«الله يرحمك يابا كانت الدمعة بتفر من عينه وهو بيسمعها بتقول: حطيت على القلب إيدى وأنا بودع وحيدى».. جملة عند سماعها يئن القلب ألما.. فلا تزال عالقة فى ذهن المشاهد المصرى، حيث يعد «الشهد والدموع» من الأعمال الدرامية المتميزة التى خلدت فى ذهن المشاهد، إلى الآن.. وتمكن قائلها بأداء بسيط وأدوار غير تقليدية أن يمس قلب وعقل جمهوره من خلال شخصيات تشبههم، أبرزها: مختار برهامى، وحسين أبو شادى وجلال شهاب والصاغ رفيق والبرنس شاهر وسمعة الحكمدار.
حاكى من خلال شخصياته المتميزة قصصا من حال الواقع المصرى، ويرجع ذلك إلى البيئة التى نشأ فيها، فهو من أسرة مصرية عريقة ورث منها القيم والأخلاق والتى استطاع من خلالها تجسيد كل الأدوار فلم يقوقع نفسه داخل شخصية واحدة فينطبق عليه المثل الشعبى "على كل لون يا بطيسطة".. وفى حوار أجراه معه عين يفتح لنا الفنان صبرى عبد المنعم كواليس حياته وأعماله.
فى بداية حواره حدثنا الفنان صبرى عبد المنعم عن أحب الأعمال الدرامية إلى قلبه «مسلسل الشهد والدموع»، حيث فتح لنا كواليس دوره مختار برهامى، قائلا: توجد صداقة حميمة بينى وبين الراحل أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ، فكنت لا أرغب فى تجسيد الدور، فكيف لى أن أضرب الفنان إبراهيم الشامى وهو فى دور الأب داخل المسجد، ورفضت لمدة أسبوع، وفى الآخر وافقت وأنا تعبان وأعصابى سايبة، فعاداتى وتقاليدى لا تسمحان لى بذلك، فالأسرة المحافظة لم تفعل ذلك.
كما كشف أن الفنان إبراهيم الشامى (رحمه الله) قال له "اضرب وملكش دعوة"، مستكملا حديثه: عملته من ورا قلبى واتوترت جدا وبكيت بالفعل، وبعد المشهد «بوست إيده ورجله»، الكواليس كلها ذكريات جميلة.. واستغرقت أنا والفنان يوسف شعبان فى تجسيد الشخصية ودور الشر لدرجة أن المشاهدين افتكروا إننا بنعمل مؤامرات بجد فى المسلسل، فهو ما زال معلمًا فى حياتى، وهو طيب القلب ومن عتاولة التليفزيون، ويقدّر عمله جدا فأثناء السفر للعمل كان يغلق على نفسه الباب يحفظ الدور ولا يختلط بأحد، وأثناء العمل خلال لحظة تجمعنا فى مشهد مع بعض نشرب الشيشة كنا نستغرق فى العمل كأن بها ممنوعات بالفعل، وكان عنده ميعاد طائرة وفى لحظة مغادرته للكواليس لم يتمكن من الوقوف لدرجة جاء فى معتقده أنه يوجد شىء فى الشيشة بسبب استغراقه فى الدور.
وأضاف عبد المنعم وهو مستغرق فى ذكرياته عن الأعمال الدرامية: أحب الأعمال لقلبى، "رأفت الهجان"، ومسلسل "عزبة المنسى" الذى لم يأخذ نصيبه فى العرض، تأليف يوسف القعيد.
وبالنسبة لكواليس مسلسل "رأفت الهجان" قال: «عملت مع الفنان محمود عبد العزيز الله يرحمه فى مسلسل الإنسان والمجهول، قبل رأفت الهجان وكانت هى بداية الانطلاقة له واتصاحبنا فى المسلسل، وفى مسلسل رأفت الهجان كان الذى يجمعنى بيه داخل البلاتوه ناقر ونقير، ولم يكن شيئا معلنا، وإنما فى العقل الباطن، وفقا لتجسيد الدور وهو إنسان رقيق المشاعر».
وتابع الفنان صبرى عبد المنعم: مكنتش هعمل الدور ده كنت هعمل دور تانى أستاذ يحيى العلمى قال لى هنغير الدور ده هيعلم عند الناس، ودائما كان يضع الفنانين فى قوالب جيدة ويضعنا فى أدوار مميزة.
يواصل عبد المنعم رواية كواليس رأفت الهجان قائلاً: الفنانة عفاف شعيب جسدت شخصية أخت رأفت الهجان وزوجتى، الأم المتواجدة فى البيت، وهى طيبة جدا وكانت رافضة تعمل الدور فى الأول، وبعد عرضه، قالت لـ يحيى العلمى: "أنا مصدقاك فى أى شىء تقول عليه".
وعن السينما قال: أحب أعمالى فيلم "البداية" وفيلم "ساعة رضا"، وعن مشاركته فى فيلم «ساعة رضا» عن الفنان أحمد فتحى قال: هو من الوجوه المبشرة الواعدة على الساحة، وبدأ يأخذ دوره على الساحة وفرصته وهو يستحق أكثر من ذلك.
واستكمل: وفى الوقت الحالى أشارك فى فيلم "الكافيه" إنتاج الأستاذ علاء مرسى، وإخراج الأستاذ أحمد نور، وتشاركنى ابنتى مريم فى الفيلم، وأجسد خلال أحداث الفيلم شخصية موظف على المعاش، ويوجد معى تليفونى الخاص، وبلف على الناس داخل الكافتيريا «ابنى مش بيكلمنى أقول للناس هيكلمنى امتى حد يشوف ليكون السجنل واقع ولا إيه».
وأشار صبرى إلى أدواره التى شارك بها مع الفنان محمد رمضان فظهر معه فى أكثر من عمل، قائلا إن نجوم الجيل الجديد فرضوا نفسهم على الساحة بقوة، وتمكن رمضان من تحقيق نفسه خلال فترة وجيزة، والسوق كان محتاجا إلى شخصية مثل محمد رمضان لأن دائما نرى صورة «الجنتورميه» "الملمع المقمع" اللى عامل شعره على جمب ولأول مرة نرى من يعبر عنه، فى الواقع هو يعبر عن الشارع، موضحا أنه ليس امتدادا للراحل أحمد زكى، بل هو حالة شديدة الخصوصية؛ لأنه كل مرة بيقدم اختيارا جديدا وينجح فى التحدى وهو فى منتهى الذكاء، وأثبت جدارته وأخذ مكانته والعمل معاه يشرف أى أحد.
وأضاف صبرى: قد يتبادر إلى ذهن الجمهور أن تشابه الشكل والملامح ولون البشرة قد يكون قريبا من الراحل العبقرى أحمد زكى، ولكنه استطاع أن يأخذ خطوات بعيدة عن الفنان أحمد زكى، واتجه إلى سكة أخرى، وهو إنسان لطيف المعشر وابن ناس طيبين، وهو فى عمله لا ينظر إلى حد نظرة يقل منه ولا يضايق أحد، وأثر الطيبة واضح جدا فى شغله فى اللوكشين فهو يضيف بهجة.
ويأخذنا الفنان صبرى إلى الحنين الدرامى مرة أخرى متحدثا عن السندريلا كاشفا بعض كواليس «هو هى»، قائلا: كل يوم كنا بنقعد عند أستاذ صلاح جاهين، اليوم بيبدأ هناك، وكنا بنشوف السندريلا بصخبها الفنى كل يوم عند أستاذ صلاح، فى مرة فوجئت وقت تصوير مسلسل «هو وهى» "جلابية بارتى"، الباب خبط الساعة 1 بالليل قال لى شوف مين قلتله واحدة فلاحة شايلة حاجة على رأسها فتحنا لقينها سعاد حسنى، كان ليها أوضة فى الاستديو فى التليفزيون وكانت واخدة إذن أنها تدخل براحتها، بتبات جنب الشغل، قعدت جنب المصممة صحيت المصممة ونفذت لها ولبست الهدوم وجات توريها لأستاذ صلاح جاهين، السندريلا لن تتكرر مرة أخرى. فهى دؤوبة جدا فى عملها.
عن دوره فى "هو وهى" لصلاح جاهين قال «جه حظى اعمل "جلابية بارتى" هو من الأدوار اللى رشحنى ليها يحيى العلمى».
وعن «أبو العلا البشرى» قال: نفس حكاية الشهد والدموع، عرض علىّ المؤلف أسامة أنور عكاشة أعمل دور صامت بدون نطق كلمة واحدة.. هتعمل دور نطق كلمة معينة، لحد ما قرأت المشهد بين العملاق الراحل محمود مرسى، وطبقت فى الدور، مسكت الدور ذاكرته كويس عجنته خبزته وسويته وكلته لوحدى.
وأضاف: وكان الأستاذ محمود مرسى بيدرسلى فى المعهد إخراج مسرحى، فكانت هناك علاقة صداقة منذ ذلك الوقت نخلص ونخرج يعزمنى، واتعلمت منه حاجات كتير وهو على قدر عال من الثقافة والفن وهو ممثل إذاعى محترف .
وكشف «صبرى» بعد ما بخلص المشهد لا أتفرج على الدور، والعمل الوحيد الذى اطلعت عليه «رحلة أبو العلا البشرى»، نصف دقيقة فقط، وأنا داخل بقول "لم الكتب بتاعتك يا ولد"، قائلا وكذلك الأستاذ محمود مرسى لم ير أى عمل من أعماله التى يجسدها، اللى حلمنا بيه وفكرنا فيه عملناه مش هنعمل أكثر من كده.
وعن دوره فى مسلسل «ليالى الحلمية» الجزء الأول، قال: بعد عرضه كنت عاوز أشتغل فى الجزء الثانى، وهددت المخرج إسماعيل بإنى هخطف ابنه محمد قال لى "ولا تقدر"، وأثناء كتابة الجزء الثانى قال لى "يلا بدل ما تخطف الولد".
وعن كواليسه مع المخرج قال: هو فلاح جميل، وكنا بنفطر مع بعض وبيبلبس جلابية فى اللوكشين، وبيتحول إلى ألمانى نازى لغاية ما ينتهى الأوردر، وبيخلص قبل موعده، وكان مثل يحيى العلمى الساعة 2 يشرب الشاى والنسكافيه ويفتح الشباك يشرب سجاير ويدخل الاستديو ترمى الإبرة ترن، الأوردر كان من 3 لـ 4 وأحيانا 5 ساعات يخلص بمنتهى الكفاءة، كما أن الأستاذ نور الدمرادش توجد به صفة الأستاذية، وهى لا تأتى من فراغ.
وأضاف: ممدوح عبد العليم جمعتنى به كواليس ومشاهد فى منتهى السعادة وإحنا بنشغل، ويحيى الفخرانى هكذا بيجى جاهز وحافظ، وصلاح السعدنى فهو عمدة السينما، فهو يعمل حالة صخب ومرح داخل الاستديو، ميقدرش يقعد لحظة من غير الابتسامة فى نفس الوقت. وقادر على التلون ويقدر يشتغل أعمالا عديدة فى وقت واحد وتميز شديد عن كل عمل عن الآخر.
أما عن كواليس دورى فى "البرنس شاهر" فى هوانم جاردن سيتى، الفنانة ليلى فوزى كانت بتخاف منى جدا، وكانت بتقول للمخرج أحمد صقر: "ده بيحبنى بجد يا أحمد «معجون بمية عفاريت» بعد المشهد امسكه على طول ومشيه"، وأنا حبيت أعمل شيئا محترما بعد الكوارث اللى ظهرت فيها مثل الشهد والدموع وهوانم جاردن سيتى.
وعن شخصية "سمعة الحكمدار" فى مسلسل "سوق العصر" مع الفنان أحمد عبد العزيز قال: "هو امتداد لدورى فى مسلسل الشهد والدموع، فدراسة المعهد لها جانب علينا، فهى علمتنا نتلون فى تجسيد جميع الشخصيات بحكم القراءة والثقافة ومشاهدتى للحياة، ومن كتر المشى فى الدنيا قربنى من كل الطبقات، منها عالم الشرطة بحكم أصحابنا وقرايبنا، وعالم القضاء والأحياء الشعبية بجانب نشأتى بحى باب الشعرية، وأستمتع حتى الآن عندما أقضى أوقاتى فى المكان الذى ولدت به هى أسعد أيام حياتى، وأعيد ذلك فى تمثيلى، فكل مخرج ومنتج يرانى بنظرة مختلفة، فأنا ليس لى وجه واحدـ ولكن أنا مختلف فلم أقوقع نفسى على دور معين، وفى بعض الأوقات تأتى الأدوار إلىّ مقشرة أحلم بها أجدها أمامى دون اختيارى.
واستكمل حديثه عن الفنان محمود ياسين خلال تصوير مسلسل سوق العصر، قائلا: "هو شخصية هادية وراقية جدا، وشديد الاحترام داخل اللوكيشن، عملنا مع بعض كثيرا جدا، منها «هو وهى»، و«الشيطان يغنى» فى السينما".
وتابع قائلا: "جمعتنى علاقة صداقة قوية بالفنان أحمد عبد العزيز من أيام الجامعة، فهو كان فى كلية تجارة وأنا فى كلية الحقوق، وكنا بنخرج فى حقوق، وقمت بمساعدة الأستاذ المخرج الكبير "هانى مطاوع" وأخذنا الجائزة الأولى فى عملنا «العادلون»، وكذلك محمود حميدة وسامى مغاورى وفاروق الفيشاوى، فكلنا شلة واحدة، وأحمد عبد العزيز إنسان لطيف وتعاونَّا فى مسرحية شكسبير فى العتبة، وكانت فرحتنا بيه لا توصف وأخذناه معنا للتعارف على الأستاذ صلاح جاهين ويوسف شاهين، وهو يستاهل أكثر من ذلك، فهو ينتظر حتى يأتى الدور عليه ليجسد الشخصية".
وأشاد صبرى عبد المنعم بجامعتى عين شمس والقاهرة، ويرى أنهما بيئة خصبة لظهور نجوم جدد مطروحين بشكل مكثف حتى الآن على الساحة، منهم سامى مغاورى ومحمود حميدة وعهدى صادق ومحسن حلمى الكوميدى الكبير، وقال: "كلية الحقوق معمل تفريخ لمعهد الفنون المسرحية، فتوجد شبكة روحية بين جامعة عين شمس والقاهرة وفنون مسرحية".
وفى سياق متصل، تحدث عن دوره فى مسلسل «حديث الصباح والمساء» فقال توجد علاقة كيميا بينى وبين المخرج أحمد صقر، فهو يرانى بعين مختلفة "أكل العيش خلانى أجسد دور خال الفنانة ليلى علوى"، فكان يتطلب منى الدور أن أكون قاسيا، وكان من وراء قلبى، فقصة الحب الخالدة فى العمل لم نرها من قبل إلا عند الكاتب نجيب محفوظ، والفنانة ليلى علوى موهبة شديدة الالتهاب فى اختياراتها وأفلامها وبتعرف تختار أدوارها جيدا.
يواصل الفنان القدير صبرى عبد المنعم سرد ذكرياته فى عالم الفن قائلاً: مسلسل «الحصان الأسود، مع أحمد السقا، حكاية مختلفة، فهو صاخب وحساس ورقيق، نمثل كل المشاهد مع بعض، ويهتم بأدق التفاصيل، وهو مطيع داخل البلاتوه بياخد بأيد الصغير قبل الكبير، أنا وأحمد نظرنا ضعيف، وكنا بناخد بأيد بعض فى البصيرة جاءت فى مشهد الهروب من السجن.
واستكمل حديثه المشوق عن الفنانين قائلا: سبب معرفتى بالفنان أحمد زكى مسرحية "القاهرة فى ألف عام" مع المخرج أحمد عبد الحليم، مع يونس شلبى وسامى فهمى أحمد زكى والفنان محمد صبحى، مشيرا إلى أن فيلم "البيضة والحجر" لطيف، وكما جمعتهما المشاهد جمعتهما أيضا الظروف المرضية، كاشفا أن: أيام علاجى كانت نفس الفترة وكنا دائمى الاتصال مع بعض وهو كان قلق جدا والفترة صعبة عليه، وكان البروتوكول العلاجى مختلفا عنى؛ لأن حجم المرض كان عاليا جدا لديه الله يرحمه، كان دائما يقابلنى دائما ويطاردنى بالعربية ونذهب للجلوس فى فندق أو أى مكان هادئ، فهو صعب أن يتكرر مرة أخرى.
وعن يونس شلبى قال: هو شخصية طيبة جدا، ولم ينل حظه فى التمثيل، وأثناء دراستنا بالمعهد كان تراجديان شديد الخطورة، كل الناس كانت تعرف أنه كوميدى فقط.
وعن سر لقب "الكفيف" قال: كانوا يطلقون علىّ "صبرى الكفيف" فقد أجريت وأنا وصغير عملية؛ بسبب إغلاق عينى لمدة سنتين، وفتّحت فى سنة 67، وأُصِبت بقرحة القرنية، ومازالت متواجدة حتى الآن.
وعن الجيل الجديد، قال: يوجد به مخرجون هائلون، الشاطر يعرف يلاقى نفسه مع مخرج ومؤلف، والمعدات الجديدة أتاحت فرصة إبداع، بالمقارنة بزمان عشان نصور حادثة كنا بنغلب فى المعدات، خاصة عند احتياجنا لعمل مشهد به قنابل وكذلك مطاردة السيارات، زمان كنا بنغلب فى حوادث العربيات، لكن دلوقت بنحتاج طيارة شايلة كاميرا وبتصور الأحداث بريموت كنترول، ووسائل التعبير دلوقتى اتغيرت والشاطر يعرف يلاحق التقدم.
وعن اختفاء قطاع الإنتاج بالتليفزيون، قال: أنا أثق بالمجلس الأعلى للإعلام، فهو ينظر إلى الأمور نظرة مسبقة، وأثق فى عودته للعمل مرة أخرى، وكذلك مدينة الإنتاج وصوت القاهرة.
وعن علاقته بزوجته سهير عبد المنعم ابنة الفنان عبد المنعم إبراهيم، قال: «تعرفت عليها من خلال صلة معرفة مع عيال أختى، وكنا فى رمضان، واتأخرت أثناء تصوير مسلسل "رأفت الهجان" عليهم حتى الساعة 12 بالليل، وكان لا يوجد تليفون وذهبت بعدها، ووجدتهم ينتظرونى، وثانى يوم خطبتها مباشرة».