تمر اليوم ذكرى رحيل الفنان حسين صدقى المولود فى التاسع من يوليو عام1917 فى حى الحلمية الجديدة، وسط أسرة ثرية تملك العديد من الأراضى الزراعية "الأطيان" لأبٍ مصرى وأمٍّ تركية، أنجبا ثلاثة أنباء أصغرهم "حسين" الذى حرم من حنان الأب ولم يتجاوز سن الخامسة، فتحملت الأم تربية أبنائها، واتجهت بهم إلى التربية الإسلامية، فدفعت بهم إلى الذهاب للمساجد وأداة الصلاة فى وقتها وخاصة صلاة الفجر فى المسجد وحفظ القرآن الكريم والأحاديث، وحضور حلقات الذكر وسماع قصص الأنبياء لتعلم منها، كما حرصت على ملازمتهم العلماء الأزهرين حتى تكون صحبتهم صالحة، فأصبح أبناؤها صالحين وملتزمين دينيا.
كان الفنان حسين صدقى يسعى فى حياته إلى كل ما يقربه من الله عز وجل؛ فأنشأ مسجده الذى افتتحه رئيس جمهورية مصر العربية وقتها اللواء أركان حرب محمد نجيب فى الجمعة 23 أبريل عام 1954 وذلك بحضور رئيس مجلس الوزراء آن ذاك جمال عبد الناصر وجموع قيادات مجلس الثورة بالإضافة إلى الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر ووزير الأوقاف وقتها، يقول حسين صدقى الابن: أنه فى أغلب التوقعات أن والده الفنان الراحل هو من خطب الجمعة يوم الافتتاح؛ لأن هناك صورة تجمع بين مجلس قيادة الثورة كاملاً وشيخ الأزهر ينصتون إلى الخطبة، وهناك صورة أخرى يظهر فيها والده على المنبر أيضاً يوم افتتاح المسجد.
وتقول زوجة ابنه السيدة "إيمان"، إن الفنان حسين صدقى كان ينتهز كافة المناسبات الدينية للتقرب إلى الله عز وجل؛ فكان البيت مليئا بالاحتفالات الدينية، مثل ليلة الإسراء والمعراج والنصف من شعبان وليالى شهر رمضان وليلة رأس السنة الهجرية، فكان يجمع كل شيوخ مصر وبعض السياسيين، فكانت الليلة عبارة عن دروس فى الدين وحلقات الذكر ثم إطعام الطعام.
من المواقف الشهيرة المعروفة عن الفنان "حسين صدقى" رفضه تصوير مشهد تقبيل البطلة فى فيلم "المصرى أفندى" عام 1949، خاصة أن المشهد كان يتم تصويره فى نهار رمضان وهو صائم، فتعطل التصوير لساعات.
فى ستينيات القرن الماضى وفى عز نجاحه ومجده شعر الفنان حسين صدقى أنه فى حاجة إلى التقرب إلى الله أكثر، فتوجه إلى الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، والذى كانت تربطهما علاقة صداقة قوية لاستشارته فى ذلك الأمر، فشجعه الشيخ الجليل على الاعتزال، وبالفعل اعتزل الفنان حسين صدقى الفن.
بعد اعتزاله، طالبه أهالى منطقته بالترشح فى انتخابات مجلس الأمة، ونجح باكتساح ليصبح نائبًا منتخبًا عام 1961، وعرض مطالب أهل دائرته، كما طالب بسن قانون لمنع الخمور، ولكن لم تتم الاستجابة له، وتم حل مجلس الأمة بعد عام واحد، ولم يرشح صدقى نفسه فى الانتخابات التالية، مؤكدًا أنه لاحظ تجاهلا من قبل المسئولين للمشروعات التى يطالب بتنفيذها.
وتوفى حسين صدقى فى 16 فبراير عام 1976، وقد أوصى أولاده بحرق ما تصل إليه أيديهم من أفلامه بعد رحيله لأنه يرى أن السينما من دون الدين لا تؤتى ثمارها المطلوبة، وقبل وفاته بدقائق قال لأولاده: "أوصيكم بتقوى الله وأحرقوا كل أفلامى ما عدا سيف الله خالد بن الوليد"، ويفارق حسين صدقى الحياة يوم 16 فبراير 1976، وبعد أن لقنه الشيخ عبد الحليم محمود الشهادة وقت وفاته وصلى الشيخ الجليل عليه حسبما ذكرت زوجته السيدة "فاطمة المغربى" فى أحاديثها الصحفية.
يروى حسين صدقى الابن أن الشيخ الجليل عبد الحليم محمود كان بصحبة أبيه، وهو من لقنه الشهادة، وصلى عليه وهو أيضا من دفنه بيده، حيث دفن الفنان حسين صدقى داخل مقبرته التى بناها بنفسه أمام المسجد كى يصاحبه الأذان حتى نهاية الخليقة.