فى عام 1953 كتب المؤلف والمخرج والممثل الكبير زكى طليمات لمجلة الكواكب مقالا بعنوان "أم كلثوم وكفى" ذكر فيه بعض المواقف التى جمعته بكوكب الشرق أم كلثوم وذكريات اللقاءات الأولى بينهما، خاصة بعد اشتراكهما فى فيلم نشيد الأمل الذى تم إنتاجه عام 1937.
وأشار طليمات إلى ثلاث مواقف محرجة جمعته بأم كلثوم خلال يوم واحد عندما وقف أمامها لأول مرة فى استديو مصر ليمثل دور الفتى الأول فى فيلم "نشيد الأمل"
وعن الموقف الأول قال الفنان الكبير: قدمنى لأم كلثوم أحد المساهمين فى إنتاج الفيلم وهو وجيه صاحب مال، وكان معروفا بالعبوس والجد والأراء المتحفظة، واراد أن يذكرنى بما يجب ان أكون عليه فى معاملة أم كلثوم، فأخذ يصفنى بحسن السير والسلوك والخجل والحياء والعين التى لا ترفع من الأرض".
وأكد طليمات أنه كان يستمع لهذه الصفات فى عجب ولكنه كان مضطرا للظهور بما وصفه به هذا المنتج حتى يكمل الصورة التى أراده أن يبدو عليها، حتى سمع صوت أم كلثوم تقول: "ماشاء الله أهو كدة الشباب الناهض"، وظن أنها تقول هذه العبارة من باب الاقتناع، فبالغ فى إظهار الخجل ونظر إلى كوكب الشرق ليشكرها، فإذا بها تنفجر فى الضحك بما يحمل معنى السخرية، وتصبب وجهه عرقا، وقال طليمات: "أخذت ألعن بعض الصحفيين الذين كان يحلو لهم أن يصورونى شخصا خطرا وغير مأمون إذا تحدث مع النساء.
أما الموقف الثانى فحكاه طليمات قائلا :"كنت إلى جانب ام كلثوم امام الكاميرا وكان المشهد يقتضى أن اطوق ذراعى بخصرها، ولكن وقع مالم يخطر ببال، وما أن وضعت يدى على خصر ام كلثوم حتى سمعت صوتا عاليا يشق السكون وينادى محذرا : ارجع".
وأوضح رائد المسرح أنه رجع مذعورا وهو يعتقد انه ارتكب خطأ والتفت لمصدر الصوت، ليجده أحد عمال الإضاءة الذين يقفون على السقالات وقد نظر إليه نظرات مفترسة، وبادر طليمات بأن يصعد إليه ليضربه ولكن وجد الحاضرين قد ألقوا القبض على العامل وهو يضحكون، واعتذر المخرج، وعرف أن العامل من مجاذيب الست أم كلثوم.
وأشار الفنان الراحل زكى طليمات إلى الموقف الثالث الذى حدث خلال هذا اليوم وهو عندما كان يصور مشهدا يقضى بأن يعانق أم كلثوم ويقبلها قبلة حارة، وتقدم ليمثل المشهد بحذر، ودارت الكاميرا وقام بتمثيل المشهد ولكن المخرج لم يرض عنه بدعوى أن العناق والقبلة كانا باردين.
وشرع طليمات وأم كلثوم لإعادة المشهد فإذا بالمنتج المتحفظ يصيح مطالباً بوقف التصوير، ثم التفت نحو طليمات قائلا: "ياأستاذ احنا فى مصر مش فى امريكا".
وأضاف طليمات:" دارت الكاميرا للمرة الثالثة ومر العناق بسلام، والتفتت للمخرج الذى نظر للمنتج المتزمت ونظرنا جميعا لأم كلثوم وكأننا نحتكم إليها، ولكن أم كلثوم التزمت الصمت الحكيم، وظل المنتج يبرطم متحدثا عن الأداب العامة، فأحسست بثورة غضب".
وتابع: "ارتميت على مقعد بعيد ووضعت رأسى بين يدى ولم أنتبه إلا على صوت أم كلثوم فوقفت احتراما لها وإذا هى تهمس فى اذنى :"بوس زى ماانت عاوز وزى ما يطلبه دورك ولا يهمك".
وأكد طليمات أن الكاميرا دارت مرة أخرى وكانت عيون العمال تحاصره ووجه الوجيه المتزمت يطارده ولكنه لم يعبأ بكل هذا بعدما سمعه من كوكب الشرق فقبلها بما يقتضيه الدور، وصاح المخرج: كويس خالص أحسنت ياأستاذ، فالتفت ناحية المنتج ليجده متجها نحو باب الخروج، بينما قالت أم كلثوم ضاحكة "أهو كدة الشباب الناهض".