منتصف شهر مايو الجارى يعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء رسميا عن وصول عدد سكان مصر بالداخل والخارج إلى 101 مليون نسمة يوجد منهم 93 مليون نسمة داخل البلاد و88 مليون نسمة بالخارج.
تاريخ الزيادة السكانية فى مصر
نبدأ القصة منذ وصول تعداد سكان مصر لأول 10 مليون نسمة عام 1900، وخلال 50 سنة وصل عدد سكان مصر إلى 20 مليون نسمة عام 1950 طبقا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وخلال 5 سنوات فقط وبالتحديد في الفترة ما بين 2012 وحتى عام 2017 ارتفع عدد سكان مصر بالداخل من 83 مليون نسمة إلى 93 مليون نسمة وهو ما وصفه المستشار محمد عبد الجليل، مستشار رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء للإحصاءات السكانية بأنه «الانفجار السكانى فى مصر» حيث أن عدد سكان مصر زاد خلال 5 سنوات 10 ملايين نسمة.
معدل الزيادة السكانية مقارنة بدول العالم
وقال المستشار محمد عبد الجليل مستشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء للإحصاءات السكانية، في تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، إن «معدل المواليد في مصر خلال الفترة الأخيرة بلغ 2.7 مليون مولود خلال العام الواحد ومعدل الوفيات يبلغ 600 ألف حالة وفاة سنويا، وبالتالى يكون معدل الزيادة الطبيعية للسكان فى مصر خلال العام الأخير 2.1 مليون نسمة سنويا».
وأضاف عبد الجليل، أن معدل الزيادة السكانية في مصر وصل إلى 2.4% فى العام الأخير وهو معدل غير مسبوق، لأن معدل النمو السكانى في الدول النامية نصف هذا الرقم ويتراوح ما بين 1.1% إلى 1.3%، و5 أمثال الدول المتقدمة فمعدل الزيادة السكانية في الصين يصل إلى 0.5%، و8 أمثال الدول الأكثر تقدما مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وفرنسا التي يبلغ معدل الزيادة السكانية بها 0.03%، فمعدل زيادتنا بالمقارنة بالدول الأكثر تقدما يكون 3 فى الألف للولايات المتحدة الأمريكية، فى مواجهة 24 فى الألف لمصر.
المحافظات الأكثر إنجابا
وطبقا للإحصائيات فإن المحافظات الأكثر إنجابا فى مصر، هى محافظات الصعيد فيبلغ معدل الزيادة السكانية فى الفيوم 3.1%، وفى محافظة بنى سويف 3%، وفى محافظة المنيا 2.9%، وفى محافظة أسيوط 2.8%، وفى محافظة سوهاج، 2.8% أيضا، وفى محافظة قنا 2.7، محافظة البحيرة 2.6%، ويرى عبد الجليل أن مشكلة الزيادة السكانية فى مصر تتركز في محافظات الصعيد فعدد سكان تلك المحافظات يمثل 25% من إجمالى عدد سكان مصر، فمن المفترض إذا أن يكونوا مسئولين عن 25 من الزيادة السكانية، ولكنهم فى الواقع مسئولين عن نسبة 40% من الزيادة السكانية نظرا لزيادة عدد المواليد عن بقية محافظات مصر ومتوسط معدل المواليد على مستوى الجمهورية.
ولذلك تعد محافظات الصعيد أحد أبرز أسباب الانفجار السكانى ويرجع ذلك إلى زيادة نسبة الفقر، وانخفاض مستوى المعيشة والدخل، ودائما هناك علاقة طردية بين الفقر والتناسل وزيادة معدل الإنجاب، فكلما زاد الفقر زاد معدل التناسل والإنجاب فالأطفال هنا يمثلون مصدر للدخل لأبويهم، ذلك بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الأمية في تلك المحافظات، فمعدل الأمية فى مصر يبلغ 29.6%، أما فى المحافظات التى سبق الإشارة إليها فإن نسبة الأمية تتعدى الـ 40%، كذلك الرغبة فى إنجاب الذكور فيتواصل إنجاب الإناث من قبل تلك الأسر حتى يأتى المولود الذكر.
ومن أسباب الزيادة السكانية أيضا التي رصدها الجهاز، السن المبكر للزواج، فكشف عبد الجليل أن هناك 4500 حالة سيدات أرامل فى مصر فى سن 16 إلى 19 عاما، بالإضافة إلى عدم توافر وسائل تنظيم الأسرة بدرجة كافية، وظهر في الفترة الأخيرة سبب مستحدث تمثل في الدراما الحديثة التي تثير الغرائز الجنسية وتلوث العقول.
متطلبات معدل المواليد
وأوضح مستشار رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء للإحصاءات السكانية، أنه عندما يصل عدد المواليد في مصر إلى 27 مليون في العام الواحد فهذا يعنى أننا سنكون بحاجة إلى 2700 مدرسة كبيرة الحجم مكونة من 25 فصلا كل فصل به 40 تلميذا كي يستوعب ذلك العدد، وتابع عبد الجليل، هناك تماثل في النوع بين الذكور والإناث في مصر، فنسبة الذكور 51%، ونسبة الإناث 49% وبالتالي فسوف نحتاج، مليون و350 ألف مسكن لاستيعاب ذلك العدد من المواليد، أضف إلى ذلك ما يحتاجه المواليد من رعاية صحية واجتماعية، مما يمثل ضغطا كبيرا على التنمية الاقتصادية.
كيف نواجه الزيادة السكانية؟
وعن سبل مواجهة الزيادة السكانية قال عبد الجليل، إنه بالنسبة لواجبات الأسرة فقد أجاز العلماء وأفتوا بعدم حرمانية تنظيم الأسرة وصحيا يجب الفصل بين المولود الأول والثاني بـ 3 أو 4 سنوات وبين الطفل الثاني والثالث بـ 5 إلى 6 سنوات، أما بالنسبة لواجبات الدولة، فيجب عليها أن تطبق القانون بحزم وأن تمنع زواج القصر وأن يكون سن الزواج 18 عاما فقط، كذلك يجب توفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان والإعلان عنها وتسهيل الوصول إليها، تفعيل دور الرئدات الريفيات وتفعيل خدمة الخط الساخن برقم 16021 للحصول على المشورة.
محاربة الأمية التي تقترب نسبتها الآن من 25 % في مصر وتنتشر خاصة في الريف ونسبتها مرتفعة بين الإناث هناك، خلق فرص عمل لاستيعاب أكبر عدد من المتعطلين عن العمل عن طريق إقامة مشاريع اقتصادية خاصة في الصعيد، لرفع قراه من خط الفقر وتحسين مستوى المعيشة هناك، وتفعيل دور الرقابة على المصنفات الفنية والارتقاء بنوعية الدراما المقدمة على شاشات التلفزيون للتصدي لتلك التي تثير الغرائز.
الوضع الاقتصادى وزيادة السكان
حتى يكون الوضع الاقتصادي مستقر فيجب أن يكون معدل النمو الاقتصادي ضعف معدل النمو السكاني، ومعدل النمو السكاني في مصر الآن هو 2.4% ما يعنى أن معدل النمو الاقتصادي حتى تستمر الأوضاع كما هو عليه يجب أن يكون 4.8%، أما كي يشعر الناس بالرفاهية فيجب أن يكون معدل النمو الاقتصادي 3 أمثال معدل الزيادة الطبيعية في عدد السكان أي أن يكون معدل النمو الاقتصادي من 7-8%، ونظرا لصعوبة تحقيق ذلك خلال الفترة الحالية فيجب على الدولة أن تبذل مجهودات حثيثة لتحجيم معدل الزيادة السكانية وتوفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان.
واختتم مستشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء للإحصاءات السكانية حديثه لـ «صوت الأمة» قائلا: «الجهاز لديه بيانات دقيقة عن كل الأقسام والمراكز عن الزيادة السكانية، وبيانات تحليلية، ولديه خطط مقترحة لعلاج تلك الأزمة والتصدي لها ونحن على أتم الاستعداد للتعاون مع كافة أجهزة الدولة من أجل تطبيقها».