حبيبة الملايين ومعبودة الجماهير التى غابت بجسدها حتى قبل وفاتها ولكنها ظلت ولا تزال وستبقى قمر لا يغيب وشمس تنشر نورها ودفئها فى قلوب المحبين، فيكفى أن ترى صورتها على الشاشة أو تسمع صوتها فتنقل إليك أجمل مشاعر الحب والفرح والحنين والبهجة.
إنها الجميلة دائما الدلوعة شادية التى رحلت عن عالمنا بجسدها منذ عامين فى مثل هذا اليوم الموافق 28 نوفمبر عام 2017.
أحبها الملايين ووقع فى غرامها المئات وكانت فتاة أحلام الألاف، وأثر فى حياتها عشرات الرجال، سواء بالسلب أو الإيجاب.
كان أول الرجال المؤثرين فى حياة محبوبة الملايين التى ولدت فى منطقة الحلمية الجديدة بحى عابدين عام 1931 والدها المهندس أحمد كمال شاكر أحد كبار مهندسى الزراعة والرى فى مصر والذى كان مشرفا على أراضى الخاصة الملكية قبل الثورة، وكان له تأثير كبير على حياة ابنته فاطمة التى أصبحت فيما بعد الفنانة شادية، وكتبت شادية عن والدها فى عدد نادر بمجلة الكواكب صدر عام 1955، تحت عنوان أساتذتى، مشيرة إلى دوره فى حياتها، قائلة: "أبى مهندس له روح الفنان الصادق، منظم ودقيق فى كل ما يقوم به من أعمال، فكان يهدينى اللعب وأهتم بها وأنظمها، وأنسقها، ويجيء هو ويهدينى هدية جديدة كلما وجد النظام والذوق متجليا فى دولابى"، وبهذا علمها الأب الأنيق الذوق والأناقة والنظام وهو ما احتفظت به شادية طوال حياتها.
وعندما وجد الأب المواهب الفنية لدى ابنته أشار عليها بضرورة أن تتابع السينما جيدا وأن تشاهد العديد من الأفلام حتى تستعد لهذا المجال الجديد، وكان لا يفارقها أثناء خطواتها الأولى أو يجعل لها مرافقا من إخوتها أو خادمتها، وكان له تأثير بالغ فى حياتها.
أما الرجل الثانى الذى أثر فى حياة الدلوعة وكان أول حبيب لها عرفت معه معنى الحب، فهو شاب أسمر من الصعيد كان يعمل ضابطا فى الجيش المصرى وخطبت له الدلوعة وهى فى عمر 19 عاما وأحبتها حباً كبيرا وكانت صدمتها كبيرة عندما استشهد حبيبها أحمد فى حرب فلسطين عام 1948.
وذكرت شادیة فى حوار قديم لها مع مجلة "سیدتى"، أنها علمت بخبر استشهاد أول حب فى حياتها عندما كانت عائدة من العرض الخاص لفیلمھا الأول، وأصيبت بانهيار عصبى ورفضت بعد وفاته الارتباط من كل من تقدموا إليها، وقررت التفرغ بشكل كامل للفن.
وكان من بين الذين أحبوا شادية فى بداية حياتها الفنية الفنان محمد فوزى، الذى تعاون معها فى أول بطولة لها بفيلم "العقل فى إجازة"، وكان عمرها سبعة عشر عامًا، وقرر فوزى أن يتقدم لطلب يدها من والدها الذى رفض الفكرة بشدة لأنه رجل متزوج، بحسب ما نشرت مجلة "الكواكب" عام 1977، وبعد أن ثار الأب أصر على توقف التصوير وعدم استكمال ابنته للفيلم إلا بعد أن تعهد المخرج حلمى رفله، بأن يصرف فوزى نظر عن الفكرة تمامًا.
وقع فى غرام شادية عشرات الرجال فمن الذى لا يحب شادية ولكنها رغم زيجاتها الثلاث لم تصادف حبا يليق بها سوى حب الله الذى تفرغت لحبه وعبادته ومناجاته لأكثر من ثلاثين عاما حتى وفاتها.
وكان أول زيجات الفنانة شادية من الفنان الكبير عماد حمدى الذى كان متزوجا قبلها من الفنانة فتحية شريف وأنجب منها ابنه نادر، وتعرف على شادية خلال قطار الرحمة الذى شارك فيه الفنانين لجمع التبرعات عام 1953، ورغم فارق السن الكبير بينهما إلا أن شادية وافقت على الزواج وشعرت بالحب تجاه عماد حمدى، ولكن علاقتها سادتها الكثير من المشكلات بسبب غيرة عماد حمدى الشديدة، حتى أنه تشاجر معها فى إحدى الحفلات بكازينو أنشاص وقيل أنه صفعها بالقلم أمام زملائها الفنانين ومنهم تحية كاريوكا التى تشاجرت معه وكان ذلك لمجرد حديثها مع أحد الحاضرين، وبالرغم من أن شادية أدلت بحوار لمجلة الكواكب بعد طلاقها مع عماد حمدى تحدثت فيه عن ملابسات هذا الطلاق تحت عنوان:" طلبت الطلاق فى كازينو أنشاص"، إلا أنها تحدثت عن عماد حمدى بكل احترام وتقدير، وأكدت أن الود بينهما لازال موصولا كزملاء وأن الطلاق تم بهدوء وكل منهما طبع قبلة الوداع على جبين الأخر فى نهاية علاقة الزواج، بل وشاركت شادية عماد حمدى فى عدد من الأعمال بعد طلاقهما.
وبعد طلاقها من عماد حمدى نشأت قصة حب بين الفنانة شادية الفنان فريد الأطرش وأحبها وأوشكا على الزواج واستعدت الدلوعة لهذا الزواج فاشترت فستان الزفاف ولكن فريد سافر وأخبرها قبل سفره بتأجيل موعد الزفاف لأنه لا يعرف ظروفه وهو ما دفع شادية للاتصال بعزيز فتحى الذى كان يرغب فى الزواج منها وأخبرته بموافقتها على الزواج فوراً، واستمر ذلك الزواج ٥ أشهر، لتثأر لكرامتها من فريد الأطرش.
وبالرغم من أن شادية كانت قد اتخذت قرارا بعد الزواج من أى فنان بعد طلاقهما من عماد حمدى إلا أنه جمعته قصة حب بالفنان صلاح ذو الفقار أثناء تصويرهما فيلم «أغلى من حياتي» عام 1965، وتوّجا قصة حبهما بالزواج بعد هذا الفيلم، وعاشا حياة سعيدة، وتشاركا معا بطولة عدد من أنجح الأفلام فى مشواريهما، منها: عفريت مراتي، ومراتى مدير عام، وكرامة زوجتي، وغيرها.
وشعرت شادية بالحنين للإنجاب، وحملت وكان هذا الحمل الثالث لها، ومكثت فى البيت لا تتحرك حرصا على هذا الحمل، لكنها فقدت الجنين، ما أثّر على نفسيتها بشكل كبير، وعلى حياتها الزوجية، فازدادت الخلافات بين الحبيبين اللذين ارتبط بهما الجمهور، ووقع الطلاق بينهما فى العام 1969، وحينها سعى بعض المقربين لإعادة المياه إلى مجاريها حتى لا تنتهى قصة الحب التى كانت مضرب الأمثال فى الوسط الفني.
بالفعل نجحت وساطة الأصدقاء فى إعادة الزوجين إلى عش الزوجية مرة أخرى، لكن لم يصمد الحب أمام الخلافات التى تجدّدت، فوقع الطلاق بينهما مرة ثانية فى العام 1973، وبعده لم تتزوج شادية وعاشت وتفرغت لفنها وعائلتها حتى فكرت فى الاعتزال قبل مسرحية ريا وسكينة.
وفى فيديو نادر تحدثت شادية عن قرار اعتزالها وملابساته مؤكدة أنها كانت تمثل وتغنى وهو ما جعلها تعمل طوال الوقت، فإن لم تجد رواية جيدة تجد اغنية جيدة أو العكس، فكانت حياتها مليئة بالعمل، وبدأت تشعر بأنه لا شيئ يعجبها من الروايات والأغانى أو أحيانا يصيبها الكسل فلا تقرأ ما يعرض عليها من روايات.
وقالت شادية خلال الفيديو النادر إنها فكرت فى الاعتزال حتى تحدث معها المخرج حسين كمال واقترح عليها المشاركة فى مسرحية، فتعجبت وقالت أنها تفكر فى الاعتزال فكيف تتجه للمسرح لأول مرة فى حياتها، وعندما طرح عليها اسم الرواية " ريا وسكينة" جذبتها وأخبرته بأن يرسل لها الرواية، وبمجرد أن قرأت الفصل الأول قررت أن تقدمها، ولكن كان لديها مخاوف فكيف تقدم مسرحا لأول مرة وتمثل يوميا، وبالفعل قدمتها لمدة 4 شهور وحققت نجاحا كبيرا.
وأشارت شادية خلال الفيديو أن عملها بالمسرح جعلها تعود للمنزل فى وقت متأخر وتنتظر صلاة الفجر ولم تكن تصليه من قبل، ومن هنا بدأ مشوار رحلتها إلى الله فاعتادت أن تصلى الفجر وتوقظ والدتها للصلاة معها ثم تقرأ القرآن وتبكى وتدعو الله بأن تحج إلى بيته الحرام.
وأضافت أنها فى هذا الوقت كان يجب أن تذهب فى رحلة علاجية إلى أمريكا، وبالفعل سافرت وعادت من رحلتها لتؤدى مناسك العمرة، وبعدها تحدث معها على هيكل عن مشاركتها بأغنية دينية فى المولد النبوى فتحمست وبالفعل غنت الأغنية.
وقالت محبوبة الجماهير: "عمرى ما حسيت بأمان وراحة زى ماحسيت فى الأغنية دى".
وتابعت:"أديت العمرة والحج وقررت ألا أشارك فى أفلام ولكن يمكن أن أقدم أغانى"، مؤكدة أنها كانت تشعر بالقلق ولم تعجبها أى كلمات وفقدت القدرة على حفظ أى اغنية، وتحدثت مع الشاعر أحمد شفيق كامل ووصفت له شعورها، فقال لها أنها تريد ان تتحجب وأن هذا ما يجب أن تفعله، وفى اليوم التالى تحدثت مع الشيخ الشعراوى وطلبت مقابلته وبالفعل ذهبت للقائه.
وتحدثت شادية خلال الفيديو النادر عن تفاصيل لقائها بالشيخ الشعراوى والحوار الذى دار بينهما خلال هذا اللقاء، قائلة:" قابلته وقلت له أنا بينى وبين نفسى كنت واعدة ربنا سبحانه وتعالى إن أنا أغنى اغانى دينية أشكر فيها ربنا إنه نجحنى كل السنين دى وسترنى، لكن أنا دلوقت مش قادرة أغنى أنا عاوزة أتحجب وأقعد، فهل ده حرام علشان انا كدة اديت وعد ك هتخلى عن وعدى لربنا، فقاللى اللى انتى عملتيه ده أحسن مليون مرة من اللى كنتى هتعمليه، بس تصممى".
وأضافت شادية خلال الفيدو النادر:"كنت رايحة للشيخ وأنا محجبة وقمت من عنده ونزلت السلالم كأنى بنت عندها 16 سنة ومشيت وكأنى واحدة تانية، وعمرى ما حسيت بالسعادة دى، وبعدها النور ظهر فى حياتى".
ورغم اعتزالها وحرصها طوال أكثر من 30 عاما على عدم الظهور أمام الأضواء حتى أنها رفضت عرضا من الإعلامية سناء منصور بتقديم أدعية دينية بصوتها حتى لا تنشغل بشئ عن معية الله، ظلت شادية تحترم الفن وتحب تاريخها الفنى وتفخر به ولم تحرم الفن كما فعل غيرها، وحتى عندما أفتاها بعض الشيوخ بأن أموال الفن حرام وعليها أن تتخلص منها، سألت الشيخ الشعراوى فأشار عليها بأن تحتفظ بما يجعلها تحيا حياة كريمة لا تقل عن حياتها السابقة ومستوى معيشتها الذى اعتادت عليه وأن تتبرع بما يزيد عنها للخير وبالفعل ظلت حبيبة الملايين حتى وفاتها نهرا للعطاء والخير وتبرعت بفيلتها بالهرم لبناء مجمع إسلامى وبشقة فى شارع جامعة الدول لجمعية مصطفى محمود وكانت ترسل إعانات شهرية لعشرات الأسر.
وظلت وستبقى شادية رمزاً للحب والعطاء والنور والجمال فى حياتها وبعد رحيلها.
الشيخ الشعراوى
شادية وفريد الأطرش
شادية وعزيز فتحى
وثيقة طلاق شادية وعزيز فتحى
شادية وصلاح ذو الفقار
شادية وعماد حمدى