كان للفن دور كبير فى تجسيد فرحة نصر أكتوبر وبث الحماس فى نفوس المواطنين ونقل تفاصيل أحداث العبور والانتصار وفرحة الجنود وتضحياتهم، وعبر الفنانون عن هذه المشاعر وعن فرحة الجيش والشعب وعن صبر السنوات حتى تحقق النصر، من خلال الأغانى والأعمال الفنية والدرامية والسينمائية التى لولاها ما عرف الناس أحداثا وتفاصيل كثيرة عن أحد أهم الأحدث الفارقة فى تاريخ مصر والأمة العربية.
ورغم دور الفن فى أوقات الحرب وحرص الفنانين والمشاهير على الوقوف إلى جانب الجيش خلال هذه الأحداث الحاسمة بأعمالهم الفنية، إلا أن الكثيرين منهم لم يكتفوا بهذا القدر وتجاوز عطائهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل، فشاركوا بالروح والدم والجسد أو ضحوا بأعز الأحباب فداء لتراب الوطن وتحرير أراضيه، ومن بين هؤلاء الفنانين المطرب المظلوم محمد حمام.
"يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى أستشهد تحتك وتعيشى إنتى".. هذه الكلمات التى انطلقت من حنجرة الفنان محمد حمام كان لها تأثير الرصاص وقت المعركة، وألهبت المشاعر والحماس فرفعت الروح المعنوية للجنود والمدنيين بعد النكسة ولملمت الجراح فاصطف الجميع يقاوم ويدافع عن الأرض حتى تحررت وعادت بيوت السويس.
ولد الفنان محمد حمام عام 1935، واسمه محمد سيد محمد إبراهيم، وقضى أغلب سنوات شبابه فى المعتقل، بسبب مواقفه النضالية والسياسية وخلال فترة اعتقاله تعرف على عدد من المفكرين والكتاب وانتشرت شهرته فى المعتقل، حيث كان يردد الأغانى التى تدعو للحرية، وبعد الإفراج عنه قدمه حسن فؤاد للحياة الفنية وتعرف على الشاعر عبد الرحمن الأبنودى الذى كتب له أغنية يابيوت السويس، وقدمته سلوى حجازى فى برنامج "الفن والحياة" إعداد حسن فؤاد.
وبعد نكسة 67 كان حمام أحد مؤسسى فرقة الأرض التى كونها الفدائى كابتن غزالى، وكان لها دور كبير فى المقاومة الشعبية بالغناء ومساعدة الجرحى وتوصيل الذخائر للجنود والدفاع عن مدينة السويس، وطافت الجبهة وسط الجنود والضباط بعد النكبة، و غنى حمام وسط المدافع والبارود والنار لبيوت السويس وللجنود على الجبهة وفى شوارع السويس بعد النكسة وخلال حربى الاستنزاف وأكتوبر، بلكنة نوبية صعيدية، تحمل رائحة الطمى ولون النيل.
وعن دور الفنان الفدائى محمد حمام خلال الفترة مابين النكسة وانتصار أكتوبر تحدث المهندس عفت رزق صديق عمره وزميله فى كلية الفنون الجميلة، مشيرا إلى دوره مع فرقة الأرض خلال الفترة بعد نكسة 67 حتى نصر أكتوبر مع المقاومة الشعبية والجنود على الجبهة وفى فرقة أولاد الأرض وتحدث عن الظلم الواقع عليه قائلا: "رغم دوره الوطنى لكن شهرته فى الخارج كانت أكبر من شهرته بمصر، فخلال السبعينيات عانى من التقييد، وسافر وكوّن فرقة فى الخارج واشتهر فى أوروبا وفرنسا أكثر من شهرته بمصر، وكان يغنى بلكنة مصرية نوبية".
وتابع: "كان حمام ابن مصر كلها وعشق ترابها، فكان أحد أقوى أساليب المقاومة مع فرقة الأرض وكابتن غزال، لكنه لم يأخذ ما يستحقه من الشهرة".