يحتفى المصريون دائمًا بانتمائهم لقارة أفريقيا بمختلف المناسبات على امتداد سنوات ظلت بها مصر جزءا لا يتجزأ من القارة السمراء وبوابتها المتصلة بالحضارات المختلفة، فهى البوابة والمعبر الأقرب لمعظم بلدانها بقارتى أوروبا وآسيا، لذا لم يكن غريباً أن يحرص المطربون المصريون منذ القدم على التباهى بتلك الأصول الأفريقية عبر عدد من الأغانى التى خلدت علاقة مصر بجيرانها مثلما يظهر خلال السطور التالية التى نرجع بها إلى الستينات، حيث تزعمت مصر آنذاك حركات التحرر من الاستعمار بكل أشكاله، مؤكدة اعتزازها بالنهوض بالشعوب المجاورة، وهو الأمر الذى انعكس على الفن من خلال عدد من الأغانى اتسمت بروح وحماسة مصر فى مساندة جيرانها.
ولعل أبرز تلك الأغانى أغنية محمد فوزى الشهيرة، والتى حملت اسم "أفريقيا شعبك حر" التى تؤكد تلك المعانى، والذى طرحها المطرب الراحل عام 1963 بالتحديد موجهها لكافة الشعوب.
أغنية فوزى لم تكن الوحيدة بتلك الفترة، وإنما كانت باكورة لعدد من الأغنيات التى غنتها فايزة أحمد، وكارم محمود، وغيرهما من نجوم الطرب خلال تلك الحقبة، فقد غنت فايزة أحمد أغنية لا تقل حماسًا عما قدمه فوزى عبر "شعب افريقيا العريق" التى ردت بها على نغمات الاستعمار الذى تغنى بأفضاله على ذوى البشرة السمراء، بحجة أنه يحتاج لقيادة البيض فى التقدم نحو معيشة أفضل وحضارة لن يصل إليها إلا بالاعتماد عليه، لترد فايزة أحمد بجملتها الشهيرة "سوف نحيى كلنا، أرض أفريقيا لنا وستبقى أمنا وهى للأحرار".
الأغانى لم تقف عند هذا الحد، وإنما تم تقديم أوبريت فى الإذاعة المصرية خلال تلك الفترة، وذاع صيته إلى حد كبير لما كان يتضمنه من كلمات ثورية إلى حد كبير رفعت أدرينالين الغضب والثورة، وردت على كل الحملات الموجهة من الاستعمار بمقدمة كانت كافية لإعلان قيادة مصر لجيرانها، ومساندتهم فى تحررهم بكلمات مثل "أفريقيا للأفريقى لا الأجنبى ولا الصهيونى ولا الفرنساوى"، وهى الأغنية التى حملت راية الغضب فى وجه كل مستعمر.