طيلة السنوات الماضية يتحسر المشاهد على سحب بساط الدراما المصرية لصالح الدراما السورية والتركية التى أنفقت أموالها على الصعود بأسهمها فبرزت خلال سنوات قليلة فى الوقت الذى جرى فيه السوق المصرى وراء سراب وخيال استرضاء النجوم فى عملية أشبه بالنداهة التى استجاب لها نجوم السينما شباب وكبار ممن وجودوا فى الدراما ضالتهم فالملايين مضمونة والشيك على بياض لتقع السينما هى الأخرى تحت نيران هروب النجوم وعزفهم عنها فى سنين عانى منها الجميع واستفاد منها قلائل، كل ذلك خلال سنوات السبوبة التى احتاجت إلى وقفة كبرى وتصدى لا يهتم لدموع التماسيح أو مكر الذئاب.
من الطبيعى أن يحصل أبطال الأعمال سواء فى السينما أو الدراما على أغلى الأجور بحجة أن المنتج بيبيع بيه وبالتالى يكسب من خلفه أضعاف وهو حق مشروع للنجم أن يحصل على 200 مليون جنيه أو مليار إذا كانت أرباح العمل 10 مليار وفقاً لاسم النجم وجماهيريته الكبرى الذى حققها بسنوات من الكفاح والعرق بينما الأمر غير الطبيعى الذى لا يصدقه أى عقل هو أن نعيش سنوات من وصول أجور النجوم فى الدراما إلى الملايين دون أن تحقق تلك الأعمال شيئاً حتى صارت سبوبة ونحتاية بمعنى أصح يفرض فيها البطل شروطه فى السوق وينصاع الجميع لأن السوق بقه ماشى كده وقوانيه صارت كده!!.
وهو الأمر الذى لا يتقبله أى عقل ولا يندرج تحت أى منطق، ورغم ذلك صار حقيقة حاصلة على أرض الواقع خلال السنوات الأخيرة حتى أصبح المتفرج العادى فى موسم رمضان يسخر من الأمر بجملة بياخدوا ملايين على ايه لما يسمعه من أسعار خرافية تشعل السوشيال ميديا كل عام ويفرح بها النجوم فهذا يحصل على 50 مليون وذاك بعد نجاح مسلسله اشترط التساوى معه فى الأجر والكل يوافق ورهن الإشارة ليخسر الجميع من قنوات مضطرة إلى شراء مسلسلات تتناسب مع اسمها حتى لا تخسر شعبيتها وجهات إنتاج تخسر أيضاً لعدم تعويض ما أنفقته من أموال، فلا يستفيد إلا النجم الذى يحقق السبوبة وكأنه أشبه بالسمسار الذى يأخذ من ذاك وذاك فيضاعف رصيده فى حالة كانت تحتاج إلى وقفة كبرى وتصدى يثور على كل ذلك فيستجيب لصوت العقل الذى طالب به المشاهد قبل الناقد حين تحسر على مسلسلات زمان المكتوبة بحرفية وأخذت حقها فى التصوير لتصبح أيقونات بعالم الدراما، كل ذلك لأنها كانت خالية من السبوبة التى تنهش الجميع وتم الإنفاق عليها بالشكل الملائم فكان عندنا مسلسلات تاريخية وغيرها من مختلف أنواع الدراما التى اندثرت تدريجياً.
وهو الأمر الذى يحدث حالياً بمحاولة من إعلام المصريين على سبيل المثال التى تقود إعادة الهيكلة بمحاولة خلق سوق درامى قوى موازى لرمضان فيستمتع المشاهد طيلة العام بأعمال لها قيمتها مثلما كان يحصل قديماً فلا أحد يتذكر توقيت عرض الضوء الشارد خلال العام وعما إذا كان يعرض المال والبنون فى رمضان أم بداية العام إلى جانب سوق العصر وغيرها من الأعمال فالدراما كانت شغالة طوال السنة، والغريب أن نفس النجوم الذين يبكوا اليوم مع اقتراب رمضان ويتحججوا بالغلابة الذين ينتظروا الشهر الكريم من أجل العمل لا يتذكروا تصريحاتهم حينما كانوا يسألوا عن رأيهم فى زحام مسلسلات رمضان لأن الإجابة كانت كالتالى مع اختلاف النصوص "نفسنا يبقى عندنا مسلسلات طول السنة وأعمال بره زحمة رمضان" إلا أن كل ذلك اختفى حينما اصطدموا بأن الأمر أصبح حقيقة مع هيكلة السوق الدرامى بالتوازى مع أمر آخر هو تقليل الأجور بالكف عن العبث الذى حدث خلال السنوات الأخيرة بنهضة حقيقية يشعر بها الجميع.
ألا يخجل هؤلاء من أن أسماء خالد أرغنش الذى لعب دور السلطان سليمان ومريم أوزلى فى دور السلطانة هيام وغيرهم صارت ألمع وأشهر فى المنطقة كلها وإذا مروا فى شارع سيقابلوا بملايين ممن لن يهتموا بأصحاب الملايين الذين لم يركزوا على المحتوى بقدر التركيز على الشيك فإذا غاب الشيك برز البكاء والغريب أنه على الغلابة وأطلقوا سمهم هنا وهناك.