من أسرار لوحة الموناليزا التى رسمها الفنان الإيطالى الشهير ليوناردو دافنشى ابتسامتها فحينما ستكون سعيداً سترى الموناليزا تبتسم لك، وحينما تكون حزيناً ستراها حزينة لحزنك، وهكذا هى الفنانة لبلبة التى أضحكتنا فى الكثير من أفلامها وصنعت لنا البهجة وأبكتنا فى أعمال وشخصيات أخرى قدمتها، فلبلبة هى الفنانة الأكثر موهبة التى قضت عمرها فى الفن، فقد بدأت منذ عمر 5 سنوات ولم تعرف فى حياتها غير الفن وظلت موجودة فى كل مراحل عمرها وظلت على القمة تشارك النجوم بطولات أعمالهم وينتقيها كبار المخرجين فى أفلامهم.
«عين» تحاور الفنانة لبلبة صاحبة التاريخ السينمائى الكبير والتجارب المتعددة لتتحدث عن تكريمها الأخير وعن الشائعات التى تطاردها دائما وعن آخر أعمالها..
أولا ما رأيك فى لقب «موناليزا السينما المصرية» الذى أطلقناه عليك؟
أشكركم على هذا اللقب فهو لقب معبر جدا ويحمل دلالات مختلفة لها علاقة بالأداء المتنوع، وأتمنى أن أكون بالفعل مستحقة له.
خلال مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية تم تكريمك مرتين.. فما السبب؟
التكريم الأول كان فى حفل الافتتاح من قبل إدارة المهرجان داخل معبد الكرنك، وكنت فى قمة سعادتى وشعرت بإحساس مختلف تماما، وعلى الرغم من تكريمى من عدة مهرجانات دولية سابقة، إلا أن اتصال الأستاذ سيد فؤاد رئيس المهرجان بى وإخبارى بتكريمى وأسفه بأنه جاء متأخرا، أصابنى بحالة جميلة لم أستطع وصفها خاصة أنه جاء فى هذه المرحلة العمرية وعندما أغلقت المكالمة معه وجدت نفسى أتذكر طفولتى ويمر أمامى شريط سينما طويل لأعمالى من طفولتى وتذكرت أول مرة وأنا أسير مع والدتى وهى تتعاقد على أول أفلامى «حبيبتى سوسو»، وتذكرت ذهابنا إلى شركات إنتاج الأفلام وبداياتى وظللت لفترة من الوقت عالقا فى ذهنى كل تفاصيل حياتى.
أما التكريم الآخر فكان بجامعة جنوب الوادى على هامش فعاليات المهرجان وسط ما يزيد على 6 آلاف طالب من مختلف جامعات مصر فى ملتقى أسبوع شباب الجامعات وكرمنى الدكتور محمد أبو الفضل بدران نائب رئيس الجامعة وغنيت ورقصت مع الطلبة وكان يوما مختلفا فى حياتى لن أنساه مطلقا.
ما أهمية المهرجانات المصرية خاصة عندما تكون فى أماكن سياحية؟
المهرجانات لها أهمية من عدة جوانب، منها ما هو فنى وثقافى ومنها ما هو سياحى اقتصادى وسياسى أيضا، ومهرجان الأقصر به عدة مميزات وأهم ما يميزه أنه فى مدينة من أجمل المدن ببلدى مصر التى لها تاريخ، وأهمية المهرجان تكمن فى اختصاصه بالفيلم الأفريقى، ونحن غير متاح لنا فى مصر مشاهدتها، وأنا كنت سعيدة الحظ بمشاهدة بعض الأفلام الأفريقية خلال تلك الدورة.
شعار مهرجان الأقصر «السينما حيوات أخرى» وفى الندوة التى خصصت لك أكدت تشابه الشعار مع حياتك؟
الشعار جميل وهو يشبهنى بشدة لأن مشوارى طويل ومتنوع بين غناء وباليه كلاسيكى وتقليد فنانين وكوميديا وتراجيدىا وأفلام مرعبة فمشوارى حافل وكبير وطويل جدا وطوال عمرى وأنا أشعر أن هناك أشياء أخرى أفاجئ بها الجمهور، وأتمنى أن أقوم بأدوار أخرى لم أقدمها من قبل.
هل مازال هناك شخصية تحلم لبلبة بتقديمها؟
نفسى أقدم فيلما للأطفال ويكون دورى صغيرا والأطفال هم الأبطال مثلما فعل معى أنور وجدى، وأيضا أتمنى تقديم دور «معاقة» من ذوى القدرات الخاصة لأننى أحبهم وفترة كبيرة من حياتى كنت أزورهم ودائما ألتقى بهم وأعلم مدى الصعوبات التى يواجهونها والتحديات التى تواجههم وفى عام 2018 كان عام ذوى القدرات الخاصة حسب مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، والذى اهتم بهم بالفعل، ولذلك أتمنى تقديم عمل لهم ويعبر عنهم.
كيف ومتى بدأت مرحلة تقليد الفنانين فى حياتك الفنية؟
فى مرحلة الطفولة بدأت بالتقليد وعمرى 3 سنوات، فقد قلدت عمتى وبعض الفنانين ثم اشتراكى بأول فيلم لى «حبيبتى سوسو» واستمرارى واحترافى للتقليد على المسرح وعمرى 7 سنوات، وكان عبد الحليم يتفاءل بى جدا فى جميع حفلاته، ولم يغضب منى غير نجاة وأم كلثوم طلبت منى تقليدها.
لو طلبنا منك الحديث عن عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكى.. فمن كان الأكثر اندماجا وتفاهما مع لبلبة؟
جميعهم كانوا متفاهيمن معى وكان بيننا «كيمياء»، فعادل إمام هو توأمى و«عشرة عمرى» وبيننا «كيمياء» خاصة جدا وأحبه خارج العمل وداخل العمل وأحب أسرته وهى أيضا عائلتى خاصة بعد أن فقدت عائلتى وتوفيت أمى فأصبح هو وأسرته هم عائلتى وأولاده رامى ومحمد وسارة مثل أولادى وكل أفلامى التى قدمتها معه تعد من أهم تجاربى أما نور الشريف فقد تعلمت منه الكثير، ودائما ما كان ينصحنى وكنا متفاهمين جدا فى فيلم «ليلة ساخنة».
أما أحمد زكى فهو فنان مبهر فمثلا إذا قمنا بإعادة المشهد أكثر من مرة يقوم فى كل مرة بأداء مختلف ومبهر وعندما ننتهى من التصوير تظل الشخصية معه، فكان يتقمص الدور لدرجة غير معقولة ولا يتخلى عنها بسهولة ويتحدث معنا وكأنه الشخصية فكان يتقمص لدرجة المعايشة وفنان له طعم خاص.
تعاملتِ أيضا مع كبار المخرجين فمن كان الأكثر فائدة للبلبة الفنانة؟
كنت محظوظة لأنى اشتغلت مع كبار المخرجين بداية من أنور وجدى ونيازى مصطفى وحسين صدقى ثم حسن الإمام وحسين كمال ويوسف شاهين، وجميعهم عظماء فى السينما، واستفدت من الجميع، وسمير سيف، الذى عملت معه منذ أن كان مساعدا للمخرج الكبير حسين الإمام وهو مخرج استطاع أن يرانى جيدا فى عدد كبير من الأفلام شاركت معه فيها مثل «احترس من الخط» وفى هذا الفيلم طول الوقت كان لى لزمة فى الكلام وهى «البتاع وبتاع البتاع» وأيضا هناك فيلم «معالى الوزير» و«الشيطانة التى احبتنى» و«لهيب الانتقام» يعنى كل أدوارى مختلفة معه وتعلمت منه عندما أقدم الكوميديا لا أقصد أن أضحك وإذا عملت تراجيديا، لا أقصد أن أبكى وإنما أتعامل بطبيعية وتلقائية شديدة أما المخرج حسين كمال فقد استفدت منه أن يكون كلامى بإيقاع معين وبه طريقة فى الأداء لأنى وقتها كنت اهتممت بالغناء.
أما يوسف شاهين فقد تعلمت منه كيف أشعر وأحس بالمشهد الذى أؤديه، وتعلمت منه أيضا كيف أتحكم فى دموع عيونى، ففى أحد المشاهد قال لى مع أول كلمة تكون دموع فى عيونك، وفى الكلمة الثانية تبدأ تظهر ومع الكلمة الثالثة الدموع تنزل من العين، وعملت ذلك بفيلم «الآخر» فى أول يوم تصوير معه، وأخذها مرة واحدة وقبلنى بعد المشهد وأيضا بفيلمى الثانى معه «إسكندرية نيويورك» كنت أقوم بدور زوجته، وقلت له هل أقلد مدام «كوكو»؟ فقال لى لا وإنما أريد أن تتقمصى الدور وتؤدى بطريقتك وإحساسك دون تقليد.
أما عاطف الطيب فلن أنساه فى حياتى وأهم ما كان يميزه إحساسه العجيب وواقعيته، وكان يساعد الممثل فى الأداء، وكان يهيئ له المناخ والأداء بداية من دخوله الاستديو فإذا أراد منى مشهد بكاء أو عصبية كان يتجاهلنى، ولا يسلم علىَّ ومنع نور الشريف أن يهزر معى فى الشغل.
أما حسن الإمام فأهم ما يميزه هو خفة ظله وشعرت معه بالثقة لأنى أستطيع أن أقوم بتصوير مشاهد طويلة دون خلل ومحمد عبد العزيز أكثر مخرج عملت معه حوالى 7 أفلام من أحلى الأعمال، ومعظم أفلامى مع عادل إمام وتعلمت منه كيف أقوم بإخراج الكلمة من فمى وتضحك الناس وعلمنى كيف أقول الجملة على بعضها دون تقطيع، لأن فى الكوميديا طريقة إلقاء الإفيه هى التى تضحك الجمهور وتعلمت منه البساطة فى الأداء وألا أخاف من الكاميرا وأن تكون صديقتى لأن مواجهة الجمهور بالنسبة لى كانت الأسهل ورامى إمام هو مخرج متميز وعبقرى ولطيف ومهذب ويأخذ من الفنان اللى هو عايزه دون أن يتعبه، وأنا سعيدة به لأنه تربى أمامى وبالنسبة لى مثل أولادى والراحل أسامة فوزى عملت معه بعد فيلم «ليلة ساخنة» وعرض علىّ فيلم «جنة الشياطين» وارتحت له، وأيضا كنت أخاف منه مثل الأستاذ عاطف الطيب وأعمل له حساب وهو قام معى بتحدى وغير لى لون بشرتى وقال لى «أدائك لازم يتغير» ودور «حُبة» من أصعب الأدوار وكان يأخذ «الشوت» طويل، والممثل يكون متمكنا ومخرجا متميزا ويعمل بأدوات شديدة التميز والإحساس أما حسن الصيفى فهو والدى الثانى الذى تعلمت منه الكثير لأننى عملت معه وزنا طفلة وأنا شابة، وكان مؤمنا بموهبتى كما أنه رشحنى لفيلم «4 بنات وضابط» فى بداياتى للمخرج الكبير والجميل أنور وجدى عندما كان يبحث عن طفلة.. فهو بالنسبة لى مستشارى وأستاذى.
وأخيرا أنور وجدى هو كممثل ليس أنانيا بل يحب أن يخرج العمل بشكل لائق وجميل دون أى اعتبارات لمساحة دوره فكان دورى أكبر من دوره فى «4 بنات وضابط» وكان يقف بجانبى وأتكلم كثيرا وأخطف الكاميرا وكان يعرف ماذا يعجب الناس ويقوم به وكان يقوم بالتخفى من أجل مشاهدة الفيلم فى السينما ويعرف ردود الأفعال بنفسه وعلى كل مشهد فهو كمخرج كان فنانا حقيقيا يحب الفن ويعشقه وبالتالى يريد أن يقدم كل ما لديه.
هل جيلك فى السينما يختلف عن الجيل الحالى؟
الجيل الجديد شاطر جدا ورائع ويتعامل بحرفية شديدة وبيتعلم بسرعة شديدة فبعد فيلم أو اثنين تجدهم نجوما كبار ومتمرسين على عكس جيلنا كنا نأخذ وقتا فى التعلم ومازلت أتعلم حتى الآن وأحب منى زكى ومنة شلبى وأحمد حلمى «شربات» وأتمنى أن أعمل معه وأحب السقا وعملت مع هنيدى ومحمد سعد ومحمد رمضان مجتهد وممثل شاطر وكريم عبد العزيز الذى عملت معه وهو ممثل موهوب ودمه خفيف وأيضا هناك جيل رائع من المخرجين ومنهم مروان حامد الذى عملت معه بفيلم «الفيل الأزرق» وكنت ضيفة شرف وظهرت بشكل مختلف تماما حتى إننى عندما نظرت لنفسى فى المرآة قلت هل هذا وجه «نونيا» واستمتعت جدا بهذه التجربة، أما عن النصيحة فأقولها لأى محب للفن إذا أحببت المهنة فأخلص لها، ولا تتعجل البطولة وأن مساحة الدور لا تهم وأنه أحيانا الدور الثانى يكون أقوى بالنسبة لك.
ألم تندمى على اهتمامك بالفن على حساب حياتك الشخصية؟
أنا تزوجت الفن وحياتى كلها كانت للفن والسينما ولم أندم على ذلك بالطبع ونصيحتى للجيل القادم أن يكون هناك توازن بين حياتهم الشخصية والعملية.
وما نصيب الشائعات من حياة لبلبة؟
الشائعات تطاردنى من وقت لآخر خاصة بعد ظهور الإنترنت لأنه ساحة مفتوحة كل من هب ودب يكتب ما يحلو له دون الرجوع للمصادر ولذلك الكثير من المعلومات مغلوطة على الإنترنت وآخرها شائعة زواجى وقد أصدرت بيانا بشأنها أوضحت فيه أننى لم أتزوج ولو تزوجت سوف أعلن ولكنى تزوجت الفن كما يعرف الجميع.
دائما ما تحرصين على حضور الجنازات وتقديم واجب العزاء ألم تخافى من الموت؟
نحن فى يد الله.. وكما أتى بنا إلى الدنيا أيضا سيأخذها فى الوقت الذى يحدده، ولا أخاف من الموت إطلاقا لأن الموت علينا حق ولكن ما أخاف منه بالفعل هو المرض.