كانت الفنانة الاستعراضية الجميلة نعيمة عاكف التى تحل ذكرى وفاتها اليوم عنوانا للبهجة وأيقونة للاستعراض، وحفرت اسمها بحروف من نار ونور فى عالم الفن، حيث عاشت ظروفا قاسية فى طفولتها وفى نهاية حياتها القصيرة التى لا تتجاوز 36 عاما.
وعانت أسطورة الاستعراض المولودة فى 7 أكتوبر عام 1930 من الفقر فى طفولتها، وعملت منذ كان عمرها 4 سنوات فى سيرك والدها المتجول بمدينة طنطا، مما أكسبها مهارة ولياقة بدنية كبيرة، واشتدت قسوة الحياة عليها وعلى أسرتها وشقيقاتها الثلاثة بعدما اضطر والدها لإغلاق السيرك وبيع مقتنياته، فاضطرت الطفلة وشقيقاتها أن يرقصن ويغنين ويقدمن فنون الاستعراض فى الشارع ليحصلن على النقود من العابرين، حتى التقطها على الكسار ثم بديعة مصابنى التى علمتها فنون الاستعراض وأطلقت عليها لقب لهلوبة، حيث كانت تقدم الأغنيات والمنولوجات الخفيفة إلى جانب الرقص والاستعراض، وهذا ما مهد لها الطريق لتظهر فى السينما.
ظهرت نعيمة عاكف فى السينما لأول مرة فى فيلم «شادية الوادى» عام 1947، وفيلم ست البيت عام 1948، ولكن كانت انطلاقتها الفنية القوية بدأت بعدما تعرفت على المخرج حسين فوزى، الذى تبنى موهبتها وقدمها فى فيلم "العيش والملح" عام 1949 لتبدأ رحلة تألق أسطورة الاستعراض نعيمة عاكف، التى ارتبطت بقصة حب مع حسن فوزى وتزوجا وقدما خلال فترة زواجهما التى امتدت من عام 1953 إلى 1958 عددا من أهم أفلامها، ومنها لهاليبو وفتاة السيرك وبابا عريس، وتمر حنة، وأحبك ياحسن، وحازت لهاليبو لقب الراقصة الأولى على مستوى العالم من مهرجان الشباب العالمى بموسكو عام 1958، وبعدها طلاقهما تزوجت نعيمة عاكف من المحاسب صلاح عبد الحميد، وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد، وقدمت للسينما عددا آخر من الأفلام، حتى شعرت عام 1964 ببعض الآلام واكتشفت إصابتها بالسرطان، وعانت النجمة الأسطورية لمدة عامين من عذاب المرض حتى توفاها الله فى 23 أبريل عام 1966 قبل أن يتجاوز عمرها 36 عاما.
وربطت نعيمة عاكف وزوجها الأول المخرج حسين فوزى علاقة صداقة قوية بالفنان فريد الأطرش، وجمعتهم العديد من المواقف والمناسبات، ومنها ما التقطته عدسة مجلة الكواكب مساء يوم السّبت 3 أكتوبر من عام 1953 خلال حفل أقامه المخرج حسين فوزي وزوجته نعيمة لفريد الأطرش بعد عودته من رحلته إلى أوروبا، وظهرت فى الصّورة نعيمة عاكف وحسين فوزى، ومحمّد فوزى، وشقيقته هدى سلطان، وزوجها فريد شوقى، وحضر الحفل أيضا كل من مديحة يسرى، وزينب صدقى، وعبد السّلام النّابلسيّ، وحلمى رفلة.
وفى عام 1955 التقت نعيمة عاكف وزوجها حسين فوزى بفريد الأطرش فى كازينو الجزائر بباريس بعد جولة قاما بها فى أوروبا، وكتبت عنها نعيمة عاكف: «أخيرا سافرنا إلى باريس، والتقينا بالزّميل العزيز فريد الأطرش، وفريد خير سفير لمصر ولفنّ مصر فى البلاد الأجنبيّة، فهو مثل طيّب للكرم الشّرقيّ، وللخلق المصريّ والعربيّ».
وحكت لهاليبو الفن حكاية طّريفة حدثت خلال هذه اللقاء، قائلة: «فى أحد ملاهى باريس رأيت رجلاً يناهز السّتّين، يبدو أنّه سكران، وكان ينظر إليّ نظرات مخيفة، ويبتسم لي، ويرسل إليّ القبلات فى الهواء، وثار زوجى وقام ليؤدّب هذا الوقح".
وتابعت: "إذا بالصّديق فريد الأطرش يقول لزوجى: «حاسب يا حسين، ده أورسن ويلز المخرج والمؤلف والمنتج الأمريكى"، ودهشنا لذلك، وقام فريد بمهمّة التّعارف بيننا وبين العاشق العجوز الذى انتقل إلى مائدتنا، ولكنّ زوجى لم يهضم جرأته الأولى فقال له: «لماذا سمحت لنفسك بأن تغازل زوجتى بهذه الطّريقة الوقحة؟». فضحك الفنّان الكبير وقال إنّه معذور لأنه لم ير فى الحفل واحدة أجمل منّى" ، مؤكدة أن زوجها تمالك نفسه بصعوبة قبل حتى لا يفتك بالمخرج الأمريكى.