واحد من أهم المزارات فى المملكة الأردنية الهاشمية، هو موضع أصحاب الكهف، الذى يوجد بالعاصمة الأردنية، وبالتحديد جنوب شرق عمان بقرية الرجيب، والذى يُعتقد أنه الكهف الذى عاش فيه أصحاب الكهف، أصحاب القصة الشهيرة التى ذكرت فى "الكتاب المقدس، القرآن الكريم".
مكان أهل الكهف فى الأردن
وأصحاب الكهف هى رواية دينية، ذكرت فى الكتاب المقدس بمسمى السبعة النائمين، وتدور عن عدد من المؤمنين آمنوا بعبادة الله الواحد وتركوا عبادة الأوثان، وذلك فى عهد الاضطهاد المسيحى، فى ظل حكم الحاكم الرومانى ديقيانوس، والفتية السبع كما وردت فى الوثائق المسيحية: مكسيميليانوس، أكساكوستوديانوس، يامبليكيوس، مرتينيانوس، ديونيسيوس، أنطونينوس، وقسطنطينوس، (أبو يوحنا).
الرواية الإسلامية لم تختلف كثيرًا مع نظيرتها المسيحية، سوى إنها لم تذكر عدد النائمين داخل الكهف، ذلك وفقا للنص القرآنى بسورة الكهف:"(21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)".
ومع الاختلاف فى عدد أصحاب الكهف، اختلف المؤرخون أيضًا حول موضع ذلك الكهف الذى ضم هؤلاء المؤمنين الذين هربوا من بطش ديقيانوس الظالم، والذى لم تذكرمكانه الروايات والنصوص الدينية، فالبعض قال إن الكهف الموجود بقرية الرجيب، بالمملكة الهاشمية، بينما تنسب أماكن أخرى بتركيا، عن نفس الكهف، فما هى الحقيقة، وكيف تناول المؤرخون موضع الكهف.
كهف أفسوس قرب إزمير
ويذكر كتاب "مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار" 1-27 فى 15 مجلد ج2" لصاحبه ابن فضل الله شهاب الدين العمرى، عددا من الأماكن التى نسبت لموضع أهل الكهف، فقيل إن مدينة أقسين وتنطق "أقشين" التركية، هى مدينة أصحاب الكهف، فهم كانوا فى كهف برستاق بين عمروية ونيقية، وهذا الكف هو فى جبل علوه ألف ذراع.
وتابع كتاب "مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار": لدى أهل الشام قولان فى أصحاب الكهف: فأهل دمشق يزعمون أنهم فى كهف بذيل جبل قاسيون، وهو صورة مسجد على باب شعب لا يعرف إلا بالكهف، لكن المؤلف أوضح أنه قول جهال فهذا المكان لا ورد فيه أثر ولا ظهرت له شبهة تقتضى أن يكون مكان أهل الكهف، فيما قيل فى قول آخر أنهم كان فى قرية تسمى الرقيم، تقارب جبلا هناك فيه كهف أقرب إلى الشبهة بأنه موضع أصحاب القصة، ويقال إن هذا المكان يقع بالقرب من البلقاء فى أطراف الشام، لكن يبقى الوضع الأصح، كما ذكر معجم البلدان، بأن الكهف المذكور بين عمورية ونيقية وبينه وبين طرطوس عشرة أيام.
مسجد أهل الكهف باليمن
بينما يوضح كتاب "قرية الفتية أصحاب الكهف (آراء دينية - تاريخية - أثرية - علمية)" للدكتور محمد هشام النعسان، أن هناك عدة أماكن لكهوف يمكن أن تكون لأصحاب الكهف، توجد فى حوالى 40 دولة، منها اليمن وتركيا، اللتان توجد بهما 3 أماكن مختلفة، وكلها تحمل اسم كهف أصحاب الكهف.
ويذكر الكتاب أن المستشرق كلارمون جانو، يرى أن كهف الرجيب بالأردن هو كهف أهل الكهف، بينما يرى الدكتور عبد المنعم سيد أن المكان هو منطقة البتراء، حيث وجد كلمة "رقمو" بالنبطية محفورة على الصخر بمدخل المدينة، كما توجد نقوش باليونانية على الجدران تعود لسنة 446م.
وأكد الكاتب أن هناك مَنْ يرى أنه فى نينوى، وآخرون يرون أنه فى دمشق، وذكر البعض أنهم كانوا فى روما فى سراديب الكتاكومب أو فى إسكندنافيا، حتى أن البعض ذهب أنه موجود فى بريطانيا.
سراديب فى روما التى يعتقد أن هناك كان أهل الكهف
وعلق المؤلف: وهكذا يطير الكهف شمالا وجنوبا وكل كهف فيه سبعة قبور!، إن مكان الكهف الحقيقى غير معروف على وجه التأكيد، وما من قرائن تاريخية، أثرية جازمة تشير إلى المكان الذى عاش فيه أصحاب الكهف على وجه التحديد.