ملامح عديدة ميزت الثقافية المصرية وخاصة الأزياء التراثية، ولعل ما ظهر به الفلاح المصرى من مكونات لأزيائه لمن أبرز التفاصيل التى ما زال الكثيرون يحتفظون بها كجزء أصيل من نشأتهم وارتباطهم بالأرض الزراعية، فمن العمامة للجلابية الفلاحى المميزة ووصولًا للبلغة أو المركوب، الذى يعتبر من أبرز الملامح المرتبطة فى أذهان الكثيرون بالبيئة الزراعية وهيئة الفلاح المصرى.
تلتقط أذناك كثيرًا جملة "هضربك بالمركوب"، لتعرف أنها تعبر عن الغضب، وأن المركوب هو المسمى الذى أطلقه الفلاح المصرى القديم على حذائه الذى صنعه بيده من بعض الخامات الطبيعية كالجلود، أو جريد النخل فى بدايات محاولاته، ليمر بك الوقت وتعرف أن الفلاح المصرى كان مرتبطًا ببيئته بشكل كبير جعله يستنبط تصميم المركوب أو "البلغة" من أبرز الطيور التى يتعامل معها فى الأرض الزراعية.
فأثناء تجولك داخل المتحف الحيوانى بحديقة الحيوان بالجيزة تستمتع لشرح المسئول عن المتحف "مصطفى عبدالله"، وعند وصولك للأرفف الزجاجية التى تحمل طائر "أبو مركوب"، لتعرف أنه صديق الفلاح المصرى القديم، وهو ما أخذ من شكل منقاره المميز التصميم الأول لحذائه المركوب أو البلغة.
لتتوصل أن الفلاح المصرى اتخذ من البيئة المحيطة به ملامح عديدة ودشن بها لأدوات تسهل عليه حياته البدائية، فكانت البلغة الجلدية التى سهلت عليه التحرك بين المكان والآخر، والتى مازالت تتواجد فى الأحياء الشعبية كأحد أهم ملامح الأزياء التراثية المصرية.
وكما طغت الموضة على المركوب، وجعله ينحسر عن الأضواء واختيارات العامة، فإن طائر أبو مركوب أيضًا أصبح من أندر الطيور التى قاربت على الانقراض وذلك لعدم توفر البيئة الصالحة لتواجده ومعيشته، حيث كان يعيش على ضفاف النيل ويتغذى بشكل طبيعى من الأرض الزراعية أو من النباتات التى تنبت طبيعيا فى البيئة المعتدلة، ليصبح الآن يتواجد بقلة، ويحظى بعناية كبيرة لحمايته من الانقراض.
ولأن الثقافة العربية جزء واحد، فإن المملكة المغربية تعتبر من أبرز الأماكن التى صنعت المركوب وما زالت ترتديه النساء بشكل كبير خاصة فى المناسبات القومية، أو عند ارتدائهن للقفطان المغربى فى الأعياد، ولكنه يختلف عن البلغة المصرية، حيث إنها تميزت بالألوان "الأبيض، البنى، الأسود"، وكانت مقتصرة على الرجال، بينما فى المغرب تتواجد بألوان زاهية ومتعددة ويرتديها الرجال والنساء.
رجل مغربى يصنع البلغة