حقق مسلسل جودر الذي بدأ عرضه ضمن دراما رمضان لعام 2024 الماضي، ويستمر في مسلسلات رمضان 2025 بالجزء الثاني، نجاحًا كبيرًا وغير مسبوق، حيث الدراما التاريخية والتراث العربي المأخوذ من مجموعة ألف ليلة وليلة ويحكى مسلسل جودر قصة "جودر الصياد" التي كانت بين قصص "ألف ليلة وليلة" وتروى عن جودر ابن التاجر عمر وما حدث له ولأخويه، ويعدّ جودر من الشخصيات الأكثر شهرة في حكايات "ألف ليلة وليلة" حيث تظهر في أكثر من ليلة، وأحداث "حكاية جودر الصياد" تستمر من الليلة 608 إلى الليلة 633، والشخصية لم يتناولها أي عمل فني ناقش قصص ألف ليلة وليلة من قبل.
وبعد النجاح الكبير الذي حققه مسلسل، نستعرض أبرز الترشيحات لقصص تستحق التحول لعمل درامي من خلال مجموعة من المثقفين والمؤرخين.
قال الدكتور والناقد حسين حمودة استاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة: أتصور أن السرد العربي القديم، بأشكاله المتنوعة، يقدم مادة غنية جدًا تصلح للمعالجات الدرامية، فهناك في ألف ليلة وليلة مثلًا، حكايات كثيرة جدًا لم تتطرق إليها السينما ولا التليفزيوين، وكلها تصلح لمعالجتها سينمائيًا أو دراميًا، لكن جزءًا كبيرًا من هذه الحكايات تحتاج من أجل معالجتها إلى إمكانات فنية مناسبة، على مستوى كتابة السيناريو لها، وعلى مستوى تنفيذها، خصوصًا في جوانبها التي تبدوا أحيانًا خيالية.
لكن على كل حال يمكن لأدوات جديدة تستخدم الآن في صناعة الأفلام والمسلسلات أن تحل هذه المشكلة.
وتابع الدكتور حسين حمودة: وبجانب حكايات ألف ليلة وليلة، هناك قصص كثيرة جدًا مبثوثة في التراث السردي العربي بما فيه السرد التاريخي، في كتابات المقريزي وابن إياس على سبيل المثال.
من جانبه أكد الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة، أن النجاح الكبير الذي حققه مسلسل جودر في جزئه الثاني يفتح المجال أمام إعادة تقديم الحكايات التراثية في الدراما العربية، سواء من ألف ليلة وليلة أو غيرها من الحكايات الشعبية التي شكلت جزءًا من وجداننا الثقافي.
وقال أبو الليل "في الحقيقة، كل حكايات ألف ليلة وليلة مؤهلة لأن يُعاد تقديمها دراميًا، خاصة أن هناك نسخة محققة من ألف ليلة باللهجة المصرية العامية، بعنوان "ألف ليلة وليلة" بالعامية المصرية، تحقيق الدكتور هشام عبد العزيز. وهذا يعكس مدى عمق حضور هذه الحكايات في الثقافة المصرية وإمكانية إعادة قراءتها برؤية حديثة تتناسب مع جمهور اليوم".
ومن جانبه قال الدكتور محمد أمين عبد الصمد، الكاتب المسرحي والباحث في الأنثروبولوجيا الثقافية: أن التراث القصصي المصري متسع جدًا وثري جدًا، وهو بالفعل أوسع من ألف ليلة وليلة وقد تكون ألف ليلة وليلة هي الأشهر وقد يكون هناك بعض السير الشعبية التي حققت شهرة واسعة وكبيرة مثل السير الهلالية ومن بعدها الظاهر بيبرس وذات الهمة وسيف بن اليزن.
وأضاف الدكتور محمد عبد الصمد أن التراث القصصي المصري أوسع من ذلك بكثير، فهناك ما يدخل في الحكايات الشعبية، وما يدخل فيما يسمى المواويل القصصية مثل حسن ونعيمة وشفيقة ومتولي وأدهم الشرقاوي وغيرهم.
وأنهى الدكتور محمد عبد الصمد حديثة بأن هذا الثراء الكبير جدًا والمتسع جدًا هو أكبر بكثير من ألف ليلة وليلة فقط، فالكاتب أنور عبد المغيث مؤلف مسلسل "جودر" راهن رهانا وكان صائبا، حيث كان الرهان مبني على أن ألف ليلة وليلة موجودة في وجدان المتلقي أو كل المصريين بوجه عام، بالإضافة إلى قدرته على تحميل تمية المسلسل بعد أفكار وخطاب للمؤلف نفسه، حيث أنه لم يقدم ألف ليلة وليلة بالشكل التقليدي العادي، ولكنه حملها بشكل يحتمل التأويل، فعندما تشاهد المسلسل قد يخطر في زهنك تأويلات متعددة، ليس مجرد مسلسل درامي يتناول زمن ماضي في إطار الأحلام أو العالم الموازي.