عبدالمطلب فقد ابنته قبل زفافها بأسبوع والمعلم رضا أضحكنا بعد دفن أول فرحته.. هانى شاكر ينزف فنا حزنا على أغلى أحبابه
لاحزن ولا وجع أقسى من مرارة فقد الابن..لحظة يتمنى أى أب وأم أن يفارقوا الحياة قبل أن يروها، وأن يسبقوا أبناءهم إلى القبور لا أن يحملوهم إليها، لكنها إرادة الله التى تختبر بعض البشر هذا الاختبار والابتلاء الصعب ليتجرعوا هذه المرارة التى لا تساويها مرارة، وتصبح الحياة بعدها غير الحياة ويظل القلب بعدها ينزف حزنا حتى الموت.
وسواء كان المكلوم غنيا أو فقيرا،مشهورا أو مغمورا، مسئولا كبيرا أو صعلوكا يتساوى الحزن ومرارة الفقد وتتوحد الأحزان، ولكن عندما يكون هذا المكلوم فنانا قد يقع أحيانا تحت ضغوط أكبر وأقسى، وربما يكون عليه أحيانا أن يبتسم أو يؤدى دوره فى إضحاك وإسعاد الجمهور بينما قلبه يتمزق ويغرق فى بحر الأحزان.
ولم يكن الموسيقار محمد على سليمان والد الفنانة الشابة الراحلة غنوة أول المشاهير الذين ذاقوا مرارة فقد الأبناء ولكن سبقه كثيرون تجرعوا نفس المرارة، وفى التقرير التالى نرصد أحزان هؤلاء المشاهير وتفاصيل وأسرار موت أبنائهم والتحديات التى عاشوها بعد وفاتهم، وربما منهم الكثيرون لا يعرف جمهورهم أنهم عانوا هذا المرار لأنهم ظلوا يؤدون رسالتهم فى إسعاد الجماهير حتى فى نفس اليوم الذى ودعوا فيه فلذات أكبادهم وواروهم الثرى.
ملك المواويل يفقد ابنته قبل أسبوع من زفافها..عمر اللى راح ماهيرجع تانى
"حبيتك وبحبك وهاحبك على طول"..بدموعه كان يتمتم كلمات أغنيته الشهيرة التى طالما دلل أبنائه بها ضاحكا، ثم يردد باكيا: "عمر اللى فات ما هيرجع تانى"، هكذا تغير حال ملك المواويل وصوت الحارة المصرية المبدع محمد عبدالمطلب بعد وفاة ابنته انتصار قبل موعد زفافها بأيام، قد لا يعرف الكثيرون أن "طلب" تجرع هذه المرارة، التى غيرت من شكله وهيئته ولم يستطع قلبه احتمالها فتوقف بعد شهور من وفاة ابنته مغادرا الدنيا حتى يلقى فلذة كبده الراحلة.
تحدث عن هذه الواقعة المأساوية حفيده محمد نور عبدالمطلب الذى عاصر جده وعاش فى بيته أول 6 سنوات من عمره، وكان يحظى بحفاوة ومحبة خاصة لكونه أول الأحفاد الذكور، يذكر الحفيد سنوات السعادة التى عاشها فى بيت جده المطرب الكبير ويذكر معها ذلك التغير والتحول الشديد فى حياة " طلب" بعد وفاة ابنته قبل زفافها بأسبوع وكيف تغير شكله وتحولت حياته إلى صمت وحزن دائم وتوفى بعدها بشهور، قائلا : "كان ساكت على طول ومابيضحكش وشكله كبر وعجز فجأة، ويظهر ذلك فى صوره التى التقطت خلال هذه الفترة".
نور محمد عبدالمطلب
بينما يحكى الابن نور محمد عبدالمطلب الذى كان ملازما لوالده طوال حياته وكان بمثابة مدير أعماله وخازن أسراره منذ كان عمره 19 عاما عن حياة والده العائلية، مشيرا إلى أنه مع بداية تألقه الفنى تعرف فى إحدى سفرياته إلى بيروت على عائشة عز الدين أو "شوشو عز الدين" شقيقة الراقصة ببا عز الدين، ونشأت بينهما قصة حب وتزوجها عام 1938، وأنجب منها التوأم "نور وبهاء" عام 1940.
وأوضح ابن المطرب محمد عبدالمطلب أنه وقع الطلاق بين أبيه وأمه ليظل " طلب" 10 سنوات بعدها دون زواج، حيث أخذته الأضواء والشهرة والسفريات، ثم تزوج من أخر زوجاته السيدة كريمة عبدالعزيز شقيقة زوجة صديق عمره محمود الشريف، وأنجب منها ابنتيه انتصار عام 1955 وسامية عام 1958.
بحب يتحدث الابن عن علاقة طلب بأبنائه: كان صديقا لأولاده ودودا لا يرفض لنا طلبا، ويهتم بتعليمنا وشئوننا ويجمعنا فى بيته، كان نموذج لابن البلد الحقيقى وكان همه فى الدنيا أن يرانا سعداء".
محمد عبدالمطلب مع اسرته
وبحزن شديد يتحدث الابن عن أكثر المواقف القاسية فى حياة والده وحياة الأسرة عندما توفت ابنته انتصار:" أختى انتصار أو توتو كما كنا ندللها ونطلق عليها زهرة المهندسين لجمالها وخفة روحها، كانت حبيبة أبيها وتوفت فجأة فى بداية العشرينات من عمرها بسبب حبوب التخسيس التى كانت تأخذها باستمرار، وذلك قبل موعد زفافها بأسبوع، وأصبحت الجرح الدامى الذى لم يتحمله قلب "طلب" فتوفى بعدها بشهور.
ابن محمد عبدالمطلب
يؤكد الابن أنه لم ير دموع والده طوال حياته إلا عندما ماتت ابنته وأن حاله تبدل بعد وفاتها، حتى لحق بها بعد شهور فى أغسطس 1980.
المعلم رضا رسالة إسعاد الجمهور حتى الموت وبعد دفن أغلى الأحباب
لا نعرفه إلا ضاحكا، مجرد ذكر اسمه أو بعض إيفيهاته وعباراته تستدعى مخزونا كبيرا من السعادة والضحك، تذكرنا بعبقريته وهو يؤدى شخصية "جنجل أبو شفطورة..اللى بيقص الكلا فى فيلم 30 يوم فى السجن"، وغيرها من أدوار أتقن فيها شخصية المعلم ابن البلد، حتى أصبحت جزءا منه، رغم أنه كان يعمل مهندس بترول ويحلم فى بداية حياته بأداء شخصية البطل "الجان" لما كان يتمتع به من وسامة تؤهله لأداء هذه الشخصية، ولكن تغير مساره بعد أن نجح نجاحا مذهلا فى أداء شخصية المعلم كرشة فى رائعة الأديب العالمى نجيب محفوظ "زقاق المدق"..إنه المعلم رضا، أو الفنان محمد رضا حبيب الملايين والذى يحظى بشعبية كبيرة.
لا يعرف الكثيرون أن المعلم رضا الذى طالما أضحكنا وأزاح عنا الهموم والأحزان كان قلبه يتمزق أثناء مرض ابنته أميمة كبرى أبنائه وأول فرحته، وأنه لم يتوقف عن إسعادنا حتى بعد أن صدمه خبر وفاتها، بل وأنه صعد خشبة المسرح وأدى دوره فى نفس اليوم الذى دفنها فيه.
عن هذه المأساة تحدث ابنه أحمد محمد رضا قائلا :" كنا 3 أولاد وبنت واحدة، وأكبرنا شقيقتى أميمة، حيث كان ترتيبنا «أميمة، أحمد، مجدى، حسين»، وكان أبى حنونا جدا وقريبا منا جميعا".
وأوضح ابن المعلم رضا أن والده كان مرتبطا ارتباطا كبيرا بابنته الوحيدة، وكانت صدمة عمره وأسوأ أيام حياته عندما مرضت بالسرطان.
المعلم رضا مع ابنته الراحلة ووالدتها
وأضاف :"كانت أصعب المواقف فى حياته وحياتنا، لأن أميمة كانت أول فرحته وابنته الوحيدة، وكانت من الشخصيات الجميلة القريبة من كل أفراد الأسرة"
وتابع :" بعد زواجها أنجبت شقيقتى أميمة ابنها عمر ثم ابنتها عبير، وبعدها أصيبت بالسرطان وهى فى منتصف الثلاثينيات، وظلت تعانى عامين، وهو ما أثر على أبى بشكل كبير".
وعن واقعة وفاة الابنة الوحيدة قال أحمد محمد رضا :" أثناء سفر والدى فى مهمة عمل عام 1989 ماتت أميمة وتركت ابنتها عبير قبل أن تكمل عامين، ولن أنسى مشهد والدى عندما ذهبنا لاصطحابه من المطار، حيث دخل البيت فى حالة انهيار تام، ولم أره بهذه الحالة من قبل".
ابن المعلم رضا يحكى تفاصيل حياته
وتابع الابن تفاصيل المأساة قائلا :" بابا كان عنده مسرح فى نفس اليوم، حيث كان يعرض مسرحية «طب بعدين»، فاقترح المخرج السيد راضى تأجيل العرض، ورفض والدى، وقال الناس قطعت تذاكر والعمال بياخدوا أجور، وصمم على عدم تأجيل المسرحية وتماسك وأدى دوره وأضحك الجمهور".
واستكمل ابن المعلم رضا حديثه :"بعد انتهاء المسرحية خرج السيد راضى على المسرح وقال للجمهور: محمد رضا كان عنده ظرف قاسى وابنته توفت اليوم ورغم ذلك أصر على تقديم العرض علشان يسعدكم"، مؤكدا أن هذا الموقف وقع كبير على الجمهور.
وأكد أحمد محمد رضا أن والده كان يحرص على إسعاد الناس فى أصعب المواقف وهو يرى أختى تتألم من المرض وبعد دفنها ووفاتها، ونفس الموقف حدث عندما توفى والده عام 1975 فوقف على المسرح بعد دفنه.
هانى شاكر ملك الرومانسية يعزف على أوتار الألم وينسج فنا من الأحزان
"برواز صورتك لسه مكانه من يوم ماانتى علقتيه..وسط متاعبى بيريحنى كل عنيا ما تيجى عليه..لسه عيونك بتكلمنى بتحسسنى بقربك منى..دمعى بينزل غصب عنى بس بحاول إنى أداريه.. لما تكون الناس حواليا باضحك واعمل انى نسيت.. بس الناس مش حاسين بيا ولا عارفين انى اتهديت "..بهذه الكلمات الموجعة عبر الفنان هانى شاكر عن حاله بعد وفاة ابنته دينا، كما عبر عن حال كل أب وأم فقدوا ابنا أو ابنة،عزف على أوتار الألم ونسج من أحزانه أغنية أبكت القلوب، ولازال بين حين وأخر يناجى حبيبته وابنته الراحلة بأغنية تصف حاله، ومنها أغنية :" حبيبة قلبى واحشانى يانبض القلب لكيانى..واحشنى كل شيئ فيكى واحشنى ضحكى فى عنيكى أتارى الفرح كان بيكى ومانع عنى أحزانى".
هكذا هو الفنان عندما يحزن، فيبكى فنا ونغما ولحنا وصوتا يعبر به عن أحزانه وأحزان غيره ممن ذاقوا هذا المرار.
عبر شاكر عن ألام ابنته التى توفت عام 2011 بمرض السرطان قبل أن يتجاوز عمرها 27 عاما قبل وفاتها بأغنية "صعب جدا"، والتى تقول كلماتها ".
صعب جدا تبقى شايف قدام عينيك حد انت بتعشقه مليان آلام..صعب جدا تبقى شايف كل دمعة من دموعه نازلة حايرة من عينيه من غير كلام..صعب جدا تبقى واقف بين ايديه شايف ايديه حاضنه الألم من غير أنين..تبقى مش عارف تروح فين ولا فين تبقى ناسى حتى انت تبقى مين".
عاش هانى شاكر صدمة موجعة بعدما اكتشف اصابة ابنته دينا بالسرطان عقب إنجاب توأمها "ملك ومليكة" بفترة قصيرة، وكان قبلها بسنوات قليلة يعيش أسعد لحظات عمره فرحا بزفافها.
لم يتمالك الفنان الرومانسى نفسه من البكاء الهيسترى بعدما أخبره الأطباء بحقيقة مرض ابنته، وخلال عام ونصف تدهورت صحة الابنة، وفشلت محاولات انقاذها، ورافقها والدها لأداء العمرة عقب عودتها من رحلة علاج بالخارج.
وعرف الجمهور بمرض ابنة الفنان المحبوب بعد مداخلة هاتفية أجراها بأحد الشيوخ على الهواء، طالباً الدعاء لابنته بالشفاء، بعد إصابتها بالسرطان وسط صدمة محبيه وجمهوره.
وعلى مدى عامين إختفى هانى شاكر عن الأضواء، حتى انتقلت ابنته إلى جوار ربها، تاركة توأميها الصغيرين مجدى ومليكة وهما لم يبلغا العامين.
ومنذ وفاة دينا انتقل توأمها للإقامة مع جدّهما وجدّتهما بشكل دائم، مع زيارات مستمرّة من والدهما، الذى لبّى رغبة هانى شاكر بالسماح للتوأمين بالعيش معه، حتى يخففان من وقع صدمة فراق أمهما، ويصطحبها الجد دائما معه فى كل الحفلات والمناسبات الاجتماعية.