اشتهرت الفنانة الاستعراضية نعيمة عاكف ببراعتها فى الرقص والتمثيل والغناء والاستعراض حتى أنها حصلت على لقب أحسن راقصة فى العالم من مهرجان الشباب العالمى بموسكو عام 1958 ضمن خمسين دولة شاركت فى هذا المهرجان، وكانت نعيمة إحدى نجمات عصرها وبطلة العديد من الأفلام وأشهرها "لهاليبو، العيش والملح، بابا عريس، فتاة السيرك، تمر حنة، أمير الدهاء، بياعة الجرايد".
اكتسبت نعيمة عاكف لياقتها البدنية وقدراتها الخاصة من عائلتها حيث كان والدها صاحب سيرك عاكف بمدينة طنطا، وعن فترة عملها بالسيرك كتبت نعيمة عاكف مقالا لمجلة الكواكب عام 1958 بعنوان "أنقذت غريقا جليلا" تحكى فيه عن بعض ذكرياتها خلال هذه الفترة قائلة :" هل يستطيع الانسان أن ينسى أيامه الأولى ويعيش فى حاضره فقط، وهل يستطيع أن يتخلص من ماضيه ليعيش فى واقعه؟".
وتابعت :"أنا شخصيا لا أستطيع لاننى أحب أن أعيش مع ذكرياتى وأعتبرها الملح الذى يحمل لحياتى طعما، وكثيرا ما أعود إلى أيامى الجميلة التى عملت فيها مع أهلى وإخوتى فى سيكنا المشهور بسيرك "أولاد عاكف"، ويحلو لى دائما أن أتذكر حادثة طريفة وقعت للملحن الذى يعمل فى فرقتنا".
وأوضحت الفنانة الاستعراضية :"كان هذا الملحن رجلا لا تعرف الرقة أو الرأفة طريقا على قلبه، وكان خشنا شديد القسوة ولذلك كنا جميعا نمقته من قلوبنا، وكنت فى هذا الوقت صغيرة لم ابلغ العاشرة من عمرى وأقوم ببعض النمر فى السيرك".
وأضافت نعيمة عاكف فى مقالها:" اكتشفت اسرتى أن صوتى جميل ومن الممكن أن أؤدى بعض الأغنيات فى فترات الاستراحة فعهدوا بى إلى هذا الملحن، وكنت رأيته مرة يرفع يده ويهوى بها فى عنف على وجه واحد من أفراد الكور لأنه أخطأ فى تأدية اللحن وكان هذا كافيا ليجعل منى شعلة نشاط وأجيد فى تعلم القواعد الأولى من فرط ما أصابنى من الخوف".
واستكملت ذكرياتها :" استقر بنا المطاف يوما فى بلدة صغيرة تقع على نهر صغير وكان حر أغسطس يلهب الناس بنيرانه وتسلل بعض الزملاء إلى النهر وكنت معهم، ولسوء حظى وجدت الملحن قد سبقنا إلى هناك، واستأجرنا قاربا صغيرا ركبنا فيه".
وأشارت الجميلة نعيمة عاكف إلى موقف صعب تعرضت له خلال هذه الرحلة قائلة:"فجأة عبث زميل بحذاء أستاذى الملحن فسقط الحذاء فى النهر".
وأضافت: "كان هذا هو الحذاء اليتيم الذى يملكه أستاذى وكان يتيما منذ خمس سنوات، وكان مقدرا أن يعيش يتيما لسنوات أخرى".
وأشارت إلى أنها قررت أن تنقذ حذاء مدربها بأى ثمن قائلة:" نظرنا إلى النهر وكنا فى أوقات فيضان وتيار الماء قوى جارف ويحمل كميات كبيرة من الطين مما يجعل السباحة فيه أمرا عسيرا جدا، وخاف الزملاء ولكن النظرة الحزينة الأليمة التى أطلت من عين أستاذى جعلتنى أسارع بخلع فستانى والقاء نفسى فى النهر".
وتابعت: "غصت وراء الحذاء وبعد جهد عثرت عليه وأعدته إلى أستاذى وسط هتاف الزملاء وتصفيقهم الحار".
وأكدت نعيمة عاكف أن هذه الحادثة التى كادت تفقد فيها حياتها فداءً لحذاء معلمها كانت بداية عهد جديد يسود فيه السلام بينها وبين أستاذها، مشيرة إلى أنها أعلنت بعدها الحياد ولم تنضم إلى زملائها فى معاكستهم للأستاذ.