ريحة الحبايب.. ابن الفنان الفدائى يكشف أسرار والده.. حسن عابدين قتل الصهاينة وعمره 17 عاماً

 حسن عابدين حسن عابدين
 
حوار - زينب عبداللاه تصوير - أشرف فوزى

- الأدوار التى رفضها أبى ذهبت لفريد شوقى ومحمود مرسى وهذه أسرار علاقته بإمام الدعاة

- لماذا طرد المخرج حسام الدين مصطفى من بيته بعد فيلم درب الهوى.. وسر غضبه على حسين الشربينى ووحيد سيف وحقيقة زواجه من ليلى طاهر

- أبعده الحرس من أمام قبر الرسول فقرر الاعتزال وتراجع بسبب الشيخ الشعراوى

 

يتحدث الابن عن أبيه الفنان الكبير الذى يحمل كثيرًا من ملامحه وهيئته وصوته، فتتأكد أن هذا الفنان لم يكن يمثل بل كان يجسد ما يؤمن به، ويحمل صفاته التى يعيش بها فى الحياة لينقلها على الشاشة.. وجه صارم جاد لأب ينفعل إذا شعر بأن «فيه حاجة غلط»، يجسد مشكلات اجتماعية نتعامل معها يوميًا وكأنه أراد أن يكون صوتا لأبناء الطبقة الوسطى يحتفى بهم ويحجز لهم مكانا على الشاشة، قائلًا «أهلا بالسكان»، يرفض التنازل والخطأ وإذا أراد أحد إغراءه أو إرهابه ليتخلى عما يؤمن ينفعل مرددًا «فى المشمش».. ومع جديته وصرامته يخفى قلبا طيبا وخفة ظل تظهر حتى فى أوج الغضب والانفعال وهو يحتفظ بملامحه الجادة الصارمة التى رأى فيها أكبر المعلنين ما يؤهل صاحبها ليكون بطلًا لأشهر الحملات الإعلانية عن أحد منتجات المياه الغازية، وهى الحملة التى حققت نجاحًا كبيرًا، وارتبط بها الجمهور وردد سرها وعباراتها طوال سنوات.
 
إنه الفنان الراحل وممثل الطبقة الوسطى حسن عابدين، أحد أشهر نجوم الدراما والمسرح والتليفزيون، الفنان الفدائى الذى عرف البطولة مقاومًا العصابات الصهيونية على أرض فلسطين، وهو فى سن 17 عامًا قبل أن يكون بطلًا على خشبة المسرح وشاشات السينما والتليفزيون حتى وفاته.
 
حياة حافلة بالأحداث عاشها الفنان الراحل ممسكًا ميزانًا حساسًا حتى لا يميل بفنه إلى ما يكره ومالا يتفق مع مبادئه التى عاش ومات محتفظًا بها، حتى أنه فكر فى اعتزال الفن ولم يثنه عن هذه الفكرة سوى لقاء وحوار مع إمام الدعاة الشيخ الشعراوى.
 
قابلنا ابنه خالد حسن عابدين الذى ورث عنه الملامح والصوت وكثير من الأفكار المحافظة، ليكشف الكثير عن تفاصيل حياة وأسرار والده وكيف قتل اثنين من الصهاينة فقتلوا شقيقه، وكيف نجا من تنفيذ حكم بالإعدام، وسر رغبته فى الاعتزال بعد زيارته قبر الرسول ومحاولة الحرس منعه من الزيارة، وتفاصيل لقائه وعلاقته بالشيخ الشعراوى، وسبب عدم شهرته إلا فى سن كبير، وتفاصيل حياته الشخصية والعائلية وحقيقة زواجه من الفنانة ليلى طاهر وتفاصيل وأسرار أخرى، وإلى نص الحوار:
 
000022
 
حدثنا عن نشاة الوالد وطفولته؟
- أبى صعيدى ينتمى لمحافظة بنى سويف وتنتمى جذور عائلته إلى شبه الجزيرة العربية، وهو من مواليد يوليو 1931، وكان والده أمى لا يقرأ ولا يكتب ولكنه كان شخصية قوية ومهيبة من أعيان المحافظة، ويمتلك أراض زراعية، وتزوج جدى مرة واحدة وأنجب 15 ابنا وابنة، ووالدى ترتيبه الرابع بين إخوته، وتوفى شقيقه الأكبر أثناء دراسته بكلية الشرطة، وله أخ مستشار وأخ مهندس زراعى ورابع لواء مهندس شارك فى حرب أكتوبر، وشقيقه الأصغر ممدوح كان ضابط احتياط، واستشهد فى حرب 73، ثم عماتى، ومنذ طفولته بالمرحلة الابتدائية ظهرت قوته فى اللغة العربية، وبرع فى الإلقاء، وشارك بالتمثيل فى فرق المدرسة والمحافظة، دون علم والده، فلم يكن أبى يجرؤ أن يصارحه بأنه يمثل، ولكن والدته كانت تعرف حيث كان مرتبطًا بها ارتباطًا شديدًا،وبمجرد أن أتم والدى سن 17 عامًا شبت حرب 48 وسافر إلى فلسطين للمشاركة فى المقاومة.
 
وهل كان والده وأسرته على علم بسفره إلى فلسطين؟
- سافر والدى سرًا ولم يخبر أحدًا من عائلته، حيث كان يتمتع منذ طفولته بحس وطنى وقومى وعروبى، فسافر إلى الإسماعيلية مع مجموعة من الفدائيين المتطوعين وتلقوا تدريبات على يد قيادات الجيش المصرى ثم سافر إلى فلسطين، وهناك شاهد أهوالا أكبر من سنه، فكان يرى الجثث والأشلاء وينام بينها، وفى إحدى المرات كان يمشى مع صديقه فى شوارع غزة، وسأل «ياترى غزة بعد 50 سنة هيكون شكلها إيه»، وقبل أن يكمل الجملة انفجر لغم وسقط والدى دون أن يصاب بخدش بينما تمزق صديقه إلى أشلاء، وظل أبى يشارك فى الأعمال الفدائية فى فلسطين لمدة عامين، واشترك وزملاؤه فى قتل اثنين من العصابات الصهونية، وألقى القبض عليه مع 4 من رفاقه وتمت محاكمتهم فى بلدية حيفا وحكم عليهم بالإعدام، ولكنه أفلت بعدما دخل شاب قاعة المحكمة وهدد بتفجيرها إذا لم يتم الإفراج عن المتهمين ومنهم أبى وبالفعل تم إخلاء سبيلهم وهربوا إلى مصر.
 
وكيف تعامل معه والده بعد عودته؟
- كان والدى حصل على الثانوية العامة وخشى جدى من تكرار هذا الموقف وأراد أن يستقر والدى فسعى لتوظيفه فى محكمة بنى سويف، وكان يربى ابنة شقيقه المتوفى فى بيته، وقال له استعد يوم الخميس كتب كتابك على بنت عمك، ووافق والدى، وبالفعل تزوج من والدتى زواجا تقليديا، ولكن نشأت بينهما علاقة حب، واستطاعت أمى استيعاب أبى وتحملت عصبيته، وكان يقدرها ويحترمها جدا، وأراد أبى أن يشق طريقه الفنى فاستقال من محكمة بنى سويف بعد شهور، وطلب نقله إلى وزارة الثقافة بالقاهرة حيث المسارح والفرق التمثيلية، وسكن مع عمى فى حدائق القبة واتولدت أنا وإخوتى هناك، وأكبرنا شقيقى طارق الذى توفى منذ عامين،ثم أنا، ثم شقيقتاى إيمان وهبة، وبعيدا عن العصبية الزائدة والتوتر الدائم بسبب انشغاله بأعماله الفنية كان والدى أب طيب جدا وعطوفا ومعطاء.
 
وكيف استكمل الوالد مشواره الفنى بعد قدومه للقاهرة؟
- بعد ثورة 1952 انضم أبى للمسرح العسكرى، الذى ضم معظم نجوم مصر وقتها، ولم يعرف جدى أن أبى يعمل بالتمثيل رغم أن والدى حقق شهرة قبل وفاة أبيه، وبعد ذلك التحق أبى بفرقة يوسف وهبى ونشأت بينهما صداقة، وعمل أبى فى كل مسرحيات الفرقة التى قدمتها فى الخمسينات، ولكن للأسف لم يتم تصويرها، وأتذكر أنه أخذنى وأنا طفل إلى مسرح يوسف وهبى، وتركنى فى الغرفة وجاء يوسف بك فشعرت بالخوف لأنى تذكرته فى فيلم سفير جهنم، ولكنه شعر بخوفى وقال لى: «عاوز تطلع ممثل عظيم زى بابا»، فقلت له : «لا أنا عاوز أبقى مهندس»، وأعطانى شيكولاتة وكان ودودوا جدا، وكان أبى يحبه، ويقول له «صلى يا يوسف بك»، وكان يقبل منه النصيحة ويقول له «إن شاء الله»، ولا يعرضون من أعمال والدى المسرحية الكثيرة سوى مسرحية عش المجانين التى أراها من أسخف مسرحياته لأنها لا تبرز قدراته التمثيلية.
 
وهل قدم الوالد أعمالا مسرحية كثيرة؟
- كان المسرح اهتمام وعشق والدى الأول وقدم مسرحيات كثيرة جدا ولكن ما تم تصويره قليل ولا يذاع، ومنها مسرحيات نادى العباقرة ونرجس والطفل المعجزة، التى يؤدى فيها شخصية رجل تحول بفعل أحد الاختراعات إلى طفل، ويمثل الدورين مما يظهر قدراته القوية فى التمثيل على الرغم من أنه اشتهر دائما ومنذ صغره بأدوار الأب، وقدم معظم مسرحياته فى المسرح الحديث والقومى، كما قدم مسرحيات سياسية ومنها مسرحية «ملك يبحث عن وظيفة» فى منتصف السبعينات، وكان والدى يؤدى شخصية رئيس الوزراء البيروقراطى، فصمم حذاء بكعب أعلى من الآخر، حتى يعرج فى مشيته بما يحمله هذا من إسقاط سياسى.
 
رغم بداية الفنان حسن عابدين المبكرة فى التمثيل إلا أنه لم ينل شهرة إلا بعد أن أصبح يؤدى دور الأب فما سبب ذلك؟
- تعرض والدى لسوء حظ كبير، ففى الفترة التى عمل فيها بالمسرح العسكرى اختاره المخرج نبيل الألفى شيخ مخرجى المسرح ليقوم ببطولة مسرحية «ثمن الحرية»، التى كتبها جمال عبدالناصر، وقام فيها والدى بدور كليبر، وكان مقررًا أن يحضر عبدالناصر ومجلس قيادة الثورة افتتاح المسرحية، ولكن أثناء البروفة الجنرال حضر مندوبون عن مجلس قيادة الثورة، وقرروا إلغاء عرض المسرحية قبل يوم من افتتاحها بحجة أن معظمها يتحدث عن الفرنسيين وليس بها مساحة للشعب المصر، فكانت صدمة كبيرة لوالدى الذى استوعب أنها مسألة قدرية، وعندما كان يسئل عن تأخر شهرته كان يقول إنه اشتهر فى الوقت الذى قدر له فيه أن يشتهر، رغم بدايته المبكرة حيث شارك فى الخمسينيات فى بعض الأعمال السينمائية، لكنه كان يعشق المسرح، ويأتى التليفزيون فى المرتبة التالية والسينما فى المرتبة الأخيرة، لأنه كان دائما يحب أن يرى رد الفعل المباشر والسريع على الجمهور.
 
Ashraf-Fawzy-(1)
 
وما أكثر عمل عرفه الناس من خلاله؟
- شارك أبى فى الكثير من السباعيات والسهرات التليفزيونية، لكن أكثر ما جذب انتباه الناس وتعلقوا به مسلسل «فرصة العمر»، وكان أول ظهور لمحمد صبحى فى التليفزيون بعد ظهوره فى المسرح والسينما، وأدى فيه والدى دور الأب وزوزو نبيل الأم، وهو المسلسل الوحيد الذى أذيعت منه 15 حلقة أبيض وأسود، و15 حلقة ألوان وكان يذاع فى رمضان، ومن أشهر مشاهد المسلسل التى تعلق بها الناس عندما طرق أبى الباب ففتحت له الفنانة زوزو نبيل ليلقى عليها ببطيخة كان يحملها وهو غاضب، قائلًا «ساعة علشان تفتحوا» وكادت زوزو نبيل تسقط فى هذا المشهد التلقائى الذى أضافه أبى، ولعل نجاحه الكبير فى هذا الدور هو الذى حصره فى دور الموظف والأب المطحون.
 
وهل أحب الوالد كل أدواره أم أن هناك أدوارا ندم على أدائها؟
- رغم أننى أرى أنه أدى دوره فى فيلم درب الهوى بعبقرية وقدم شخصية الباشا المزدوجة بصدق، حيث كان ينادى بالمبادئ نهارا ويرقص مع الراقصات ليلا، إلا أنه كره هذا الدور، لأنه كان دائما يضع نفسه فى الإطار الذى يحبه الجمهور ويتوقعه فيه، وكان دائما يحب أن يترك شيئا يقلده فيه جمهوره فكان يضيف إلى أدواره مشاهد يصلى أو يتوضأ فيها، ويقول إن الجمهور الذى يحبه سوف يقلده، وأذكر أن المخرج حسام الدين مصطفى زاره فى البيت وجاء ومعه نسخة من الفيلم أعطاها لى قبل دخوله إلى والدى فى غرفته الخاصة التى كان يعتبرها صومعته، وبعد قليل سمعت صوت أبى عاليا ومنفعلا يقول للمخرج: «أنا استأمنتك وأنت غير أمين على مستقبلى الفنى»، وطرده من البيت، وخرج أبى وأنا أشاهد الفيلم وطلب منى الشريط وكسره بيده من شدة الانفعال وألقاه فى سلة المهملات، وبعدما هدأ سألته لماذا قبلت الدور من البداية، فأجابنى بأن السينما صور ومشاهد يتم لصقها فتصبح فيلما ولا تظهر الصورة النهائية إلا بعد انتهاء العمل، فكان والدى حريصا على ألا تهتز صورته أمام الجمهور، وهو ما جعله يرفض أى إعلانات بعدما تعرض لحملة من النقاد بسبب الإعلانات التى قدمها رغم الأرقام الفلكية إلى عرضت عليه، ورغم نجاح الحملة وتعلق الجمهور بها.
 
حدثنا عن تفاصيل اختياره وموافقته على بطولة هذه الحملة الإعلانية؟
- ذهب طارق نور لوالدى فى المسرح وعرض عليه بطولة حملة إعلانات عن أحد المشروبات الغازية، فرفض أبى وقال له أنا ممثل ماليش فى الإعلانات، فأخبره طارق نور أن المهندس عثمان أحمد عثمان هو الذى اختاره لبطولة هذه الحملة، حيث كان مساهما فى شركة المياه الغازية، وأصر والدى على موقفه، وبعدها اتصل به المهندس عثمان ودعاه للغداء وأقنعه بأنها شركة وطنية تنافس المنتج الإنجليزى، وكان أبى منحازا للصناعة والوطنية، فوافق من هذا المنطلق، وكان أول فنان عربى يقوم ببطولة إعلانات بعد عمر الشريف الذى قدم إعلانات سجائر عالمية، وأصبحت هذه الحملة من أنجح الحملات حتى اليوم ويتم تدريسها فى كليات الإعلام، إلا أن النقاد هاجموه، فقرر ألا يعيد التجربة مرة أخرى رغم تلقيه عروضا خيالية من كبرى شركات السيارات، ومنها عرض برقم فلكى وسيارة لكل فرد من أفراد العائلة فوق 18 سنة يتم تغييرها كل عام بموديل السنة ولكنه رفض، ولم يحصل على باقى أجره من الإعلانات التى قدمها وهو مبلغ 480 ألف جنيه استرلينى، رغم أننا طالبنا طارق نور بها بعد وفاته فتهرب من دفعها، وكان عثمان أحمد عثمان توفى.
 
وكيف كان يختار أدواره التليفزيونية؟
- كان أبى حريص على تقديم الأدوار الجادة التى تتناسب مع شخصيته ومنها مسلسلات «أهلا بالسكان، وفيه حاجة غلط، ونهاية العالم ليست غدا» وغيرها من أعمال ارتبط بها الجمهور، فوضعه المخرجون فى هذا القالب وساعد على ذلك ملامحه الشخصية وتكوينه، ولا أخفيك سرا بأن الأدوار التى كان يرفضها والدى فى التليفزيون كانت تذهب لفريد شوقى ومحمود مرسى، ومنها ثلاثية نجيب محفوظ التى قام ببطولتها للتليفزيون الفنان محمود مرسى، وكان أبى يرفض بعض الأعمال بسبب انشغاله بالمسرح الذى كان يحظى بأولوية كبيرة لديه،رغم أنه حصل فى السينما على جائزة أحسن ممثل عن فيلم «عنبر الموت» وهو آخر فيلم قام ببطولته مع نور الشريف واستلمنا الجائزة بعد وفاته.
 
421
 
وكيف كانت علاقته بالوسط الفنى؟
- لم يكن أبى مندمجا مع الوسط الفنى ولم يشارك فى أى سهرات أو حفلات وكان صديقه الوحيد الفنان إبراهيم الشامى، كما أبعد أسرته عن الاختلاط بالوسط، وكان محافظا حتى أن شقيقاتى البنات لم يكن يخرجن بمفردهن إلا نادرا.
 
وهل تعرض الوالد للشائعات؟
- الشائعة الوحيدة التى سمعتها عنه أنه تزوج الفنانة ليلى طاهر لكثرة الأعمال التى تشاركا فيها، وعندما سألته ضحك قائلا «يا ريت يابنى بس هى توافق»، ثم قال لى: «جواز إيه كفاية إن عندى ولاد زيكم».
 
وما أكثر المواقف الصعبة التى مرت عليه؟
- رأيته يبكى بحرقة قبل شهرته حين كانت والدته ستذهب للحج وكانت مرتبطة به وتريده أن يسافر معها ولكن جدى قرر أن يسافر معها شقيقه الأصغر عبدالحليم، ولم يجرؤ أبى على مراجعته، وظل يبكى كالأطفال فى وداع والدته لأنه كان يتمنى أن يحج معها ورأيت دموعه مرة ثانية عندما كان يشاهد فيلم بلال مؤذن الرسول فى المشهد الذى يتحدث فيه الفنان يحيى شاهين عن وفاة الرسول، فانفجر والدى فى البكاء بشكل هستيرى، والمرة الثالثة انهار بالبكاء عندما استشهد شقيقه الأصغر ممدوح فى حرب أكتوبر وكان شابا جميلا يستعد للزواج، وبعد وفاته ظلت خطيبته تزور شقة الزوجية كل أسبوع حتى توفت ولم تتزوج بعده، وذكر أبى اسمه فى مسرحية على الرصيف، وقال فى أحد مشاهده مع سهير البابلى: «الإسرائليين قتلوا أخويا ممدوح»، وكانت علاقة العداء مع إسرائيل متأصلة عند والدى منذ صباه وحتى وفاته.
 
حدثنا عن قصة إبعاده ومنعه من زيارة قبر الرسول؟
- عندما سافر لأداء العمرة وأثناء وقوفه أمام قبر الرسول بكى بشكل هستيرى وشاهده الحرس وعرفوه فأبعدوه قائلين «هذا ممثل» فتأثر بشدة وقرر الاعتزال، وكان وقتها يمثل مسرحية «عش المجانين»، وبعد عودته حبس نفسه فى غرفته ولم يكن يخرج إلا للصلاة بالمسجد، وتحدث مع عمى المهندس كمال واتفقا على تأسيس مشروع بعد الاعتزال، وأخبر محمد نجم بقراره فسأله «هتشتغل إيه»، فأجابه والدى «وأنت مالك هافتح كشك سجاير»، واقترح عليه صديقه الفنان إبراهيم الشامى الذهاب للشيخ الشعراوى الذى كان جاره فى الجمالية، وبالفعل ذهبا لزيارته ولم يكن أبى قابله من قبل، وبمجرد أن رآه إمام الدعاة استقبله بحفاوة واحتضنه قائلا «حبيبى»، فتعجب أبى وقال له «أنت تعرفنى يامولانا»، فرد الشيخ الشعراوى: «طبعا وباتفرج عليك فى كذا وكذا»، وأخبره والدى أنه ينوى الاعتزال، فقال له: «لما أنت والناس الحلوة اللى بتتكلم عن المبادئ يسيبوا الفن أمال الناس تسمع لمين»، وكان هذا أسعد يوم فى حياة والدى، وشعر أنه يسير فى الطريق الصحيح، وبعد هذا اللقاء قدم حلقات بعنوان «نور الهدى» تتحدث عن القضايا الاجتماعية والمواقف اليومية بمنظور دينى وبعد الحلقة يتحدث الشيخ الشعراوى لمدة نصف ساعة معلقا على أحداث الحلقة، وأدت كل الفنانات أدوارهن بالحجاب، ولكن بعد عرض 3 حلقات بالقناة الأولى تم وقفها.
 
وهل امتدت علاقة الوالد بالشيخ الشعراوى بعد ذلك؟
- استمرت علاقة والدى بالشيخ الشعراوى حتى وفاته وامتدت بينى وبين أبناء الشيخ حتى الآن، وكان يتصل يوميا بوالدى فى المستشفى أثناء فترة مرضه، وعندما توفى وقف إلى جوارنا وصلى عليه صلاة الجنازة، وكان أبى دائما يتواصل معه ويسأله فى أمور الدين.
 
وما أكثر الأشياء التى كانت تثير غضب الوالد؟
- كان يغضب إذا حدث خروج عن النص بشكل غير لائق، وأثناء عرض مسرحية بولوتيكا آخر مسرحياته، كان يتولى إدارة الفرقة خلال فترة غياب المخرج جلال الشرقاوى وخرج حسين الشربينى ووحيد سيف عن النص فى مشهد لم يكن فيه والدى، وعرف من أحد المشاهدين الذى جاء مع بناته لمشاهدة العرض، فجمع الفنانين وانفعل على الشربينى وسيف قائلا: «ياكلاب يارعاع لو عرفت إن حد فيكم تلفظ بهذه الألفاظ مرة تانية وخرج عن النص هانسحب فورا».
 
وطوال عمره كان معتزا بنفسه ولا يقبل الإهانة،ففى بداياته كان يشارك فى عمل إذاعى بدور صغير مع تحية كاريوكا ونادته قائلة: «أنت يابتاع أنت تعالى»، فما كان منه إلا أن انفعل عليها بشدة ولم يقبل أن تتحدث معه بهذه الطريقة، فانسحبت من أمامه، ورغم ذلك كان متواضعا جدا، وكان ينزل يصلى فى المسجد مرتديا الجلباب وعندما أقول له أنت نجم ليه بتنزل بالجلابية، فكان يرد: «يا ابنى هو أنا هاعمل نجم على ربنا وعلى الناس».
 
وهل ورث أحد الأبناء أو الأحفاد موهبته الفنية؟
- أبى كان يرفض بشدة التحاق أى منا بالمجال الفنى،حتى أننى تعرفت عن طريق أحد الأصدقاء على الفنان العالمى عمر الشريف ونشأت بيننا علاقة ود، دون أن يعرف أننى ابن حسن عابدين، ورشحنى للمخرج هانى لاشين كى أمثل دور ابنه فى أحد الأفلام، وعدت فرحا لأخبر والدى فانفعل انفعالا شديدا وقال لى «لا أنت ابنى ولا أعرفك لو دخلت المجال الفنى»، وأصر على أن أتصل بالمخرج وأعتذر له أمامه، ولم أصر على موقفى لأننى لم أكن أمتلك موهبة فنية وكذلك إخوتى، حتى بعد وفاته طلبنى المنتج محمد مختار لأشارك فى فيلم حكمت فهمى وبعد عدة لقاءات تراجعت حتى لا أفعل ما كان يرفضه والدى فى حياته، بينما تمتلك ابنتى موهبة فى التقليد والتمثيل، ولكنى أرفض تمامًا التحاقها بالعمل الفنى لذلك اتجهت لدراسة الإعلام، ورغم موقفه الرافض لعملنا بالفن لم يندم والدى يومًا على عمله به وكانت تحركه الموهبة لكنه كان يخاف علينا من الانجراف لمغريات الوسط الفنى.
 
حدثنا عن مرضه والفترة الأخيرة من حياته؟
- بعد انتهاء الموسم الصيفى من مسرحية بولوتيكا اكتشفنا إصابته بسرطان الدم وسافرنا به للعلاج فى لندن ولكن كانت حالته متأخرة، وتوفى بعد شهر ولكنه لم يدخل فى غيبوبة كما توقع الأطباء وظل واعيا حتى آخر لحظات حياته ونطق الشهادة 14 مرة، وكتب وصية لم يتحدث فيها عن الأمور المادية ولكنه أوصانا فيها بصلة الرحم ومراعاة الله وتوفى فى 6 نوفمبر 1989، قبل أن يرى أحفاده، حيث كنت الوحيد الذى تزوج من أبنائه ومات بعد زواجى بشهور.
 
p.7
 

 


اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر