- هذه حكاياتى مع أبى فترة المراهقة ووصاياه ليلة الزفاف
رقيه السادات
اقبال
- كيف تعامل بطل الحرب والسلام مع زوجته السابقة وبناته بعد الطلاق؟
- لهذا السبب قال لى: ماتنسيش نفسك وأصلك لولا أبوكى بقى رئيس جمهورية كان زمانك بالجلابية
- أختى الرضيعة ماتت من الجفاف عشان أبويا مكانش معاه 3 تعريفة تمن الدوا
- قصة الفلاح الذى بحث عنه الرئيس وشهد على زواج ابنته.. ولماذا منح ابن الملك فاروق سيفا..ووصيته الأخيرة التى لم تنفذ
- والدى كان ينوى التنحى فى 25 أبريل وجهز مقرا لإقامته فى ميت أبو الكوم وهذه تفاصيل حوارى معه يوم زيارته للقدس
جلست الابنة الكبرى وعلامات الضيق تبدو على وجهها أمام أبيها الذى أصر كعادته فى المقابلات غير الرسمية أن يتناول الطعام على الطبلية، ظلت تبحث عن وسادة أو شىء مرتفع لتجلس عليه، بينما يتابع الأب علامات الضيق على وجهها ليباغتها قائلا: «مش عارفة تقعدى على الطبلية ياراكا هانم؟.. لولا أبوكى بقى رئيس جمهورية كان زمانك ماشية بالجلابية.. ماتنسيش نفسك وأصولك».
تضحك رقية السادات كبرى بنات الرئيس محمد أنور السادات وهى تتذكر هذا الموقف، فتحرص دائما على التحدث بفخر عن أيام الشقاء والفقر والكفاح التى عاشها والدها قبل أن يصبح رئيسا لمصر، بنفس حرصها على الحديث عن إنجازاته كرئيس لمصر وبطل للحرب والسلام.
تحتفل مصر والعالم بذكرى ميلاد السادات المئوية، وبهذه المناسبة أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قانونا لتكريمه، ومنحه أرفع جائزة يمنحها الكونجرس الأمريكى، وهى الميدالية الذهبية للإنجازات البطولية والإسهام الجرىء فى السلام فى الشرق الأوسط، ليكون السادات ثالث شخص يتم منحه هذه الميدالية بعد الرئيس جورد واشنطن، ونيلسون مانديلا.
أجرينا حوارا من نوع خاص مع رقية السادات الابنة الكبرى للرئيس السادات يقترب من المناطق الإنسانية فى حياته بين أيام الشقاء والرخاء، وتحدثت خلاله عن الجوانب التى لا يعرفها عنه أحد، وكشفت الكثير من الأسرار والجوانب الخافية فى حياة أبيها، ومنها أصعب المواقف التى واجهته وكيف تعامل مع أبنائه، ومع والدتها بعد الانفصال، وماذا قال لها فى ليلة زفافها، وتفاصيل أيامه الأخيرة ووصاياه التى لم تتحقق وأسرار آخر مكالمة ولقاء بينهما؟
رقيه السادات
ابنة أبيها وشبيهته.. تحمل الابنة الكبرى الكثير من ملامح أبيها وصوته وحتى لزماته وطريقته فى الحديث، فهى كما تقول «ابنة أبيها» وأكثر أبناء الرئيس قربا وشبها والتصاقا به والوحيدة من بين إخواتها التى عاشت فترة الشقاء الأولى فى حياته وفترات الاعتقال والهروب.
«كنت أنا وأبى كالأخلاء وكان يعتبرنى أخته لأن الفرق بيننا 23 عاما فقط، فأنا مواليد عام 1941، وكان يعتبرنى مندوبه الخاص فى البيت فى فترات غيابه، أتحدث بلسانه وأوصل تعليماته ووصاياه وكانت أمى تغار وتعتقد أننى أحب أبى أكثر منها ولقبتنى بابنة أبيها»، هكذا لخصت رقية السادات علاقتها بوالدها.
بدأت حوارها بالحديث عن فترات الكفاح الأولى فى حياة السادات قائلة: «كنت رفيقه فى الكثير من هذه الأحداث والأيام الصعبة وكان يقول لى أنتِ أختى مش بنتى».
تتذكر رقية السادات يوم القبض على والدها فى قضية مقتل أمين عثمان قائلة: «كنا فى منزل جدى بكوبرى القبة وكنت نائمة، وأستيقظت على أصوات اقتحام الضباط والعساكر، وصرخت عندما شاهدتهم يأخذون أبى، وكانت وقتها والدتى السيدة إقبال ماضى حاملا فى شقيقتى راوية».
وتتحدث عن زياراتها لأبيها فى المعتقل: «كان عمرى 5 سنوات وكان جدى يصطحبنى معه لزيارة والدى عام 1946، ولا أنسى المشهد الذى رأيته فى ممرات السجن، حيث شاهدت مساجين عراة الظهر تسيل منهم الدماء بعد ضربهم بالكرباج، فارتعدت وصرخت، لأننى اعتقدت أنه يتم تعذيب أبى مثلهم».
تشير رقية السادات إلى أن ضابط السجن وقتها كان الفنان صلاح ذو الفقار: «كان ضابطا حديث التخرج، وسألته وأنا أبكى «أنتم بتضربوا بابا كدة»، فطمأننى وأجلسنى على قدمه، وقال لى دول مجرمين لكن بابا مش مجرم، وجاء أبى ووجدته يرتدى البيجامة وشكله مهندم، حيث كان حريصا على مظهره حتى فى السجن وفى فترات الفقر».
تكمل الابنة حديثها عن هذه الواقعة قائلة: «أول ما شفته حضنته وسألته هما يضروك يا بابا؟، فقال لى أنا مش مسجون، أنا معتقل سياسيى وعاوز أرجع بلدى من الإنجليز، ليعلمنى بذلك أول درس فى الوطنية».
اقبال
تحكى رقية السادات عن الفترة التى هرب فيها والدها من معتقل الزيتون: «خلال فترة اعتقاله كنا ننتقل فى السكن بحسب المكان الموجود فيه حتى تستطيع أمى أن توصل له الطعام والملابس وبعد هروبه من معتقل الزيتون انتقلنا للسكن فى المرج وروض الفرج».
وتابعت: «أتذكر جيدا بعد هروبه من المعتقل أنه كان يحملنى معه لمقابلة عزيز باشا المصرى الذى بدأت علاقته به منذ كان أبى طالبا بالكلية الحربية سنة 1936، وكان وقتها عزيز باشا محددة إقامته فى فيلا زينب هانم الوكيل، وكان والدى يذهب إليه متخفيا ومرتديا الجلابية واللاسة وقفزت معه من سور الفيلا، والتقيت بعزيز، ووقتها كان أبى يطلق على نفسه اسما مستعارا وهو محمد نور الدين».
تفسر الابنة عدم خوف أبيها عليها فى هذا الموقف قائلة: «أراد أن يعلمنى الشجاعة ومعاناة الحياة، وأن يثقل شخصيتى بالجرأة فى الحق وهو ما نشأت وتربيت عليه وعلمته لأولادى».
تشير إلى أنها قابلت عزيز باشا المصرى للمرة الثانية خلال انعقاد المؤتمر الإسلامى أغسطس 1954 فى عوامة الفنان فريد الأطرش التى تقع أمام منزله بالعجوزة وأعطاها لإدارة المؤتمر حتى تتم فيها مقابلات كبار الشخصيات، وذلك أثناء عودتها من المدرسة: «رحب بى عزيز باشا وقالى لى كبرتى يارقية».
ابنة الرئيس ماتت بسبب عجزه عن شراء الدواء.. تحكى الابنة عن أصعب المواقف التى واجهت الرئيس السادات خلال فترة هروبه قائلة: «وضعت الدتى شقيقتى راوية الأصغر منى والمولودة قبل راوية أختى الحالية، وأصيبت الرضيعة بإسهال وجفاف شديد وأوصى الطبيب بضرورة إعطائها محلولا وكان ثمنه 3 تعريفة، وبابا مكانش معاه هذا المبلغ فأعطاها عسل أسود ولكن تدهورت حالتها وماتت، وظل أبى يذكر هذا الموقف وتأثر به طوال حياته، لذلك أصر عندما أنجبت أمى طفلة ثالثة أن يسميها راوية باسم شقيقتى التى توفت».
تشير إلى أن والدها عمل خلال هذه الفترة التى سمى نفسه فيها محمد نور الدين، سائقا وعتالا وفى مهنة البناء: «هناك حمام سباحة فى الزقازيق مكتوب عليه اسم المقاول محمد نور الدين، وفى أحد الليالى كان أبى نائما فى السيارة فى عز البرد وشاهده رجل من أهل البلد وصمم أن يأخذه لينام فى بيته».
تؤكد رقية السادات أن والدها لم ينس هذا الموقف طوال حياته، وعندما أصبح رئيسا أرسل للبحث عن الرجل وزاره ولم يصدق الرجل نفسه، وعندما عرف السادات أن ابنة الرجل تستعد للزواج جهزها وحضر زفافها، وكان شاهدا على عقد زواجها.
وفاء بعد الانفصال وحتى الموت.. تنطلق الابنة من هذا الموقف لتتحدث عن وفاء والدها، قائلة: «أبى كان وفيا ولا ينس المعروف».
تتطرق إلى علاقته بوالدتها السيدة إقبال ماضى، مؤكدة أنه كان وفيا لها حتى وفاته رغم الانفصال وزواجه من جيهان السادات: «أمى كانت ابنة واحدة بين 6 أشقاء ذكور وكانت عائلتها وعائلة أبى أكبر عائلتين فى ميت أبو الكوم، فجدى السادات كان يتقن اللغة الإنجليزية وهو الذى قام بالترجمة بين المصريين والإنجليز فى حادثة دنشواى، وجدى لوالدتى العمدة محمد بك ماضى حصل على الباكوية من الخديوى عباس، وكان أبى صديقا لأخوالى وتزوج والدتى عن حب وظل الود بينهما حتى وفاته».
وتابعت: «عندما قرر أبى الانفصال عن أمى عام 1948، وكان ذلك قبل زواجه من طنط جيهان استسمح أشقاءها، وأكد لهم أنه لن يتخلى عنها وعن بناته الثلاثة أنا وراوية وكاميليا، وبالفعل كان يستأجر لنا بيتا قريبا منه حتى يزورنا باستمرار، وتولى مسؤوليتنا ومسؤولية أمى كاملة، عندما مرضت أمى سافرت للعلاج فى فرنسا على نفقته، وقبل وفاته قرر لها معاشا استثنائيا، وقال لى مش عاوزها تتبهدل وتتذل أو تحتاج لحد حتى ولادها».
وأردفت رقية السادات قائلة: «والدى أكرم أمى فى حياته وبعد مماته وأعطى بتصرفاته وأخلاقه مثلا ونموذجا لكل الرجال، وظلت أمى تحبه حتى وفاتها، ورفضت الزواج بعده رغم أنه تقدم لها الكثيرون، وعندما توفى أقامت له عزاء لمدة 3 أيام».
تشير رقية السادات إلى الخطابات التى كان يرسلها لها والدها، والتى تبدأ دائما بعبارة ابنتى الحبيبة راكا، وهو الاسم الذى يدللها به دائما، يسألها فيها عن أحوالهم ويخبرهم بأحواله، فيشير فى أحد الخطابات التى أرسلها لهم من رفح عام 1948 بعدما عاد للجيش أنه أرسل إليهم مبلغ 5 جنيهات كان سيشترى بها بدلة جديدة، وخطابا ثانيا يشير إلى قوة العلاقة بينه وبين الرئيس جمال عبدالناصر، ويقول فيه: «عندما أحضر فى الإجازة سآخذكم فى فسحة بسيارة عمكم جمال».
تضحك ابنة الرئيس السادات قائلة: «كنت بانقل لبابا كل حاجة بتحصل وكانت ماما لما تحب تخبى حاجة تقول ماحدش يقول قدامها، وكان موصينى على إخواتى ولو عملوا حاجة غلط أنا اللى أتعاقب وأنا المسؤولة وأتكلم بلسانه أمام العائلة وأبلغ رسائله حتى لأعمامى وعماتى، ولذلك اكتسبت بعض العداوات، وكان يعزز موقفى أمام إخوتى».
العلاقة مع جيهان السادات.. تتحدث عن العلاقة مع جيهان السادات وإخوتها من أبيها قائلة: «طنط جيهان لها كل الوقار فهى أم أخوتى، وبابا كان عنده مبادئ وقيم وسلام داخلى فلم يجُر على حق أيا منا وكنت الأخت الكبرى للجميع، فالفرق بينى وبينهم كبير، بينى وبين راوية 5 سنوات وكاميليا 8 سنوات وجمال 15 سنة ولبنى 13 سنة، ونهى 18 سنة ونانا 20 سنة، وأراهم مثل أولادى».
توضح هذه العلاقة قائلة: «لم تكن فكرة وجود زوجة ثانية وأولاد غريبة عنى حيث نشأت فى بيت يعيش فيه أعمامى وعماتى الصغار أخوة أبى من أبيه، وتولى أبى رعايتهم جميعا، فلم يكن هناك فرق بين أخ شقيق أو غير شقيق الكل أخوة، كما أنه لم يفرق بيننا فى المعاملة وكان أبا حنونا لا يستطيع أن يرى أحد أبنائه يأخذ حقنة».
تشير رقية السادات إلى احتفاظ والدها واعتزازه بأصوله الريفية، مؤكدة أنه ظل حتى ظل حتى وفاته يأكل على الطبلية فى المقابلات غير الرسمية، ويحتفظ بطبيلة فى منزل الجيزة وفى ميت أبوالكوم.
كيف عامل الرئيس ابنته فترة المراهقة وليلة الزفاف.. تتذكر رقية السادات فترة صباها قائلة: «بابا كان فرحان بى جدا لما وصلت لسن 14، وكان بيقولى انتى بقيتى أنسة ولازم تحافظى على مظهرك لأن المظهر جزء من الشخصية وأخذنى إلى ترزى فى العتبة واختار معى القماش الذى يليق ببشرتى وقال لى ياراكا يابنتى الفستان يتلبس الصبح والتايير بعد الضهر، وعلمنى إزاى أختار الألوان، ولما اتخطبت نزل معايا شارع قصر النيل، واشترى معى الأحذية والشنط من شيكوريل».
وتابعت: «بابا كان شيك جدا وذوقه عالى حتى فى أيام الفقر، وهناك مجلة أوربية اختارته ضمن أشيك 10 رجال فى العالم».
وتستطرد قائلة: «ادعى البعض كذبا أنه بيشترى ملابسه من برة، رغم أن كل ملابسه كانت تفصيل سويلم ومحله فى شارع عدلى».
تنتقل ابنة السادات للحديث عن زواجها ووصايا الرئيس لها ليلة زفافها من الدكتور أمين عفيفى قائلة: «كان أبى مهتما بكل التفاصيل أكثر من ماما، حتى فى الأشياء التى كان من المفترض أن تقوم بها والدتى، وأرسل لى قبل الزقاف بيوم ليعطينى الوصايا العشرة، وأغلق الباب وتحدث معى قائلا: شوفى ياراكا يابنتى انتى هتتنقلى إلى مرحلة جديدة، دلوقت إحنا المسؤولين عنك، لكن فى المرحلة الجاية هتكونى أنتى المسؤولة عن أسرة، ولازم تاخدى بالك لأن جوزك طبيب ولسه فى المرحلة الأولى من حياته وعنده مذاكرة وشهادات يجب أن يحصل عليها حتى يترقى، وهيكون مشغول بمستقبله، وعندما يحقق أحلامه ويترقى سيعود ذلك بالخير عليكى وعلى أولادك». واستكملت رقية السادات وصايا والدها: «قال لى المفروض زوجك يجد الراحة فى البيت حتى يتفرغ لدراسته، فالست هى المسؤولة وإذا نجح الزوج تكون هى التى نجحت وإذا فشل تكون هى الفاشلة، وكذلك مع الأولاد، إذا نجحوا تكونى نجحتى فى تربيتك وإذا فشلوا فاعلمى أنك مقصرة، والعبء والمسؤولية كلها عليكى».
تشير ابنة الرئيس قائلة: «بهذه الكلمات والوصايا رسم أبى خط سير حياتى، عمرى ما اشتكيت، ولكن بعد معاناة ومرور 22 عاما من الزواج، وعدم قدرتى على استكمال الحياة الزوجية قال لى أنتى نفذتى الوصايا العشرة واللى عاوزاه هاعمله».
تفسر رقية السادات زواج شقيقتها كاميليا فى سن صغير مشيرة إلى أن هذه الزيجة كانت لها ظروف خاصة، وأن جدها هو الذى صمم على إتمام الزيجة قائلة: «بابا ماكنش يحتمل علينا أى شىء».
عبقرية الأب والرئيس.. تتحدث الابنة بفخر عن عبقرية أبيها: «بابا كان أسطورة ومايعرفش المستحيل تعلم اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية فى السجن، وتعلم اللغة الروسية حتى يفاوض الروس أيام عبدالناصر، وعندما ذهب البرلمان الأوروبى تكلم باللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية، كما تعلم اللغة الفارسية وتحدث بها خلال مؤتمر القمة العربى فى الرباط ليرد على شاه إيران بالفارسى عندما عاب فى مصر». وتكمل: «بابا استلم البلد وفيها جزء محتل واقتصاد منهار وخلال 3 سنوات استطاع بناء الجيش وحارب وانتصر، واستعاد الأرض، ثم أيقن أنه من المستحيل أن نظل فى حروب دائمة، لذلك اتخذ قرار السلام، وقال لنا وقتها: اللى باعمله ده علشان ولادى وأحفادى يعيشوا فى سلام».
تشير رقية السادات إلى أن والدها عندما تلقى خبر استشهاد شقيقه عاطف خلال حرب أكتوبر كان فى غرفة عمليات الحرب ولم يبكِ، قائلة: «بابا عندما يحزن لا يبكى وعمرى ما شفت دموعه لكن كانت عينه تلمع وأشعر بحزنه دون أن يتكلم».
تحكى رقية السادات عن المكالمة التى دارت بينها وبين والده وهو يستعد للسفر إلى القدس قائلة: «كنت خايفة عليه وكلمته وكان فى الإسماعيلية وقلت له يابابا دى حاجة خطيرة وأنا خايفة عليك، فرد قائلا: ياراكا يابنتى السلام اسم من أسماء الله، وأنا عاوز أحمى أولادى والأجيال القادمة، وواثق إن ربنا لن يخذلنى».
وأردفت قائلة: «مصر استفادت بعبقرية أنور السادات، وبالفعل يعيش أبنائه الآن مستقرين ينعمون بالسلام».
وتتساءل: «هل كرمت مصر الرئيس السادات التكريم الذى يستحقه، وإذا كانت أمريكا كرمته وقدرته بهذه الجائزة فماذا ستفعل مصر لتكريمه؟».
تؤكد ابنة الرئيس أنها كانت تتوقع أن يتم الاحتفاء بالرئيس السادات فى مصر بصورة أكبر، ولكنها لم تحدد الطريقة التى تراها مناسبة لهذا الاحتفاء، قائلة: «أنا لا أستطيع أن أوجه الدولة كيف تحتفى بالرئيس السادات الذى احتفى به الغرب وكرمه فى مئويته»، واستنكرت رقية السادات عدم وجود شارع فى سيناء أو شرم الشيخ باسم أبيها».
وتذكر رقية السادات ما فعله والدها مع أسرة الملك فاروق قائلة: «عندما قامت حرب 1973 أرسل أحمد فؤاد ابن الملك فاروق وعائلته مبلغ ألف جنيه مساعدة لمصر فى الحرب، وتأثر والدى بهذا الموقف وأراد أن يرد الجميل، فأعاد الجنسية المصرية لعائلة الملك فاروق ومنحهم جوازات سفر دبلوماسية ودعا الأمير أحمد فؤاد وزوجته التى كانت حامل لزيارة مصر كى تلد فى نفس المستشفى التى شهدت ميلاد زوجها، ومنحه احمد فؤاد سيفا من سيوف والده الملك فاروق».
تحكى عن حنانه مع الأحفاد مشيرة إلى حرصه على أن يجمعهم فى ميت أبوالكوم كلما سمحت الظروف، خاصة فى رمضان: «كان مرتبطا ارتباطا كبيرا بأحفاده، وكان يؤكلهم بيده، حتى أحفادى الذين لم يروه يعشقوه ويقرأون عنه ومبهورين به، وحفيدى ذكريا ابن ابنى أشرف انبهر به بعدما استمع إلى خطاباته فى البرلمان الأوروبى».
وتشير إلى أن الرئيس السادات كان يعتكف فى ميت أبوالكوم فى العشر الأواخر من رمضان، ليختم القرآن، قائلة: «بابا سجل القرآن كاملا بصوته والنسخة موجودة بمكتبة الإسكندرية».
اللقاء والمكالمة الأخيرة.. تتحدث رقية السادات عن آخر لقاء جمعها بوالدها فتقول: «بابا كان حاسس بدنو أجله وأنا شعرت بذلك فى آخر مقابلة معه قبل استشهاده بثلاثة أسابيع».
وتابعت: «كان عمرى 40 سنة وكنت قاعدة أمامه على الكرسى فنظر لى وقال: تعالى اقعدى على حجرى ياراك، فتعجبت وقلت له فقلت له يابابا أنا عندى 40 سنة، فرد: مهما كبرتى هتفضلى فى عينى صغيرة، وبالفعل جلست على قدمه وقبلنى وكأنه يودعنى».
تكشف وصايا والدها، قائلة: «قال لى إنه سيتنحى عن الحكم بعد استلام الأرض فى 25 إبريل، وورانى التجهيزات اللى عملها علشان إقامته فى البلد بعد أن يترك الرئاسة، وأكد أنه سوف يستقر فى ميت أبو الكوم ولن يضع قدمه فى القاهرة، وسوف يتفرغ للحزب الوطنى، وكان حاسس إنه عمل اللى عليه، وأخبرنى والدى فى هذا اللقاء أنه خصص لأمى معاشا استثنائيا».
وتابعت: «فى هذا اللقاء قال لى إنه يريد أن يدفن فى وادى الراحة بسيناء، وأنه كلف حسب الله الكفراوى ليجهز القبر هناك، رغم أنه كان عامل قبر مخصوص له ولشقيقه الشهيد عاطف فى ميت أبو الكوم، وكان يعتكف فى وادى الراحة فى آخر رمضان بعد استلام الأرض واصطحب معه الدكتور نعينع».
وعن يوم استشهاده قالت رقية السادات: «تحدث أبى معى فى التليفون يوم 5 أكتوبر، وقال لى أبعتلك عمك فوزى يخلص الموضوع، قاصدا موضوع الطلاق، فقلت له أنا وعدت جمال أخويا أن أنتظر حتى عودته من أمريكا لاستكمال الإجراءات، ولا أريد أن أخلف وعدى معه» وتابعت: «فقال لى أبى: بعد العرض هاروح الجيزة وتعالى معايا نطلع ميت أبو الكوم نقرأ الفاتحة لعاطف، وبعدها هاسافر وادى الراحة فى سيناء، فاعتذرت وقلت له إحنا داخلين على عيد ومش هاقدر أسافر».
تشرد الابنة قائلة: «قال لى بكرة سجلى العرض علشان هيكون فى مفاجآت، فسألته: سلاح جديد ؟، فقال: لما تسجليه هتعرفى».
وتكمل قائلة: «شاهدت العرض وكلفت ابنتى سها بتسجيله ورأيت فيه تفاصيل ما حدث، وقالت لى والدتى إن نظرة أبى للسماء كانت مختلفة وليست عادية، وكأنه يرى مكانه فى الجنة».
وتابعت: «عندما وقعت الأحداث وتم قطع الإرسال كلمت السكرتير عدنان رفعت، فقال لى إن أبى ذهب إلى منزله بالجيزة، ولم أصدق وقلت له الطيارة بتعدى فوق راسى فى جاردن سيتى علشان تروح الجيزة والطائرة لم تمر، وذهبت إلى منزل الجيزة وحبسونى هناك لمدة 5 ساعات، وقالوا إنه فى مستشفى المعادى حتى جاء عمى عفت وأخبرنى بوفاة أبى وكانت أكبر صدمة فى حياتى».
وبحزن تقول: «رفضوا أن أراه ومنعونى أن ألقى عليه النظرة الأخيرة، ولكن ابنى محمد أنور وسميته اسم مركب حبا فى أبى رأه، وحضر الغسل ومع شقيقى جمال الذى يكبره بعامين فقط».
لا تفسر رقية السادات من الذين منعوها ولماذا واكتفت بقولها: «كلهم منعونى لإن لسانى طويل ولا أسكت على شىء».
وأضافت: «طلبت تنفيذ وصيته بدفنه فى وادى الراحة ولكن لم يتحرك أحد ولم تنفذ الوصية».
وتابعت: «بابا كان عاوز يزرع سيناء بالحجر والبشر والشجر، وأراد أن يقيم فيها ضاحية لكل محافظة تحمل اسم المحافظة، وينتقل عدد من أبناء المحافظات المختلفة للإقامة بها».
تؤكد رقية السادات أن شخصية والدها لم يتم تجسيدها فى السينما بما يليق به، قائلة: «أخبرنى أحمد زكى بأنه سيقدم فيلما عن بابا، قلت له كيف ستختصر 40 سنة من كفاحه فى ساعتين وأنه سيظلم تاريخ أبى، وشاهدت الفيلم فى السينما وفرحت عندما وجدت الشباب يصفقون لحظة ظهور الرئيس، ولكن الفيلم ظلم مرحلة كفاح والدى قبل الثورة».
وأضافت: «هناك لقطة خبيثة لم تعجبنى فى الفيلم ويظهر فيها أبى وهو يضحك ضحكة خبيثة لحظة دخوله قصر عابدين، وكأنه فرحان بوصوله للسلطة، أو أنه كان يكافح بهدف الوصول لقصر عابدين، بابا مكانش سعيد بكونه رئيس، وكفاحه لم يكن بهدف الوصول للرئاسة».