كان للشيخ محمد متولى الشعراوى الذى تحل ذكرى ميلاده هذه الأيام مواقف كثيرة مع الفنانين، وكان الكثيرون منهم يلجأون إليه ويستشيرونه حيث كان يتسم بالسماحة والوسطية وعدم التشدد.
وكان إمام الدعاة المولود فى 15 إبريل من عام 1911 واسع الاطلاع والثقافة والمعرفة، ويتابع الفنون ولم يحرم الفن والتمثيل.
وأكد عدد من الفنانين الذين تعاملوا معه أنه كان يعرف الشخصيات التى أدوها فى أعمالهم، فكان ينادى الفنانة سهير البابلى "سكيننة"، وينادى سهير رمزى باسم زينب بعد أن أدت هذه الشخصية فى مسلسل "زينب والعرش"
وفى حوار لنا مع محمد عبد الرحيم الشعراوي، حفيد إمام الدعاة، أشار إلى أن عددا من الفنانين سألوا جده عن حكم العمل بالفن، وكانت إجابته أن الفن حلاله حلال وحرامه حرام، مؤكدا أن جده لم يكن يحرم على أسرته مشاهدة الأعمال الدرامية وكان أحيانا يجلس معهم أثناء مشاهدتها...
عباءة رشوان توفيق وإعدام محمد كريم
وكان لإمام الدعاة العديد من المواقف مع أهل الفن، ومن بينها ما حكاه الفنان رشوان توفيق فى تصريحات خاصة لليوم السابع .
وقال توفيق أنه كان يحضر دروس ولقاءات الشيخ الشعراوى ولكنه كان يستمع فقط ولا يتحدث ليستفيد من علمه الواسع فى كل المجالات، مشيرا إلى أن إمام الدعاة كان يتسم بالبشاشة والابتسامة، وهو ما جعله قريبا من الجميع بعكس شيوخ التطرف والتشدد الذين يفسدون على الناس حياتهم ودينهم.
وأوضح توفيق أنه عندما قام بدور محمد كريم فى مسلسل الأبطال حرص حسام الدين مصطفى على تصوير بعض المشاهد فى القلعة ومنها مشهد إعدامه.
وتابع: "فوجئت بحوار أجراه محمد صلاح فى جريدة أخبار اليوم مع الشيخ الشعراوى وكان عنوانه على لسان إمام الدعاة :"برافو رشوان توفيق"، فذهبت لمقابلة الشيخ الشعراوى فى بيته"
وكشف الفنان رشوان توفيق تفاصيل الحوارات التى دارت بينه وبين الشيخ الشعراوى قائلا:"وجدته يجلس فى البلكونة وأمامه كتب كثيرة ومنها قاموس لمعانى الكلمات، فتعجبت من أن الشيخ الشعراوى الإمام العالم الكبير يبحث عن معانى الكلمات، وبمجرد ان رآنى قال لى : لم أستطع أن أرى مشهد إعدامك فى المسلسل ووضعت يدى على عينى، وظلت ابنتى تقول لى: ده تمثيل"
وأضاف أن الشيخ أعطاه عباءة ومصحفأ، مشيرا إلى تعدد اللقاءات بينهما، حيث كان يحضر فى مبرة الشيخ بالسيدة نفيسة ويرى كبار الشخصيات يخدمون فيها ويقدمون الطعام للفقراء.
وأوضح رشوان توفيق أن المسألة الوحيدة التى تناقش فيها مع الشيخ الشعراوى كانت عن تفسيره لآيات سورة النمل، مؤكدا أن إمام الدعاة كان له تفسير خاص عمن نقل عرش بلقيس، حيث كان متعمقا ومتخصصا فى اللغة العربية ،و اختلف معه فى هذا التفسير عدد من الفقهاء.
وأضاف توفيق أنه قام بدور وزير سيدنا سليمان عليه السلام الذى نقل عرش بلقيس فى المسلسل الدينى الشهير " لا إله إلا الله محمد رسول الله"، مشيرا إلى ان الشيخ الشعروى أكد له أن من نقل رش لقيس هو سيدنا سليمان نفسه، مفسرا الآية الكريمة " قَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ " بأن قائلها هو سيدنا سليمان، مؤكدا أنه لا يصح أن يكون فى مجلس سليمان من هو أعلم منه.
مصحف لمديحة كامل ومسلسل مع حسن عابدين
فيما تحدث ميرهام الريس ابنة الفنانة الراحلة مديحة كامل معنا عن علاقة والدتها بإمام الدعاة قائلة: «التقت والدتى بالشيخ الشعراوى بعد اعتزالها وارتدائها الحجاب وسألته عن الكثير من الأمور الدينية، لأنها أرادت أن تعرف تفاصيل الدين وإجابات عن أسئلتها من شخص موثوق فيه، وكان الشيخ يعتز بها حتى أنه دعانا عنده فى عقد قرانى، وأقام لى احتفالا بسيطا، وألقى خطبة النكاح وأهدانا مصحفا موقع باسمه وعليه إهداء كتب فيه :"وأنفس ما تهدى إلى من تحبه.. كتاب إلى المختار أوحاه ربه"
فيما حكى خالد ابن الفنان حسن عابدين عن علاقة والده بالشيخ الشعراوى، مشيرا إلى أن والده عندما سافر لأداء العمرة وأثناء وقوفه أمام قبر الرسول بكى بشكل هستيرى وشاهده الحرس وعرفوه فأبعدوه قائلين «هذا ممثل» فتأثر بشدة وقرر الاعتزال"
وأوضح خالد حسن عابدين : "كان والدى يمثل وقتها مسرحية «عش المجانين»، وبعد عودته حبس نفسه فى غرفته ولم يكن يخرج إلا للصلاة بالمسجد، وتحدث مع عمى واتفقا على تأسيس مشروع بعد الاعتزال، وأخبر محمد نجم بقراره فسأله «هتشتغل إيه»، فأجابه والدى «وأنت مالك هافتح كشك سجاير»، واقترح عليه صديقه الفنان إبراهيم الشامى الذهاب للشيخ الشعراوى الذى كان جاره فى الجمالية"
وأضاف أن والده والفنان ابراهيم الشامى ذهبا لزيارة الشيخ الشعراوى ولم يكن الفنان حسن عابدين قابله من قبل.
وتابع :"بمجرد أن رآى إمام الدعاة والدى استقبله بحفاوة واحتضنه قائلا «حبيبى»، فتعجب أبى وقال له «أنت تعرفنى يامولانا»، فرد الشيخ الشعراوى: «طبعا وباتفرج عليك فى كذا وكذا»، وأخبره والدى أنه ينوى الاعتزال، فقال له: «لما أنت والناس الحلوة اللى بتتكلم عن المبادئ يسيبوا الفن أمال الناس تسمع لمين»
وأكد ابن الفنان حسن عابدين أن والده اعتبر هذا اليوم أسعد أيام حياته، وشعر أنه يسير فى الطريق الصحيح، وبعد هذا اللقاء قدم حلقات بعنوان «نور الهدى» تتحدث عن القضايا الاجتماعية والمواقف اليومية بمنظور دينى، وبعد الحلقة يتحدث الشيخ الشعراوى لمدة نصف ساعة معلقا على أحداث الحلقة، وأدت كل الفنانات أدوارهن بالحجاب، ولكن بعد عرض 3 حلقات بالقناة الأولى تم وقفها.
وأضاف خالد حسن عابدين :"استمرت علاقة والدى بالشيخ الشعراوى حتى وفاته وامتدت بينى وبين أبناء الشيخ حتى الآن، وكان يتصل يوميا بوالدى فى المستشفى أثناء فترة مرضه، وعندما توفى وقف إلى جوارنا وصلى عليه صلاة الجنازة، وكان أبى دائما يتواصل معه ويسأله فى أمور الدين"
فلوس شادية حلال أم حرام
وتحدث محمد عبدالرحيم الشعراوى معنا عن علاقة جده بالفنانة شادية والتى بدأت عندما كانت فى رحلة لأداء العمرة، وقابلت إمام الدعاة على باب المصعد صدفة وطلبت منه أن يدعو لها.
وأوضح حفيد الشعراوي، أن شادية زارت جده بعد هذا اللقاء، وأخبرته بأنها قررت ألا تغنى إلا الأغانى الدينية، ورغم ذلك لم تعد قادرة على حفظ أى أغاني، وأنها وعدت الجمهور بغناء الأغانى الدينية ولكنها لا تستطيع الوفاء بهذا الوعد، فأجابها الشعراوى بأن الوفاء بوعدها لله أولى من الوفاء بوعدها للناس.
وأكد أن شادية سألت الشيخ الشعراوي، بعد أن أفتاها بعض الشيوخ بأن الأموال التى جمعتها من الفن حرام وأن عليها أن تتخلص منها، ولكن إمام الدعاة أفتاها بأن تحتفظ بما يضمن لها حياة كريمة ومستوى لائق، وتحتفظ بمن يعملون لديها ويخدمونها وأن تتبرع بما يزيد عن ذلك
جدير بالذكر أن الفنانة شادية وجهت جزءا كبيرا من أموالها للأعمال الخيرية، وكانت عشرات البيوت تعيش على رواتب شهرية خصصتها للفقراء، كما هدمت فيلتها بالهرم وأقامت مكانها مجمعا خيريا يضم مسجدا ودار أيتام ودار تحفيظ قرآن، ومستوصفا خيريا، وتبرعت بشقة بشارع جامعة الدول العربية لجمعية مصطفى محمود لإنشاء مركز لعلاج الأورام.
الشعراوى ونقاب شمس البارودى
وأكد عبد الرحيم الشعراوي، أن جده كان يتعامل باحترام شديد مع الفنانات، وهو ما جعل أغلبهن يلجأن إليه للسؤال عن أمور الدين حتى غير المحجبات منهن، مشيرا إلى أن جده كان يستقبل كل من يلجأ إليه بحفاوة، وكان لا يذكر الفنانة شمس البارودى إلا بلقب "الست شمس".
وفى حوار لنا مع الفنانة المعتزلة شمس البارودى تحدثت عن تفاصيل ما قاله لها الشعراوي، فى حكم ارتداء النقاب، فرغم أنها أكدت أن إمام الدعاة لم يكن له دور فى قرار اعتزالها، إلا أنها حين سألته عن حكم ارتداء النقاب أكد أنه لا يفرض ولا يرفض قائلا: "النقاب فضل وليس معلوما من الدين بالضرورة وأنه لا يفرض ولا يرفض"
إمام الدعاة غيران من كاريوكا
وكانت الفنانة تحية كاريوكا تلجأ للشيخ الشعراوى فى أواخر حياتها تستشيره وتسأله فى أمور الدين.
وحكى الماكيير محمد عشوب عن علاقة تحية كاريوكا بالشيخ الشعراوى، مشيرا إلى أنها كانت تعتبره أباها الروحى، وأنه تدخل لحل مشكلتها مع فايز حلاوة بعدما طردها الاخير من شقتها، ودعاهما فى فندق فلسطين، وطلب من حلاوة أن يدفع لها نصف مليون جنيه نفقة متعة، فنظر حلاوة لتحية وقال لها يعنى «سنة المتعة تقف بكام»، فغضبت تحية وشعرت بالإهانة وقذفته فى وجهه بالطبق.
وقال عشوب: إن شقيقه المحامى مصطفى عشوب تولى القضية التى رفعتها تحية لاسترداد شقتها، ولكنه فوجئ باتصال منها تطلب منه عدم حضور الجلسات، فاتصل هو وشقيقه بالشيخ الشعراوى لإخباره، وعندما تحدث معها الشيخ وسألها عن السبب قالت له تحية: «الراجل متجوز ومعاه مراته وبنت هيروح بيهم فين، وأنا كبرت والشقة كبيرة عليا ومبسوطة فى الشقة اللى أنا فيها»، فلمعت عين الشيخ الشعراوى وبكى قائلا: «بدأت أغير منك يا تحية، لإن ربنا بنى لك قصور فى الجنة.
سهير البابلى والسندريلا
كانت الفنانة سهير البابلى تلتقى بالشيخ الشعراوى والدكتور مصطفى محمود، وتسأل كثيرا عن أمور الدين، وكان الشيخ الشعراوى يناديها باسم «سكيننة»، وقررت البابلى ارتداء الحجاب والاعتزال عام 1997، وفى إحدى المرات قابلها الشيخ الشعراوى فى الحج وقال لها: «وماله لو مثلتى وإنتى بالزى ده، وتوصلى رسالة مفيدة وهادفة للناس، الناس بتشوف التليفزيون أكتر مابتروح الجامع، وممكن تسمع منك أكتر ما تسمع منى»، فعادت سهير البابلى للتمثيل بشروط وقامت ببطولة مسلسل "قلب حبيبة"
وكانت سهير البابلى تزور الشيخ الشعراوى بصحبة عدد من الفنانات، واصطحبت معها السندريلا سعاد حسنى فى إحدى المرات قبل سفرها الأخير إلى لندن، كما أكدت لنا ابنتها الوحيدة نيفين الناقورى.
زيارة الشعراوى لعماد حمدى فى أيام الاكتئاب
وفى حوار لنا مع نادر عماد حمدي، قال إن والده الفنان القدير أصيب بالاكتئاب فى نهاية حياته وخاصة بعد وفاة شقيقه التوأم وفقدانه للبصر.
وأضاف ابن عماد حمدي، أن الشيخ الشعراوي، عندما عرف بأن والده يعانى من الاكتئاب، حرص على زيارته فى المنزل، وفى أحد الأيام فوجئ عماد حمدى بطرقات على باب الشقة، ففتح ليفاجأ بالشيخ الشعراوى أمامه، وتحدث الشيخ معه ليخرجه من الحالة التى كان عليها، محاولا التخفيف عنه.
وأشار نادر عماد حمدى إلى أن والدته والتى كانت منفصلة عن أبيه منذ سنوات طويلة كانت تقوم برعاية طليقها الفنان عماد حمدى فى مرضه الأخير، وأنها عندما رأت الشيخ الشعراوى سألته قائلة: «الناس بيقولوا إزاى انتوا منفصلين وعايشين مع بعض، فهل خدمتى وإقامتى معه حرام»، فأجابها بروحه الخفيفة، قائلًا: «لا انتى فيكى حيل ولا هوه فيه حيل، إنتوا الاتنين مكسرين، وأكبر ثواب بتعمليه إنك بتخدمى أبو إبنك، وهو ليس لديه شىء ليعطيه لك، لا صحة ولا فلوس، إنتى بتخدميه لوجه الله، والله هو الذى يحاسب الناس، ومهما عملتى لن ترضى الناس».