حطمت المستحيل وألغته من قاموس حياتها، وقررت أن تكون المختلفة والمتميزة فى المجتمع المحيط بها، ورغم إصابتها بمتلازمة داون استطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات والنجاحات فى حياتها، فبدأت الطفلة الثالثة فى أسرتها والوحيدة فى عائلتها، مسيرتها منذ سنواتها الأولى، فحققت رحمة خالد، خريجة سياحة وفنادق أكثر من 170 ميدالية لمشاركتها فى بطولات السباحة وكرة السلة والتنس خلال هذه المسيرة.
نجاحات تتوالى وتلاحق بعضها البعض لتنضم إلى دولاب صاحبة الـ22 عامًا، لتكتب فى تاريخها إنجازًا جديدًا، لتدهش الجميع بإطلالتها الأخيرة وظهورها كمذيعة إعلامية من خلال برنامج "8 الصبح"، لتصبح "رحمة" أول مذيعة مصابة بـ"متلازمة داون"، وهو الحلم الذى سعت إليه منذ الثامنة من عمرها.
تقول رحمة فى حديثها مع "عين": "ده كان حلمى وأنا صغيرة وأشتغلت على نفسى، وشاركت فى تدريبات وكلمونى قالولى عايزينك فى حلقة فى برنامج 8 الصبح ولما رحت طلعت فى الحلقة وبعدين قالولى إحنا عايزينك معانا مذيعة".
وبكلماتها البريئة عبرت "رحمة" عن تحقيق حلمها وقالت: "شعور ميتوصفش، وكنت مبسوطة جدًا"، ولم تعد هذه المرة الأولى لدى "رحمة" فقامت بتقديم العديد من البرامج عبر الإذاعة ومنها برنامج "أطفال اليوم" بإذاعة صوت العرب، كما أنها عرضت نشرة أخبار ذوى الاحتياجات الخاصة فى الجمعة من كل شهر.
"مفيش مستحيل مع الإرادة" تلك الكلمات التى تنطقها "رحمة" فى كل يوم تحلم فيه بتحقيق الإنجازات لتستمد منها قوتها وعزيمتها فى تحقيق ما تريده، وحكت "رحمة" عن شعورها بظهورها فى أولى حلقاتها على الشاشات المصرية وقالت "وقتها حسيت بفرحة كبيرة بأن جزء من أحلامى اتحقق، وكان أول لقاء لى مع الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس القومى للمرأة، ثم حاورت الفنانة يسرا، وأوجه لها شكرًا كبيرًا، وكنت سعيدة بلقائى معها"، تلك الكلمات التى عبرت بها "رحمة" عن مدى فرحتها وشعورها بالثقة فى تحقيق أحلامها وظهورها كأول مذيعة من ذوى القدرات الخاصة فى مصر.
وأضافت "سأتمكن من تغيير نظرة المجتمع فئة ذوى القدرات الخاصة"، حلمًا آخر ولد فى حياة الفتاة المكافحة تسعى لتحقيقه، وحكت لـ "عين" عن مواقف عديدة من التنمر التى تعرضت له خلال مسيرتها التى بدأت منذ الثامنة من عمرها وقالت: "واجهتنى صعوبات كتير وأنا فى المدرسة وكنت بعانى من نظرات الناس السلبية" موقفًا يتكرر بشكل يبدو مستمر فى حياة "رحمة" اليومية أرادت أن تتغلب عليه بتحقيق النجاحات وضم الإنجازات إليها.
ووجهت "رحمة" شكرها لوالدتها التى دعمتها كثيرًا وأصرت على الوقوف بجانبها منذ ولادتها ومساعدتها على تحدى صعوبات الحياة، وأشارت إلى أنها تمتلك قدرات ومواهب عديد:"الحمد لله بحقق أحلامى وشاركت فى حاجات كتير وعايزة الناس متحكمش على حد قبل ما تشوفه وتتعامل معاه، يعنى مش علشان من ذوى القدرات الخاصة مدخلهوش فى حاجة بالعكس خليه يجرب ويتعلم علشان لو مجربش مش هيتعلم ولا هيعمل حاجة وبعدين أحكم عليه"، وأضافت "رحمة" أنها ستشارك فى بطولة سباحة عالمية خلال عام 2019، وعبرت عن حلمها بالمشاركة فى طوكيو 2020.
وقالت "أمل" دكتورة تخاطب ووالدة "رحمة" إن الثقة والحب هما العامل الرئيسى لنجاحها وتحمل التعب والجهد الكبير الذى بذلته خلال السنوات الماضية، وأوضحت أن "رحمة" لديها إرادة وتحدى للوصول إلى مكانة مميزة وتسعى بجدية لتغير نظرة المجتمع لذوى القدرات الخاصة، مضيفة: "وطبعًا مساندة والدها كان ليها أثر كبير فى مساعدتنا ودعمها فى التعليم والرياضة"، واختتمت "أمل" حديثها قائلة: "مازال أمام رحمة الكثير من الأهداف التى تأمل فى تحقيقها بالإضافة إلى حلمها بالظهور فى فيلم يظهر ذوى القدرات الخاصة "متلازمة داون" بصورة إيجابية".
وذكرت مع نهاية الحديث أن رحمة علمت فى مجالات مختلفة ففى نوفمبر 2018 شاركت فى البرنامج التبادلى الثقافى الفنى بين مصر وولاية تينسى بأمريكا، كما تم اختيارها عام 2015 المرأة الأكثر تأثيرًا، وتم تكريمها كإحدى الشخصيات الملهمة فى احتفال قنوات CBC، كما أنها حضرت عروض أزياء كعارضة فى عام 2016 ووضعت صورتها على غلاف إحدى المجلات.
وأضافت أن "رحمة" تعمل متحدث رسمى بالجمعية المصرية الاتحادية للإعاقات الفكرية، وشاركت فى الكثير من الأعمال، بالإضافة لتأسيسها صفحة على "فيسبوك" لتوعية أولياء أمور ذوى الإعاقة والمجتمع بعرض النماذج الناجحة والمتميزة، وعمل أنشطة متنوعة فى كافة مايخص التوعيه بذوى الإعاقة، ومثلت مصر فى عدد كبير من الدول فى بطولات رياضية ومؤتمرات دوليه منها سوريا ولبنان وكوريا وعمان وأبوظبى وإيطاليا وأخيراأامريكا.