سقوط الورقة الأخيرة عن القرضاوى.. باع الدين لتميم بن حمد ورجب طيب أردوغان
القرضاوى الذى أفتى بجواز العمليات الانتحارية فى سوريا وليبيا لخدمة مخطط تركيا وقطر هو نفسه الذى حرم على الفلسطينيين العمليات الاستشهادية
الشيخ المتلون الذى أفتى بحرمانية المشاركة فى الانتخابات الرئاسية 2014 هو نفسه الذى استخدم الدين لحث الناس على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية 2012
فتاوى الشيخ المتغيرة تحايلات فقهية وفكرية تخدم موضع قدم الرجل وتوجهات الأرض التى تؤويها والسلطة التى يخدمها والقصر الذى يدفع له
يفعلها بمنتهى السهولة، لا يوجد من هو أكثر براعة من القرضاوى يغير فتواه بسرعة تفوق سرعة محمد صلاح، ومهارة تفوق مهارة ميسى، وإصرار يغلب إصرار رونالد، ويلتقط إشارة مموله وحاكمه الجديد بحرص أشد من حرص بوفون على التقاط عرضية خطيرة فى الهواء.
فى زمن المماليك كان السلطان أبوالمعالى يحكم مصر، استيقظ من نومه ذات يوم، وطلب بعض المشايخ ورجال الدين لأمر هام، ثار القلق فى مجلس المشايخ بسبب الاستدعاء المفاجئ، وهبوا لتلبية دعوة السلطان الذى استقبلهم بمزاج عكر وأجواء غاضبة، ثم وجه وزيره «منجك»، حديثه للشيوخ قائلا: «السلطان يريد فتوى شرعية تجيز له الإفطار فى شهر رمضان».
لحظات من الصمت ارتبك وتلعثم وهمهم فيها المشايخ، بعضهم قال لا يوجد حل، والبعض الآخر كان أكثر وضوحا وأخبر الوزير «منجك»: «إن أراد أن يفطر فليفعل دون فتوى شرعية».
لم تعجب تلك الردود السلطان ولا وزيره، ومن زاوية بعيدة صرخ أحدهم: «وجدتها»، كان شيخا من المشهورين بمهارتهم فى التلاعب بأحكام الفقه والتشريع، تقدم خطوات للأمام حتى اطمأن أن السلطان ووزيره سيشاهدان عرضه ومهارته وقال: «يا مولاى السلطان، الشرع أجاز لمن كان على سفر أن يفطر فى رمضان، لذا فلنعلن فى البلاد أن السلطان سيقوم برحلة إلى سواحل دمياط والإسكندرية ورشيد لتفقد القلاع والحصون وأحوال الرعية، وبالتالى يصبح الإفطار جائزًا».
لم تذكر الرواية التاريخية رد فعل السلطان ولا وزيره على هذه الالتفافة الثعبانية حول شرع الله وأحكامه، ولكن من المؤكد أن الشيطان نفسه انبهر بهذا التحايل، ومن لحظتها صارت سنّة لا تنقطع فى كل عصر يلمع هذا النموذج لرجال الدين القادرين على التحايل وتطويع وتأويل الآيات والأحكام والأحداث لخدمة أغراضهم، ونيل رضا من يغدق عليهم بالمال أو مساحات النفوذ فى أروقة السلطة.
الشيخ المتحايل الذى أفتى للسلطان أبوالمعالى بالإفطار فى شهر رمضان هو البذرة التى أنبتت شجرة ثمارها اتخذت فيما بعد أشكالا لشيوخ يقودون تيارات الإسلام السياسى وتحديدا جماعة مثل الإخوان يصدرون فتاوى تحرم الاقتراض والفوائد البنكية والربوية، ويصفون الحكومات العربية والإسلامية المقترضة بأنها حكومات تخالف الشرع، وحينما حكم الإخوان مصر وطلب مرسى من البرلمان الموافقة على قرض البنك الدولى، تطل رؤوس شيوخ الإخوان مثلما أطل شيخ السلطان أبوالمعالى برأسه ويجدون المخرج ويصدرون عشرات الفتاوى التى تجيز الاقتراض والفوائد الربوية وكأن ماحرموه بالأمس ما كان.
نفسهم شيوخ الإخوان ومعهم مشايخ السلف حرموا خروج النساء والاختلاط، ووصفوا المرأة التى تعيش بدون حجاب بأنها مذنبة وفاجرة، هم الذين قدموا النساء فى المظاهرات بعد 30 يونيو، وفرحوا وهللوا للنساء غير المحجبات فوق منصة رابعة، ووصفوهن بالأخوات الفضليات الصادحات بكلمات الحق.
القرضاوى شيخ الإخوان الأكبر يبدو تلميذًا نجيبًا فى مدرسة الشيخ الذى أفتى للسلطان أبوالمعالى بالإفطار فى رمضان، لأن القرضاوى لم يفت بشىء إلا وأفتى بعكسه مع تحول رياح المصلحة أو تغير السلطة، فالقرضاوى الذى يصرخ بفتاوى عدم جواز الخروج على الحاكم أردوغان أو تميم هو نفسه القرضاوى الذى يحرض الناس على التظاهر الدموى والعنيف ضد السلطة فى مصر، لمجرد أنه فى خصومة معها، والقرضاوى الذى أفتى بجواز الجهاد والعمليات الانتحارية فى سوريا وليبيا لخدمة مخطط تركيا وقطر، هو نفس القرضاوى الذى حرم على الفلسطينيين العمليات الاستشهادية ولم يصدر فتوى واحدة تجيز للمسلمين أو تدعوهم للجهاد فى فلسطين ضد المحتل الإسرائيلى.
والقرضاوى الذى أفتى بحرمانية المشاركة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة فى مصر، هو نفس الذى أفتى من قبل بأن المشاركة فى الانتخابات والاستفتاءات واجب شرعى على كل مسلم، بل واعتبرها الداعية الإخوانى فريضة لا يجوز التخاذل عنها.
فتاوى القرضاوى المتغيرة لا تندرج أبدا تحت بند التحولات الفكرية، توصيفها الواضح تحايلات فقهية وفكرية تخدم موضع قدم الرجل وتوجهات الأرض التى تأويها والسلطة التى يخدمها، والقصر الذى يدفع له، وهى ليست وليدة لحظة بل سنوات طويلة مضت تم إعداد الرجل خلالها وتجهيزه إعلاميا لكى يقدم خدماته فى الوقت المناسب، وهو ما حدث فى زمن الثورتين.
تجهيز القرضاوى بدأ فى منتصف التسعينيات مع حقبة الأمير حمد بن خليفة على والده الشيخ خليفة، وهى الفترة التى شهدت تقديم القرضاوى وإعادة رسم شخصيته كرجل دين مستنير قادر على أن يجذب شريحة شعبوية كبيرة فى الوطن العربى تعانى من تكلس وتكاسل رجال دين المؤسسات الدينية الرسمية وغطرسة وغلظة شيوخ التيار السلفى، وأدى القرضاوى دوره بإخلاص وإتقان لدرجة أنه خالف أستاذه ومؤسس جماعته حسن البنا بهدف جذب انتباه الناس إليه، وهو ما حدث بالفعل حينما وجد الجمهور العربى شيخا يبيح النشاط السياسى للمرأة ويدعو لمنحها حقها السياسى فى الانتخاب والترشح، وهو التوجه الذى استخدمت فيه قطر لسان القرضاوى لهز الأرض تحت المملكة العربية السعودية فى ذلك الوقت، واستمر القرضاوى فى صياغة صورته الجديدة لإيهام الجمهور العربى والإسلامى بأنه شيخ الوسطية والاستنارة وأصدر كتابه «مركز المرأة فى الحياة الإسلامية»، متضمنا آراء وأحكام تخالف ما هو سائد فى الخطاب الوهابى والسلفى، ولأن الخطة المرسومة للقرضاوى كانت دفعة للاستحواذ بثقة الناس وإبهارهم حتى يكون سلاحا فعالا وذا ثقة حينما يحين وقت استخدامه، داعب القرضاوى مشاعر الجماهير العربية بفتوى إباحة الغناء للمرأة طالما ستغنى كلاما طيبا مستشهدا وقتها بأغنية فايزة أحمد «ست الحبايب» قائلا: «هذه الأغنية تثير فى مشاعر الحب لأمى ولا ضرر من سماعها هى والأغانى التى لا تتضمن خلاعة أو إسفافا».
استمر القرضاوى على هذا المنوال يؤدى دوره المنوط به لكسب ثقة الناس، وترسيخ صورته كشيخ الوسطية والاعتدال، واستغل برنامجه «الشريعة والحياة» على قناة الجزيرة لتدعيم نجوميته ودفعه للصفوف الأولى بفتاوى أخرى كثيرة عن العلاقات الجنسية، متيحا للأزواج مشاهدة الأفلام الإباحية وغيرها من القضايا المثيرة حتى نجحت الخطة، وأصبح القرضاوى جاهزا لأداء المهام المطلوبة منه لخدمة الأغراض القطرية ثم التركية لاحقا، وبالتالى لم يكن مستغربا أن الشيخ يوسف الذى مدح الحكام العرب تحول فى لحظة خلافهم مع قطر إلى سيف قطرى مسموم يطعن فيهم ويدعو للخروج عليهم، وتحول القرضاوى الذى طالما داعب السلطة فى مصر والإمارات وليبيا وتونس إلى بوق يهاجمها ويحرض ضدها لمجرد أن الإخوان فقدوا كرسى السلطة فى القاهرة وتعرت حقيقتهم فى باقى العواصم العربية.
تلك عادة شيوخ الإخوان حينما يتعلق الأمر بمن يخدم مصالحهم أو يمولهم يقذفون أخلاقهم وشعاراتهم فى أقرب مقلب زبالة، ويتم تسخير كل شىء حتى الدين بالزيف والتزوير للدفاع عن الممول، مثلما هو الحال مع رجب طيب أردوغان الذى يتحول قمعه على يد الإخوان إلى ديمقراطية، ويتحول ظلمه بتبرير الإخوان إلى تدين وعدل، ويتحول سوء إدارته لتركيا فى عيون الإخوان إلى طفرة فى علم إدارة الدول، يكذب الإخوان من أجله التقارير الدولية ويعتبرونها مؤامرة على الحكم الإسلامى للخليفة العثمانية، بينما يستخدمون نفس التقارير للهجوم على مصر والتحريض ضدها بدم بارد، وكأن أردوغان أغلى فى نفوسهم من وطنهم.
شيخ الجماعة وكبيرهم الذى يعلمهم استغلال الدين لتحقيق المكاسب والمصالح، الدكتور يوسف القرضاوى، يفعل ذلك مع الرئيس التركى، يمجده حينما يخطئ، ويبرر له حينما يظلم، ويعظمه حتى يكاد يضعه فى مراتب الآلهة والأنبياء.
لا يفوت القرضاوى فرصة إلا واستغلها فى السجود إلى ربه الأردوغانى، يدعو الناس لعبادته كنموذج فريد ودرع لحماية العالم، ويركع فى مواجهة أحلام أردوغان لتعبر من فوق ظهره، ويسجد ليبحث فى كتب الإسلام عما يعين به رجب طيب أردوغان على لم تفاصيل السلطة كل فى يده.
لن تجد على لسان القرضاوى كلمة واحدة ينتقد فيها موقف أردوغان من الحريات أو الصحافة أو الجنسية المثلية التى يعترف بها السلطان العثمانى فى بلاده، بينما نفس القرضاوى له آلاف التصريحات التى يعاير بها حكام المسلمين فى العالم العربى بأنهم يكرهون الحرية، وبأنهم فرطوا فى الدين حينما تركوا الشوارع بلا ضابط دينى أو شرعى، وكأن شوارع إسطنبول تعيش فى زمن المدينة المنورة.
لم يكن مستغربا أن يستغل القرضاوى هذا الكيان الوهمى المسمى بالاتحاد العالمى لعلماء المسلمين لخدمة أردوغان، بل كان مدهشا ومثيرا أن يكون القرضاوى بهذه الفجاجة، وهو ينافق أردوغان وينحنى ليمتطيه السلطان العثمانى مارا بين الناس، وكأنه فارس الإسلام الأول، لم يكن غريبا أن يستغل القرضاوى الإسلام وتعاليمه وفقهه لخدمة أردوغان، فقد فعلها من قبل، يلقى برحاله وأدوات أكاذيبه وتلفيق الأحكام الإسلامية فى الأرض التى تمنحه المكسب والمصلحة هو وتياره الإخوانى.
ينتفض القرضاوى ويتشنج ويرفس يمينا وشمالا، وهو يحاول تبرئة أردوغان من تهمة التلاعب بالانتخابات التركية، وحينما يسقط أردوغان فى فخ معركة مع دولة أجنبية أخرى يصرخ القرضاوى عاليا مستغيثا مناشدا دول العالم الإسلامى كى تنهض لدعم أردوغان، بينما لم نسمع صوتا للشيخ الإخوانى يصرخ لدعم العراق أو ليبيا فى مواجهة أطماع حقيقة مسلحة فى أرض المسلمين، بل على العكس تماما دعا الأمريكان لاغتصاب الأرض والعرض فى العراق وليبيا وسوريا.
الفج والفاجر فى أمر القرضاوى أنه استخدم الدين الإسلامى لدعم أردوغان فى خطوة التعديلات الدستورية التى منحت السلطان العثمانى سلطات مطلقة، بل وقال الشيخ الإخوانى: إن هذا حق مطلق لأردوغان لأنه أمير المؤمنين، بينما نفس القرضاوى أفتى مئات الفتاوى ضد السلطة فى مصر والإمارات والبحرين والسعودية لمجرد وقوع خلاف سياسى مع قطر صانعته ومستخدمته الأولى.
تلك عادة القرضاوى يمارسها لصالح قطر وتركيا منذ انتهت مرحلة تسمين نجوميته وتصديره فى الوطن العربى كشيخ نجم، ولكن المواقف لا ترحم، المواقف تفضح وتحرق ومقارنتها ببعضها يحول نتائجها إلى خريف تتساقط فيه الأوراق عن جسد الشيخ وتعريه من قدسيته ونجوميته، وقع القرضاوى فى الفخ وربط الدين بالسياسة ومواقفها المتغيرة، فجاءت مواقفه الدينية وفتاويه متناقضة وحادة فى تحولها وتغيرها خاصة تجاه السلطة والحكومات.
فى العام 2003 حل الدكتور يوسف القرضاوى ضيفا على معمر القذافى وخطب خطبة عصماء وصف فيها الرئيس الليبيى بما ليس فيه وقال عنه نصا: «الأخ قائد الثورة صاحب التحليلات العميقة والواضحة لمجريات الأحداث»، ثم عاد بعد ذلك وأثناء الثورة الليبية ليصفه بالخائن والطاغوت والظالم الواجب إزاحته من السلطة، بل وأيد ضربات الناتو للأراضى الليبية وشرعن التمويل القطرى للميليشيات المسلحة التى تقتل الشعب الليبى، نفس الأمر تكرر فى تونس، مدح القرضاوى الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على سنة 2009 قبل الثورة التونسية بعامين، ووقف أمام جمع غفير حضر احتفالات تدشين القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية يقول: «خطاب الرئيس زين العابدين بن على كاملا لا ينقصه شىء وذكرنا بمعانى مهمة فى ثقافة الأمة وأبرز أيضا العناية بالثقافة الإسلامية، وهى عناية يلمس آثارها بدون شك كل من يزور تونس سواء من الناحية العمرانية أو من خلال النهضة العامة، وخصوصا البنية التحتية وكذلك من خلال الاهتمام بالإنسان، خصوصا فى المجال التعليمى والمجال الصحى. إن هذه الأشياء تحمد لتونس ولسيادة الرئيس زين العابدين بن على فضلا عن الاهتمام بالجانب الدينى». ثم جاءت الثورة التونسية وبذل القرضاوى كل جهده الفقهى لدعم حركة النهضة الإخوانية بإصدار الفتاوى التى تحرض على التظاهر ضد «بن على» ووصفه بالظالم والمفرط فى الشريعة الإسلامية ومحاربها.
القرضاوى الذى يدعم دك سوريا الآن بالقنابل، والذى يصدر عشرات الفتاوى للتحريض ضد بشار الأسد ويصفه بالطاغية والقاتل والظالم هو نفسه القرضاوى الذى مدح بشار من قبل ووصفه بأنه صاحب مواقف سياسية حقيقة، وشكره باسم المسلمين والعرب لأنه يدعم المقاومة ويقف فى وجه أمريكا وإسرائيل، وقال القرضاوى وقتها لبشار الأسد: «سيتآمرون عليك لأنك تدعم المقاومة»، ثم تمر الأيام ليكتشف بشار الأسد ونحن معه أن القرضاوى كان أكبر المتآمرين ضده بدعم الضربات الأمريكية للأراضى السورية.
نفس الحالة البائسة المفضوحة للقرضاوى يمارسها الآن ضد دولة الإمارات العربية، مدح حكامها وأهلها وأبدى امتنانه وشكرهم على ما يقدمونه لخدمة الإسلام والثقافة العربية، وهو يتسلم جائزة سلطان العويس الثقافية عام 1999 ثم جائزة دبى الدولية للقرآن الكريم فى عام 2001، ثم حول دفته مع أول خلاف بين الإمارات وقطر وبدأ يخدم أسياده فى الدوحة بتحويل المنابر إلى منصة هجوم على الإمارات قائلا فى خطبة 31 يناير 2014 الشهيرة: «الإمارات تقف ضد أى حكم إسلامى، وتسجن المتعاطفين معه».
مصر أيضا لم تسلم من سم القرضاوى وتحايله وتلاعبه بالدين لخدمة مستخدميه فى قطر وتركيا، أفتى الشيخ يوسف بجواز العمليات الانتحارية فى مصر دفاعا عن شرعية محمد مرسى، ولكنه وضع شرطا بأن يكون هذا العمل ضمن تنسيق ورؤية الجماعة بشكل يخدم صراعها ومعركتها مع السلطة، المثير فى الأمر أن القرضاوى الذى أفتى للناس بتفجير أنفسهم فى القاهرة هو نفسه القرضاوى الذى حرم العمليات الاستشهادية التى يقوم بها الفلسطينيون لمقاومة العدو الإسرائيلى، وهو نفسه القرضاوى الذى صرخ ووقف محتجا رافضا مكفرا لمنفذى العمليات الإرهابية فى تركيا بل وحرم أى محاولة خروج على السلطة التركية، بينما يحرض يوميا على التظاهر العنيف فى مصر.
لم يكن ذلك مستغربا من الشيخ المتلون، لأن القرضاوى الذى أفتى بحرمانية المشاركة فى الانتخابات الرئاسية المصرية سنة 2014 هو نفسه القرضاوى الذى استخدم الدين لحث الناس على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية سنة 2012 ولم يكتف بذلك بل طوع الدين لخدمة المرشح الإخوانى محمد مرسى قائلا: «انتخاب مرسى سيرضى الله عز وجل، ومن لا يختاره آثم وعلى كل مصرى يخشى الله عز وجل حريص على إرضاء ربه أن يختار مرسى».
لا أعرف كيف يفعلها ولكن يبدو أن القرضاوى يظن فى نفسه امتلاك الدين ذاته، فلا أحد يملك هذه القدرة بأن يتجرأ على الله ليخبر الناس الفتوى وعكسها بهذا الشكل الفج، بدون خجل يفعلها القرضاوى، خرج من منصات قطر الإعلامية يفتى بشرعية الخروج على مبارك بعد أن تظاهر المصريون ضده، بينما فى نفس المشهد تظاهر المصريون ضد مرسى، فأطلق فتوى متناقضة تماما قال فيها: «كل من يخرج على الرئيس السابق محمد مرسى من الخوارج»، مثلما فعل بعد ثورة 30 يونيو وأطلق نداءات وتوسل لدول العالم والدول العربية بأن تقاطع وتحاصر مصر حتى يعود المعزول مرسى إلى كرسى الحكم، بينما فعل عكس ذلك تماما حينما قرر الرباعى العربى مقاطعة قطر فخرج هو بفتوى تحرم هذا القرار، مؤكدا أن مقاطعة قطر حرام شرعا.
قصة سقوط القرضاوى من فوق المنبر هى باختصار قصة رقصة نفاقية خليعة وفجة وإباحية من رجل أهان دينه فعمره الله فى الأرض كى ينكس به، ونراه جميعا على هذا الحال متخبطا، منافقا، متناقضا، راقصا، منبطحا، داعيا لدين جديد ربه أردوغان ورسوله تميم.