كساحرة تأسر الجميع بجمالها وغموضها، وكإبنة تنتمى إلى كل الأسر، وحبيبة يتوق إليها كل العشاق، وأيقونة جمال تحتذى بها كل النساء، ومناضلة تتحمل كل أنواع العذاب وتخرج منتصرة فى كل المعارك فتحمل الأمل لكل الحالمين والمكسورين والموجوعين..هكذا هى كل المترادفات لاسم شريهان، تلك الجميلة التى ارتبط بها الجمهور فى كل أحوالها وحالاتها، طفلة وصبية وحبيبة وفنانة ورمزا للبهجة والسعادة، وتعلق بها أكثر فى أوقات المحن والآلام التى تجرعتها فى مراحل حياتها فاستمدت منه القوة والإرادة والرغبة فى الحياة لتعود إلى جمهورها بعد كل معركة أقوى وأجمل وأكثر أملا وحبا للحياة.
تشبعت منذ نعومة أظفارها برحيق عمالقة الفن الذين تنبأوا لها بمستقبل فنى كبير ،جلست طفلة على أقدام أم كلثوم، وداعبها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، الذى حضرت بعض بروفات روائعه مع شقيقها الموسيقار الراحل عمر خورشيد، ونشأت فى بيت يتردد عليه عباقرة الفن ومنهم بليغ حمدى، ويحيطه جيران من نوع خاص مثل رشدى أباظة وسامية جمال وفاتن حمامة.
أبهرت الجمهور بكل ما قدمته من أعمال فنية منذ بداياتها فأصبحت أيقونة الجمال والاستعراض ونجمة الفوازير والمسرح والسينما والتلفزيون، التى تستطيع تجسيد أقسى معانى الحزن.
بدأت أوجاع النجمة الجميلة منذ سن مبكرة، بأزمتها الأسرية مع أسرة والدها، وقضية نسبها،ووفاة شقيقها الموسيقار عمر خورشيد الذى كان سندها فى الحياة، ثم وفاة والدتها، والحوادث التى تعرضت لها، ثم مرضها النادر، ومع كل أزمة تخرج شريهان منتصرة قوية رافضة للاستسلام.
أصيبت فى حادث مروع عام 1990 وانكسر ظهرها وعمودها الفقرى وهى فى أوج شهرتها ونجوميتها، وظلت لسنوات عاجزة عن الحركة، توقع الأطباء أنها لن تستطيع الوقوف على قدميها، لكنها هزمت العجز وعادت أقوى، وقامت ببطولة الفوازير وقدمت مسرحية شارع محمد على وعددا من الأفلام.
استعانت شريهان على المرض والألم بحب الجمهور الذى اعتبرها ابنته وطفلته وحبيبته التى يدعو لها من قلوب محبة، ويتعلق بها رغم الغياب، وبعبادات وتقربات لله فى الخفاء، فاستجمعت قواها وانتصرت فى معركتها مع الألم، لتستعد للعودة لجمهورها بعد 16 عاما من الغياب فى عمل استعراضى جديد من إنتاج العدل جروب.
تحدثت شريهان لأول مرة عن محنتها الأخيرة فى البرنامج الإذاعى "الناس العزاز" الذى أذيع رمضان الماضى وقدمه الدكتور مدحت العدل، لتؤكد أن الموسيقى هى عشقها وسر حياتها قائلة :" الموسيقى هى شفائى ودوائى وضحكى وبكائى"، مشيرة إلى أن أصعب لحظاتها عندما تغيرت ملامحها وكانت تنظر فى وجوه الناس وهى فى الحرم فلا يعرفها أحد، حتى اجتازت المحنة وبدأت تستعيد صحتها وملامحها مع بداية 2011.
ورغم فترة الغياب لم تبخل شريهان على جمهورها فكانت تتواصل معه دائما على مواقع التواصل الاجتماعى وتشارك بالرأى فى كل الأحداث وظهرت بين حين وأخر فى بعض المناسبات لتشارك زملائها أحزانهم وأفراحهم.
ظهرت شريهان كملكة متوجة فى الاحتفال الذى أقامته شركة العدل جروب العام الماضى للاحتفاء بعودتها والإعلان عن تفاصيل العمل المرتقب، واتجهت إليها الأنظار كنجمة أسطورية تشبه أبطال حواديت ألف ليلة وليلة، وكأنها تعبر مع كل خطوة بحر الأحزان والآلام التى مرت بها، بكت وهى تنظر إلى عيون من يترقبون طلتها بعد غياب سنوات طويلة، وقالت بصوت يرتعد من جلال الموقف، " المرض قوانى وعاوزة أبوس راس كل واحد وقف جنبى، واجهت الموت والمرض ولكن الرهبة من الوقوف أمامكم أكبر".
وأعلنت بكل ثقة أنها تجاوزت الخمسين كما كتبت بعض الأقلام التى تتشكك فى قدرتها على العودة بنفس القوة التى كانت عليها، مؤكدة أن عمرها يتجاوز ألف عام، فهى بالفعل بطلة اسطورية استطاعت أن تهزم ألاما تفوق قدرة البشر.
تقضى شريهان أغلب وقتها فى الاستعداد للعودة، تدريبات مكثفة، وحرص على كل التفاصيل، ومع تأخر عرض الأعمال التى ينتظرها جمهورها ثارت شائعات بالتراجع عن الفكرة، وهو ما نفاه الدكتور مدحت العدل فى تصريحات صحفية، مؤكدا عدم التراجع عن فكرة عودة الفنانة شريهان إلى المسرح، ومشيرا إلى تخفيض عدد العروض إلى 4 مسرحيات بدلا من 13.
وأوضح مدحت العدل أن العرض الواحد يحتاج إلى مجهود الخرافى، مؤكدا أنهم لن يستطيعوا عرض مسرحية واحدة فقط، لذا يجب الانتظار حتى الانتهاء من تصوير عدد من المسرحيات لعرضها سويا، وسيختارون بعض المسرحيات لعرضها على المسرح وخلال جولة فى البلاد العربية.
وينتظر الجمهور عودة حبيبته الساحرة الجميلة على أحر من الجمر، فشريهان ليست مجرد فنانة ولكنها حالة إنسانية متفردة لا مثيل لها، جميلة مبهجة، قوية مناضلة، تصل إلى أقصى مراحل الضعف ثم تثور وتنهض وتعود أكثر قوة وجمالا، وفى عيد ميلادها لا يسعنا إلا أن نقول لشريهان كل سنة وأنت قوية مبهجة منتصرة مقاومة.