روزاليوسف استأذنت من عزرائيل لمدة نصف ساعة
المعلم رضا توفى أثناء مكالمة مع صحفى
النقشبندى وفوزى كتبا وصيتهما قبل الموت بساعات
الموت سر من أسرار الخالق، لا نعرف متى وأين يحل، ومن يختار، وللموت أسرار وحكايات يصعب على العقل البشرى استيعابها.
يقولون إن الإنسان قد يشعر بقرب وفاته، أو أن هناك بعض العلامات التى تظهر عليه ولا يعرفها المحيطون به ولا يدركونها إلا بعد وفاته، وأن البعض يظهر عليه عند موته علامات القبول، ولكن تظل كلها أقاويل غير مؤكدة ولا ندرك الموت حتى نذقه.
وللموت حكايات وقصص وغرائب، وبعض هذه القصص أبطالها نجوم ومشاهير كانوا ملأ السمع والبصر، وكانت نهاياتهم غريبة مثيرة غامضة، لا تستوعب عقولنا المحدودة تفسيرها.
فى السطور التالية نعرض عددا من قصص الموت الغريبة للنجوم والمشاهير:
وصية النقشبندى قبل وفاته بساعات
الشيخ سيد النقشبندى صوت لم يأت الزمان بمثله، يشدو فينقلك إلى عالم آخر وتشعر أنك تسمع كروان من الجنة، يهتز قلبك حين تستمع إلى رائعته «مولاى إنى ببابك» وتشعر بأنك تلمس قطعة من السماء حين تسمع أنشودته «الله يالله»
ولوفاة قيثارة السماء الشيخ سيد النقشبندى قصة غريبة يحكيها حفيده سيد شحاتة النقشبندى، قائلا: «جدى توفى بشكل مفاجئ فى (14 فبراير 1976)، وكان عمره (55 عاما)، ولم يكن مريضا، وقبلها بيوم واحد فى (13 فبراير) كان يقرأ القرآن فى مسجد التليفزيون وأذن لصلاة الجمعة على الهواء، ثم ذهب مسرعا إلى منزل شقيقه من والدته سعد المواردى فى العباسية».
وأضاف حفيد «النقشبندى» فى حواره معنا: «طلب جدى من شقيقه أن يحضر له ورقة وقلم بسرعة، وكتب فيها سطورا قليلة، ثم أعطاه الورقة، وقال له لا تقرأها إلا ساعة اللزوم ثم عاد إلى بيته فى طنطا».
وتابع الحفيد: تانى يوم شعر جدى ببعض التعب، فذهب للدكتور محمود جامع فى مستشفى المبرة بطنطا»، مشيرا إلى أن جده دخل عليه على قدمه وقال له: «أشعر بألم فى صدرى، وفاضت روحه فى غرفة الكشف خلال دقائق».
وأشار حفيد قيثارة السماء إلى أن شقيق الشيخ النقشبندى فتح الورقة التى كتبها بعد وفاته، فوجدها وصية كتبها الشيخ سيد يوصى فيها بأن يدفن مع والدته فى مقابر الطريقة الخلوتية بالبساتين، وعدم إقامة مأتم له والاكتفاء بالعزاء والنعى بالجرائد، وأوصى برعاية زوجته وأطفاله.
وأضاف سيد شحاتة النقشبندى أنه تصادف أثناء عودة جده من القاهرة فى المرة الأخيرة أنه شهد سرادقا كبيرا لعزاء أحد كبار تجار الفراشة بطنطا، فقال لبطانته: «إيه السرادق العظمة ده؟» وبعد وفاته كان هذا السرادق مازال مقاما وبعد أن صلى الآلاف على النقشبندى بمسجد السيد البدوى وتم دفنه بالقاهرة، أمر المحافظ بأن يبقى السرادق مقاما لعزاء الشيخ سيد.
يحكى حفيد النقشبندى، أن جده كان متزوجا من ابنة عمته وأنجب منها 5 أبناء: «ليلى ومحمد وأحمد وسعاد وفاطمة»، وتوفت زوجته بعد رحلة مرض بالسكر، وكان الشيخ يحبها حبا كبيرا وتأثر بوفاتها، وعرض عليه أبناؤه الزواج بعد وفاة والدتهم، وبالفعل زوجوه من سيدة من المنصورة، وأنجب منها ثلاثة أبناء: «إبراهيم ورابعة والسيد»، وتوفى قبل ميلاد ابنه الأصغر السيد وترك والدته حاملا فيه، بينما كان عمر إبراهيم لا يتجاوز (3 سنوات) ورابعة «عام ونصف».
وأضاف حفيد النقشبندى، أن جده عندما مات لم يكن فى جيبه سوى (3 جنيهات)، ولم يترك أرضا أو بيتا أو أموالا، حيث كان ينفق كل ما يأتيه على الفقراء، وكان يقول دائما: «الله أكرمنا كى نكرم خلقه»، مؤكدا أن الإذاعة لم تصرف بعد وفاته أى معاش لأبنائه وعاشوا ظروفا صعبة من بعده.
روزاليوسف استأذنت من عزرائيل لمدة نصف ساعة
روزاليوسف أشهر اسم فى تاريخ الصحافة، ورائدة من رواد صاحبة الجلالة، صاحبة قصة كفاح فريدة من نوعها، حيث جاءت إلى مصر طفلة وحيدة يتيمة بلا أهل أو مال واستطاعت أن تصنع أمجادا فى تاريخ الصحافة والفن وأن تكتب اسمها بحروف من ذهب على مر التاريخ.
وهى لبنانية من أصل تركى، اسمها الحقيقى فاطمة اليوسف، وولدت فى بيروت يتيمة الأم من أسرة مسلمة، وكان أبوها تاجرًا اضطر للسفر من بيروت وترك ابنته عقب ولادتها فى رعاية أسرة مسيحية كانت تدللها باسم روز، وعندما انقطعت أخبار الأب تبنت العائلة الطفلة التى لم تعرف حقيقة قصتها إلا فى سن العاشرة، وفى طريق هجرة الأسرة من لبنان إلى أمريكا رست السفينة التى تستقلها بالإسكندرية، لتقود الصدفة الطفلة اليتيمة إلى أول طريق المجد، وتتعرف على المخرج المسرحى اسكندر فرح، الذى علمها التمثيل وضمها إلى أسرته وبعدها تعرفت على الفنان عزيز عيد، وبدأت طريقها فى دنيا الفن ككومبارس، ثم أدت أدورا كبيرة على المسرح وعملت مع جورج أبيض وتألقت، ثم عملت مع يوسف وهبى وأصبحت بطلة فرقة رمسيس.
بدأ مشوار «روزاليوسف» الصحفى عندما تركت فرقة رمسيس بعد خلاف مع يوسف وهبى، فاعتزلت التمثيل واتجهت للصحافة، وأصدرت فى أكتوبر 1925م مجلة «روز اليوسف» التى انتشرت ونجحت واستمرت حتى الآن.
ساهمت «روز اليوسف» فى حركة الأدب والثقافة، كما أصدرت مجلة صباح الخير التى كانت رمزا «للقلوب الشابة والعقول المتحررة»، كما كان يقول شعارها، وانطلق منها أكبر نجوم الصحافة.
وتزوجت روزاليوسف من ثلاثة رجال هم: «محمد عبد القدوس»، الذى كان يعمل ممثلا مع نجيب الريحانى وأنجبت منه الأديب الكبير«إحسان عبد القدوس»، ثم تزوجت من عملاق المسرح زكى طليمات، ثم من المحامى قاسم أمين حفيد قاسم أمين صاحب كتاب تحرير المرأة.
وكانت روزاليوسف تتمتع بشخصية قوية صارمة وكانت تقول دائما كلنا سنموت، ولكن هناك فرق بين شخص يموت وينتهى وشخص مثلى يموت ولكن يظل حيا بسيرته وتاريخه.
ولوفاة روزاليوسف قصة غريبة، حيث كانت تشاهد فيلما فى سينما ريفولى، وأثناء ذلك أصيبت بأزمة قلبية ولكنها تماسكت، وطلبت من صديقتها التى كانت معها أن ينصرفا، وأخذت تاكسى وعادت إلى منزلها وارتدت ملابس النوم ودخلت سريرها وماتت عليه، خلال نصف ساعة.
وحينها كتب الأديب يوسف إدريس عن وفاة روزاليوسف، قائلا: إن روزاليوسف استأذنت من عزرائيل لمدة نصف ساعة، وكتب أحمد بهاء الدين أن موت روز اليوسف يعبر عن إرادتها وقوتها، لأنها قاومت الموت حتى تعود إلى منزلها.
وفاة المعلم رضا.. حين يأتى قضاء الله أثناء حوار صحفى
الفنان الكوميدى الراحل محمد رضا الشهير بالمعلم رضا، أشهر من أدى دور المعلم ابن البلد فى السينما المصرية، إيفيهاته وعباراته لا زالت محفورة فى الأذهان ترددها كل الأجيال، فها هى مصطلحات المعلم "جنجل أبو شفطورة" فى فيلم 30 يوم فى السجن، وطريقته "وهو يقص الكلام"، يتحدث بها ويستخدمها الكثيرون شباب وكبار ويضحكون ويترحمون على هذا العبقرى الطيب، الذى ظل يبدع ويرسم الابتسامة على وجوهنا حتى فى أصعب المواقف التى مر بها ومنها وفاة ابنته، التى صعد المسرح وأدى دوره فى إضحاكنا بعد دفنها رغم حزنه الشديد، كما أنه ظل يعمل حتى أخر أيام حياته.
وعن قصة وفاته الغريبة تحدث ابنه أحمد محمد رضا فى حوار معنا، قائلا: "كان والدى بكامل صحته ولم يكن يعانى سوى من بعض الأمراض المزمنة التى تعايش معها، ويوم وفاته ذهب لأداء دوره فى مسلسل ساكن قصادى، وكان صائما، حيث كان التصوير فى نهار رمضان".
وتابع ابن المعلم رضا: "بعدما انتهى والدى من التصوير عاد إلى المنزل وكان أخى حسين يزوره، وكنا جميعا تزوجنا وأنجبنا، حيث كنا أربعة أبناء، «أميمة، أحمد، مجدى، حسين»، وأكبرنا شقيقتى الراحلة أميمة التى توفت فى حياة أبى، وأراد أخى أن يمشى قبل الإفطار، ولكن أبى طلب منه أن يبقى ليفطر معه هو وأمى وعبير ابنة شقيقتى الراحلة".
وأضاف: "بعد الإفطار اتصل بوالدى صحفى من إذاعة القناة لإجراء حوار، وأثناء الحديث لفظ أبى أنفاسه وسقطت سماعة التليفون من يده، وجاءت عبير لتناديه فلم يرد، ونادت على أخى حسين الذى فوجئ بوفاة أبى ورد على السماعة ليخبر الصحفى أن والدى توفى، فأصيب الصحفى بحالة ذهول، وكان هذا فى 21 رمضان الموافق 21 فبراير 1995".
يواصل الابن الحديث عن ذكرى هذه اليوم قائلا: "جئت من السفر لحضور جنازة والدى، ووقتها تذكرت نظرته لى وأنا مسافر قبل رمضان بشهرين حين أخبرته أننى لن أعود إلا بعد 4 أشهر فابتسم قائلا «هتيجى يا أحمد على العيد الصغير»، وعندما أكدت له أنه من الصعب عودتى بعد شهرين قال «اسمع منى هتيجى»، وكأنه يشعر أننى سأعود لأحضر جنازته، وكانت صدمة كبيرة لنا ولوالدتى التى توفت أيضا فى 27 رمضان عام 2008.
فوزى حدد موعد دفنه وودع جمهوره فى رسالة قبل وفاته بساعات
كان ولا يزال اسمه عنوانا للبهجة والإبداع وخفة الظل والفن المتجدد، سبق عصره وعصورا بعده، وتميز عن كل عمالقة جيله فأبدع فيما غنى ولحن سواء لنفسه أو لزملائه، هكذا كان عبقرى النغم محمد فوزى، الذى غنى للوطن وللأطفال والكبار وللحب ولكل المناسبات الجميلة، كل ذلك فى سنوات قليلة من عمره الذى لم يتجاوز 48 عاما، وبعد حياة حافلة بالفن والإبداع والنشاط الفنى كانت النهاية الحزينة للعبقرى حبيب الكبار والصغار، بعد إصابته بمرض سرطان العظام الذى لم يكن معروفا وقتها وتدهور صحته حتى نقص وزنه من 90 إلى 37 كيلو جراما.
وقبل وفاته بساعات كتب فوزى رسالة غريبة يودع فيه أهله وجمهوره ويتحدث عن آلامه، بل وحدد فيها موعد وفاته وطلب دفنه فى يوم الجمعة.
وقال فوزى فى رسالته الأخيرة: "منذ أكثر من سنة تقريبًا وأنا أشكو من ألم حاد فى جسمى لا أعرف سببه، بعض الأطباء يقولون أنه روماتيزم والبعض الآخر يقول أنه نتيجة عملية الحالب التى أجريت لى، كل هذا يحدث والألم يزداد شيئًا فشيئًا، وبدأ النوم يطير من عينى واحتار الأطباء فى تشخيص هذا المرض، وأنا أحاول إخفاء آلامى عن الأصدقاء إلى أن استبد بى المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزنى ينقص، وفقدت نحو 12 كيلوجرامًا، وانسدت نفسى عن الأكل، حتى الحقن المسكنة التى كنت أُحْقَن بها لتخفيف الألم بدأ جسمى يأخذ عليها وأصبحت لا تؤثر فى وبدأ الأهل والأصدقاء يشعرون بآلامى وضعفى، وأنا حاسس أنى أذوب كالشمعة".
وتابع العبقرى الجميل مستقبلا الموت بقوله: "إن الموت علينا حق، إذا لم نمت اليوم سنموت غدًا، وأحمد الله أننى مؤمن بربى، فلا أخاف الموت الذى قد يريحنى من هذه الآلام التى أعانيها، فقد أديت واجبى نحو بلدى وكنت أتمنى أن أؤدى الكثير، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة والأعمار بيد الله، لن يطيبها الطب، ولكننى لجأت إلى العلاج حتى لا أكون مقصرًا فى حق نفسى وفيحق مستقبل أولادى الذين لا يزالون يطلبون العلم فى القاهرة".
وودع فوزى جمهوره وأسرته قائلا: "تحياتى إلى كل إنسان أحبنى ورفع يده إلى السماء من أجلى، تحياتى لكل طفل أسعدته ألحانى، تحياتى لبلدى، أخيرًا تحياتى لأولادى وأسرتى".
وقال فى وصيته: "لا أريد أن أدفن اليوم، أريد أن تكون جنازتى غدًا، فأنا أريد أن أُدفن يوم الجمعة"، وبالفعل توفى فوزى يوم الخميس ودفن يوم الجمعة الموافق 20 أكتوبر 1966.