نسمعه يشدو مرحبًا بقدوم رمضان برائعته «مرحب شهر الصوم»، فترقص القلوب فرحةً بالشهر الكريم، يشاركنا أفراحنا بطريقة أولاد البلد وهو يغنى «يا نجف بنور يا سيد العرسان»، ويجمع بين الطرب وخفة الظل وهو يغنى «يا تاكسى الغرام يا مقرب البعيد»، ويعطى دروسًا فى الغزل بأغنيته «منديل الحلو يا منديله»، ويجسد لهفة واستعطاف الحبيب وهو يردد «شوف قلبى الملهوف بيقول يا صباح الفل»..انه المطرب والملحن الفنان عبدالعزيز محمود الذى تحل ذكرى وفاته اليوم حيث رحل عن عالمنا فى 25 أغسطس من عام 1991.
ويمتلك محمود عبدالعزيز تراثا فنيا يتجاوز 2000 عمل فنى ما بين تلحين وغناء.
وعن مشوار حياة مطرب الزمن الجميل تحدث ابنه هشام عبدالعزيز محمود فى حوار لـ"عين"، قائلا: "ولد أبى فى قرية الخناجرة بمحافظة سوهاج فى 17 أكتوبر 1914 لأسرة ميسورة الحال، وعشق الفن والغناء منذ طفولته وتربى على أصوات الربابة ومواويل الأفراح وغناء المسحراتى والباعة الجائلين"
وأشار الابن إلى أن أسرة والده تبدل حالها بعد وفاة الأب وبسبب مشكلات الميراث أخذته أمه مع شقيقه وانتقلت إلى بورسعيد مع عدد من أفراد عائلتها فى هجرة شبه جماعية، حيث فرص العمل فى الميناء والبحر.
وتابع: "فى بورسعيد عمل أبى فى الميناء بإحدى الشركات الأجنبية للشحن والتفريغ وكان يغنى أثناء العمل واشتهر بين زملائه بحلاوة صوته»
«غنى أبى فى فرح أحد زملائه، وبالصدفة سمعه الموسيقار مدحت عاصم، وكان مديرًا للإذاعة فأعجبه صوته، وأعطاه الكارت الخاص به، وقال له لو عاوز تشتغل فى الفن تعالى قابلنى فى القاهرة».
اكتملت الصدفة عندما كان عبدالعزيز محمود فى عرض البحر، وجمع زملاءه ليغنى لهم: «كانوا مزوغين وبيغنوا، ومشرف الشغل عرف فتتبعهم، ووالدى جرى وقفز من اللانش وأصيب فى ساقه فترك الشركة».
وبعدها سافر عبد العزيز محمود إلى القاهرة وبدأ مشواره الفنى فى الإذاعة عام 1934، ولحن له مدحت عاصم والقصبجى وزكريا أحمد والسنباطى، ثم شارك بالغناء فى بعض الأفلام، وبدأ يحقق شهرة واسعة بعدما شارك فى فيلم "قلبى دليلى" بأغنية : "يانجف بنور" عام 1947، فتهافت عليه المخرجون، حتى حصل على دور البطولة فى فيلم "منديل الحلو"، وأصبح مطرب الأفراح الأول فى مصر.
وأوضح الابن :«كانت مواعيد الأفراح بتتحدد على أساس مواعيد والدى، وطلبه أنور السادات لإحياء فرحه على جيهان بعدما طلبت أن يغنى مطرب يا نجف بنور فى فرحها»
وتابع: كان والدى سببًا فى اكتشاف النجمة نعيمة عاكف، فكانت تعمل فى السيرك، وساعدها على أن تؤدى أول أدوارها فى فيلم «ست البيت»، الذى غنى فيه عام 1948 مجموعة من أجمل أغانيه التى رقصت عليها نعيمة عاكف.
وأكد هشام محمود عبدالعزيز أن نعيمة عاكف صانت جميل والده بعد زواجها من المنتج حسين فوزى، واستعانت به فى فيلم «جنة ونار»، ليقدم 5 أغنيات من أجمل أغانيه.
وأسس عبدالعزيز محمود شركة إنتاج خاصة به عام 1951، وأنتج من خلالها 4 أفلام، هى «خد الجميل، مقدر ومكتوب، علشان عيونك، تاكسى الغرام».
وأشار ابن الفنان عبدالعزيز محمود إلى قدرة والده على التنوع والتجديد، والتغلب على الظروف، قائلًا: «أبويا لما اتحارب فى الإذاعة فى الستينيات، عمل أغانى الفرانكو آراب وقدم 4 أغنيات، هى «لوليتا، حليمة، حسن يا حسن، لورا»، وحققت نجاحًا منقطع النظير، ودعته لندن لتسجيل الأغنيات فيها بعد تفوقه فى استفتاء للجمهور، حتى أن الكورال الذى غنى معه كان إنجليزيًا».
وتوفى عبدالعزيز محمود بعد حياة حافلة بالفن والعطاء فى 25 أغسطس عام 1991.
وبحسرة يتحدث ابنه قائلا:" كلما مر الزمن يزداد فن أبى تألقا وقيمة ولكن مع الأسف الكثير من الشباب لا يعرفونه، بسبب تدهور حال الثقافة الفنية والإعلام حتى أن الكثيرين من مذيعى البرامج والمعدين لا يعرفون عنه شيئا".
واختتم الابن حديثه قائلا:" للأسف غزت ثقافتنا ثقافة أغانى المهرجانات وغاب المسرح الغنائى والاستعراضى رغم أننا نمتلك كنوزا من الفنون والتراث الفنى لعباقرة الطرب".