تمتلئ شوارع القاهرة بعدد من أجمل المبانى حول العالم، والتى بالفعل تعد تحف معمارية فنية، مثل قصر الجزيرة فى الزمالك، والذى تحول إلى أحد أشهر فنادق القاهرة.
القصة بدأت فى 1869، عندما اجتمع عدد من خبراء المعمار من فرنسا وألمانيا ونمسا وإيطاليا وإسبانيا لتحقيق حلم الخديوى إسماعيل، حاكم مصر، بتشييد صرح عملاق، فى حى راق على النيل، ليتباهى به أمام ضيوف العالم القادمين إلى القاهرة للاحتفال بافتتاح قناة السويس، وتحديداً الإمبراطورة أوجينى زوجة الإمبراطور نابليون الثالث.
واحتلت الإمبراطورة أوجينى مكانة خاصة فى عقل وقلب الخديوى إسماعيل، لدرجة أنه أراد إبهارها، فأمر ببناء قصر يشبه قصر "توليرى بالاس" الذى نشأت فيه فى باريس، ولاستكمال عملية الإبهار، حرص على إضفاء الجو الأندلسى الذى يدمج الإسبانى مع الإسلامي، كون الإمبراطورة من أصول إسبانية، وقد وضع التصميم الأساسى للقصر المهندس المعمارى الألمانى جوليوس فرانز، وقام بأعمال الديكور المهندس "كارل فون ديتش" الذى جلب أفخم ما يمكن الحصول عليه من ديكورات واكسسوارات من باريس وبرلين فى ذلك الوقت، وتكلف ذلك 750 ألف جنيه.
سبب بناء القصر قصة حب تحت عنوان "العشق الممنوع"
كل هذه الفخامة والجمال أمر بها الخديوى من أجل إرضاء الإمبراطورة أوجينى، والذى كان يتمنى أن يعرفها قبل وصولها إلي فرنسا، فالإمبراطورة بالأساس فتاة إسبانية من إقليم غرناطة قررت ألا تقبل حياتها كأحد أبناء الطبقة المتوسطة، فتعلمت اللغة الإنجليزية والفرنسية وانتقلت للعيش فى فرنسا لتلقى العالم، ولكن ذكاء أوجينى جعلها إمبراطورة فرنسا بعد أن وقع الإمبراطور نابليون الثالث فى غرامها بسبب ذكاءها وجمالها الفاتن.
ورغم أن أوجينى استطاعت أن تخطف قلب الإمبراطور نفسه وتصبح السيدة الأولى فى الإمبراطورية، إلا انه لم يكن يوماً حبيبها، فوقعت فى حب الخديوى إسماعيل من النظرة الأولى، لكنها كانت قصة حب تحت عنوان "العشق الممنوع"، وفى محاولة لتعبير الخديوى عن حبه، وجد أن بناء القصر لها أفضل وسيلة، حيث صنع لها غرفة نوم كاملة من الذهب الخالص، تتصدرها ياقوتة حمراء نقشت حولها بالفرنسية عبارة "عينى على الأقل ستظل معجبة بك إلى الأبد"، ورغم أن علاقة الحب بين الخديوى إسماعيل والإمبراطورة أوجينى كان من المستحيل أن تتطور، إلا أنها ظلت تحب إسماعيل حتى بعد وفاته، ويقال إنها هربت من القصر الإمبراطورى بعد قيام الحرب السبعينية بين روسيا وفرنسا، وجاءت إلى مصر لتزور قبر الخديوى إسماعيل.
وكانت قصة الثنائى حديث العالم، حيث كتب أنيس منصور عن هذه القصة في كتابه "من أول نظرة"، مشيرا إلى أن الإمبراطورة أوجينى عقب انتهاء حفل قناة السويس، طلب منها زوجها إمبراطور فرنسا العودة، موضحا أنه قد تضايق من سلوك الخديوى إسماعيل وأنها تمادت فى تشجيعه، وأن فرنسا تتحدث عن غرام جديد بين الوالى المصرى والإمبراطورة.
وفي عام 1879 بيع القصر لشركة الفنادق المصرية لسداد جزء من ديون الخديوى إسماعيل وحول إلى فندق قصر الجزيرة، وبعد انهيار الحركة السياحية في مصر أثناء الحرب العالمية الأولى قررت الشركة المالكة بيع القصر في عام 1919 إلى أحد الأمراء اللبنانيين وهو الأمير حبيب لطف الله الذي حوله إلى سكن خاص، وفي عام 1962 تم تأميم القصر وتحويله مرة أخرى إلى فندق باسم فندق عمر الخيام ثم في بداية السبعينيات تولت شركة ماريوت العالمية إدارة الفندق، وتحول قصر قصة العشق الممنوع إلى فندق من أشهر وأكبر الفنادق بالعاصمة.
الامبراطورة اوجيني والخديوي اسماعيل في حفل قناة السويس
الامبراطورة اوجيني والخديوي اسماعيل