتعاملون مع الفن كوسيلة لحصد الملايين، وبناء القصور ووضع الأرصدة فى البنوك، بل كان يتعامل معه كرسالة سامية لجعل الحياة أكثر بهجة، والتعبير عن ما نعانيه من أوجاع ومن ثم تسليط الضوء عليها لحلها، كان منذ دخوله الحياة الفنية يسعى لدعم الشباب الباحثون عن فرصة سواء فى التمثيل أو الإخراج، فهو من قدم المخرج الكبير الراحل محمد خان عام 1980 فى أولى تجاربه من خلال فيلم "ضربة شمس"، الذى أنتجه نور الشريف من ماله الخاص فى الوقت الذى كان معظم نجوم جيله يتخوفون من خوض تجربة الإنتاج، باعتبارها مخاطرة غير محسوبة، ثم تكررت أعماله الإنتاجية، ليقدم أيضا المخرج الكبير سمير سيف فى أولى تجاربه أيضا من خلال فيلم "دائرة الإنتقام"، ليكون نور الشريف الفنان الذى يكتشف المخرجين، وليس المخرج الذى يكتشف الفنانين.
لم تتوقف اكتشافات نور الشريف للمخرجين فى عالم السينما فحسب، بل أمتدت أيضا إلى الدراما التليفزيوينة حتى فى عقده الأخير عندما قدم مسلسل "الرحايا"، للكاتب عبد الرحيم كمال، استعان بمدير التصوير حسنى صالح، ليقدم أولى تجاربه الإخراجية، بعدما آمن بموهبته وبرؤيته الإخراجية، حتى أنه كرر تعاونه معه فى مسلسل أخر بعنوان "خلف الله"، والذى شهد أخر أعمال الفنان الكبير الراحل فى الدراما أما فى السينما فكان فيلم "بتوقيت القاهرة" مع المخرج أمير رمسيس، أستمر دعم نور الشريف للممثلين الشباب الذين يتجولون بين مكاتب الكاستينج وشركات الإنتاج دون داعم أو محتضن حقيقى، حتى أنه قرر تقديم أكثر من 10 وجوه جديدة فى مسلسله الشهير "الدالى"، كل منهم أصبح الآن يقدم البطولة بمفرده منهم عمرو يوسف وحسن الرداد وآيتن عامر ودينا فؤاد وغيرهم.
كان الفنان الكبير نور الشريف الذى تمر ذكرى رحيله اليوم السبت 11 أغسطس، يمتلك من الجرأة التى جعلته يدخل فى المحظور أحياناً، ليقدم لجمهوره كل القضايا الشائكة، حتى لو أتهم بالباطل، وهو ماحدث معه خلال فترة تقديمه فيلم عن حياة رسام الكاريكاتير والمجاهد الفلسطينى "ناجى العلى"، حيث تم إتهامه فى مصر بأنه حصل على 3 ملايين دولار من منظمة التحرير الفلسطينية مقابل تقديمه لهذا الفيلم، فى الوقت الذى جلس فيه رئيس المنظمة نفسها الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات مع الرئيس الأسبق مبارك، وطالبه بمنع عرض الفيلم فى افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى آنذاك.
نور الشريف مات وفى جعبته عشرات الأعمال السينمائية والتليفزيوينة التى تحتاج إلى كتب عديدة للحديث عنها، فهو من أبرز نجوم جيله الذين أحدثوا تغييرا فى شكل ومضمون الدراما التليفزيوينة، رغم أنه فى الأساس وعلى مدار العقود الأولى من مشواره الفنى كان مهتما بالسينما فحسب، ولكن عندما تواجد فى التليفزيون قدم ماجعل الدراما التليفزيوينة المصرية الأهم والأبرز فى الوطن العربى والشرق الأوسط، من خلال مسلسلاته الاجتماعية، والتى مازالت تعيش فى وجدان جمهوره، أمثال "لن أعيش فى جلباب أبى" و"الرجل الأخر"و"عائلة الحاج متولى"، والدينية أمثال "عمر بن عبد العزيز" و"هارون الرشيد" و"رجل الأقدار"، الذى تناول من خلاله الفتوحات الإسلامية فى عهد عمرو بن العاص، وغيرها من الأعمال التى لن تموت بل ستظل تخلد لاسمه وتكشف للأجيال المقبلة عظمة نور الشريف.