"أهى النشوة أم وقدة جمر.. إننى أحسستها تذكو بصدرى... وبروحى لهفةٌ تبعثها.. هذه القبلة من أعذب ثغر" سيكون من السهولة أن نتخيل أن قائل هذه الأبيات التى تتحدث عن القُبلات وإحساس النشوة داخل الصدر، لأحمد رامى أو نزار قبانى، لكن الحقيقة غير ذلك، إن قائل وكاتب هذه الأبيات وغيرها على نفس المنوال، هو سيد قطب أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين الارهابية.
ليس من الصعوبة أن ترى أنور وجدى مع ليلى مراد على المسرح، لكن ربما من الصعوبة أن ترى الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل يتشدق على المسرح منفعلا من فرط الدور الذى يؤديه. كل هذا وأكثر أخفته جماعة الإخوان المسلمين الارهابية وعدد من قيادات الجماعة داخل جعبتهم، من أنهم كانوا يوما ما فنانين يؤيدون رسالة الفن الهادفة ومارسوه بأشكال مختلفة، بدلا من كونهم يحاربونه الآن بشتى الطرق الممكنة.
شاعر القبلات سيد قطب
سيد قطب
سيد قطب يعتبر أكثر الشخصيات تأثيرا فى الحركة الإسلامية عبر عمله فى الجماعة وكتاباته الأكثر تشددا وإباحته لقتل المعارضين عبر عملية بحث بسيطة لـ"سيد قطب" بدون ألقاب كـ"شيخ" أو "العلامة" أو مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ستجد قائمة طويلة من الأشعار الرومانسية له على موقع "أدب adab" تتحدث بعضها عن الشوق واللهفة والنشوة والحب وغيرها.
محمد قطب أحد قيادات الإخوان الارهابية قال عن رأيه فى الفن وفقا للموقع الرسمى للجماعة: "الفن فى وسائله المختلفة هو محاولة البشر تصوير الواقع الذى يتلقونه فى حسِّهم من وقائع الوجود فى صورة جميلة موحية مؤثرة، والفنان شخص موهوب ذو حساسة خاصة تستطيع أن تلتقط الإيقاعات الخفية اللطيفة التى لا تدركها الأجهزة الأخرى فى الناس العاديين، وذو قدرة تعبيرية خاصة تستطيع أن تحول هذه الإيقاعات إلى لون من الأداء الجميل يثير فى النفس الانفعال، ويحرك فيها حاسة الجمال".
التلمسانى عازفا
عمر التلمساني
المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين الارهابية، عمر التلمسانى، كان يميل التلمسانى إلى الموسيقى وتعلم في مرحلة مبكرة من حياته العزف على العود ولكنه فشل كشاعر.
البنا يؤسس فرقة مسرحية
حسن البنا شابا
الباحث الدكتور عصام تليمة ألف كتابا بعنوان (حسن البنا وتجربة الفن) تحدث فيه عن التاريخ الفنى للجماعة وقال إن الشيخ حسن البنا- مؤسس جماعة الإخوان الارهابية -أسس فرقة مسرحية عام 1934 وعلى عكس المألوف لدى الإسلاميين لم يبدأ بعروض لفقه الملاحم أو المحنة وإنما إفتتح مسرحه بعرض مسرحى رومانسى بعنوان "جميل بثينة" وكانت فرقة البنا المسرحية تضم نخبة من الفنانين مثل: عبد المنعم مدبولى وسعد أردش وإبراهيم الشامى ومحمد السبع والفنانة فاطمة رشدى وبعض الفنانين المعروفين الآن وبعض الكتاب مثل فهمى هويدى.
حازم أبو إسماعيل يؤدى دور "هرقل"
اللافت أن الشيخ الذى ينتمى إلى التيار السلفى حاليا ويواجه تهما بالتحريض على قتل عدد من ضباط الجيش المصرى والتجمهر والتحريض على اقتحام مدينة الإنتاج الإعلامى، حازم صلاح أبو إسماعيل، كان يعمل فى فرقة الإخوان المسلمين المسرحية وفرقة الأزهر وقدم عروضا مسرحية وهو من قام بدور "هرقل" فى مسرحية معروفة عن خالد بن الوليد.
من اللافت للنظر أن الإخوان المسلمين قدموا عروضا مسرحية يجسدون فيها أدوار الأنبياء مثل مسرحية "الذبيح" الأمر الذى لم يرفضه الأزهر وقتها وإنما يرفضه الآن دون وجود سند أو دليل قوى على منعه.
ويروى "تليمة" فى مقابلة تليفزيونية سابقة عام 2011 عن موقف جمع البنا وأنور وجدى ببنك مصر حيث تجاذب الإثنان الحديث وسأل أنور وجدى الشيخ عن سر تكفيرهم للفن والفنانين رغم أنه مسلم ويصلى بعض الفروض وعن ذلك رد البنا بأنهم لا يكفرون الفن ولا الفنانين ولايجدون به أية حرمة وإنما الحرمة الوحيدة فى تناول المواضيع وشدد على رسالة الفن فى نشر القيم والفضائل فكلُ صاحب رسالة ويؤدى دوره سواء كان رجل دين أو فنان كما روُى عن إسلام الفنانة ليلى مراد على يد الشيخ حسن البنا نتيجة لهذه الواقعة.
واستمر مسرح الإخوان المسلمين فى تقديم أعماله، بل رأينا من بين فنانيه عددًا ليس بالقيل من عمالقة الفن والتمثيل المصرى فيما بعد، مثل: إبراهيم الشامى، وسراج منير، ومحمود المليجى، ومحمد السبع، وعبد البديع العربى، وشفيق نور الدين، والأخَوَيْن: حمدى غيث، وعبد الله غيث، وإبراهيم سعفان وعبدالمنعم مدبولى وهو عضو فرقة المسرح الإسلامى آنذاك والذى صار علمًا على مدرسة فى الكوميديا عرفت باسمه "المدبوليزم".
وكان حسن البنا يحضر بنفسه البروفات والإعداد للمسرحيات، ويولي ذلك اهتمامًا كبيرًا، وكان العمل الفني عند حسن البنا أشبه ما يكون بالعمل المؤسسي والمختص، لا من باب الهواية، و من ذلك تمرين طلبة القسم الثانوي على الأداء المسرحي وتم تعميم الفكرة على معظم شُعَب الإخوان في بقية المحافظات، لتكون بديلاً للريف المصري والمناطق النائية عن المسارح والسينمات.