الشعراوى وفلوس شادية.. والمطرب المفضل للشيخ جمعة.. والأبيات التى طلب عبدالحليم محمود من ياسمين الخيام غناءها
على مر الزمان ظلت جدلية الحديث عن حكم الغناء والموسيقى قضية يثيرها دعاة التشدد بين حين وآخر، يزعمون أن الغناء حرام وأن الموسيقى والفن من الشيطان، لا يفرقون بين الغث والثمين، بين ما يهذب الروح ويرقق المشاعر وبين ما يثير الغرائز وينشر الفساد، يفسدون على الناس حياتهم وينشرون الكآبة والجمود فى كل عصر وزمان.
وبينما يتجه المتشددون إلى التضييق على الناس، نجد العديد من المشايخ وعلماء الدين ينشرون السماحة والوسطية ويقدرون الفنون ويعرفون دورها فى حياة البشر وفى السمو بالمشاعر والأخلاق.
وهناك العديد من المواقف بين علماء الدين وبين أهل الطرب والفن تظهر سماحة الإسلام ووسطيته وتقدير هؤلاء العلماء لدور الفنون، وفى التقرير التالى نرصد عددا منها:
ياسمين الخيام ابنة شيخ المقرئين تغنى بفتوى من الإمام الأكبر عبدالحليم محمود
لم يكن قرار احترافها الغناء سهلا، كان من أكثر القرارات التى أثارت الجدل والاختلاف وأحيانا الغضب، فهى ابنة شيخ المقرئين الشيخ محمود خليل الحصرى، لذلك تعرضت للكثير من هجوم المتشددين، ولكن كان للشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق رأى أخر يدحض كل أراء مشايخ التطرف.
تحكى ياسمين الخيام ابنة الشيخ الحصرى والتى اعتزلت الغناء منذ سنوات للتفرغ للعمل الخيرى فى الجمعية الخيرية التى تحمل اسم والدها فى أكبر ميادين مدينة السادس من أكتوبر عن تجربة عملها بالغناء قائلة :" أنا البنت الكبرى بين سبعة أبناء وكان أبى قدوة حية لنا فى خلقه وحيائه وتواضعه واستفدت بما تعلمته منه فى كل مراحل حياتى".
وتابعت فى تصريحاتها الخاصة لنا :" كان أبى يكافئنا دائما على حفظ القرآن وإتقان ترتيله وتجويده وكان يحترم قرارتنا، ويمنحنا حرية الرأى والاختيار، ويسمح بالطموحات"
تحكى عن بداية موهبتها الصوتية قائلة :" بعد التحاقى بكلية الأداب كنت أقوم بافتتاح حفلات الكلية بقراءة القرآن نظرا لقدرتى على القراءة الصحيحة، وفى إحدى المرات كتب عنى أبو نضارة فى جريدة الأخبار وأشاد بصوتى، ويومها ماكنتش عارفة أروح إزاى، خوفا من أن يكتشف والدى هذا الأمر"
وتابعت :" بعد تخرجى عملت فى المراسم بمجلس الأمة وكنت استقبل الوفود الدولية، وفى إحدى الزيارات للسيدة أم عدنان زوجة رئيس مجلس النواب الأردنى أبدت إعجابها بصوتى، وكنت أصطحبها لزيارة السيدة جيهان السادات، فأخبرتها أم عدنان بموهبتى، فطلبت السيدة جيهان أن تسمعنى وأعجبت بصوتى إعجابا شديدا وبلغت الرئيس السادات وشجعونى على الغناء."
وأكدت أن القرار لم يكن سهلا قائلة :" استشرت عدد من كبار العلماء والمشايخ، ومنهم الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والشيخ الغزالى وكثيرون، فأفتونى بأن الغناء كلام، حسنه حسن وقبيحه قبيح، وأوصانى الشيخ عبدالحليم محمود أن أغنى أشعار شهاب الدين السهروردى أحد علماء الصوفية وحزينة أننى لم أغنها ولم أعمل بوصيته."
أخذت ياسمين الحصرى إجازة بدون مرتب من مجلس الشعب والتحقت بأكاديمية الفنون واختارت لنفسها اسم ياسمين الخيام.
وأضافت :" كانت أول مرة أغنى فيها فى الذكرى الأولى لكوكب الشرق أم كلثوم، وبعدها عملت مع الملحن الدكتور جمال سلامة فى أوبرا باليه عيون بهية التى استمر عرضها لمدة 6 أشهر، ولحن لى العديد من الأعمال الوطنية والدينية، ومنها أغانى المسلسلات الشهيرة التى كانت تعرض فى رمضان ومنها: «على هامش السيرة» و«محمد رسول الله»
وأكدت أنها لم تقاطع والدها خلال فترة عملها بالفن قائلة :"نحن أسرة مترابطة ونعرف معنى البر وهذه أساسيات تربينا عليها، ولم أقاطع والدى خلال فترة غنائى أبدا."
تحكى عن قرار اعتزالها الغناء، مؤكدة أنها تفخر بتاريخها ولا تندم على ما قدمته من فن، قائلة :" كل مرحلة ولها عطاؤها ومتعتها، وليس هناك متعة أكثر من أن تخدم الله، فوالدى أوصى بثلث تركته للأعمال الخيرية، وعندما بدأنا استكمال مسيرته فى العمل الخيرى وجدنا أن هذا العمل يحتاج جهدا وطاقة وتفرغا، لذلك اعتزلت الغناء وذقت حلاوة أن أكون خادمة لله"
الشيخ على جمعة يحب عبدالمطلب ويشيد بموسيقى بيتهوفن
الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق معروف دائما بأراءه الوسطية واجتهاده فى أحكام الفقه وانفتاحه وعلمه الغزير المتجدد دائما، لذلك كانت أرائه حول الفن والغناء تعبر عن هذا النهج.
وكان لطفولة وذكريات المفتى السابق تأثير كبير على شخصيته، حيث تربى تربية منفتحة ورغم أصوله التى ترجع لقرية طنسا بمركز ببا محافظة بنى سويف، فإنه نشأ وتربى فى القاهرة، حيث انتقل والده بأسرته المكونة من زوجته وابنه الوحيد وابنتيه للإقامة فيها، وحرص على أن ينشأ ابنه مطلعا قارئا ممارسا للرياضة، فمارس المفتى السابق رياضة التنس وكرة القدم، واستمع للموسيقى العالمية ومنها موسيقى بيتهوفن.
وفى حوار أجريناه معه سألناه عن رأيه فى الموسيقى والغناء فقال : "الأغانى لم يحرمها أحد على إطلاقها بل هناك تقييد، فحلالها حلال وحرامها حرام، بمعنى أن ما يهذب النفس ويطيب القلوب فهو حلال".
وتابع :" قد نسمع أغانى فى مدح سيدنا النبى أو أغانى تجعلنا نتفكر فى ملكوت الله، فمثلا المقطوعة الخامسة والتاسعة من موسيقى بيتهوفن تدعو إلى الإيمان بالله والنظر فى الكائنات، وهناك نوع آخر من الأغانى والموسيقى حرام، وهى التى تحرك الشهوات وتثير الفتن"
وأضاف :" الرسول، صلى الله عليه وسلم، استمع إلى الغناء فى فرح زبيدة بنت معاوية بن عفراء، وشاهد الجويرات يضربن بالدف، كما أن إحدى الجوارى عندما شاهدت النبى، صلى الله عليه وسلم، غنت «وإن لنا نبيًا يعلم ما فى غد»، فقال لها: «ويحك يا امرأة إن الله علام الغيوب.. قولى بالذى كنت تقولين».
وأكد المفتى السابق أنه كان يستمع إلى الأغانى فى شبابه، قائلا :" الأن ولكثرة المشاغل لم أعد أجد وقتا لهذه الفرصة والرفاهة التى كنت أتمناها، فالمهام أكثر من الوقت المتاح.
وكشف أنه كان يحب الاستماع إلى النقشبندى وأم كلثوم وعبدالمطلب.
وقال جمعة باسما :" عبدالمطلب مطرب لطيف جدا وكلماته لها معانى لا يلتفت إليها الكثيرون وكنت أحب منها عبارة: «علشان أنول كل الرضا يوماتى أروحله مرتين من السيدة لسيدنا الحسين».
جدير بالذكر أن الدكتور على جمعة يفضل الاستماع إلى الأناشيد الدينية والفرق الصوفية، كما أنه سبق وافتتح مهرجان الإنشاد الدينى.
إمام الدعاة وفلوس شادية
بعدما قررت حبيبة الملايين الفنانة شادية الاعتزال وهى فى أوج شهرتها ونجاحها وجمالها، أفتاها بعض الشيوخ بأن عليها أن تتخلص من كل الأموال التى جمعتها خلال فترة عملها بالفن وقالوا لها أن هذه الأموال حرام، فتوجهت شادية إلى الشيخ الشعراوى لتسأله عن حكم هذه الأموال وكيف تتصرف فيها.
وعن هذه الواقعة يقول محمد عبدالرحيم حفيد الشيخ الشعراوى أن علاقة شادية بجده بدأت عندما كانت فى رحلة لأداء العمرة، وقابلت إمام الدعاة على باب المصعد صدفة وطلبت منه الدعاء لها.
وأوضح حفيد الشعراوى فى حديثه معنا أن شادية زارت جده بعد هذا اللقاء، وأخبرته بأنها قررت ألا تغنى إلا الأغانى الدينية، وبعدها عادت لتخبره بأنها لم تعد قادرة على حفظ أى أغانى، وأنها قررت الاعتزال والابتعاد عن الاضواء نهائيا.
وأكد محمد عبد الرحيم الشعراوى أن بعض المشايخ المتشددين أفتوا شادية بأن الأموال التى جمعتها من الفن حرام وأن عليها أن تتخلص منها.
وأوضح أن إمام الدعاة أفتاها بأن تحتفظ بما يضمن لها حياة كريمة ومستوى لائق طوال حياتها، وأن وتحتفظ بمن يعملون لديها ويخدمونها وأن تتبرع بما يزيد عن ذلك، مؤكدا أن جده لم يحرم الفن وكان يرى أن حلاله حلال وحرامه حرام، فضلا عن أنه لم يكن يمنع أسرته وأحفاده من مشاهدة التلفزيون والأعمال الفنية والدرامية وكان أحيانا يشاركهم فى المشاهدة.
يذكر أن الفنانة شادية وجهت جزءا كبيرا من أموالها للأعمال الخيرية سرا، وكما كانت النجمة نهرا فى العطاء الفنى، أصبحت نهرا لأعمال الخير، وخصصت رواتب شهرية لعشرات البيوت والأسر الفقيرة، كما هدمت فيلتها بالهرم وأقامت مكانها مجمعا خيريا يضم مسجدا ودار أيتام ودار تحفيظ قرآن، ومستوصفا خيريا، وتبرعت بشقة بشارع جامعة الدول العربية لجمعية مصطفى محمود لإنشاء مركز لعلاج الأورام.