لم يكن الأسطى سيد يتخيل وهو يستخدم المكواة الرجل فى كى ملابس الشاعر مأمون الشناوى ويستعد لوضع الخطاب الذى كتبه لخادمة الشاعر الكبير فى جيب البنطلون يعرف أنه سيصبح يوما ما شاعرا غنائيا يكتب الأغانى لكبار النجوم، وأن هذا الخطاب الذى يحمل رسالته التى يقول فيها " عالحلوة والمرة مش كنا متعاهدين..ليه تنسى بالمرة عشرة بقالها سنين " محاولا استعطاف الخادمة وكسب ودها سيكون بداية لطريق جديد وتحول كبير فى حياته.
لعبت الصدفة دورها فى حياة الأسطى سيد مرسى عندما مد مأمون الشناوى يده فى جيبه ليعثر على الورقة التى تحمل هذه الكلمات، ويتسائل عن سر هذه الورقة وتلك الأبيات التى لم يكتبها، حتى اعترفت له الخادمة بأن المكوجى يغازلها بهذه الخطابات، فأمرها الشاعر الكبير بأن تستدعى المكوجى ليسأله إن كان يستطيع استكمال هذه الأبيات، وبالفعل استكمل المكوجى كلمات أغنية " عالحلوة والمرة"، ووقتها كان مأمون الشناوى يشكل ثلاثيا مع الملحن محمود الشريف والمطرب الذى سطع نجمه وقتها عبدالغنى السيد، فأقنع الشريف بأن يلحن هذه الكلمات ليغنيها عبدالغنى السيد وتصبح أشهر أغانيه ويغنيها بعده عدد من كبار المطربين ومنهم نجاة الصغيرة.
هكذا اكتشف الشاعر الكبير مأمون الشناوى عمنا سيد مرسى الذى أصبح واحدا من أهم شعراء الأغنية، وكتب مئات الأغانى لكبار نجوم الطرب حتى وفاته عام 1995، عن عمر جاوز المائة عام حيث تشير المراجع إلى أنه ولد عام 1887.
ورغم أن عم سيد لم يتزوج الخادمة التى كانت سببا فى اكتشافه إلا أنها كانت الصدفة والسر الذى منح الفن شاعرا كبيرا أمتعنا بروائع الكلمات، وأصبح اسم شهرته الذى عرف به فى الوسط الفنى " سيد مرة " نسبة إلى أغنيته الأولى "عالحلوة والمرة " وكتب بعدها مئات الروائع لكبار المطربين ومنهم شادية وهدى سلطان ووردة وفايزة أحمد وليلى مراد ومحمد قنديل وسعاد مكاوى ومحرم فؤاد وعفاف راضى وميادة الحناوى، ولحن أشعاره كبار الملحنين ومنهم محمد فوزى ومحمد سلطان وبليغ حمدى.
ويكفى أن تعرف أن من بين الأغانى التى كتبها عمنا سيد مرسى، ومعظمها يعبر عن نار الشوق والحب والغربة: "احضنوا الأيام، وحشتونى، ياولاد الحلال، اشترونى، خليكوا شاهدين، صعبان علينا، والنبى وحشتنا، رودا السلام، أهى دى الدنيا، أول وآخر حبيب، فاتت سنة، اسمعونى، خليك هنا خليك، كله ماشى، وأدى حالك ياهوى".
ارتبط الشاعر سيد مرسى بمنطقة بولاق أبو العلا التى ولد وعاش بها وشهدت كل نجاحاته واحباطاته، ولم يتركها إلا بعد أن تهدم منزله فى زلزال 1992.
وكتب سيد مرسى عن كل تفاصيل حياتنا، ورغم أنه ابتعد عن السياسة، إلا أنه كتب أغنية وحيدة لها طابع سياسى خلال فيلم "إحنا بتوع الأتوبيس"، ولحنها بليغ حمدى، وهى أغنية "ليا مين غيرك يا بلدى"، ورحل عم سيد مرسى عن عالمنا بعد حياة حافلة بالإبداع عام 1995 وترك لنا ميراثا كبيرا من أجمل الأشعار والأغانى.