- أول من كتب عن الحارة وابتكر شخصية مشمش أفندى فى فيلم كرتون فكتبت الصحف العالمية «ميكى ماوس أصبح له أخ مصرى»
- أصدر 4 مجلات ضد الاحتلال وهذه حكاية التار البايت مع الجمهور بسبب «الجنيه المصرى»
- بترت أصابعه وفقدت زوجته بصرها وتوفى ابنه الفنان شاباً فى الثلاثين تاركا 3 بنات
- "دنجى دنجى" أول معرفته بفنان الشعب و"بلح زغلول" تسببت فى حبسه
- أصدر 4 مجلات ضد الاحتلال وغنى فى الأوبرا ولحن لزكريا أحمد ومنيرة المهدية وكان يمثل وقت اللزوم
- الريحانى سمى ابن شقيقه باسمه ولم يعرف أنه مسلم إلا فى عزاء والدته وهذه حكاية التار البايت مع الجمهور بسبب "الجنيه المصرى"
- الحفيدة: كتب أروع الأعمال الكوميدية وبيته يسبح فى بحر الأحزان
- بترت أصابعه وفقدت زوجته بصرها وتوفى ابنه الفنان شاباً فى الثلاثين تاركا 3 بنات
فى شقة تتوسطها صورة الفنان الكوميدى الراحل عادل خيرى جلست ابنته عطية فنانة الرسوم المتحركة ومخرجة أفلام الكارتون فى غرفة مكتب والدها تستعرض أحد أفلامها الذى يتحدث عن قصة الحضارة المصرية القديمة الذى فاز بعدة جوائز وتستعد لأول مؤتمر يهدف لجمع كل أرشيف أفلام الكرتون المصرية التى ليس لها قاعدة بيانات، تتفحص عددا من رسوم الأطفال الذين شاهدوا عروض الكرتون المصرى وأقامت لهم بعدها مسابقة فى الرسم، تغمض عينيها وتتذكر علبة الأقلام التى كان يحتفظ بها جدها المبدع رائد المسرح بديع خيرى، حيث كان يكتب إبداعاته من الشعر والزجل والمسرحيات والمقالات والسيناريوهات بأقلام رصاص، ويخصص لكل عمل من أعماله قلما واحدا وبعد الانتهاء من الكتابة يحتفظ ببقايا القلم كذكرى لهذا العمل، تتذكر حين كانت تعبث بهذه الأقلام أو تحاول استخدام أحدها فى الرسم فيمنعها الجد الذى اعتبر كل قلم منها جزءا منه ومن تاريخه وتراثه.
تعود عطية عادل خيرى أكثر من 50 عاما للوراء حين كانت طفلة تجلس فى غرفة جدها بديع خيرى يداعبها ويحكى لها الحكايات فلا تمل من الجلوس معه، ولا يمل من الحديث معها فهى أول حفيدة ولها مكانة خاصة لدى الجد، وازدادت مكانتها بعدما توفى ابنه عادل خيرى والد الطفلة شابا فى بداية الثلاثين من عمره وتركها قبل أن تكمل عامها السادس، بينما كانت شقيقتيها الأصغر عزة 4 سنوات وعبلة عامين مع والدتهما الشابة المحامية والسباحة العالمية إيناس حقى.
تستعرض عطية عادل خيرى عدداً من الصور القديمة، ومنها صور عائلية وفنية لجدها ووالدها، وصور لأعضاء فرقة الريحانى فى حفل زفاف والدها، وفى كواليس المسرحيات، صور كثيرة يظهر فيها قصة الحب بين أبيها وأمها وزواجهما، وقوة العلاقة بين والدتها وجدها بديع خيرى، وبعض الصور تجمعها هى وشقيقاتها فى الطفولة مع والدهم.
فى هذه الأجواء تحدثنا عن عائلة استثنائية توارثت جينات الفن والإبداع فى مجالات كثيرة، فالجد بديع خيرى الذى يتزامن الحديث عنه مع الذكرى المئوية لثورة 1919، هو أحد صناع هذه الثورة وكاتب أهم أغانيها ومنها «قوم يا مصرى، ويا بلح زغلول»، وهو المبدع متعدد المواهب، فهو رائد المسرح، وشاعر ومؤلف وكاتب سيناريو، شريك وصانع مسرح الريحانى ورفيق عمره، وصديق وصانع روائع فنان الشعب سيد درويش الذى جسد كل معانى التعايش معبرا عن هذا الانصهار بين أبناء الشعب المصرى والشعوب التى انصهرت معه، فكتب الزجل والأغانى بلسان المصرى والسودانى والإيجريجى «دنجى.. دنجى»، «مخسوبكوا أنداس»، وغنى بلسان الموظف والشيال والصعيدى والفلاح والجرسون الصحفى «شد الحزام على وسطك، يا حلاوة أم إسماعيل، هز الهلال ياسيد، الحلوة دى قامت تعجن، البحر بيضحك ليه، اقرأ يا شيخ فقاعة تلغراف آخر ساعة، آه ده اللى صار»، وتنوعت إبداعاته فكتب أجمل أغانى محمد فوزى «شحات الغرام، وليا عشم وياك ياجميل»، ولأسمهان «عليك صلاة الله وسلامه»، كما كتب سيناريو أول فيلم عربى يتحدث عن الحارة المصرية وهو فيلم «العزيمة»، وفضلا عن كل هذه المواهب أصدر عددا من الصحف والمجلات، ومازال إبداعه منبعا وملهما لعشرات الفنانين الذين أعادوا تقديم روائعه الصالحة لكل زمان ومكان.
والأب عادل خيرى هذا الفنان الكوميدى ذو العمر القصير الذى رسخت عباراته وإيفيهاته فى الأذهان رغم أن عمره الفنى لم يتجاوز 7 سنوات «انتى اشتغلى إيه، سواق يا فندم سواق، اتفسحى يازكزوكة»، وأبدع فى مسرحيات الريحانى ومنها «إلا خمسة، ياما كان فى نفسى، الشايب لما يدلع، 30 يوم فى السجن وغيرها»، فضلا عن مواهب أخرى لم يمهله القدر كى يستغلها، و3 حفيدات أبدعت كل منهن فى مجال مختلف.
موليير العرب المبدع فى كل مجالات الفن
تحمل عطية عادل خيرى كثيرا من ملامح جدها وخفة ظل أبيها وورثت من كليهما جينات الفن الهادف، حيث تأخذ على عاتقها قضية إنتاج ونشر وتوثيق أفلام الكارتون المصرية التى تتحدث عن الأزهر والفراعنة والقضايا الاجتماعية الوطنية وابن بطوطة وغيرها من موضوعات تثقيفية تفيد الأطفال والكبار وخاصة المتسربين من التعليم، وحصلت على 17 جائزة إحداها من اليونسيف، تفخر بأن جدها وضع سيناريو أول فيلم كارتون مصرى فى الثلاثينيات ونفذه الأخوة فرنكل وناقش هموما وقضايا مصرية فى سلسلة حلقات حملت اسم «مشمش أفندى»، وكانت تعرض فى السينما وتحدثت عنه الصحافة العالمية وقتها تحت عنوان «ميكى ماوس أصبح له أخ مصرى»، ويوضع هذا الكرتون فى سجلات التطور التاريخى لفن الكرتون فى العالم.
تبدأ عطية عادل خيرى الحديث عن جدها المبدع بديع خيرى الذى أطلق عليه الكثيرون اسم موليير العرب لتعدد مواهبه، وتتذكره الحفيدة أكثر مما تتذكر أباها: «عاصرت جدى وأتذكره أكثر من أبى الذى توفى وأنا فى عمر 6 سنوات، بينما مات جدى وعمرى 9 سنوات».
تصف الحفيدة تفاصيل بيت جدها فى باب اللوق قائلة: «كنا متعودين نقضى أنا وإخواتى أجازات نهاية الأسبوع فى بيت جدى وكنت أستعمره حين أراه وأدخل غرفته ولا أتركه، وكان يحكى لى المغامرات وقصص الأنبياء، وكان البيت عبارة عن طابقين بسلم داخلى وبطول هذا السلم وضع جدى صور كاريكاتير لكل نجوم الكوميديا فى عصره، نجيب الريحانى وسليمان نجيب، وبشارة واكيم، وشرفنطح وغيرهم».
تضحك حفيدة بديع خيرى قائلة: «كان أكثر ما يضايق جدى أن آخذ أحد الأقلام الصغيرة التى يحتفظ بها».
وتقول بفخر: «مفيش حد موهوب فى جميع فروع الفن مثل جدى، فلم تقتصر مواهبه على الكتابة والتأليف شعرا ومسرحا وسينما وأغانى ولكنه قال فى أحد البرامج النادرة إنه لحن وغنى، وكان عايش مع الناس ولا يتعالى بفنه على الجمهور وله موقف من كل الأحداث حوله وترجم ذلك فى أعماله لذلك عاش فنه».
تحكى عن بدايات جدها: «ولد فى 18 أغسطس 1893، ونشأ فى مناطق شعبية ومنها روض الفرج والمغربلين، وتمتد جذوره إلى عائلة الأمير محمد كتخدا الخربوطلى، وكان واسع الثقافة والاطلاع وحفظ القرآن، وقويا فى اللغة العربية ويهوى كتابة الزجل منذ طفولته، وتخرج من مدرسة المعلمين العليا فى فترة لم يكن فيها التعليم منتشرا فى مصر، وتعلم اللغات وعمل مدرسا للغة الإنجليزية».
وتشير بعض المصادر إلى أن بديع خيرى ينتمى إلى أب من أصول تركية، كان يعمل مديراً لحسابات «الوالدة باشا» أم الخديوى عباس، ووالدته «كولفدان هانم» ابنة الشيخ الليثى أشهر تجار الغورية.
تشير عطية عادل خيرى إلى أن جدها كان يحلم فى بداياته أن يكون ممثلا، ومارس هوايته مع فرق الهواة، حتى تعرف على الريحانى.
وفى لقاء تليفزيونى نادر تحدث بديع خيرى عن بداياته، مشيرا إلى أن علاقته بالمسرح بدأت عام 1914 كممثل هاو، وكان يقدم مونولوجات ويؤلف لزملائه الهواة، وأوضح أن المطربة فاطمة قدرى طلبت منه أن يؤلف لها مونولوجا فكتب لها مونولوج» ليلة العيد كنت مخدر»، فمنحته أول أجر عن شىء يكتبه وهو مبلغ 50 قرشاً.
مع الريحانى رحلة صداقة وإبداع
وأوضح خيرى فى هذا اللقاء كيف تعرف على الريحانى، مشيرا إلى أنه أنشأ مع مجموعة من شباب الهواة تجمعا أطلقوا عليه «نادى التمثيل العصرى» وكتب أول مسرحية فى حياته بعنوان «أما حتة ورطة»، فنالت إعجاب الجمهور، لأنها اختلفت عما كان يعرض من مسرحيات مترجمة، حيث كانت تتحدث عن المجتمع المصرى.
وتابع: «كان نجيب الريحانى يسكن أعلى المسرح الذى تعرض فيه الفرقة وجاء فى أحد الأيام ليشاهد المسرحية فأعجبته وسأل عن مؤلفها، فأرسل لى وعرض على العمل معه والتأليف لفرقته مقابل مرتب كبير، ولكن قلت أجرب، ولو حققت نجاحا أترك التدريس، وكان أول تعاون بيننا هو مسرحة «على كيفك» ومسرحية و«كله من ده».
وخلال هذا اللقاء أشار بديع خيرى إلى مصادفة غريبة حدثت يوم كتابة العقد بينه وبين الريحانى، حيث تم تحرير العقد فى 18 أغسطس عام 1918، وهو نفس تاريخ ميلاده.
تشير عطية عادل خيرى إلى أن جدها تنازل عن حلمه فى التمثيل بسبب تفوقه فى الكتابة خاصة مع عدم وجود نصوص جيدة: «الفرق اللى بدأ فيها قالوله كلنا بنعرف نمثل لكن أنت الوحيد اللى بتعرف تكتب، ورغم ذلك مثل فى بعض الأعمال مع فرقة الريحانى إنقاذاً للموقف إذا حدث أى طارئ».
وهو ما أوضحه بديع خيرى فى أحد لقاءاته قائلا: «كنت أمثل للضرورة، ومثلت فى المسرح والسينما مع الريحانى، وشاركت فى فيلم بسلامته عاوز يتجوز».
تتحدث حفيدة بديع خيرى عن قوة العلاقة التى جمعت جدها والريحانى، قائلة: «نشأت بينهما علاقة صداقة وأخوة كبيرة ولم يختلفا أبدا، حتى أن نجيب الريحانى سمى ابن شقيقه بديع باسم والدى».
وعن القصص التى تم تمصيرها وتقديمها على المسرح قال بديع خيرى نفسه فى أحد لقاءاته: «اقتبسنا مسرحية السكرتير الفنى من مسرحية فرنسية، وعملناها على طريقتنا وأضفنا إليها شخصيات مثل المعلم بائع السمك والشيخ خميس، وجاءت فرقة من فرنسا وشاهدت المسرحية وطلبت ترجمتها حتى يقدموها على مسارحهم فضحكت أنا والريحانى واندهشت الفرقة عندما علمت أنها بالأساس مسرحية فرنسية».
تشير عطية عادل خيرى إلى أن جدها بديع خيرى والريحانى مرا ببعض الخسائر خلال مسيرتهما الفنية فى فرقة الريحانى، موضحة أن بعض المسرحيات التى توقعا نجاحها لم تنجح ومنها مسرحية السكرتير الفنى عندما قدماها لأول مرة.
وعن هذه الواقعة حكى بديع خيرى أنه والريحانى قدما رواية السكرتير الفنى أول مرة تحت اسم «الجنيه المصرى»، وكانا يعتقدان أنها ستحقق نجاحا كبيرا، ولكنهما صدما لعدم نجاحها حتى أن الإيراد وصل 6 جنيهات فى الوقت الذى كان إيجار المسرح 22 جنيها».
لم يستسلم الريحانى وبديع للخسارة، وأوضح خيرى أن الريحانى أصر بعد 10 سنوات على إعادة تقديم الرواية قائلا: «أنا متغاظ وبينى وبين الجمهور تار ولازم أعيد الرواية وتنجح»، فأصر بديع خيرى على تغيير اسم المسرحية وسماها السكرتير الفنى، وحققت نجاحا مذهلا بعد عرضها للمرة الثانية.
تؤكد عطية عادل خيرى أنه رغم التنافس بين على الكسار ونجيب الريحانى إلا أن جدها كتب روايات لمسرح الكسار ولم يغضب الريحانى.
وفى ذلك قال بديع خيرى: «كان هناك 8 مسارح قوية تتنافس فيما بينها، وكان هناك نهضة ومنافسة كبيرة بين الريحانى والكسار، وكانت المبارزة حتى فى أسماء المسرحيات التى يرد بها كل منهما على الآخر، فمثلا يقدم الكسار رواية «راحت عليك» فيرد الريحانى برواية «ولو».
بفخر تقول الحفيدة: «جدى كتب أهم السيناريوهات للسينما، فكتب للسينما الصامتة فيلم «المانجبان»، كما كتب أول فيلم عربى ناطق يتحدث عن الحارة المصرية وهو فيلم «العزيمة» أحد أهم الأفلام المصرية، حيث كانت الأفلام تتحدث عن الطبقات الأرستقراطية فقط».
قانون الريحانى وبديع: لا يهم إن كنت مسلما أو مسيحيا
تشير إلى أن الكثيرين كانوا يعتقدون أن بديع خيرى وأسرته مسيحيون بسبب العلاقة القوية التى جمعته بالريحانى، وحتى الريحانى نفسه لم يكتشف أن بديع خيرى مسلم إلا بعد سنوات طويلة عندما توفت والدة بديع خيرى، وذهب الريحانى للعزاء فوجد الشيخ رفعت يقرأ القرآن: «الريحانى سأل جدى متعجبا: يعنى ما قلتليش قبل كدة إنك مسلم فرد جدى: أنت مسألتنيش».
وتابعت: «ماحدش كان بيسأل حد عن ديانته وكان جدى والريحانى بيحضروا جلسات فى بيت الشيخ رفعت إعجابا بصوته، كما كانا يحضران احتفالات الكنائس ويستمتعان بالترانيم، وحتى الآن يعتقد الكثيرون أننا مسيحيون رغم أن اسمى جدى بديع عمر خيرى».
ترفض الحفيدة مناقشة ما يتداوله البعض بأن الريحانى أسلم قبل وفاته قائلة: «ماعرفش ولا أحب الحديث فى هذا الموضوع فما يهمنا فنه وليس ديانته».
مع فنان الشعب سيد دروش صداقة وإبداع وثورة
تتحدث عطية عادل خيرى عن علاقة جدها بفنان الشعب سيد درويش، مشيرة إلى أن بداية التعارف كانت قبل أن يتقابلا، حيث لحن سيد درويش أحد أزجال خيرى المنشورة بأحد المجلات قبل أن يراه.
وتحدث بديع خيرى عن هذه العلاقة فى أحد حواراته قائلا: «بدأت علاقتى بسيد درويش عندما جاء من الإسكندرية ليشارك بوضع موسيقى وأغانى مسرحية فيروز شاه بمسرح جورج أبيض، أردت أن أتعرف عليه، وبمجرد أن قلت اسمى أخذنى بالحضن، وقال أنا لحنتلك حاجة كانت منشورة فى جريدة السيف الأسبوعية».
وتابع خيرى: «أسمعنى سيد درويش الأغنية بعدما لحنها فأعجبتنى جدا وكانت أغنية «دنجى دنجى» وترسخت علاقتى به واقترحت عليه أن يعمل معنا فى مسرح الريحانى، وبالفعل انضم لنا عام 1918 واشتغلنا معا فترة ثورة 1919».
وتحدثت الحفيدة عن مسيرة جدها للكفاح بالفن قائلة: «تعاون جدى مع فنان الشعب سيد درويش، وكتب أشهر أغانى ثورة 1919 ومنها أغنية قوم يا مصرى التى تحوى لوما شديدا وتحفيزاً للمصريين حتى يقاوموا المحتل ويفخروا بكونهم مصريين».
وأضافت: «تحايل جدى على القرارات العسكرية التى تمنع الكتابة عن سعد زغلول والثورة، فكتب أغنية يا بلح زغلول تحية لسعد زغلول، ووقتها تم القبض عليه.
وأضافت: «أصدر جدى عددا من المجلات ومنها مجلة ألف صنف التى أصدرها عام 1925، وكتب فيها الكثير من المقالات والأزجال السياسية.
وأصدر بديع خيرى 4 مجلات ضد الاحتلال، الذى أغلق مجلة ألف صنف وبعدها أسس خيرى مجلة «الغول»، وكتب فى الترويسة «هذه المجلة لترهيب الاستعمار» فتم إغلاقها، ثم افتتح مجلة «النهاردة»، وكتب فى الترويسة «المجلة للدفاع عن الدستور»، فأغلقت أيضًا، ثم أسس مجلة «مصر الحرة».
وكان يستقبل مقالات وأزجال بيرم التونسى التى يرسلها من المنفى وظل يرسل له مقابلا ماديا لهذه الأعمال حتى بعد إغلاق المجلات ليساعده على المعيشة فى المنفى.
مع الشيخ زكريا أحمد: غنى لحنى وأغنى لحنك.. وكشف بديع خيرى خلال اللقاء النادر أنه غنى فى الأوبرا من ألحان الشيخ ذكريا أحمد عندما طلبت منه هدى شعراوى رئيس الاتحاد النسائى الإعداد لحفلة بالأوبرا يحضرها صفوة المجتمع لجمع تبرعات لمساعدة الطلبة الفقراء، وكتب خيرى كلمات الأغانى، وفوجئ يوم الحفل باحتباس صوت الشيخ ذكريا أحمد وفشلت كل المحاولات للاستعانة بمطرب آخر، واضطر خيرى للغناء بنفسه، مشيرا إلى أنه أعجب الجمهور وأهدته هدى شعراوى عباءة من الحجاز، بل كشف بديع خيرى خلال اللقاء أن الشيخ ذكريا أحمد ومنيرة المهدية اشتركا فى دويتو من ألحانه، موضحا: «اتفقت على كتابة كلمات أسطوانة للفنانة فاطمة قدرى، فكتبت دويتو «شربات التوت» ولحنته، وبينما أقوم بتحفيظ اللحن لفاطمة قدرى كانت سلطانة الطرب منيرة المهدية فى غرفة مجاورة، فسمعت اللحن وأعجبها، وصممت أن تغنيه وعندما أخبرتها بأنه دويتو غنائى اختارت الشيخ ذكريا أحمد ليغنيه معها، ووافق لأنه فرح بالغناء إلى جوار منيرة المهدية، وكان هذا بداية معرفتى وصداقتى بالشيخ ذكريا».
ضحك كالبكاء.. عندما تخرج الكوميديا من البيت الحزين.. وتحدثت عطية عادل خيرى عن الحياة العائلية لجدها بديع خيرى، مشيرة إلى أنه تزوج من ابنة خالته، وكان يحبها بشدة وأنجب منها 4 أبناء أكبرهم مبدع الذى درس المحاماة وعمل بالسكة الحديد، يليه والدها عادل خيرى والتحق بكلية الحقوق قبل أن يعمل بالفن ثم ابنة وحيدة وأصغرهم نبيل خيرى الذى سافر ألمانيا لدراسة الصيدلة، ولكنه عاد ليلتحق بمعهد السينما وعمل بالإخراج: «جدى كان أباً مثالياً وديمقراطى، وهادئا ومتزنا ويختار كلامه جيدا».
وتشير إلى أنه على الرغم من الروح الكوميدية وخفة الظل التى ميزت أعمال بديع خيرى إلا أن بيته كان حزينا وشهد أحداثا مأساوية كثيرة، ومنها إصابة ابنته الوحيدة بالحمى الشوكية فى طفولتها، مما تسبب فى إعاقتها ومعاناتها الصحية طوال حياتها، كما فقدت زوجته البصر فى نهاية حياتها بسبب مرض السكر.
وقالت عطية عادل خيرى: «كان مرض السكTر وراثيا فى أسرة جدى وعانى هو نفسه منه طوال حياته وبترت أصابع قدمه فى أواخر سنوات عمره، مما أعاقه عن الحركة ورغم ذلك ظل يعمل حتى النهاية، وكانت جدتى مصابة بالمرض ففقدت بصرها قبل سنوات من وفاتها، وأتذكر أنها كانت تتحسس وجهى وأنا طفلة حتى تعرف ملامحى».
وتابعت: «كان مرض جدتى أحد أسباب حزن جدى الشديد، خاصة وأنها كان يترك لها إدارة البيت، وقال عنها فى أحد البرامج إنها كانت ذراعه اليمين وتساعده حتى فى إدارة المسرح، وكانت سببا لنجاحه».
أما الحدث الأكبر الذى أدمى قلب بديع خيرى فهو مرض ابنه الفنان عادل خيرى الذى أصيب بمرض السكر فى صباه ووفاته شابا قبل أن يكمل سن 33 عاما بعد 7 سنوات فقط من عمله بالفن تاركا زوجته وثلاث بنات أكبرهن فى سن السادسة، وأصغرهن لم تتجاوز العامين.
وفى لقاء نادر مع بديع خيرى بعد وفاة زوجته وابنه عادل خيرى وبعد أن جاوز 72 عاما، وأصبح غير قادر على المشى بسبب مضاعفات مرض السكر ورغم ذلك كان لا يزال يعمل ويكتب قال: «أمامى رسالة يجب أن أؤديها وحبى للمسرح يجعلنى أتغلب على آلامى وأحزانى، وانشغالى به يبعد عن ذهنى الأحزان والذكريات».
وأضاف: «من المدهشات أن أقوم بإضحاك الناس وقلبى مفعم بالحزن، وهذا من فضل الله فضحكات الناس عزائى وقوتى».